الهند تواجه التطور المتوقع لصناعة المركبات الثقيلة بتسريع تحديث شبكة الطرق السريعة

الضريبة الطبيعية لانتعاش صناعة السيارات بوتيرة متسارعة

طرقات الهند القديمة لا تستوعب التطور المتوقع في إنتاج المركبات الثقيلة
TT

بدأت صناعة المركبات التجارية الهندية في الانتعاش نتيجة لبعض الخطوات التي تم اتخاذها بوتيرة سريعة، حيث بدأت الشركات العالمية للمركبات التجارية في غزو صناعة السيارات الهندية من أجل الدخول في منافسة مع عدد كبير من الشركات المحلية، مثل شركة «تاتا موتورز» و«أشوك ليلاند» و«أيكر موتورز» التي تحتكر سوق السيارات.

وعلى الرغم من نجاح صناعة السيارات الهندية المزدهرة في اجتذاب كل الشركات الكبرى التي تنتج سيارات الركاب في العالم اليوم، فإنها فشلت بشكل ما في اجتذاب المركبات التجارية الثقيلة ذات المستوي العالمي، ولكن من المنتظر أن تشهد السوق منافسة شرسة الآن، حيث تتجه الشركات العالمية إلى السوق الهندية لاستغلال النمو السريع للاقتصاد الهندي الذي يشهد طفرة في تطوير البنية التحتية.

وخلال السنوات الماضية نجحت السوق في جذب شركات «دايملر» و«مان» الألمانية و«فولفو» السويدية و«نيسان» اليابانية و«جنرال موتورز» الأميركية، بالإضافة إلى شركات «هينو موتورز» و«كاماز فيكترا». وتسعى هذه الشركات إلى تحدي الهيمنة الهندية على السيارات التجارية، من خلال طرح نماذج جديدة وخطط جديدة للاستثمار.

وهناك تعاون بين الكثير من الشركات والشركاء المحليين، حيث تعاونت شركة «فولفو» مع الشريك المحلي «أيشر» في شراكة يملك كل منهما 50 في المائة منها، حيث تتميز شركة «أيشر» بأنها لاعبة قوية في سوق المركبات الخفيفة، بالإضافة إلى معرفتها العميقة للسوق الهندية، في حين تتميز «فولفو» بالتكنولوجيا المتقدمة.

وفي نفس الوقت، هناك شراكة بين شركتي «نافيستار» و«ماهيندرا» الهنديتين، فقد استثمرت الشركتان ما يقرب الـ225 مليون دولار في مصنع «تشاكان» في ولاية مهاراشترا التي تقع في غرب الهند. وتتميز هذه الشراكة بأنها عبارة عن علاقة تعاونية بين الشركتين، فبينما تعتمد «ماهيندرا» على قوتها وخبرتها المحلية تعتمد «نافيستار» على التقنيات المتقدمة، فضلا عن تجربة النقل بالشاحنات وتكنولوجيا المحركات. وقد دخلت شركة «نيسان» في شراكة مع شركة «أشوك ليلاند».

ومن المنتظر أن تشتعل المنافسة في قطاع المركبات التجارية، حيث تسعى شركة «جنرال موتورز» التي تتخذ من ريترويت (الولايات المتحدة) مقرا لها، وشركة «رينو إس إيه» الفرنسية والشركتين الصينيتين «بيكي فوتون» و«جاك» لإطلاق منتجاتهما في الهند.

وتستعد شركة «جنرال موتورز» لتقديم مركبات تجارية خفيفة بالتعاون مع شركة «شنغهاي أوتوموتيف إنداستري كوروبوريشين»، كما تعمل على تقديم خمسة طرازات جديدة في البلاد بحلول عام 2013. وسوف تطرح شركة «شنغهاي» سيارتين تجاريتين خفيفتين بحلول نهاية هذا العام.

ويجري العمل حاليا على زيادة عدد المركبات التجارية الخفيفة التي ينتجها مصنع «جنرال موتورز» في ولاية غوجورات الهندية من 85000 سيارة إلى 110000 سيارة.

وأعلنت شركة «بيتي فوتون» عن استثمارات بقيمة 400 مليون دولار لإقامة مصنع في ولاية ماهاراشترا التي تقع في غرب الهند، ليكون هذا المصنع هو أول منشآت الشركة خارج الصين. ومن المقرر أن ينتج المصنع، الذي سينتج 100000 سيارة سنويا، أول سيارة في السوق الهندية بحلول عام 2013.

وهناك شركات أخرى تسير على نفس النهج، مثل شركة «باكار» الأميركية وشركة «أورال» الروسية، حيث تقوم شركة «أورال إنديا»، التي أقيمت من خلال التعاون بين روسيا والهند، بإنتاج الحافلات في الهند، وأقامت مصنعا في منطقة هالديا الواقعة في شرق ولاية البنغال الغربية الهندية لهذا الغرض.

وقد ازداد اهتمام الشركات العالمية بالاستثمار في الهند وسط توقعات بأن نمو السوق الهندية سيستمر، وأن الطلب على الشاحنات والحافلات سيزداد. وقد كانت الهند منافسا قويا للصين في سباق إنتاج المركبات التجارية في العام الماضي.

ووفقا للبيانات الصادرة عن جمعية مصنعي السيارات الهندية، تم بيع 676000 سيارة تجارية في السوق الهندية خلال العام المالي الماضي بمعدل نمو يبلغ 27 في المائة.

وقال باوان جونكا، رئيس الجمعية: «نتوقع أن يشهد القطاع نموا أكبر خلال الأشهر المقبلة، حيث سيتم قيادة السوق من خلال جيل جديد من الشاحنات التي تم إنتاجها من خلال الكثير من الشركات العالمية».

وقررت شركة «دايملر» التي تعمل في مجال صناعة الشاحنات، والتي لا تتمتع بأرباح الشريك المحلي، الكشف عن علامة تجارية هندية جديدة هي «بهارات بنز». وبعد إقامة استثمارات بقيمة مليار دولار، ستغزو منتجات الشركة (شاحنات بحمولة تتراوح بين 6 و49 طنا) السوق عام 2012. وسيبدأ الإنتاج بحلول نهاية العام الحالي في شيناي، إحدى مدن جنوب الهند.

اهتمام الشركات الأجنبية المصنعة للسيارات بإنشاء قاعدة في الهند لم يعد مستغربا بسبب النمو المحتمل للسوق. ويقول ديبيش راثور، مدير «غلوبال أوتوموتيف غروب» في الهند: «نتوقع نموا قدره 40 في المائة في المبيعات عام 2011، ومن المتوقع أن يتضاعف حجم السوق بحلول عام 2015».

وتعتزم شركة «سكانيا» السويدية التي تعمل في صناعة الشاحنات توسيع عملياتها في الهند من خلال بناء مصنع في بانغالور لتصنيع الشاحنات الثقيلة والحافلات الفاخرة. وقال هنريك فاغرينيوس، مدير «سكانيا كوميرشال فيكليز إنديا ليميتيد»، في بيان: «من المتوقع أن تتمكن الشركة خلال الخمس سنوات المقبلة من بيع 2000 شاحنة وألف حافلة و1500 محرك خلال العام. وتبيع «سكانيا» شاحنات بالتعاون مع شريكتها «لارسين أند توبرو» في البلاد.

وينظر إلى الشاحنات التجارية باعتبارها مؤشرا على النشاط الاقتصادي. ويعود اهتمام هذه الشركات بهذا القطاع إلى النمو الثابت القوي للبلاد، فقد فاق حجم نمو الهند ما كان متوقعا، حيث بلغ إجمالي الناتج المحلي 8.6 في المائة في الربع السنوي الذي انتهى في مارس (آذار) ومن المتوقع أن يرتفع النمو بمقدار 9.5 في المائة خلال العام الحالي بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي.

كما أدى النمو الاقتصادي الهندي إلى زيادة الطلب على نقل السلع الذي سيؤدي بدوره إلى نمو سوق الشحن بنسبة 20 في المائة سنويا تقريبا.

ويمثل تطوير برنامج «غولدن كوادريلاترال هاي واي» الذي يشمل أنحاء متعددة من الهند ويستهدف تطوير الطرق السريعة، بحيث تصبح عدة طرق سريعة في اتجاه واحد، مرحلة حاسمة في تاريخ النقل في الهند، ويؤدي إلى تقدم في صناعة الشاحنات التجارية. ويبلغ طول الطريق السريع القومي في الهند 57 ألف كلم ويشتمل على مداخل لعدة طرق سريعة. وقد أغرى كل هذا النمو الآخرين الذين يتطلعون إلى دخول هذا القطاع من صناعة السيارات الهندية، وبينها شركة «تيمسا غلوبال» التركية. وقد أجرت الشركة دراسة جدوى حول احتمال إنشاء مصنع متكامل لصناعة الحافلات في الهند يستهدف السوق الآسيوية. وربما تنظر الشركة في إقامة مشروع مشترك مع مجموعة شركات محلية لبداية عملها في الهند.

تحرص شركة «باكار»، التي تزعم أنها رائدة التكنولوجيا العالمية في التصميم والتصنيع ودعم عملاء الشاحنات الثقيلة والمتوسطة والخفيفة من خلال العلامات التجارية «كينورث» و«بيتربيلت» و«دي إيه إف»، على التوسع في الهند. وسوف تستهدف في البداية الأسواق الحضرية لا المناطق الريفية على حد قول مسؤول تنفيذي. وبدأت شركتي «رينو» و«جيه إيه سي» في إجراء دراسات جدوى لإنتاج الشاحنات التجارية في الهند.

يقول جيروم ستول، نائب المدير التنفيذي بشركة «رينو»: «نهتم بالمساحة المخصصة للشاحنات التجارية الخفيفة. أعتقد أن هناك احتمالا قويا لازدهارها، حيث يوجد طلب كبير عليها في الهند وإندونيسيا وروسيا. ندرس السوق ونبحث عن منتجات يمكنها أن تزدهر في السوق».