بين «نانو» و«بوغاتي فيرون».. الهند أول سوق عالمية تخيّر المستهلك بين أرخص السيارات وأغلاها

في إقرار غير مباشر بالازدياد المطرد لشريحة الأثرياء في الهند

«بوغاتي».. تدخل الهند مع موجة الازدهار الاقتصادي
TT

دشنت شركة «بوغاتي» سيارة «فيرون»، السيارة الأعجوبة، وربما السيارة الأغلى في العالم، التي أثارت الكثير من الدهشة لدى الإعلان عنها، والتي بلغ سعرها قبل طرحها في صالات العرض 160 مليون روبية هندية، لتجعل من الهند السوق الوحيدة في العالم التي تبيع أرخص سيارة «نانو» وأغلى سيارة في العالم.

وتقول «بوغاتي» إنها ستوجه الدعوة إلى العملاء المتوقعين لسيارتها لزيارة مصنعها في جنوب شرقي فرنسا وقضاء يوم في قلعة شاتو سان جان، والتمتع بقيادة اختبارية لسيارة الأحلام قبل تحديد التفاصيل الشخصية التي يرغبون في إضافتها إلى نسختهم من الـ«بوغاتي».

وكانت «بوغاتي»، التابعة لشركة صناعة السيارات الألمانية العملاقة «فولكس فاغن»، قد أعلنت عن إطلاق سيارتها «فيرون»، التي سمتها تيمنا باسم سائق السباقات الفرنسي نيير فيرون، لتنضم إلى قائمة السيارات التي تتجاوز أسعارها، في الهند، الـ50 مليون روبية، إذ تسعى الشركة إلى التوجه مباشرة نحو قائمة أصحاب الملايين والمليارات التي تتوسع باطراد في الهند.

من ناحية أخرى تشهد الهند طرح أسماء كبيرة لشركات عملاقة مثل «بنتلي» و«مايباخ» و«رولز رويس»، على الرغم من تقزيم سعر سيارة «بوغاتي» (160 مليون روبية) لأسعار السيارات الأخرى. ويقول غاي كاكولين، مدير تسويق شركة «بوغاتي» لمنطقة الشرق الأوسط وأوروبا والهند: «(بوغاتي) ليست سيارة، إنها قطعة فنية، وللحفاظ على الحصرية والغموض في سياراتنا لا تنتج الشركة سوى عدد محدود منها».

هيكل سيارة «بوغاتي فيرون» مصنوع من مواد خاصة مثل التيتانيوم وألياف الكربون والماغنيسيوم، ما يخولها أن تكون أخف وزنا وأكثر سرعة. ويتم تجميعها يدويا في مقر الشركة في مولشيم في فرنسا.

ويتكون هيكل سيارة «بوغاتي فيرون - 16.4 (غراند سبورت)» من هيكل متكامل من ألياف الكربون، أضيف إليه الألمنيوم في المقدمة، وكذلك إطار من ألياف الكربون والصلب في المؤخرة. وإلى جانب المقاعد الجلدية المقاومة للرطوبة أضيفت مجموعة جديدة من الملحقات إلى الأجزاء الداخلية في السيارة، منها كاميرا عكسية بقُطر 2.7 بوصة مدمجة في المرآة ونظام بوتشيني للصوت بمعالج إشارات رقمي.

تعمل السيارة بمحرك سعة 8 لترات، به 64 صماما و16 أسطوانة على شكل حرف دبليو، ويغذيه أربعة شواحن هواء، وتصل قدرة محرك السيارة إلى 989 حصانا.

ويتصل المحرك البالغ الضخامة بناقل أوتوماتيكي ذي سبع سرعات يتم التحكم به عن طريق الكومبيوتر، يستغرق نحو 150 مليثانية لتغيير السرعة. وتتمتع «فيرون» بقدرتها على الوصول إلى سرعة صاروخية تتجاوز 100 كم/الساعة في 2.5 ثانية فقط.

وسيتم توزيع «بوغاتي فيرون» بصورة حصرية لدى شركة «إكسلوسف موتورز»، التي توزع أيضا سيارات «بنتلي» و«لامبورغيني» في الهند.

ويقول ستايا باغلا، المدير الإداري لشركة «أكسلوسف موتورز»: «سعر السيارة (160 مليون روبية) سيتغير بحسب تغير سعر الصرف ومستوى الإمكانيات التي يطلب المشتري إضافتها إلى السيارة. وجدير بالذكر أن سوق السيارات الفارهة الهندية شهدت نموا بلغ 25 في المائة العام الحالي، ويتوقع أن تباع السيارة الجديدة بأعداد محدودة. ويبلغ سعر السيارة (فيرون) أغلى سعر لسيارة تباع الآن في الهند. ومن ثم نحن نختبر الآن ردود فعل العملاء».

وأشار باغلا إلى أن تسليم السيارة «بوغاتي فيرون» إلى العميل المتوقع سيستغرق من ستة إلى ثمانية أشهر من تاريخ طلب السيارة.

من جانبه صرح جوليوس كروتا، بشركة «بوغاتي» للسيارات، خلال حفل الغداء الذي أقيم لتدشين السيارة، دون الإشارة إلى أي رقم خاص بالهند: «الهند أرض الممالك السابقة، والهند الحديثة سوق تنمو بسرعة للسلع المترفة. وهذا من الصعب تجاهله».

لكن ذلك يساعد بوضوح في التأكيد على أن الهند تحفل الآن بعدد كبير من المليارديرات خارج الولايات المتحدة. فقد انضم 276 مليارديرا إلى قائمة الأثرياء في الهند هذا العام، ليصل إجمالي عدد المليارديرات في الهند في الوقت الحالي إلى 602 ملياردير، وجميعهم عملاء محتملون للشركة.

ويتوقع المراقبون أن تتمكن «بوغاتي» من العثور على عدد لا بأس به من المشترين في الهند. فعلى سبيل المثال تملك الهند أضخم أسطول من الطائرات الخاصة في آسيا، وهناك 125 طلبا إضافيا لشراء طائرات خاصة. وتشكل الطائرات الصغيرة الخاصة، التي يفوق سعرها سعر سيارة «بوغاتي» بـ40 مليون روبية فقط، ثلث هذه الطلبات (ما يزيد عن 40 طائرة صغيرة جديدة).

ويقول كروتا: «قررنا إنشاء صالة عرض في الهند لتكون منتجاتنا قريبة من العملاء، كما نتطلع إلى زيادة أعداد وكالات بيع سيارات (بوغاتي)». إلى جانب ذلك ستقوم الشركة بعرض سياراتها في معارض سيارات مختارة لنشر الوعي حول تاريخ المنتجات الكلاسيكية.

ويرى كروتا أن اختيار الهند لا يأتي ضمن خطة توسيع عمليات الشركة، بل لإعادة ترسيخ العلامة التجارية التي شوهها التاريخ حول العالم. فقد شهدت الشركة عددا من التغيرات ما بين صعود وهبوط منذ إنشائها، فبعد تدمير المصنع الأصلي للشركة الذي أسسه إيتوري بوغاتي في مولشيم بفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، بذلت عدة محاولات لإعادة إنتاجها من جديد في الستينات والسبعينات بقيت كلها دون نجاح يذكر. وقد اكتسبت شركة «رومانو ارتيولي» اسمها عام 1987. وفي ظل إدارته للشركة أنتجت الشركة السيارة «إي بي 110» لتكون السيارة السريعة الأكثر تقدما تكنولوجيا في ذلك الوقت. بيد أن حظوظ الشركة تحولت إلى الأفضل عندما عادت إلى العمل عام 1995 رغم الكساد الذي شهدته الولايات المتحدة وأوروبا.

ويضيف كروتا: «إن اقتناء سيارة (بوغاتي) أشبه بتبني طفل ليس لدينا معلومات عنه. كان المصنع في حالة مزرية، وكان علينا اتخاذ قرار بشأن خط الإنتاج، وقد تطلب الأمر من الشركة ثلاث سنوات حتى تتمكن من إعادة الأمور إلى نصابها والعودة إلى إنتاج مثل هذه السيارات الرياضية». فلم يبدأ إنتاج الشركة إلا في سبتمبر (أيلول) عام 2005، ففي عام 1998 تمكن فرديناند بيك، الذي كان رئيس مجموعة «فولكس فاغن» من الحصول على حق إنتاج السيارات تحت شعار «بوغاتي» التي اعتبرت الشركة أنها تحقق نجاحا ملحوظا. وقد أقيمت ورشة متاخمة لقلعة شاتو سان جان حيث يقع مقر الشركة، وسلمت أول سيارة «فيرون» في مارس (آذار) 2006.

منذ ذلك الحين لم تنظر الشركة إلى الوراء، فقد باعت 270 سيارة من طرازي «فيرون» و«فيرون سوبر سبورت» و20 سيارة من فئة «فيرون غراند سبورت» وكل هذه الفئات الثلاث يتجاوز سعرها مليون يورو.

دشنت الشركة عملياتها في الصين العام الماضي ودخلت البرازيل بالتزامن مع الهند. ويبلغ متوسط أعمار مالكي سيارة «فيرون» نحو 45 عاما.

تجدر الإشارة إلى أن سيارات ثمينة أخرى، مثل «بنتلي» و«رولز رويس» و«مايباخ» تحقق رواجا بالفعل في سوق السيارات الهندية. والأيام المقبلة كفيلة بإظهار مدى النجاح الذي ستحققه أسرع سيارة في العالم في الهند.. وربما أغلاها.