«فيراري 458 إيطاليا» مزودة «بمهندس افتراضي» يحدد جهوزيتها لخوض السباقات

صنعت بلمسة فنان وتوصيات سائق محترف

«فيراري 458» من أجمل طرازات الشركة الإيطالية
TT

تبدو سيارة «فيراري 458 إيطاليا»، ابتداء من مقدمتها إلى مؤخرتها، وبأنابيب العادم الثلاثية وبلونها الأحمر الشهير، سيارة «فيراري» بامتياز، فالناظر إليها للمرة الأولى لا يمكنه أن يخطئ في أنها نموذج جديد من صنع هذه الشركة التي تفتخر بها إيطاليا اليوم. «فيراري 458 إيطاليا»، رغم محركها القوي الذي تبلغ قدرته 562 حصانا مكبحيا، سيارة صغيرة الحجم مقارنة بالسيارات الرياضية المتفوقة التي تنتج هذه الأيام، ولكنها صنعت بلمسة فنان بحيث تغوي الناظر إليها بتلمسها وتحسس خطوطها الانسيابية وتقاطيعها الجميلة بيده. ليس هذا فحسب، بل تبدو وكأنها تنادي محبي السيارات الرياضية إلى قيادتها، رغم سعرها العالي الذي سيبلغ 160 ألف جنيه إسترليني لدى طرحها في الأسواق الأوروبية الربيع المقبل، ورغم كلفة تأمينها العالية التي تبلغ نحو ألف جنيه إسترليني إذا ما أعطبت أي عجلة من عجلاتها المصنوعة من الخلائط المعدنية.

بإيجاز، «فيراري 458 إيطاليا» إحدى أجمل الطرازات التي أنتجتها شركة «فيراري»، رغم وجود طرازات أقوى منها وأسرع. ويدعي الإيطاليون، متباهين بها بعد طرحها على وسائل الإعلام، «أن الإيطاليين وحدهم قادرون على إنتاج مثل هذه المركبة الجميلة». والواقع أن الشركة الإيطالية تتبع صيغة فريدة في تسويق هذه السيارة الشركة فهي تدعو من يوصي على شراء واحدة منها إلى زيارة مصنعها في إيطاليا واختيار نوع ولون التنجيد لمقعديها المنخفضين، اللذين يضمان جسمي راكبيهما تماما. وتقول الشركة، إنها عندما كانت تجرب المركبة على الطرق الملتوية في الجبال المحيطة بمدينة مودينا الإيطالية كان السكان المحليون يوقفونها لتصويرها بعدسات هواتفهم الجوالة وإلقاء نظرة عن كثب عليها. من الطبيعي أن تكون «فيراري 450 إيطاليا» سيارة عالية الأداء، فهي مزودة بمحرك وسطي الموقع لتعزيز ثباتها على الطرقات تماما مثل «فيراري 430» التي حلت محلها، ولكنها راعت، مع ذلك، ظروف المرحلة التي لا تزال تعاني من الركود الاقتصادي العالمي فجعلت سعرها «مراعيا» للجميع (الأثرياء والميسورين طبعا). كما أنها سيارة خضراء تراعي مطلب تخفيض انبعاثات العادم قدر المستطاع رغم المحرك الكبير. وهي تتميز بشكل انسيابي تماما مع جنيحات مهمتها توجيه الهواء في حالة السرعة العالية إلى أسفل الهيكل وخلفه لجعلها أكثر انزلاقا وانطلاقا أشبه بالطائرة الشراعية، مع تخفيض عامل المقاومة. وعند الكبس على زر التشغيل الموجود على المقود المسطح في الأسفل، يقفز المحرك إلى الحياة بهدير جميل هادئ ومنتظم. ويقول الذين تسنى لهم تجربتها قبل طرحها في الأسواق طبعا، إنها متطورة جدا على صعيد التقنية، بحيث قد يصعب على بعضهم إصلاحها إذا ما تعطل أحد أجهزتها. والحل الوحيد هو إرجاعها دائما إلى مصنعها الذي خرجت منه.

ومن الصراعات التقنية التي أدخلت فيها، التي قد تلاحظها فورا لدى دخولك مقصورتها الداخلية الغارقة بالجلد الفاخر هو وجود لوحة صغيرة في لوحة القيادة، عليها بعض الأزرار، منها البكرة الحمراء الموجودة على عجلة القيادة وتدعى «مانيتينو» التي تغير من شكل السيارة الخارجي وانسيابها، في حين تظهر بقية الأزرار ما يدعى «المهندس الافتراضي للسباقات» الذي ينبئك مثلا من بين أشياء كثيرة، ما إذا كانت درجة حرارة المحرك والإطارات هي في المستوى المناسب للدخول في السباقات.

ولكن من هو السائق الخبير كسائق الـ«فورميولا وان» مثلا الذي يستطيع أن يبين مثل هذا الفرق؟ يبدو أن «فيراري» أرادت أن تكرم السائق العادي، مثلي ومثلك، وتجعله يشعر أنه غير جاهل بفنون القيادة التنافسية، شأنه شأن شوماخر مثلا، الذي أشرف مع مهندسي الشركة على تطوير مثل هذه التحفة الرائعة وتجربتها، وجعلها أقرب إلى سيارات الـ«فورميولا وان» على صعيد التقنيات والأداء. ومن هذه التقنيات مثلا إنه حالما يرفع السائق قدمه عن دواسة البنزين مثلا، حتى تقترب وسائد المكبح من الأقراص منتظرة الضغط على دواسة المكبح في أي لحظة، لتقليص زمن الكبح، أو ما يسمى «عامل التأخير». ويقول الذين تسنى لهم قيادة هذه المركبة في مراحلها التجريبية، إنهم رغم جهلهم بعمل «مانيتينو»، فإنهم تمكنوا من الشعور بالفارق من استخدام هذا النظام وكأن «فيراري» لم ترد فقط إكرام السائق العادي وجعله يشعر أنه في مصاف السائقين من الدرجة الأولى فحسب، بل أرادت أن يشعر بذلك أيضا لدى قيادة السيارة فعلا.

و«فيراري» الجديدة هذه ستأتي من دون ناقل حركة يدوي، مستعيضة عنها بعلبة تروس سباعية السرعات من صنع شركة «غيتراغ» بمقبضين ـ فاصلين (كلتش مزدوج) يتوليان تغيير نسب السرعة بومضة عين. وكانت الشركة تفضل سابقا ناقل الحركة اليدوي على الأوتوماتيكي مخافة إبطاء السيارة، لكن النظرة تغيرت الآن وبات العكس مفضلا.

محرك السيارة مؤلف من ثماني اسطوانات «V8» بقوة 562 حصانا مكبحيا لدى دورانه بسرعة 9000 دورة في الدقيقة، مقابل 483 حصانا للسيارة السلف، «إف430»، التي توقف إنتاجها. وهذا المحرك العملاق يقبع خلف مقعد السائق تحت غطاء زجاجي على بعد بوصات منه. وتبلغ نسبة تسارع المركبة من الصفر إلى 62 ميلا 3.4 ثوان فقط، أي أسرع من سرعة سيارة «بورشه 911 جي تي2»، و«لامبورغيني غاياردو إل بي560 ـ 4»، لتحقق سرعة قصوى تصل إلى 202 ميل في الساعة.

ويقول العارفون بشؤؤن السيارات، إن المركبة الجديدة هذه ستتفوق على سائر شقيقاتها من «فيراري»، حتى الأقوى منها، «ك إف 599»، و«إف 612» ذات الاسطوانات الـ12، و«فيراري إنزو» الشهيرة جدا التي صنع منها حتى الآن 400 وحدة فقط سعر كل واحدة منها 425 ألف جنيه إسترليني.

والجدير بالذكر في هذا السياق أن شركات السيارات الكبرى بدأت تتنافس على صعيد القوة العالية والأداء المتفوق. فما كادت «فيراري» تعلن عن سيارتها هذه حتى كشفت «مرسيدس» النقاب عن طرازها الجديد «مكلارين إس إل إس» ذي البابين اللذين يبدوان أشبه بجناحي طائر النورس عند فتحهما، وبقوة محرك تبلغ 563 حصانا مكبحيا (راجع «الشرق الأوسط»، عدد 11292، تاريخ 4 نوفمبر 2009). والمركبتان تتقاربان في السعر.

وحتى «أودي» ألمحت إلى أنها تخطط لتطوير سيارة «ستايت» (ستايشن واغن) طراز «آر إس6 أفانت» بمحرك من عشر إسطوانات بقوة 572 حصانا.