تاكسيات لندن لن يبقى منها عام 2020 سوى تصميمها التقليدي

جيلها الجديد يعمل بخلايا الوقود «النظيفة».. بموجب مخطط لتحويل العاصمة البريطانية إلى «منطقة خضراء»

تاكسي لندن.. قالب قديم و«قلب» جديد
TT

ستشهد لندن الشهيرة بسيارات الأجرة السوداء (التاكسيات)، في السنوات القليلة المقبلة، «ثورة خضراء» تحولها إلى وسيلة نقل صديقة للبيئة، لتكون بذلك العاصمة العالمية السباقة في تطبيق إجراءات حماية بيئية لسكانها.

من المعروف أن تاكسيات لندن من أكثر وسائل النقل الملوثة للبيئة في بريطانيا. وبلغت نسبة مساهمتها في هذا التلويث نحو 16 في المائة، الأمر الذي حمل رئيس بلدية لندن، بوريس جونسون، على إطلاق خطة جديدة لتنظيف أجواء لندن، انطلاقا من جعل نسبة تلويث عوادم تاكسيات العاصمة البريطانية تساوي الصفر، وذلك في حلول عام 2020، ودعا إلى الإعداد لهذا الهدف منذ الآن. عمليا، سوف تصبح سيارة التاكسي السوداء الجديدة نسخة من السيارة الرمزية «إل تي آي تي إكس4» النقية العوادم والتي تسيرها خلية وقود تعمل على الهيدروجين، وهي السيارة التي كشف النقاب عنها في الصيف الماضي. ومنذ ذلك الحين خضعت السيارة للكثير من اختبارات الأداء والسلامة القاسية، بغية تأهيلها للسير على الطرقات العامة. وبعد قطع مسافة 8000 ميل من التجارب، جرت الموافقة عليها، وبات هنالك نموذجان منها جاهزان لغزو طرقات العاصمة البريطانية المكتظة بالسيارات والمارة معا.

لكن على سائقي التاكسي الأسود في لندن أن لا يعولوا كثيرا على الحصول على هذه المركبات الجديدة في وقت قريب، إذ إن نماذجها الأولى ستبدأ في النزول إلى الطرقات اعتبارا من عام 2016 بعد التأكد من تلبيتها لشروط سلامة إضافية فرضتها السلطات البريطانية. ولكن رغبة سلطات العاصمة البريطانية في الترويج لها جعلتها تخطط لتوفير 15 مركبة منها في عام 2012 المقبل، سوف تخصص لنقل 15 من الشخصيات العالمية التي ستفد إلى لندن لحضور الألعاب الأولمبية فيها. ويقول رئيس بلدية العاصمة البريطانية، بوريس جونسون، إن هذه السيارات الجديدة سوف تعتبر مثالا حيا للعبقرية البريطانية على صعيد تطويع التقنية لحل المشكلات البيئية، فهي تجمع بين العمل على خلايا الوقود، وبين التصميم التقليدي الذي اشتهرت به تاكسيات لندن السوداء منذ عدة عقود. والتاكسي الجديد وليد مشروع تعاون مشترك بين الكثير من الشركات البريطانية، بما فيها شركة «إنتلغانت إنيرجي»، و«لوتس إنجينيرينغ»، و«إل تي آي فيهكل»، و«تي آر دبليو كونيكت» التي تعمل كلها لتوفير طاقة نظيفة. ويقول الدكتور هنري ويناند، الرئيس التنفيذي للمشروع الذي لاقى دعما ماليا كبيرا من الحكومة البريطانية، إن «تثبيت محرك جديد يعمل بخلايا الوقود في مركبة موجودة وتعمل منذ عقود طويلة، خلال فترة زمنية قصيرة، إضافة إلى توفير محطات وقود الهيدروجين لها، يعتبر إنجازا كبيرا بالنسبة إلى جميع الشركات المشاركة في هذا المشروع». النماذج الأولية من هذه المركبة التي جربت على الطرقات العادية لم يتح لأحد تمييزها عن سائر سيارات التاكسي، ما لم يتنبه للشعار الملصق على جانبها والقائل: «عادم صفر». فهذه التاكسيات بدت شبيهة تماما بتاكسيات لندن التقليدية، سواء من حيث الشكل أو الأداء. ولكنها تحتوي، تحت غطاء المحرك، على تقنية القرن الواحد والعشرين المستمدة من صناعات عصر الفضاء، أي على محرك يعمل بخلايا الوقود المدعومة ببطاريات من الليثيوم بوليمر. وهذه التقنية الهندسية معقدة بعض الشيء ولكنها تستند إلى عملية مزج لغازي الهيدروجين والأكسجين يحول الطاقة الكيمائية إلى تيار كهربائي يدفع العجلات. وأي زيادة في الطاقة يجري تخزينها في البطاريات لاستخدامها لاحقا. أما ما يخرج من عادم السيارة فهو بخار الماء الصرف النقي جدا.

ووفقا للتجارب التي أجريت حتى الآن فإن خزانا مليئا من الهيدروجين المسيل، أو المضغوط، يمكنه أن يسير السيارة أكثر من 250 ميلا، مما يعني مسافة تزيد عن معدل سيرها طوال يوم واحد. وتبلغ السرعة القصوى للسيارة 80 ميلا في الساعة. أما عملية إعادة التزود بالوقود (الهيدروجين) فلا تستغرق أكثر من خمس دقائق. وأثبتت التجارب أيضا أن المركبة الجديدة قادرة على حمل نفس العدد الذي يحمله التاكسي التقليدي من ركاب من دون التفريط بالحجم المخصص للحقائب وعددها. إذن، وفي نظر بعض الخبراء، هي سيارة عملية جدا، وربما تفوق العادية في بعض الجوانب، كالاستغناء عن بعض نظم القيادة، مثل ناقل الحركة على سبيل المثال لا الحصر. وتنوي الحكومة البريطانية إنشاء محطات لوقود الهيدروجين، على غرار محطات البنزين العادية في مختلف المناطق اللندنية، وعلى طول الطريق السريع الدائري (إم 25) الذي يحيط بلندن.

ويقول عدد من الركاب الذين استعملوا التاكسي الجديد إنه يعمل بسلاسة عالية من دون أي صوت مطلقا، إذ لا تصدر عن المحرك سوى «وشوشة» العجلات، وهي تلامس الأرض، وهذه خاصية جميع السيارات الكهربائية، ما يتناقض بوضوح مع تاكسيات لندن الحالية المزودة جميعها بمحركات ديزل المعروفة بخشونتها النسبية وهديرها المرتفع. وهنالك لوحة خلفية تعمل بالبلور السائل (إل سي دي) تبين عمل النظام الهيدروجيني، ومدى كفاءته، ومعدل الاستهلاك، وما هو المقدار المتبقي منه قبل إعادة التموين. وقول بعض الخبراء إن هنالك 21 ألف تاكسي أسود على الطرق البريطانية، تنفث السيارة الواحدة منها نحو 243 غراما من ثاني أكسيد الكربون في الكيلومتر الواحد. ولما كانت التقديرات البريطانية تتوقع قدوم نحو 380 ألف زائر إلى لندن، العام المقبل، لحضور الألعاب الأولمبية، فهي تعتبر أنه إذا استقل كل واحد منهم تاكسي أسود من النوع الجديد، في انتقاله من مطار هيثرو إلى القرية الأولمبية، فهذا يعني تخليص جو لندن من نحو ثلاثة ملايين كيلوغرام (ثلاثة آلاف طن) من غاز ثاني أكسيد الكربون.