«تاتا موتورز» الهندية تفحص 33 ألف سيارة «نانو» بعد تعرض عدد منها لحوادث احتراق غامضة

السيارة الأرخص ثمنا في العالم.. تواجه تحديات في بلادها

«نانو».. احتراق محيّر («الشرق الاوسط»)
TT

بعد أن سحبت شركتا السيارات اليابانية الكبرى «تويوتا» و«هوندا»، عددا من سياراتها من الأسواق العالمية، ضربت الموجة العالمية من أخطاء الصناعة في السيارات السوق الهندية أيضا، ففي شهر فبراير (شباط) الماضي، سحبت أكبر شركة سيارات في الهند، وهي شركة «ماروتي»، أكثر من 100 ألف سيارة من سيارتها «إيه ستار» الصغيرة عقب ظهور مشكلات في خزان الوقود. وتنقسم عملية الاستدعاء إلى نحو 60 ألف سيارة تم سحبها من الأسواق الخارجية و40 ألف سيارة تم سحبها من الأسواق المحلية.

والآن، شهدت واحدة من أكبر شركات السيارات في الهند، وهي «تاتا موتورز»، التي جذبت الاهتمام العالمي قبل إطلاق سياراتها نظرا إلى أسعارها المنخفضة، نجاحا بعد الحوادث الكثيرة التي واجهتها سيارتها «تاتا نانو»، حيث تعرضت السيارة الجديدة من هذه العلامة التجارية إلى حوادث ناجمة عن تصاعد ألسنة اللهب وتصاعد الدخان الأسود من محرك السيارة، مما جذب انتباه وسائل الإعلام المحلية والعالمية إليها.

وفي شهر مارس (آذار) الماضي، كان مهندس البرمجيات الهندي ساتيش ساوانت، يقود سيارته الأولى إلى البيت قادما من معرض السيارات، وهي سيارة «تاتا نانو» فضية اللون، مزينة بإكليل من الورود المخملية.. وإذا بالدخان يتصاعد من محركها لتشتعل السيارة بأكملها! وبعد دقائق من قفز زوجة ساتيش مع طفلها البالغ من العمر خمس سنوات، من المقعد الخلفي إلى خارج السيارة، تحولت الأدخنة المتصاعدة من المحرك، الذي يقع في الخلف، إلى ألسنة من اللهب التهمت هذه السيارة الصغيرة.

كشفت هذه الحادثة أحدث مشكلة تواجه السيارة الصغيرة «نانو» الشهيرة بسعرها المنخفض، مما أثار تساؤلات جديدة حول عوامل الأمان والجودة في هذه السيارات، في الوقت الذي يتطلع فيه أكبر مصنع للسيارات في الهند، «تاتا موتورز»، إلى التوسع في الأسواق العالمية ويخطط لتعزيز إنتاج سيارة «نانو» ببناء مصنع جديد لها في القريب العاجل.

وقبل أن يهدأ القلق الذي تسببت فيه هذه الحادثة في مومباي، وقعت حادثة أخرى للسيارة «نانو»، إذ احترقت إحدى هذه السيارات في ولاية غوجارات في أبريل (نيسان) الماضي، وهي في طريقها إلى التسليم لمشتريها. أثارت هاتان الحادثتان مشكلة كبيرة لشركة «تاتا موتورز»، وتسببت كذلك في أن يشعر المستهلكون بالقلق الشديد إزاء السلامة والأمان في السيارة «نانو».

وقعت الحادثة الأولى في 13 سبتمبر (أيلول) من عام 2009، حيث تصاعدت الأدخنة من سيارة «نانو» متوقفة أمام أحد المنازل في مدينة أحمد آباد، فعمد مالك السيارة إلى تحطيم زجاج نافذتها وأخمد ألسنة النيران التي تصاعدت من حول عجلة القيادة لمدة 30 دقيقة تقريبا. وبعد أن سكب على النار 15 دلوا من المياه أنقذ السيارة من أضرار إضافية ضخمة.

وعلى مدار الشهر التالي، وقعت حادثتان مماثلتان في نيودلهي ولوكناو تسببتا في إحراج شركة «تاتا موتورز». وأعرب المالكون الثلاثة للشركة، باغات وسونيل كوماري وآر إتش ريفي، من لوكناو، عن قلقهم وصدمتهم. وقال سونيل: «لقد قدت السيارة نحو ساعتين ثم توقفت أمام المنزل. وبعد ساعة، دخل طفلي الصغير مهرولا إلى المنزل ليخبرني أن السيارة تشتعل. فأسرعت إلى الخارج ورأيت أن عجلة القيادة تحترق».

وإلى أن تتضح مشكلة «نانو» الحقيقية، تقول الشركة إن التكلفة المنخفضة للسيارة ليست هي العامل الوحيد الذي يقود مبيعات السيارات في المستقبل، إلا أن حوادث الاحتراق في سيارات «نانو» أساءت إلى صورة هذه العلامة التجارية في الهند.

والجدير بالذكر أن هذه السيارة حصلت على الجائزة الذهبية في شريحة أفضل منتج جديد في فئة وسائل النقل في جوائز إديسون الشهيرة لعام 2010.

وتعتبر جوائز إديسون جائزة ابتكار في أميركا لكونها ترمز إلى الاستمرار والتميز الذي جسده المخترع الأميركي العظيم توماس ألفا إديسون.

وفي حين يتم الحكم على الجوائز على أساس مقاييس، مثل: الابتكار في السوق، والنجاح في السوق، والابتكار التكنولوجي، والتأثير المجتمعي والابتكار في التصميم، نجحت «نانو» في أن تقتطع موقعا لها على الساحة العالمية في وقت قصير للغاية. وصرحت إدارة شركة «تاتا موتورز» أن التحقيق الذي أجرته في حوادث الاحتراق كشف عن أنه لا داعي لقلق المستهلكين. و«لتهدئة المخاوف»، أعلنت الإدارة أيضا أنها ستفحص جميع سيارات «نانو» التي تم تسليمها إلى المستهلكين حتى الآن من دون أي تكاليف.

وقررت «تاتا موتورز» فحص نحو 33 ألف سيارة «نانو» تم بيعها للمستهلكين، وإضافة مزيد من وسائل الحماية إذا تطلب الأمر ذلك. بيد أن الشركة قالت: «لا تشمل عمليات الفحص سحب السيارات من الأسواق». واتخذت الشركة هذا الإجراء بعد الانتهاء من تحقيق شامل حول أسباب حوادث الحريق في سيارة «نانو» أجرته بمساعدة «جاغوار» و«لاند روفر»، حيث استعانت الشركة بمهندسين من المملكة المتحدة للبحث في أسباب حوادث الحريق.

وقالت الشركة: «على أساس نتائج التحقيق، الذي أجراه فريق داخلي مؤلف من 20 عضوا وخبيرا مستقلا في الطب الشرعي، تطمئن (تاتا موتورز) جميع المستهلكين بأن (تاتا نانو) سيارة آمنة، وتحتوي على تصميم قوي وعلى أحدث المكونات».

ووفقا لهذا التحقيق، تبين أن حادث الحريق في سيارة «نانو» في مومباي، الذي وقع في شهر مارس، بعد ساعة ونصف الساعة تقريبا من تسليمها، يرجع إلى وجود جسم خارجي على نظام العادم الساخن من المحتمل أن يكون قد سبب الاحتراق. وفي حادثة السيارة الثانية في ولاية غوجارات في أبريل، كان هناك دليل على وجود عطل في خط الوقود - حسبما أوضحت الشركة.

ومن جهة أخرى، لا يشعر المحللون في قطاع السيارات بالرضا حيال حوادث الاحتراق في سيارات «نانو». وقد يؤثر ذلك على إقبال المستهلكين على شراء هذه السيارة في المستقبل القريب، حسبما توقع أحد المحللين في إحدى شركات السمسرة الرائدة.