رينو فليونس «زدإي».. صناعة تركية على منصة فرنسية

موعد طرحها في الأسواق منتصف العام المقبل

رينو فليونس «زدإي».. الاقتصاد قبل الأناقة
TT

لا مجال لأن يخطئ في هويتها الناظر إليها، فسيارة رينو فليونس «زد.إي» تتميز بشكل خارجي لافت للأنظار. وعلى الرغم من أن غرابته لا تضاهي غرابة الشكل الخارجي لسيارة كرايسلر إيبسيلون مثلا، فهو يحملك على الشعور بأنك ضحية شكل من أشكال الخداع البصري. ومع هذا، يشعر الناظر إلى رينو فليونس بأن هناك شيئا ما غير عادي في شكل السيارة. وقد يعود ذلك إلى كون سيارة فليونس العادية هي أصلا سيارة صالون مدمجة، تركية الصنع، مبنية على منصة لسيارة ميغان الفرنسية. ولغاية الآن، تعتبر سيارات فليونس المطروحة في الأسواق سيارات خالية من الانبعاثات الكربونية، أي سيارات تنطبق عليها تسمية السيارة الكهربائية. ولكي تتمكن هذه السيارة من استيعاب البطاريات اللازمة لدفع محركات كهربائية بقوة 95 حصانا (70 كيلو وات)، اضطرت شركة «رينو» إلى أن تزيد من طول السيارة بعض الشيء، ولذلك لم يعد الجزء الخلفي منها يتسع للكثير من الأمتعة - ولو بالقدر الذي يتصوره البعض ضروريا - وذلك بسبب المساحة التي تحتلها علبة البطارية التي يصل وزنها إلى 280 كيلوغراما تقريبا والموضوعة وراء المقاعد الخلفية.

تباع سيارة رينو فليونس «زد.إي» بسعر يبدأ بـ17.850 جنيها إسترلينيا فقط، أي إن سعرها يقل بنحو 8.140 جنيها إسترلينيا عن سعر سيارة «نيسان» ليف الذي يبدأ بـ25.990 جنيها إسترلينيا (علما بأن هناك منحة حكومية في بريطانيا للسيارات الكهربائية قيمتها 5.000 جنيه إسترليني تستحق لمشتري أي من السيارتين).

سعر فليونس في سوق السيارات الكهربائية الناشئة ليس مرتفعا حتى في حال احتساب تكلفة استئجار البطارية - إذ إن فليونس، خلافا للمتبع من قبل «نيسان»، لا تحتسب البطارية من ضمن سعر السيارة. ولكن، هل كل ما يحتاجه الإنسان من السيارة الكهربائية أن يكون سعرها في متناول يده؟ كل المشترين يحبون المساومة على السعر. ولكن مشكلة سيارة فليونس ليس سعرها بقدر ما هو شكلها الخارج عن المألوف، والطبع الممل لمقصورتها الداخلية. ومن الجدير بالذكر أن «رينو» تنوي إنتاج مودلين من السيارات الكهربائية هما سيارة «تويزي» وسيارة «زوي»، بالإضافة إلى سيارة الفان «كانغو»، يصح التساؤل: من سيشتري فليونس؟ هذا لا يعني أن اقتناء فليونس يشكل خطيئة، فهي تقطع مسافة أطول بعض الشيء من تلك التي تقطعها سيارة ليف - 115 كيلومترا مقابل 109 كيلومترات - ولكن، وكما هو الحال مع كل السيارات الكهربائية الراهنة، فقد لا يكون ذلك كافيا لبلوغ السائق مقصده النهائي وطبعا غير كاف لرحلات سياحية طويلة. في واقع الأمر، ليست هذه هي المشكلة، ولكن بالنظر لمحدودية المسافة التي تقطعها السيارة، سوف يحرم هذا العامل سائقها من متعة الشعور بأنه يقود مركبة مميزة، خصوصا أن داخل السيارة لن يعطيه هذا الانطباع، فضلا عن تجربة القيادة نفسها.

فليونس هي قطعا سيارة كهربائية أخرى من حيث الأداء ولكن تقليعها جيد بامتياز، كون محركها يتمتع بعزم يصل إلى 166 رطلا/قدم. ولأنها تعمل، أساسا، بناقل سرعة واحد، فلا غبار على تسارعها. سرعة فليونس القصوى تبلغ 84 ميلا في الساعة، ولكن سرعتها المثلى هي في حدود الـ55 ميلا في الساعة.

عمليا، تعتبر سيارة فليونس «زد.إي» مريحة وفعالة في رحلات السير على الطرق الجافة والسلسة، على الرغم من الضعف النسبي في أدائها لدى التعامل مع المنحنيات والزوايا، ولكن السيارة تتمتع بقدرة جيدة على امتصاص المطبات. وتقول شركة «رينو» إن التعديلات التي أدخلت على نظام التعليق تعني أن فليونس «زد إي» تشبه شقيقتها سيارة فليونس العادية، ومع ذلك فإنها أخف وزنا في المقدمة (لأن المحرك الكهربائي أخف وزنا من محركات الاحتراق الداخلي)، كما أن البطارية التي يبلغ وزنها 280 كيلوغراما موجودة في مؤخرتها.

ويبلغ الوزن الإجمالي للسيارة 1.605 كيلوغرامات، موزعة بمعدل 736 كيلوغراما في المقدمة و869 كيلوغراما في المؤخرة. ونظرا لتثبيت البطارية بشكل عمودي، فقد حدث تغيير كبير في توازن السيارة مقارنة بالسيارة الأصلية. وعلى الرغم من ما تثيره من شعور بأن الجزء الخلفي من السيارة ثقيل للغاية، لا بد من الإشادة بمصممي شاسيه السيارة لدوره في ضمان توازنها.

الأجزاء الداخلية في السيارة يشعر الداخل إلى سيارة نيسان ليف، أوسيارة فوكسهول آمبيرا، أو سيارة شيفروليه فولت، بأنه يطأ عالما مختلفا، فهذه السيارات الكهربائية تخرج عن المألوف في السيارات العادية لتقدم جوا مستقبليا عالي التقنية. ولكن فليونس «زد.إي» تأخذ اتجاها مغايرا تماما، فالمقصورة الداخلية عادية جدا، والتغيير الوحيد الأبرز فيها هو عدادات القياس المختلفة التي تسجل شحن البطارية واستهلاك الطاقة. لا توجد مخططات بيانية أو رسوم بيانية متحركة لاستهلاك الطاقة - فالشاشة المركزية محجوزة لنظام «كارمينات توم توم» للملاحة عبر الأقمار الصناعية. لا شك في أن إبقاء السيارة على هذا الشكل العادي يساعد على خفض تكلفتها. لكن الواضح أن فليونس «زد.إي» لا تتطلع إلى كسب الجمهور الأول المهتم بالسيارة الكهربائية مثلما تفعل العلامات الكهربائية الأخرى. مع ذلك، تتوقع «رينو» أن تسوق 70 في المائة منها إلى الشركات التي تقتني أساطيل من السيارات. وعلى الجانب الإيجابي، لا بد من التذكير بأن السيارة تحتوي على خمسة مقاعد كاملة. وعلى الرغم من أن المساحة الخلفية المخصصة للأرجل ضيقة نوعا ما، فهي توفر مساحة للرأس أفضل نسبيا من سيارة أمبرا ذات الأربعة مقاعد وسيارة فولت ذات المقعدين، الأمر الذي يجعل السيارة مريحة بعض الشيء في الرحلات متوسطة المسافة. الاقتصاد والأمان: احتسبت «رينو» مسافة الـ115 ميلا التي تؤمنها الشحنة الواحدة للبطارية، باستخدام نفس المبادئ الحديثة في احتساب الكفاءة في استهلاك الوقود - لذلك، قد يكون الواقع مختلفا بعض الشيء عن المعلومات التي تعطيها الشركة، خصوصا أن السيارات الكهربائية أكثر تأثرا بأسلوب القيادة والطقس والبيئة من السيارات العادية، مما يوحي بأن التباين في الأرقام يمكن أن يكون كبيرا. ولكن بإمكان سائق «زد.إي» أن يحقق 70 ميلا في الشحنة الواحدة عبر استخدام الأسلوب المعتمد للقيادة على الطريق العادية (التي تشمل بعض الاستخدام العنيف للخوانق والمكابح). بيد أن القيادة الأكثر تأنيا وفي يوم صحو تتيح الوصول إلى رقم 115 ميلا. ونظرا لكون معدل التنقل بين المنزل والعمل يقل في أوروبا عن الـ60 ميلا في اليوم الواحد، قد تكون فليونس «زد.إي» السيارة الأمثل بالنسبة للكثير من الأوروبيين. وقيادة السيارة لا تتسبب في صدور أي انبعاثات غازية. وفي ضوء أسعار الكهرباء الحالية في معظم الدول الأوروبية، يعتبر تشغيل فليونس «زد.إي» أقل تكلفة من سيارة البنزين. إعادة شحن فليونس «زد.إي» تستغرق ما بين الست والثماني ساعات في حال استخدام مقبس شحن منزلي («وول بوكس» يكلف تركيبه في بريطانيا 799 دولارا من قبل شركة «بريتش غاز») أو نقاط الشحن العامة التي تستغرق ما بين 10 إلى 12 ساعة باستخدام مقبس ثلاثي (يتطلب سلكا ذا مواصفات محددة ويبلغ سعره 414 دولارا). تكلفة خدمة السيارة تقل بنحو 20 في المائة عن السيارات التقليدية لقلة تنقلات السيارة، بينما يتراوح بدل إيجار البطارية بين الـ69 والـ120 دولارا، اعتمادا على طول مدة العقد وعدد الأميال التي يتوقع أن تغطيها سنويا. على صعيد متطلبات جانب الأمان، تأتي السيارة بنظام تحكم في التوازن ونظام مراقبة الجر، وكلاهما فعال في احتواء العزم الفجائي للسيارة، فضلا عن ستة أكياس هوائية. وتنوي شركة «رينو» طرح سيارتها الكهربائية الرابعة السوبر ميني «زوي» في أكتوبر (تشرين الأول) 2012، التي تعد بأن تكون أكثر تناغما مع أذواق المشترين والمتوقع أن تغير مشهد السيارات الكهربائية بشكل ملموس. وقد تكون هذه هي نسخة سيارة رينو «زد.إي» التي تنتظرها الأسواق. هذا لا يعني التقليل من شخصية فليونس «زد.إي» الحالية فهي تمثل، في الوقت الراهن على الأقل، أحد أكثر حلول السيارات الكهربائية فاعلية من ناحية التكلفة - وربما تكون بالنسبة لبعض المشترين الشغوفين بعوامل الاقتصاد السيارة كافية حقا لتلبية مطالبهم.