شركات السيارات الصينية تقتحم السوق الهندية بصيغة تحالفات دولية مع مؤسسات أميركية

الصين تكتشف في الهند موقعا أقل تكلفة للإنتاج

الإنتاج صيني.. والملامح أميركية
TT

تتدافع شركات السيارات الصينية وشركات قطع الغيار في سعيها لدخول السوق الهندية، التي تلي مباشرة سوقها المحلية في تسجيل معدلات النمو الاقتصادي. وتسعى هذه الشركات إلى استخدام السوق الهندية كقاعدة تصدير منخفضة التكلفة لمنتجاتها. وتجهز شركات صينية مثل شركة «شنغهاي لصناعة السيارات» (سايك) و(فوتون) ومجموعة «فاو» و«شيري» و«جيلي» و«غريت وول» كل منتجاتها - بدءا من سيارات «الميني فان» وصولا إلى شاحنات النقل الثقيل والحافلات - للطرح في سوق الهند. وفيما تُعد بعض الشركات، مثل «سايك» و«فاو»، نفسها لدخول سوق الهند من خلال تحالفات عالمية، تبحث شركات أخرى عن شركاء هنود محليين. وتعني صفقة «جنرال موتورز» - «سايك» - «وولينغ» (التي اشترت «سايك» بموجبها 50 في المائة من «جنرال موتورز الهند») أن سيارات «وولينغ» و«سايك» لن تظل طويلا خارج السوق. «جنرال موتورز» تدرس طرح شاحنات «فاو» في الهند. وكان كارل سليم، رئيس «جنرال موتورز الهند»، قد قال في حديث مع وسائل إعلام: «لقد اخترنا عددا قليلا من السيارات التجارية الخفيفة لتسويقها في الهند، ونحن منفتحون على خيارات أخرى يمكن أن يكون لها موقع في السوق». وأضاف سليم: «اشترت كل من شركة (شنغهاي لصناعة السيارات) و(جنرال موتورز) حصصا متساوية في شركة قابضة في هونغ كونغ تمتلك حاليا (جنرال موتورز الهند). وفيما بعد سنوسع هذا النموذج إلى أسواق أخرى مثل تايلاند وإندونيسيا وماليزيا». وأشار إلى أن شركة «شنغهاي لصناعة السيارات» تريد أن تبيع سيارات داخل الهند والتعلم كيف تصنع وتطرح سيارة داخل الهند، وهو ما سيمنحها قدرة تنافسية داخل أسواق التصدير. وتعمل «جنرال موتورز» و«شنغهاي لصناعة السيارات» (سايك) على طرح خمسة موديلات داخل الهند بحلول 2013. وتعمل «جنرال موتورز»، بالتعاون مع شركة «سايك»، على صنع سيارتين تجاريتين للنقل الخفيف تستطيع استيعاب حمولة وزنها طنا واحدا لتسويقها في الهند. ومن الأمور المطروحة على الطاولة، إلى جانب ذلك، إنتاج سيارتي «سيدان» متوسطتي الحجم وسيارة متعددة الأغراض كبيرة الحجم. ولدى «جنرال موتورز» بالفعل سيارات معروضة من طراز «شيفروليه سبارك» و«بيت»، ولكن أسعارها تتراوح بين 300.000 و400.000 روبية، فيما تعتبر مصادر هندية أن طرح سيارات تكون أسعارها في حدود 200.000 روبية يشكل عنصر جذب أكبر للعملاء من ذوي الميزانيات المحدودة.

وقد ارتفع حجم قطاع السيارات التجارية في الهند بنسبة 41 في المائة تقريبا في الفترة ما بين أبريل (نيسان) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين لتصل إلى 460.482 وحدة بالمقارنة مع 326.641 وحدة أنتجت خلال نفس الفترة من العام الماضي. وتسيطر على هذا القطاع شركات محلية هي «تاتا موتورز» و«ماهيندرا آند ماهيندرا»، اللتان تستأثران معا بـ47 في المائة من السوق، وتليهما شركة «بيقي فوتون»، وهي شركة تابعة لشركة «بكين للسيارات المحدودة» وثاني أكبر شركة مصنعة للسيارات التجارية في العالم بعد «دايلمر». وتفكر أكبر شركة مصنعة للسيارات التجارية في الصين بإنشاء مصنع في مدينة بون الهندية برأسمال يبلغ 200 مليون دولار. وتقول مصادر هندية إنها بالفعل أجرت دراسة جدوى من أجل بناء مصنع تصل قدرته الإنتاجية إلى 100.000 وحدة لتقديم إنتاجها من جرارات وسيارات نقل ثقيل من «أومان» و«أومارك» و«إل سي في»، انتهاء بسيارات «الفان» متوسطة الحجم. ومن المحتمل أن تكون «فوتون» ثاني سيارة صينية تدخل السوق الهندية بعد «سايك». ويطلق على موديلات «فوتون» من الشاحنات ذات الأسعار التنافسية سلسلة «فورلاند». وتجري «شيري» و«جيلي» و«غريت وول» حاليا محادثات متقدمة مع «آي سي إم إل»، وهي شعبة السيارات بشركة تصنيع الجرارات «سوناليكا»، بحسب ما ذكره مصدر مطلع على التطورات. إلا أن الرئيس التنفيذي لـ«آي سي إم إل»، ديباك ميتال، رفض التعليق على الخبر. وتنظر شركات السيارات التي تتمتع بميزة التكلفة المنخفضة ونطاق الإنتاج الواسع إلى الهند، كمركز لها في القارة الآسيوية. وسيدرس تحالف «جنرال موتورز» - «سايك»، الذي توسع ليضم الهند، احتمال محاكاة صيغة التحالف في أسواق أخرى رذيسية في آسيا. استحوذ النمو القوي في مبيعات السيارات التجارية وسيارات الركاب في الهند على مخيلة مصنعي السيارات الصينية، بما فيهم فيكاس سيغال، الشريك بشركة استشارات الإدارة «بوز آند كومبني الهندية». ويقول سيغال: «ما بين 4 إلى 5 لاعبين صينيين يدرسون الانتقال إلى أسواق عالمية، وقد تكون الهند من بين الخيارات المفضلة لهم. وتأتي شركات مثل «فاو» و«جيلي» و«دونغ فينغ موتور» و«شونغتشينغ تشانغان للسيارات» و«شيري للسيارات» و«بيغي فوتون موتورز» بين الشركات القليلة التي قد تختار الهند سوقا محتملة لها بالنظر إلى برامجهم الإنتاجية».

وتعد معظم هذه الشركات من اللاعبين الأقوياء في قطاع سيارات الركاب، على الرغم من أن «فاو» و«دونغ فينغ موتور» من اللاعبين المهمين في السيارات التجارية، بحسب ما قاله سيغال. وأضاف: «على ضوء المحافظ التي لدى شركات السيارات الصينية، تعد الهند سوقا مناسبة لهؤلاء اللاعبين».

ووفقا لما أفادت به بعض التقارير، فإن «تشونغتشينغ تشانغان للسيارات» و«فورد موتور» دخلتا في مفاوضات لتوسيع شراكتهما في السوق الهندية. ويقول سيغال: «من المحتمل أن يتعين على الشركات استثمار ما بين 600 مليون دولار إلى 1.2 مليار دولار لتأسيس عمليات داخل الهند. وبحلول 2015 نتوقع أن تدخل هذه الشركات إلى الهند».

وكشفت دراسة نشرتها شركة «بروز آند كامباني» أن الهند قد تصبح رابع أكبر سوق سيارات بحلول 2015، متجاوزة دولا أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة. وقد تدافع الصينيون باتجاه الهند ليس من أجل بيع منتجاتهم في سوقها وحسب، بل من أجل استخدام الهند في نهاية المطاف منطلقا لصادراتهم من السيارات في ظل الكلفة المنخفضة للإنتاج. وتلي الهند الصين في ما يتعلق بمعدلات النمو، ومن المحتمل أن ترغب شركات صينية في الاستفادة من هذه الفرصة. وفي سوق الصين يتجاوز الطلب دائما العرض، مما يعني أن الشركات الصينية في حاجة إلى مصانع كبيرة لتلبية الطلب المحلي على السيارات، وإلى المزيد من المصانع من أجل التصدير. ولذا فإن ثاني أفضل خيار لهم هو الهند. وقد قامت شركات صينية مثل «سايك» و«فوتون» و«فاو» و«تشيري» و«غيلي» و«غريت وول» بإعداد كل شيء بدءا من السيارات «ميني فان» الصغيرة وصولا لسيارات النقل الثقيلة والحافلات لطرحها في سوق الهند. وعلى الرغم من أن بعضهم، مثل «سايك» و«فاو»، يصوغون دخولهم إلى الهند من خلال ائتلافات عالمية (بين «سايك» و«جنرال موتورز»)، يبحث آخرون عن شركاء محليين. وفي إطار توسيع نظم المواصلات داخل الهند في الهند، وقعت شركة «تشوتشو» الصينية، وهي شركة تابعة لـ«تشينا ساوث لوكوموتوف آند رولينغ» تعاقدا من أجل تقديم عربات مترو إلى الهند.

ويواجه الصينيون عقبتين؛ التكيف مع الأنظمة الهندية وحقوق براءات الإنتاج. وفيما يعد التكيف مع الأنظمة الهندية أمرا ميسورا (تبيع «شيري» على سبيل المثال 500.000 سيارة «كيو كيو» كل عام في 11 دولة)، فإن قواعد الملكية التجارية أكثر صرامة في الصين عما هي في الهند. وستكون براءات الاختراع عقبة مهمة في وجهها، فسيارة «تشيري كيو كيو» الصينية نسخة طبق الأصل عن سيارة «شيفروليه سبارك» الأميركية. وتقلد الكثير من السيارات الصينية تصاميم شركات ناجحة مثل «مرسيدس» و«بي إم دبليو». كما تتوجه الشركات المصنعة لقطع الغيار إلى الهند مثل «ياب زوم أوتوموتيف سيستمز»، وهي عبارة عن مشروع مشترك بين «ياب أوتوموتيف بارتس» ومقرها يانغتشو و«زوم ديفلبرز» ومقرها مومباي، والتي بدأت إنتاجها في منشأة تصنيع صهاريج الوقود البلاستيكية في «فورد نيو سابليرز بارك». وأكدت «ياب زوم أوتوموتيف» أنها تتعامل مع «فورد» على إنتاج موديلات «فيستا» و«فيغو»، كما أنها المزود الحصري لقطع سيارة فولكسفاغن «بولو» وسيارة «سكودا فابيا». ومن المؤكد أن الصينيين يعرفون تماما ما يقدمون عليه. ومن الواضح أن الموجة الصينية ستضرب الهند قريبا جدا.. وعلى الشركات المحلية أن تحظر تلك الموجة.