2010 عام السيارة الكهربائية في أميركا .. والبرد القارس لا يزال عدوها الأول

محطات إعادة الشحن والمسافة المتاحة للسير أبرز إشكالاتها

TT

كان الجو مظلما وممطرا، وقد أوشكت بطارية سيارته الكهربائية طراز «ميني إي» الأنيقة على النفاد. قاد «بول هيتمان» سيارته ببطء عبر شوارع «نيوجيرسي»، محدقا النظر خلال المطر عبر الزجاج الأمامي لسيارته، وهو على غير ثقة فيما يبحث عنه تحديدا. وبمرور الوقت، تصاعد قلقه إلى حد الذعر، وشعر بالحاجة إلى تناول كوب من العصير، ولمح محطة بنزين مغلقة تتبع شركة «لوكويل». على أي حال، لم تكن المحطة ذات أهمية بالنسبة له، وراء مضخات البنزين شاهد آلة لبيع عبوات الـ«كوكا كولا»، وكانت أنوارها مضاءة. عن هذه اللحظة يقول هيتمان «هتفت بداخلي: أخيرا! لأنني أدركت أنه إذا كانت هناك إضاءة، فإن ذلك يعني وجود كهرباء، وبالفعل تمكنت من العثور على مصدر تيار الكهرباء خلف الآلة، وأدخلت فيها وصلة الشحن». مثلما تعلن الكثير من شركات السيارات، ربما يشهد عام 2010 - للمرة الأولى في تاريخ صناعة السيارات الأميركية - إنتاج أعداد ضخمة من السيارات الكهربائية. يذكر أن سيارة «ليف»، من إنتاج شركة «نيسان» وتعتمد في عملها كلية على البطارية، ومن المقرر طرحها في الأسواق في نوفمبر (تشرين الثاني)، وستشرع «جنرال موتورز» في بيع «تشيفي فولت»، وهي سيارة كهربائية بصورة أساسية «لكنها مزودة بمحرك صغير إضافي يعمل بالغازولين للمساعدة في تعزيز المسافة القصوى التي تقطعها السيارة»، وبالمثل لدى شركة «فورد» خطط لإنتاج شاحنة تجارية كهربائية، ويذكر أن إدارة أوباما قدمت 2.4 مليار دولار إلى الشركات المشاركة في إنتاج بطاريات وأجزاء أخرى من السيارات الكهربائية. من جانبه قال ويليام كلاي فورد، رئيس شركة «فورد»، خلال زيارة له لواشنطن: «علينا التكيف مع تحويل اعتماد صناعتنا على الطاقة الكهربائية». وبالمثل أكد إدوارد إي ويتيكير رئيس «جنرال موتورز» أمام حشد من المراسلين «أعي أنه يتعين علينا إنتاج سيارات كهربائية». غير أن سؤالا يلقي بظلاله على إمكانات تحول أسطول ضخم من السيارات الأميركية إلى الاعتماد على الطاقة الكهربائية، وعلى الرغم من مليارات الدولارات التي وظفها مصنعو السيارات لتحقيق هذا التحول، فإن التساؤل يستمر، عما إذا كانت هناك أي مؤسسة، فيما وراء الدائرة الضيقة من المتحمسين للسيارات الكهربائية، قد تقدم على تبني السيارات الجديدة، وهو ما يدفع السائقين إلى إعادة النظر في عاداتهم وتوقعاتهم. في الوقت الراهن، تعتبر شركة «بي إم دبليو» الشركة الكبرى الوحيدة التي صنعت أسطولا من السيارات الجديدة المعتمدة كلية على الطاقة الكهربائية، وبأسعار تتلاءم مع إمكانات المستهلكين، فقد أنتجت الشركة سيارة «500 ميني إي» الكهربائية، فيما وصفته بأنه اختبار لتقنية الاعتماد على الكهرباء، وعلى ضوء اللقاءات التي أجريناها مع سائقين وتعليقاتهم المدونة، يمكن القول إن السيارة الجديدة تشكل كذلك اختبارا لمدى تكيّف المستهلكين مع هذا التطور. تطرح السيارات الكهربائية تحديين رئيسيين للسيارات الأخرى التقليدية؛ حين تكون مشحونة بالكامل لا تستطيع السيارات الكهربائية، عادة، قطع نصف المسافة التي تقطعها نظيرتها التقليدية بعد ملء خزانها بالوقود، وبمجرد ما تستنزف البطارية، هناك القليل من الأماكن المتوفرة لإعادة شحنها، بخلاف منزل صاحب السيارة، بالإضافة إلى أن عملية إعادة الشحن قد تستغرق عدة ساعات. الكثير من سائقي «ميني إي» يفاخرون بأداء سيارتهم، والفوائد البيئية التي توفرها، كما هو الحال مع هيتمان، والدليل على ذلك أنهم أقدموا على الانضمام إلى مجموعة صغيرة من المستهلكين دفعت نحو 850 دولارا شهريا لاستئجار هذه السيارات، وركّبوا صندوقا لإعادة الشحن في جدران منازلهم، لكن عندما يجتمع سائقو «ميني إي» معا، غالبا ما تتحول دفة الحديث بينهم إلى فن تعزيز الأميال التي يمكن أن تقطعها سياراتهم بشحنة واحدة للبطارية. أما الحيل التي يلجأون إليها لتحقيق ذلك، ففي مقدمتها التباطؤ في سرعة السير، ذلك أن السرعة تستهلك مقدارا أكبر من الطاقة الكهربائية للميل الواحد، وذلك بسبب عوامل أيروديناميكية وغيرها، وعليه يسير البعض بسرعة 55 ميلا في الساعة على الطريق السريع، بينما ينطلق السائقون الآخرون من حولهم بسرعة بالغة، وفي بعض الأحيان يلجأون إلى إطفاء جهاز التدفئة أو تكييف الهواء، سعيا للسير ميلا إضافيا، وعلاوة على ذلك، لمس سائقو هذا النمط من السيارات ضرورة الحد من تنقلاتهم حين يكون الطقس رديئا أو باردا، فحين تنخفض درجة الحرارة بحدة، يمكن أن يتقلص المعدل المعتاد الذي تستهلكه السيارة من الطاقة الكهربائية لقطع مسافة 100 ميل إلى 80 ميلا فحسب. من ناحية أخرى، ترى شركات السيارات، التي تطالب بتخصيص استثمارات لصناعة السيارات الكهربائية، أن مثل هذه الإشكالات سيتم القضاء على معظمها قريبا، وتعتقد أن هذا النمط من السيارات، المتميز بارتفاع تكلفته حاليا، سيجري إنتاجه بتكلفة أقل مع إنتاجه بأعداد أكبر، وسوف توفر البطاريات طاقة تسمح بقطع مسافات أكبر بتكلفة أقل، أما المشكلة التي تظهر مع ازدياد برودة الجو فستتضاءل مع تطوير أنظمة التدفئة على نحو أفضل. وترى هذه الشركات أن العنصر الأكثر تأثيرا على رواجها يرجع إلى تزايد عدد محطات إعادة شحن البطاريات، المتوقع أن تصبح أكثر انتشارا بشكل ملموس. وبالنظر إلى أن عملية إعادة شحن البطارية يمكن أن تتم بالمنزل، ومع ذلك، يبقى نقص أعداد محطات إعادة شحن البطاريات العامة، إحدى العقبات الكبرى أمام انتشار السيارات الكهربائية. بالتعاون مع شركة «نيسان»، حصلت شركة تدعى «إكوتاليتي» على منحة فيدرالية بقيمة 100 مليون دولار، لإقامة ما يقرب من 7.000 محطة في 5 ولايات أميركية. بالنظر إلى هذه العقبات والمصاعب، أبدت بعض شركات تصنيع السيارات والنشطاء البيئيون حذرا حيال إمكانية الاعتماد على السيارات الكهربائية. ومع ذلك يبقى التفاؤل في نفوس أنصار السيارات الكهربائية قائما، ويأمل الكثيرون في تولي الريادة على صعيد إنهاء اعتماد الولايات المتحدة على النفط الأجنبي، بينما يتحرك آخرون انطلاقا من اهتمامهم بالبيئة. من جهته يؤكد ديتشيكو أن الانبعاثات الضارة بالبيئة من «ميني إي» توازي نصف انبعاثات نسخة «ميني كوبر» العاملة بالبنزين. ويقول «غيل» الذي كانت آخر سيارة قادها «تويوتا كورولا» موديل 1993، إن قيادة «ميني إي» تعتبر «ممتعة». وأضاف «ينبغي تحسين المعدل الذي تقطعه السيارات والبنية التحتية المرتبطة بها، وهذا سيحدث حتما».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»