«أوتو إكسبو» 2010 أكد رهان السوق والشركات على السيارات «الخضراء»

معرض نيودلهي مؤشر على تحول الهند إلى مركز عالمي لصناعة السيارات الاقتصادية الصغيرة

«شيفروليه بيت».. ترسم السوق الهندية
TT

على الرغم من الغيوم التي تخيم على الاقتصاد العالمي، عرضت شركات السيارات العالمية أعدادا من السيارات الجديدة في معرض «أوتو إكسبو» في نيودلهي أكبر مما عرض في أي معرض سابق من قبل، إذ تجاوز عدد السيارات الجديدة 100 سيارة من إنتاج شركات عالمية وهندية محلية، بينها 15 سيارة «concept car».

وكان المعرض المناسبة المتاحة لكي تتنافس شركات كبرى، مثل العملاقين الأميركيين «فورد» و«جنرال موتورز»، و«فولكس فاغن» الألمانية، و«هيونداي» من إنتاج كوريا الجنوبية، و«تويوتا» و«هوندا» اليابانيتين، و«رينو» الفرنسية، على الفوز بحصة من سوق السيارات الهندية فيما تنتظر تعافي أسواقها التقليدية في الدول المتقدمة من حالة الركود الاقتصادي.

«جنرال موتورز» الأميركية شاركت في المعرض بسيارة جديدة هي «شيفروليه بيت» التي حدد سعرها بـ7000 دولار. وتنوي الشركة طرحها للبيع في مختلف أرجاء العالم. وتتميز السيارة بدمج مقابض الباب الخلفي في المرايا على نحو أنيق، علاوة على الطابع الرياضي الذي يغلف السيارة بوجه عام.

وقد ضم جناح «شيفروليه» في المعرض «شيفروليه فولت»، السيارة الكهربية التي دار حولها كثير من الحديث، وهي تتميز بمظهر جذاب. وتأمل الشركة في أن تمكنها هذه السيارة من استعادة مكانتها البارزة في أسواق أميركا الشمالية.

وكان اللافت أن معظم المشاركين في المعرض طرحوا سيارات صغيرة في متناول الشريحة الأكبر من العملاء بهدف ترويجها لدى المستهلك الهندي. وكشفت الكثير من الشركات المشاركة عن توجه للاستثمار في الهند بمئات الملايين من الدولارات بحيث تتحول الهند، ثاني أكبر دولة في العالم (من حيث عدد السكان)، إلى مركز لصناعة السيارات الصغيرة.

من ناحيتها، تعتمد «رينو» على «فليونس»، وهي سيارة سيدان رياضية المظهر من المتوقع طرحها في الأسواق الهندية بحلول عام 2011، إلى جانب «كوليوس»، وهي سيارة رياضية. وعلى الرغم من أن هذه السيارات خلابة المظهر، فإنه لا يزال أمام «رينو» الكثير لتحقيقه قبل إطلاق علامة تجارية ناجحة في الهند، مثل إقامة شبكة توزيع تغطي سائر أرجاء الهند. ومن المعتقد أن الشهور المقبلة ستشهد جهودا كبيرة على هذا الصعيد.

إلى ذلك، عرضت «رينو» «تويزي»، وهي سيارة كهربائية «concept car» وتعمل بمحرك ينتج 15 كيلوواط. وتتسع «تويزي» لشخصين، وهي مصممة للسير في شوارع المدن. ومن المقرر تحويل هذه السيارة «النموذج» إلى خطوط الإنتاج بحلول عام 2011 بالنسبة لأسواق الدول المتقدمة.

وكان الملاحظ أن الشركات الكبرى، مثل «فولكس فاغن»، و«تويوتا»، و«هوندا»، سوقت سيارات «نموذج» في المعرض. من ناحية أخرى، شهدت فئة السيارات الصغيرة إزاحة الستار عن «فولكس فاغن بولو»، و«تويوتا إتيوس»، و«هوندا».

طرحت «تويوتا» خلال المعرض «إتيوس» - التي قد تطرح في الأسواق في وقت لاحق من هذا العام كما ذكرت الشركة - وتحتوي هذه السيارة على نظام تعليق وثبات مصمم للسير على الطرق الوعرة، وتتميز بسعر - لم يكشف عنه حتى الآن - يعتقد أنه سيجتذب العائلات والمهنيين من أبناء الطبقة المتوسطة.

من جهته، قال كازو أوكاموتو، نائب رئيس شركة «تويوتا»، خلال المعرض: «إن (إتيوس) لا تمثل نسخة من النموذج الياباني أو الأوروبي من السيارات، بل سيارة جرى تطويرها حديثا لخدمة العملاء في الهند».

من بين النماذج الأخرى التي ستطرح في الأسواق هذا العام «فورد فيغو» و«جنرال موتورز بيت» و«نيسان ميكرا».

وقد أعربت «هوندا» عن رغبتها في تعزيز وجودها في الهند من خلال قطاع السيارات الصغيرة. ويتمثل الجانب الإيجابي في عزم «هوندا» اقتحام هذا المجال للمظهر الجذاب لسيارتها «النموذج» الصغيرة الجديدة. وأوضح مسؤولون في الشركة أن السيارة الصغيرة من المتوقع طرحها في الهند وتايلاند بحلول عام 2011. يذكر أن الهند تفوقت على اليابان مؤخرا كأكبر سوق للسيارات الصغيرة وشبه الصغيرة، حيث شهدت بيع قرابة 892000 وحدة العام الماضي، متفوقة على اليابان التي شهدت بيع 708000 وحدة، تبعا للبيانات التسويقية الصادرة عن شركة «جيه دي باور آند أسوشيتس». وتشير الأرقام إلى أن سوق السيارات في الهند تنمو بمعدل سنوي يبلغ 30%، فيما نمت الصادرات بمعدل 52% في السنة المالية الأخيرة.

مع توافر مساحة تزيد على 125000 متر مربع، ووجود 2105 مشارك وأكثر من مليوني زائر في سبعة أيام سعوا لاقتناص فرصة التعرف على أحدث طرز السيارات والشاحنات، شق معرض «أوتو إكسبو» الهندي طريقه بين المعارض العالمية للسيارات. ورغم إطلاق سيارات جديدة في مختلف الفئات - سيارات ركاب وتجارية ومركبات ذات عجلتين - كانت السيارات الصغيرة، بجانب الاهتمام الإعلامي الضخم، نقطة الجذب الرئيسية في المعرض.

بوجه عام، هيمنت على المعرض السيارات «الخضراء» (صديقة البيئة). وفي الوقت الذي شهدت فئة السيارات الصغيرة (compact) طرح طرز للمرة الأولى على الساحة العالمية، تركت التقنيات «الخضراء»، الصديقة للبيئة، بصمة قوية على الكثير من الشركات التي عرضت طرزا تعمل بالوقود المختلط وأخرى كهربائية، ما يتيح للعملاء خيار اقتناء سيارة تدار بأنماط وقود أرخص من البنزين وأقل إضرارا بالبيئة، مثل الغاز الطبيعي المضغوط وغاز النفط المسال. والملاحظ أن جميع المشاركين، سواء من الشركات الهندية («ماروتي»، و«هيونداي»، و«تاتا موتورز») أو الأجنبية («جنرال موتورز»، و«تويوتا»، و«هوندا»)، راهنوا بقوة على السيارات «الخضراء»، صديقة البيئة، ليس في ما يخص الهند فحسب، وإنما كذلك الأسواق الخارجية. داخل معرض «أوتو إكسبو»، أطلقت «تويوتا» أحدث طراز من أكثر السيارات المعتمدة على الوقود المختلط مبيعا على مستوى العالم، «برايوس»، في السوق الهندية، علاوة على طرح طرازي «ألتيس» و«إنوفا» المعتمدين على الغاز الطبيعي المضغوط، إضافة إلى عرض «كامري» العاملة بالوقود المختلط. جدير بالذكر أن «برايوس» تعد اليوم واحدة من أكثر السيارات العاملة بالوقود المختلط شعبية في العالم، حيث بلغ إجمالي مبيعاتها التراكمية نحو 1.5 مليون وحدة. لكن مع استقرار سعرها عند مستوى 2.5 مليون روبية أو أكثر، ليس مؤكدا بعد ما إذا كانت ستتمكن من تسجيل «اختراق» في سوق الهند.

وبالمثل، عرضت نظيرتها اليابانية «هوندا موتورز» سيارتها الرياضية «النموذج» العاملة بالوقود المختلط «سي آر - زد»، علاوة على إعلانها خططا لتوجيه مزيد من الاهتمام إلى تقنيات الوقود المختلط والبديل. وانعكس هذا الطموح أيضا على نهج «رينو»، الشركة الرائدة عالميا في مجال إنتاج السيارات الكهربية، وسيارة «تويزي» الكهربية الصغيرة التي عرضت في جناح «رينو» في المعرض. تعتمد «تويزي» على محرك ينتج 15 كيلوواط، وتتسع السيارة لشخصين ومصممة للسير في شوارع المدن. ومن المعتقد أن هذه السيارة «النموذج» سيبدأ إنتاجها بحلول عام 2011 في أسواق الدول المتقدمة.

وفي الجناح المخصص لـ«تاتا موتورز»، و«جاغوار»، و«لاند روفر»، جرى عرض سيارة «تاتا» النموذج، «بريما»، وهي سيارة سيدان جرى تصميمها مع «بينيفارينا».

كما أطلقت «جاغوار»، المملوكة لـ«تاتا موتورز»، طراز «إكس جيه» الجديد في مجال السيارات الفاخرة. طرحت سيارة «جاغوار إكس جيه» على الساحة العالمية في لندن في يوليو (تموز) 2009، وسيبدأ تسليم الطلبات المرتبطة بها في وقت لاحق من هذا العام. وفي محاولة لتعزيز موقفها في مجال السيارات الرياضية، طرحت «تاتا موتورز» أيضا سيارة «أريا»، وهي سيارة تجمع بين خصائص السيارات الرياضية والأخرى متعددة الأغراض. ومن المتوقع طرحها في الأسواق خلال الربع الثاني من عام 2010.

أما «ماروتي سوزوكي»، أكبر شركة لإنتاج السيارات في الهند، فعرضت ثلاث سيارات في المعرض، بينها السيارة التي طال انتظارها، «ماروتي كيزاشيوت». من بين عناصر الجذب الأخرى في المعرض السيارة «النموذج» الصغيرة التي عرضتها «هوندا» وسيارة «ماروتي سوزوكي» متعددة الأغراض، «إكو»، وأول سيارة «نموذج» تصمم محليا «آر 3».

وشهد المعرض أيضا إطلاق «آي 10» الكهربائية من إنتاج «هيونداي»، المحتمل طرحها في الأسواق الهندية العام المقبل، بجانب تميز المعرض بمحاولات عدة لاستكشاف إمكانات إنتاج سيارات أكثر صداقة للبيئة في أسواق خارجية، خصوصا الدول النامية. كما تخطط «تاتا موتورز» لطرح نسخة كهربية من سيارة «نانو»، بحيث تستهدف أسواقا أجنبية.

من ناحية أخرى، شهدت الشهور الماضية، انضمام الشركات الأجنبية العملاقة، «فورد» و«جنرال موتورز» و«هيونداي» و«رينو»، إلى مجموعة الشركات التي تحول أنظارها إلى الهند، حيث وعدت كل منها بتصنيع نموذج رخيص صغير مخصص لخدمة ما وصفه آلان مولالي، رئيس «فورد»، بـ«النقطة المواتية» في السوق.

رغم إقبال غالبية رواد المعرض على السيارات الصغيرة، نالت معروضات قطاع السيارات الرياضية التي طرحتها «سكودا ييتي» و«بي إم دبليو إكس 1» بعض الاهتمام. واجتذبت أيضا «أريا»، التي تنوي «تاتا موتورز» طرحها في الأسواق قريبا، وسيارتها سيدان الفاخرة، «بريما»، اهتماما ملحوظا. كما كان لسيارة «أودي سبورتسباك» حضور مميز. وقد ضم المعرض أيضا أحدث الطرز من سيارات رياضية وأخرى فاخرة تعرض للمرة الأولى في الهند.

من جهتها، كشفت «مرسيدس بنز» النقاب عن سيارات فئة «جي إل» و«سي دي آي» و«إس 500 إل»، إضافة إلى «مرسيدس بنز إس إل إس كوبيه»، والطرز الأحدث من الفئة «إس».

ولم تكن السيارات الثقيلة غائبة تماما، حيث شهد المعرض إطلاق أكبر عدد من السيارات التجارية هذا الموسم. بعد ظروف عصيبة واجهتها العام الماضي، شهد قطاع السيارات التجارية عروضا جديدة، تتنوع بين شاحنات «بريما» من إنتاج «تاتا موتورز» و«يونيترك» من إنتاج «أشوك ليلاند». وشهد المعرض اقتحام «ماهيندرا آند ماهيندرا» سوق المركبات التجارية الثقيلة بمنتجات لها من إنتاج مشترك مع «نافيستار إنك»، ومقرها الولايات المتحدة.

في مجال السيارات الرياضية، عرضت «تاتا موتورز ليميتد» و«أشوك ليلاند ليميتد» بعض الشاحنات عالية القوة. وعرضت «تاتا موتورز» شاحنتها «بريما» التي تتنوع حمولات طرزها بين 10 و75 طنا. وتنوي طرح مقطورة جرارة حمولة 49 طنا، وقلاب بحمولة 31 طنا، خلال هذا العام.

وعرضت «ماهيندرا نافيستار أوتوموتيف ليميتد» مجموعة من الشاحنات بحمولة تتراوح بين 25 و31 طنا، ومن المقرر أن تطرح شاحنتين أخريين بحمولة أكبر خلال العام الحالي.

الواضح أن «تاتا موتورز» تعد بمثابة كابوس للشركات المنتجة لسيارات ذات ثلاث عجلات، مثل «باجاج أوتو» و«تي في إس موتورز». في وقت سابق، استحوذت «تاتا موتورز» على حصة كبيرة من سوق السيارات التجارية ذات الثلاث عجلات بشاحنتها الصغيرة، «إيه سي إي»، وتستعد الآن لإطلاق سيارة ركاب جديدة. خلال المعرض، طرحت الشركة سيارة الركاب «ماجيك إريس» المعتمدة على تصميم «إيه سي إي».

في إطار فئة المركبات ذات العجلتين، لم يشهد المعرض هذا العام أي معروضات جديدة. ومع ذلك، استعرض صانعو السيارات دراجاتهم التي طرحوها حديثا في الأسواق. على سبيل المثال، عرضت «تي في إس موتورز»، ثالث أكبر شركة مصنعة للمركبات ذات العجلتين على مستوى البلاد، دراجتها البخارية «جايف»، وتبلغ سعة المحرك 110 سنتيمترات مكعبة، بينما عرضت «هوندا موتورز»، و«سكوترز إنديا ليميتد» دراجة بخارية بسعة محرك 100 سنتيمتر مكعب، «تويستر». ويتراوح سعر الدراجتين بين 41000 و42000 روبية.

أما «ماهيندرا آند ماهيندرا» فعرضت إجمالي منتجاتها من الدراجات البخارية الصغيرة المنخفضة من فئة محرك بسعة 125 سنتيمترا مكعبا، التي جرى تطوير معظمها من قبل «كينيتيك موتور كو ليميتد»، التي اشترت أصولها «ماهيندرا آند ماهيندرا».

ويمكن القول إن عرض «هوندا موتورسيكلز إنديا» المتمثل في «سي بي تويستر» بسعة محرك تبلغ 109 سنتيمترات مكعبة، يعد النموذج المثالي الجامع بين عناصر الطابعين الرياضي والاقتصادي وترشيد استهلاك الطاقة. وعرضت «هارلي ديفيدسون» في جناحها في المعرض دراجات بخارية تتراوح أسعارها بين 700000 و3.4 مليون روبية.

من ناحية أخرى، زار فالنتينو روسي، بطل العالم في سباق الدراجات النارية، جناح «ياماها» في المعرض، الأحد. المعروف أن روسي يرتبط بالشركة منذ أمد بعيد وأبدى إعجابه بنموذجين جديدين طرحتهما الشركة، «واي زد إس - آر 1»، و«واي زد إس - آر 2».

والملاحظ أن الدراجات الكهربائية المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة كان لها حضور قوي في المعرض هذا العام، مع طرح «هيرو إلكتريك» و«بي إس إيه موتورز» نماذج جديدة.

بوجه عام، غلب الطابع التجاري المحض على المعرض برمته عدا الجناح المخصص للسيارات والمركبات الكلاسيكية الذي حمل في جنباته عبق الحنين إلى الماضي وتضمن دراجات بخارية يعود إنتاجها إلى عام 1904. ومن بين السيارات التي عرضت في هذا الجناح «بي إم دبليو إيسيتا 300»، و«بويك سيريز L90»، «جاغوار إكس كيه 120»، و«مرسيدس 180 بونتون» و«موستانغ» إنتاج عام 1966.

تعد السوق الهندية للسيارات سوقا جديدة نسبيا، حيث يبلغ المعدل بها 9 سيارات فقط، مقابل كل ألف شخص مقابل 27 سيارة مقابل كل ألف شخص في الصين. ويأتي نجاح «أوتو إكسبو» بمثابة شهادة لصعود الهند كمركز عالمي لصناعة السيارات.