«ترابانت» الألمانية الشرقية تعود إلى الحياة.. كهربائية بالكامل

رهان على تبدل الأذواق أم تجديف عكس التيار؟

«ترابانت» في جيلها السابق («الشرق الأوسط»)
TT

سيارة «ترابانت»، أسطورة ألمانيا الشرقية سابقا، ورد الدولة الشيوعية (آنذاك) على «فولكسفاغن» الألمانية الغربية، تنوى أن تبعث إلى الحياة من جديد في أسوأ ظروف اقتصادية شهدتها السوق العالمية للسيارات منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

«ترابانت» تنوي الاحتفال، هذا الشهر، بمولدها الجديد في فرانكفورت، ولكن كسيارة كهربائية يطلق عليها إسم «ترابانت إن تي»، على أن تبدأ بالإنتاج التجاري في عام 2012. وكانت شركة «هيربا» لتصميم موديلات السيارات قد كشفت النقاب عن نموذج مصغر لـ«ترابانت» التي أعيد تصميمها في معرض فرانكفورت الدولي عام 2007 كتصميم محتمل. ثم أسست «هيربا» مشروعا مشتركا مع شركتين أخريين لإنتاج نموذج أولي لمعرض هذا العام في مسعى لجذب مستثمرين.

يقول المتحدث باسم الشركة المستحدثة، يورجين شنيل، يقول إن «ترابانت إن تي» لن تكون «امتدادا لسيارة الماضي أو استعادة لحنين الشيوعية» موضحا أنها ستعتمد في تصميمها على سيارة «ترابانت يونيفرسال» كسيارة عملية متعددة المزايا.

وقال، إن النسخة الجديدة من «ترابانت إن تي» كهربائية بالكامل سيكون بإمكانها قطع مسافة 250 كلم في المتوسط». ولكن المتحدث اعترف بأن الشركة لم تخطط بعد لمحرك الاحتراق الداخلي في السيارة، على اعتبار أن الكلمة الأخيرة في هذا الصدد تعود إلى المستثمر.

أما شركة «هيربا»، فقد كشفت من جانبها عن بعض التفاصيل الأخرى، فيما لم يكشف النقاب بعد عن النموذج الأولي للسيارة. ومن هذه التفاصيل أن وزن السيارة سيكون دون الطن الواحد وأنها ستزود بأربعة مقاعد. وكانت سيارة «ترابانت» السابقة قد حافظت على تصميمها الأساسي على مدى ثلاثة عقود متتالية، وأنتج منها ثلاثة ملايين وحدة في مصانع ألمانيا الشرقية في تسفيكا، إلى أن انهار جدار برلين ومعه الدولة الألمانية الشرقية عام 1989.

مع ذلك لا تزال سيارة «ترابانت»، التي يطلق الألمان عليها اسم «ترابي» تحظى بمحبة الكثير من أبناء الطبقة العاملة الذين كانوا زبائنها الأصليين، وإعجاب عدد كبير من هواة السيارات الكلاسيكية. واللافت أن أسعارها تحقق أرقاما مرتفعة في سوق السيارات الكلاسيكية إذا كانت بحالة جيدة.

ولكن إذا كان من المرجح أن يكون موعد البدء بالإنتاج التجاري لـ«ترابانت» عام 2012 موعدا يتجاوز الأزمة الاقتصادية الراهنة، التي تعاني منها سوق السيارات، فهل قرار إنتاجها كسيارة كهربائية بالكامل سيضمن لها سوقا واعدة في ألمانيا؟ من المعروف أنه عندما يتعلق الأمر بشراء سيارة جديدة يفضل الألمان عادة الموديلات التي تعمل بالبنزين أو الديزل، ومكيفة الهواء والمطلية باللون الأسود الجذاب، ولا يبدون كبير اهتمام بالسيارات الكهربائية.

هذه المعطيات للسوق الألمانية أظهرتها دراسة مسحية أجرتها شركة «آرال» التي تدير 2500 محطة للوقود في ألمانيا تحت عنوان «اتجاهات شراء السيارات».

استنادا إلى هذا المسح، وأبدى واحد من بين كل ستة سائقين اهتماما بالسيارات التي تعمل بوقود بديل، مثل السيارات الكهربائية، أو تلك التي تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط. وبالنسبة لمعظم من استطلعت الدراسة أراءهم، يشكل موضوعا معدل استهلاك الوقود والأسعار، العاملين الحاسمين في اختيارهم لسيارة جديدة.

وأظهرت الدراسة أن الألمان ينظرون إلى السيارات الكهربائية على أنها منتج يتسم بالرفاهية، وقال أكثر من ثلاثة أرباع الذين استطلعت آراؤهم في الدراسة المسحية، إنهم يفضلون شراء سيارة مزودة بمحرك تقليدي يعمل بالبنزين أو الديزل، فيما قال الثلث إنهم قد يفكرون في شراء سيارة كهربائية، على الرغم من أن 77 في المائة قالوا إنهم غير مستعدين لدفع تكلفة إضافية تزيد عن ألفي يورو (2850 دولارا) لاقتناء سيارة لا تخلف أي عوادم.

وكانت حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد أعلنت عن خطة عمل تهدف إلى تشجيع نزول مليون سيارة كهربائية إلى طرق ألمانيا بحلول عام 2020. ومع ذلك أعرب خبراء من منظمة غرين بيس (السلام الأخضر) وجماعات الحفاظ على البيئة الأخرى عن شكهم في احتمال تحقيق هذا الهدف.

ويقول منتقدو السيارات الكهربائية إنه إذا لم تأت الكهرباء من مصدر متجدد، فإن مستوى الزيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من محطات الطاقة يمكن أن تسفر عن مزيد من التلوث من ثاني أكسيد الكربون بشكل يفوق تلك الناجمة عن محركات الديزل التقليدية.