لصوص المستقبل لن يحتاجوا إلى استعمال القوة أو المفاتيح للاستيلاء على السيارات

في دراسة أعدت لمنتدى أنظمة السلامة في سان دييغو

TT

ذكرت دراسة أعدت لـ«منتدى أنظمة الأمن الموزعة والشبكات» في سان دييغو (ولاية كاليفورنيا الأميركية) أن لصوص السيارات قد لا يضطرون، في المستقبل، إلى استعمال القوة للاستيلاء على السيارة التي ينوون الفرار بها، وقد لا يحتاجون أيضا إلى استخدام مفاتيح لهذه الغاية.

استنادا إلى هذا البحث الموثق، انتقدت الدراسة 8 شركات تصنيع معروفة بسبب تطويرها أنظمة دخول إلى سياراتها تستغني عن المفتاح التقليدي وتعتمد بديلا له نظام فتح لا سلكي، وعن بعد، لأبواب السيارة.

نشرة «تكنولوجي ريفيو» نقلت عن الأستاذ المساعد في علوم الكومبيوتر في مجموعة «أنظمة السلامة» في مؤسسة «إي تي إتش» في زيوريخ (سويسرا)، فيري ساردجان كابكون - الذي أشرف على تجارب «الاستيلاء» على السيارات - أن ما دفعه إلى التحقيق في أمن الدخول دون مفاتيح وأنظمة التشغيل إلى السيارات كان أنه اشترى سيارة تعمل بهذه الأنظمة.

وقام كابكون، بالتعاون مع أورلين فرانكيلون وبوريس دانيف - وهما باحثان في المؤسسة ذاتها - بدراسة نماذج 10 سيارات من إنتاج 8 مصانع، فتمكنوا من الدخول إلى السيارات الـ10 كلها وقيادتها عبر اعتراض إشارات هذه السيارات إلى مفاتيحها اللاسلكية أو التقاطها. رغم قدرة الباحثين على نقل الإشارات الموجهة من المفتاح إلى السيارة أيضا، لم يضطروا إلى ذلك لأن المفتاح ينقل، عادة، إشاراته إلى السيارة في دائرة قطرها 100 متر. وقد نجح الاستيلاء على هذه السيارات دون الحاجة إلى فك شفرة المفاتيح أو البروتوكولات التي يستخدمها المفتاح أو السيارة للتواصل في ما بينهما.

في العادة، عندما يكون المفتاح اللاسلكي على بعد أمتار معدودة من السيارة العائد لها، يطلق إشارات ضعيفة يمكن أن تتسبب في إصدار أمر بفتح السيارة وإتاحة تشغيل محركها. وقد استخدم الباحثون زوجا من الهوائيات (أنتينات) لنقل هذه الإشارات من السيارة إلى المفتاح عندما يكون المفتاح بعيدا عن السيارة مما سهل «خداع» السيارة ودفعها إلى فتح بابها دون الحاجة إلى الأوامر المطلوبة. ولتحقيق ذلك يجب أن يكون الهوائي الآخر على مقربة كبيرة من السيارة وأن لا يبعد الشخص الآخر أكثر من 8 أمتار من المفتاح.

وتوصل الباحثون إلى أسلوبين لفتح وتشغيل السيارة. بموجب الأسلوب الأول مد الباحثون سلكا من منطقة قريبة من السيارة إلى جوار منطقة وجود المفتاح واستخدموه لبث الإشارات. وبموجب الأسلوب الآخر، قاموا بالسطو على السيارة لا سلكيا. ويؤكد فرانكيلون أن المعدات التي استخدمت في الهجوم السلكي كلفت نحو 50 دولارا، في حين تراوحت تكلفة المعدات والتجهيزات المستخدمة في «السطو اللاسلكي» بين 100 و1000 دولار، حسب نوعية المكونات الإلكترونية المستخدمة في العملية.

واختبر الباحثون عددا من السيناريوهات، فقام أحدهم بمراقبة مرأب لوقوف السيارات بمعاونة شريك كان يراقب مالكي السيارات أثناء دخولهم إلى متجر قريب. ولا يحتاج الشريك إلا أن يكون على بعد 8 أمتار فقط من حامل مفتاح السيارة المستهدفة مما يسهل عليه تجنب إثارة الشكوك في نياته.

وفي سيناريو آخر قد يعمد صاحب السيارة المستهدفة إلى ترك المفتاح على طاولة قريبة من نافذة، عندئذ يصبح بإمكان الهوائي الموضوع خارج المنزل التواصل مع المفتاح وإتاحة الفرصة للباحثين لتشغيل السيارة المركونة أمام المنزل وقيادتها.

ولأن السيارة لا تعمل إذا استغرق وصول الإشارات الموجهة إليها من المفتاح وقتا طويلا، فقد عمد الباحثون إلى ابتكار وسيلة تسرع الاتصال بين الهوائيين، إذ إن معظم عمليات السطو التي أجريت بطريقة لا سلكية تطلبت تحويل الإشارات من إشارات «أنالوغ» إلى إشارات رقمية والعكس، الأمر الذي يتطلب بعض الوقت. وقد تمكن الباحثون من الحفاظ على صيغة الإشارات الـ«أنالوغ»، مما ساعد في خفض الفترة الزمنية المطلوبة لتنفيذ العملية من ميكروثانية إلى نانوثانية، وجعل الكشف عن هجومهم أكثر صعوبة.

وبالمناسبة اقترح الباحثون تدابير تمكن مالكي السيارات ومصنعيها من حمايتها من السرقة، بينها أن «يحجب» أصحاب السيارات مفاتيحهم حين لا يكونون بحاجة إلى استخدامها، وذلك لمنع اللصوص من التواصل معها. وفي المقابل بإمكان المصنعين إضافة زر على حاوية المفتاح يمكن صاحب السيارة من وقف فعالية المفتاح ومن ثم إعادة تفعيله عند الحاجة. بيد أن كابكون أبدى قلقه من أن هذه الأنواع من الحلول تنتقص من الراحة التي توفرها أنظمة الدخول دون مفتاح إلى السيارة.

ويرى أن كل المصنعين سيحتاجون في نهاية الأمر إلى إضافة تكنولوجيا سلامة تسمح للسيارة بالتأكد من أن المفتاح قريب منها فعلا. ويقول كابكون إنه لا يتوقع حلا خلاف ذلك، وهو ما دفعه، هو ومجموعته، إلى محاولة ابتكار أنواع معينة من البروتوكولات الكفيلة بذلك.

أما البروفسور ديفيد راغنر، أستاذ علوم الكومبيوتر في جامعة بيركلي (كاليفورنيا) فقد اعتبر أن الدراسة التي أعدت لمنتدى سان دييغو من شأنها مساعدة صانعي السيارات على تحسين أنظمة السلامة لسيارات المستقبل. وينصح راغنر أن لا نثير الدراسة قلق أصحاب السيارات مذكرا بأنه قد توجد أساليب أسهل لسرقة السيارات. ولكنه يضيف أن المؤلم في عمليات سرقة السيارات بوسائل تكنولوجية متقدمة أن هذه السرقات لا تخلف أدلة على فتح أبواب السيارة بالقوة.