مستقبل واعد للسيارات الصديقة للبيئة في أسواق الغرب بطرحها بأسعار معقولة

ألمانيا تأمل تسيير مليون مركبة كهربائية على طرقها بحلول 2020

مرسيدس «سي 200» بلو إفيشنسي طرحت في ألمانيا بسعر يوازي 45143 دولارا
TT

بروكسل تضع استراتيجية أوروبية لتطوير السيارات الكهربائية أبرز معالمها معايير شحن موحدة داخل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وهدفها التوصل إلى استراتيجية إنتاج سيارات نظيفة وموفرة في استهلاك الطاقة علّ ذلك يساعد منتجي السيارات على الخروج من حالة الركود التي يعانونها حاليا.

والحكومة الألمانية تخصص أموالا من الموازنة، حتى عام 2013، لأبحاث وتطوير المحركات الكهربائية، وتسعى للإسهام في تطوير سيارة كهربائية جديدة بالمشاركة مع شركات صناعة السيارات. وتأمل الحكومة الألمانية في تسيير نحو مليون سيارة كهربائية على الطرق بألمانيا بحلول عام 2020.

كل ذلك يجري فيما تتجنب المفوضية الأوروبية لشؤون الصناعة تأكيد قناعتها بالمستقبل الواعد للسيارة الكهربائية، فرغم إعرابها، بلسان المفوض الأوروبي أنطونيو تاجاني عن قناعتها بأنه «دون وضع معايير قياسية سيكون من الصعب تنمية سوق السيارات الكهربائية»، تعترف بأن عليها أن ترى «أي نوع من السيارات ستكون له الهيمنة مستقبلا وأن تعتمد في ذلك على «قرار المستهلك والسوق».

وفيما تؤكد المفوضية أنها ستتصدى لما يُعرف باسم «الغسيل الأخضر»، وهو تعبير يعني نشر معلومات مغلوطة، وتقول إنها ستطرح قريبا «قواعد للتصدي للمزاعم البيئية المضللة»، تعترف بأن بعض دول الاتحاد الأوروبي، مثل بريطانيا وجمهورية التشيك، طلبت عدم تجاهل التكنولوجيات النظيفة، البديلة.

سواء كان التركيز على السيارة الكهربائية أو السيارة العاملة بتكنولوجيات أخرى، ولكن نظيفة، فإن آخر صيحات السيارات هي «السيارة الصديقة للبيئة».

والواقع أن كل الشركات الكبرى أصبحت حريصة على إضفاء لمسة السيارة «صديقة البيئة» على خطوط إنتاجها وتطلق عليها تسميات رومانسية مثل «بلو درايف» و«إيكو فليكس» و«بلو تك» و«إفشينسي داينامكس» و«إيكونتيك» و«غرين لاين»... وكلها صفات يقصد منها إبراز طابع السيارة المحابي للبيئة.

أما موضوع ما إذا كان كل هذا الترويج مجرد «صرعة» دعائية أو تحولا حقيقيا في مفهوم صناعة السيارات فهو ما سيثبته المستقبل، فمن المعروف أن السيارات المزودة بكل التقنيات والمواصفات التي تجعلها صديقة البيئة، مثل تقنية الحركة، والثبات، والمحرك الأصغر حجما والأقل قدرة، والمحركات الهجين والهيكل خفيف الوزن... تُعتبر كلها صفقات رابحة بالنسبة إلى الشركات إذ تطرح السيارات المزودة بتلك التقنيات بأسعار أغلى مقارنة بالسيارات التقليدية.

على هذا الصعيد تأخذ مصداقيتها الملاحظة التي خرجت بها «هيئة الفحص الفني» الألمانية عن أن السيارات الصديقة للبيئة غالية الثمن، وأنها لن تعوض لمشتريها القيمة المالية المدفوعة عنها إلا من خلال خفض كلفة الوقود خصوصا إذا كان سائقها يقطع مسافات لا تقل عن ثلاثين ألف كيلومتر سنويا.

تقول الهيئة الألمانية إن السيارات صديقة البيئة تستهلك في المتوسط وقودا بمعدل يقل بنسبة سبعة إلى ثمانية في المائة عن السيارة التقليدية المماثلة لفئتها، غير أن هذه النسبة لا تؤتي ثمارها بشكل كامل إلا إذا اقترنت بتوفير الوقود وبعادات قيادة موفرة هي الأخرى لاستهلاك الوقود. وفي هذا السياق يمكن للسيارة أن تحقق وفرا محتملا في الاستهلاك يبلغ 20 في المائة من خلال التدرب على أساليب قيادة يصح اعتبارها محابية للبيئة.

على سبيل المثال، أظهرت مقارنة بين سيارة «فولكسفاغن غولف1»، من إنتاج عام 1974، نشرتها وكالة الأنباء الألمانية، وسيارة أخرى من أحدث ما أنتجته مصانع «فولكسفاغن»، مدى التقدم الذي حققته صناعة السيارات عالميا منذ سبعينات القرن الماضي يوم كان الاعتقاد سائدا بأن الوقود الرخيص سيظل متوفرا في الأسواق.

الطراز الأول من سيارة «غولف» من إنتاج العام 1974 والمزود بمحرك قدرته 37 كيلوواتا/50 حصانا، كان يستهلك 6.4 لتر من الوقود لكل مائة كيلومتر، وكان وزن السيارة يتراوح بين 750 و805 كيلوغرامات. أما «غولف 3»، التي أُنتجت عام 1996 مزودة بمحرك قدرته 115 حصانا، فقد بلغ معدل استهلاكها 8.7 لترا لكل مائة كيلومتر وارتفع وزنها إلى 1185 كيلوغراما.

إلا أن المقارنة بين الجيل الخامس الأخير من «غولف 1.2 تي إس آي بلو موشن» وبين النسخ الأقدم منها تظهر أن النسخة الجديدة، المزودة بمحرك قدرة 105 أحصنة يبلغ معدل استهلاكها 5.2 لتر رغم كل الإضافات الكثيرة التي زُوّدت بها السيارة، والتي تشمل مكيف الهواء والمخدات الهوائية والمكابح المانعة للانغلاق.

واستطرادا، يتبين من بعض نماذج السيارات المصنفة صديقة للبيئة أن سيارة «أودي إيه 4 تي دي آي إي»، المزودة بتكنولوجيا توقف الحركة وجهاز نقل خاص ومجموعة من الإضافات التقنية التي تعتمد على الديناميكا الهوائية معروضة للبيع بسعر يزيد 350 يورو فقط عن سعر النسخة التقليدية من سيارة «تي دي آي» غير أنها لا توفر سوى 0.2 لتر من الوقود.

أما «بي إم دبليو» فتعلن عن سياراتها الموفرة للوقود تحت شعار «إفيشنت ديناميكس»، ويبلغ معدل استهلاك طرازها «320 دي» 4.1 لتر/100 كلم، وهي بذلك توفر 0.6 لتر من الوقود لا أكثر مقارنة بالنموذج التقليدي، ولا يتجاوز حجم العادم الذي تنتجه 109 غرامات لكل كيلومتر.

أما «مرسيدس بنز»، التي باتت معظم منتجاتها تخرج مزودة بتكنولوجيا «بلو إفيشنسي»، فقد طرحت طرازها «سي 200 سي دي آي» بقدرة 136 حصانا ومعدل استهلاك لا يتجاوز 5 لترات/100 كلم، لكن السيارة طرحت في السوق الألمانية بسعر يبلغ 33707 يوروات (45143 دولارا) علما بأنها لا تنافس طراز «بي إم دبليو» من الحجم نفسه في توفير استهلاك الوقود.

يبدو أن كل الشركات المنتجة للسيارات تطرح نماذج مختارة من السيارات صديقة للبيئة في مختلف طرازاتها وتقدمها بأسعار مبالغ فيها. غير أن صناعة السيارات تواجه ضغوطا لخفض استهلاك الوقود بنسب أكبر. فالاتحاد الأوروبي يشترط أن لا يتجاوز معدل العادم الذي تخرجه كل سيارة 120 غراما لكل كيلومتر بحلول عام 2015، على أن يتم تقليص هذا الرقم إلى 95 غراما/ كم بحلول عام 2020.