اللبنانيون يفضلون لون السيارة الرمادي.. والأبيض يطغى في أميركا ويتقدم في أوروبا

عامل اللون يمثل 25 في المائة من قرار المشتري

TT

يلاحظ أن كل مجتمع من مجتمعات العالم يختار طرازا معينا من السيارات يطغى على باقي الأنواع، سواء في ما يخص السيارات العمومية أو السيارات الخصوصية.

ومن الطبيعي أن تفضل الدول المصنعة للسيارات السيارات التي تخرج من مصانعها نفسها. ففي فرنسا مثلا نجد «البيجو»، و«الرينو»، و«السيتروان» هي الطاغية، وفي ألمانيا نجد الـ«بي إم دبليو»، والـ«فولكسفاغن»، والشيء نفسه بالنسبة إلى بريطانيا واليابان والولايات المتحدة، والسويد. أما في الدول المستهلكة للسيارات فتختار طرازها المفضل وفق معايير تختلف بين دولة وأخرى، والشيء نفسه بالنسبة إلى لبنان الذي طغت فيه «المرسيدس» في مرحلة من المراحل، ولا سيما على صعيد سيارات الأجرة والتاكسي.

ولكن كيف يختار اللبنانيون ألوان سياراتهم؟ وإلى أي حد يلعب اللون دورا في اختيار السيارة؟ وهل يكون على حساب التوفير والمتانة؟

يقول أحد الوكلاء الحصريين لنوع من السيارات لـ«الشرق الأوسط»: «في السابق لم يكن لون السيارة يلعب أكثر من 10 إلى 15% من معايير الشراء، أما اليوم، فإن النسبة ارتفعت إلى حدود 25% وأكثر، ربما لأن المتانة التي كانت متوافرة في السيارات القديمة لم تعد متوافرة في السيارات الحديثة، وكلها سواسية في هذا المجال، ولذلك يعطي المشتري أهمية أكبر للون الذي يعتبره مريحا للنفس والنظر من دون أن يعني ذلك التخلي عن المفاضلة على مستوى المتانة، وبصورة خاصة على مستوى التوفير الذي بات يحتل المرتبة الأولى في المعايير بين أكثر من 70% من المشترين، فيما لا يلعب هذا المعيار أي دور لدى شرائح المشترين الميسورين».

أما اللون المفضل لدى اللبنانيين فليس من دراسات موضوعية محلية حوله، ربما لأن رأي المستهلك اللبناني لا يقدم ولا يؤخر بالنسبة إلى أصحاب المصانع، ولا يمثل سوى شريحة ضئيلة جدا من المشترين، على الرغم من ارتفاع نسبة اقتناء السيارات في لبنان. لكن قطاع السيارات في لبنان يستأنس ببعض الاستطلاعات غير المعمقة حول اللون المفضل لدى المستهلك اللبناني، بخلاف ما هو حاصل، على سبيل المثال، في الولايات المتحدة حيث هناك مراكز أبحاث تتحرى توجهات المستهلك الأميركي والأوروبي والعالمي لمعرفة ميوله والاستفادة من هذه المعرفة في اعتماد الألوان المطلوبة والمرغوبة. وفي هذا المجال تلجأ مؤسسة «دوبون أوتوموبيل» الأميركية الرائدة في مجال دهان السيارات عالميا إلى تزويد كل مصانع السيارات في زوايا العالم الأربع بتصنيف الألوان المفضلة لدى أصحاب السيارات. ودلت استقصاءات هذا العام إلى أن الأذواق في اختيار لون السيارة ما زالت متباينة على مستوى الكرة الأرضية كاملة. فاللون الأبيض ما زال يحظى بالمرتبة الأولى في الولايات المتحدة، بخلاف ما هو حاصل في أوروبا، حيث يتراجع الأبيض إلى المرتبة الخامسة بين السيارات الأكثر استعمالا في القارة القديمة. لكن هذا اللون يؤكد منحى العام الماضي الذي يشير إلى شق طريقه بقوة نحو المراتب الأولى.

وفي أوروبا، كما تقول «دوبون أوتوموبيل»، يفضل اللون الأسود الذي شمل 26% من السيارات المباعة في عام 2008، تلاه اللون الرمادي اللماع الذي يزين سيارة من كل خمس سيارات.

وبحسب الدراسة الأميركية نفسها، فإن اللون الأبيض هو لون الهنود المفضل، واليابانيين والمكسيكيين، في حين أن الرمادي هو المفضل لدى الروس، والكوريين الجنوبيين والآسيويين.

غير أن الدراسة لم تتناول لبنان، بالتأكيد، لكن جولة استطلاعية على عينة من تجار السيارات والمستهلكين تبين أن اللون الرمادي اللماع، أو اللون الجردوني، كما يصفه اللبنانيون، هو اللون المفضل لديهم، ولذلك سبب وجيه، وهو كونه يتحمل الغبار ولا يتأثر به كما يتأثر اللون الأسود الذي يبقى الأفخم في نظر اللبناني، لكن القسم الأكبر من المشترين، ولا سيما المحدودي الدخل، يبتعد عنه لأنه يحتاج إلى الغسيل بصورة دائمة ومنتظمة وسريعة.

ويقول بعض التجار إن اللبنانيين يفضلون الألوان القاتمة التي يعتبرونها «رسمية»، فيما الألوان الزاهية يفضلها الشباب والمراهقون، ذكورا وإناثا». وإذا كان الأوروبيون يفضلون السيارة الرياضية ذات ألوان زاهية، فإن اللبنانيين يفضلون هذه السيارة باللون الأسود، والرمادي، والأزرق، والأحمر، أما اللون الأبيض فيشق طريقه بصعوبة بين المستهلكين اللبنانيين، في حين أن اللون اللؤلؤي بدأ يحتل مساحة مهمة من حركة السوق تنافس مساحة اللون الفضي.

يضاف إلى ذلك أن اللبناني لا يختار لونا واحدا لكل أنواع السيارات، بل يختار اللون الذي «يليق» بكل سيارة على حد قول أحد السائقين، الذي يضيف أن صعوبة الاختيار تحصل عندما تكون تشكيلة الألوان في سيارة معينة واسعة جدا، بخلاف تشكيلة الألوان المحدودة في سيارة أخرى.

وإذا كان اللون الأبيض سيتقدم في السنوات المقبلة، بحسب «دوبون»، فهل يستطيع أن يتقدم في لبنان على حساب الألوان القاتمة و«الرسمية»؟ هذا السؤال من الصعب الإجابة عليه في الظروف الحاضرة دون سبر لأغوار الرأي العام اللبناني.