«مازيراتي» تدخل قطاع الـ«إس يو في» بسيارة تنتجها في ديترويت.. بدلا من مودينا

مستندة إلى هيكل «غراند شيروكي» وتجربة «جيب»

سيارة «كوبانغ» الجديدة من «مازيراتي»
TT

أثارت شركة «مازيراتي» الكثير من علامات الاستفهام، حين كشفت النقاب في معرض فرانكفورت الأخير عن سيارة رياضية رباعية (إس يو في)، هي الأولى من هذا النوع في تاريخها، على الرغم من أن البعض يعتقد أن عصر هذه السيارات يشرف على الأفول. والغريب في أمر الشركة أن السيارة التي كشفت عنها الشركة، واسمها «كوبانغ»، كانت قد قدمتها كفكرة افتراضية في معرض ديترويت في عام 2003. فلماذا انتظرت الشركة كل هذه الفترة، ثم قررت أخيرا أن تأتي إلى مولد السيارات الرباعية الرياضية فيما الشركات الأخرى عائدة منه؟

هناك العديد من الأسباب التي يبدو أنها أقنعت الشركة أخيرا بخوض غمار هذا القطاع، أولها على ما يبدو النجاح الكبير الذي حققته السيارة المشابهة من شركة «بورشه» (وهي «بورشه كايين») التي أسهمت في مضاعفة إنتاج الشركة وتعزيز أرباحها وسمعتها منذ طرحها في الأسواق. ثانيا أن الشركة، التي تتبع مجموعة «فيات»، وجدت الشريك المثالي في القطاع الرباعي الذي يوفر لها الخبرة اللازمة لإنتاج مثل هذه السيارة، وهي شركة «جيب» شريكة «فيات» في مجموعة «كرايسلر» الأميركية. ثم إن «مازيراتي» ظلت لفترة طويلة شركة محدودة في الفئات التي تقدمها والتي تقتصر على نوعين رئيسيين من السيارات: الرياضية بأنواعها واسمها «جي تي» والصالون التي تنتجها باسم «كواترو بورتي».

ومن المقرر أن تدخل «كوبانغ» الأسواق في أوائل عام 2013، انطلاقا من مصانع في ديترويت، وإن كانت الشركة تؤكد أنها ستقوم بتصنيع جيل جديد من المحركات لها من مصانعها في مودينا الإيطالية بمساهمة من شركة «فيراري». وتبنى السيارة على هيكل سيارة «غراند شيروكي» التي تنتجها شركة جيب. وسوف تدخل السيارة في منافسة مباشرة مع «كايين» و«رانج روفر سبور» حين تطرح في الأسواق. وتقول مؤشرات السوق إن سعر السيارة لن يقل عن 150 ألف دولار على الأقل، أي بعلاوة كبيرة على أسعار «غراند شيروكي».

لكن الشركة تؤكد أنها سوف تكون مغايرة تماما لـ«غراند شيروكي»، فالمحرك مختلف وكذلك ناقل التروس الأوتوماتيكي ذو الثماني سرعات. وتقوم الشركة بالتصميم الداخلي الذي يمثل معايير «مازيراتي» المستخدمة في سياراتها الأخرى. وقالت الشركة لدى الكشف عن «كوبانغ» إنها بصدد استعادة متعة القيادة في هذا القطاع بسيارة توفر إنجازا رياضيا متفوقا في صيغة رباعية. وهي أيضا سيارة تتسم بالفخامة وبالمعالم المعهودة لسيارات «مازيراتي».

وتؤكد الشركة أن كل مكونات السيارة مثل المحرك ونظام التعليق والمكابح ونوعية القيادة والإنجاز سوف تكون من «مازيراتي» بالكامل. وعمل على تصميم ملامح السيارة في مركز «مازيراتي» للتصميم، كبير مصممي الشركة «لورنزو رامشيوتي». ومن المتوقع أن يكون محرك السيارة بثماني اسطوانات، بتصميم مماثل للمحرك سعة 4.7 لتر الذي تستخدمه «فيراري»، وهو بقدرة 450 حصانا، وإن كانت بعض التكهنات تشير إلى إمكانية تركيب محرك مكون من 12 اسطوانة أيضا. وسوف يتم بناء السيارة على نفس خطوط الإنتاج التي تستخدمها شركة جيب لإنتاج سيارات «غراند شيروكي» في ديترويت.

وتؤكد «مازيراتي» أنها سوف تصنع محركات جديدة خصيصا لهذه السيارة في مركزها الإيطالي في مودينا، وهي محركات من تصميم كبير مهندسيها باولو مارتينيللي. وقد عمل مارتينيللي لمدة 30 عاما في شركة «فيراري»، وصمم العديد من محركاتها بما في ذلك محرك سيارات سباق «فورميولا1».

وتعلل الشركة قرارها بدخول هذا القطاع متأخرة بأن «كوبانغ» الجديدة تتوافق في المعايير التي تحملها سياراتها العائلية والرياضية بنوعيها الكوبيه والمكشوف، والتي تتفق جميعا في صفتين: الانطلاق الرياضي والفخامة. وبهذا التعريف يمكن الترحيب بـ«كوبانغ»، كعضو إضافي في عائلة «مازيراتي» في شكلها الرباعي واسمها الجديد.

وتستعير «كوبانغ» بعض الملامح والمكونات من سيارات «مازيراتي» الأخرى، خصوصا السيارة الصالون كواترو بورتي، لكنها تتميز بتصميم خاص بها يشبه الجسم الكوبيه الرياضي في قالب رباعي، وأظهرت السيارة المعروضة في معرض فرانكفورت الكثير من الملامح الحديثة للتصميم، مثل أضواء من نوع «إل إي دي» سريعة الاستجابة وفتحة تبريد أمامية كبيرة الحجم وخلفية بيضاوية تشبه إلى حد كبير سيارات «كايين» الرباعية من «بورشه». وهي ذات إطارات كبيرة الحجم وأضواء خلفية مميزة وإشارات جانبية على المرايا. وهي تتميز بتصميم خاص لشكل الأضواء الأمامية والخلفية إلى درجة يمكن معها التعرف على هوية السيارة في الظلام.

وانتقد البعض الشركة في الانتظار لمدة ثماني سنوات قبل إطلاق طراز «كوبانغ» الذي جاء سابقا في صيغة سيارة افتراضية، لكن «كوبانغ» هذه المرة على الأقل سوف تدخل الإنتاج فعليا وتصل إلى الأسواق بعد عامين. وكان الانتقاد الآخر أن السيارة سوف تنتج من ديترويت وليس من مودينا. وعلى الرغم من تأكيدات الشركة على أنها سيارة تحمل جينات «مازيراتي» مائة في المائة، فإن الشكوك تحوم حول مدى الاستعانة بشركة «جيب» في هذا المجال، خصوصا أن شركة «مازيراتي» ليست لها خبرة في إنتاج السيارات الرباعية. ويخشى البعض أن تكون «كوبانغ» هي في الواقع سيارة «غراند شيروكي» بثمن مضاعف.

من ناحية أخرى، يحتار بعض معلقي السوق في ما يمكن أن تقدمه شركة «مازيراتي» لرفع الإثارة في قطاع رباعي مزدحم. وإذا كان تعليق «مازيراتي» أنها تريد زيادة الإثارة في القطاع، فهي بذلك تعتبر أن سيارات مثل «بورشه كايين» و«بي إم دبليو إكس 5» و«مرسيدس إم كلاس»، وحتى سيارات الشركة الشقيقة من نوع «جيب غراند شيروكي»، جميعها يفتقر إلى الإثارة التي سوف تقدمها «كوبانغ» إلى الأسواق.

وسوف تنافس «كوبانغ» في أسواق الخليج أيضا، وتدخل منافسا مباشرا لسيارات مثل «كايين» و«رانج روفر». وتأمل الشركة أن تحقق «كوبانغ» في نجاح المبيعات ما حققته «كايين» لمبيعات شركة «بورشه»، وهذا يعني مضاعفة مبيعات الشركة. وما زالت الأسواق تتوقع أن تطور شركة «مازيراتي» سيارة مدمجة، على غرار السيارة «سيغنت» من «استون مارتن»، تكون هي الرابعة بين خطوط إنتاجها.

وتراوحت تعليقات الإعلام الدولي على هذه السيارة بين الإطراء على قرار الشركة بدخول هذا القطاع، والانتقاد لتصميم السيارة البعيد عن الخطوط الجمالية المعهودة والاعتماد على شاسيه سيارة أميركية والسعي نحو الأرباح حتى ولو كان ذلك على حساب تراث الشركة العريقة. ولكن على الرغم من الانتقادات فإن الشركة تشعر بالكثير من الحماسة لإنتاج السيارة الجديدة إلى درجة أن كبير مديري الشركة قال لدى الكشف عن السيارة في معرض فرانكفورت الأخير إنه مع مولد كل سيارة «مازيراتي» جديدة فإن الشركة نفسها تولد معها من جديد. وكانت الشركة قد أعلنت أنها حققت أرباحا قيمتها 303 ملايين يورو خلال الربع الأول من العام الحالي، بزيادة 2 في المائة عن أرباح الفترة نفسها من العام الماضي. كما أنها رفعت مبيعاتها بنسبة 11 في المائة إلى 3213 سيارة خلال الفترة نفسها. وكانت الأسواق الأكثر إقبالا على سيارات «مازيراتي» هي الصين والولايات المتحدة.

يبقى القول إن الكثير من جمهور «مازيراتي» لا يحبذ الفكرة، ويعتقد أنها سوف تسيء إلى تراث الشركة الذي يعتمد على إنتاج سيارات رياضية توفر متعة القيادة وليس على رباعيات رياضية من الحجم الكبير. وهم يرون أن دوافع الشركة في ذلك مجرد تحقيق المزيد من الأرباح.