«الجيل الثاني من فانتوم».. حصيلة معادلة صعبة للتوفيق بين كلاسيكية رولزرويس ومتطلبات الحداثة

تطور تقنيات الملاحة الإلكترونية استوجب إعادة تصميم السيارة

رولزرويس فانتوم من الجيل الثاني
TT

تبدو سيارة الجيل الثاني من رولزرويس فانتوم لناظرها وكأنها اكتسبت كشافا أماميا مستطيلا عوض الكشاف الدائري الذي كان يميز جيلها الأول. إلا أن التعديلات التي أدخلت على الجيل الجديد هي تعديلات جذرية لا تتضح أبعادها إلا بعد مشاهدة السيارة عن كثب وتجربتها. وهذا ما أمنته الشركة للإعلاميين بدعوتها لمجموعة دولية منهم لاختبار السيارة الجديدة في جنوب فرنسا.

اختارت الشركة لهذه التجربة موقعا قريبا من منتجع «كاب ايستيل» الفاخر الذي «ينسجم» مع فخامة السيارة. ولا بد من القول هنا إن عملية تحديث سيارة فانتوم كانت معادلة صعبة للشركة، فهذه الكلاسيكية الحديثة لا تتغير وفق الموضة وإنما تبدو نموذجا للوقار والفخامة. ولذلك كانت كل التعديلات التي جرت وفق حساب دقيق لا يؤثر على شخصية السيارة من ناحية ويجري فيها الكثير من التحديثات من ناحية أخرى.

«الشرق الأوسط» سألت رئيس الشركة تورستن موللور - اتفوش عن سر تحديث السيارة في هذا التوقيت بالذات فقال إن نظام الملاحة في السيارة وبعض النظم الإلكترونية احتاجت للتحديث لكي تتماشى مع تسارع تقديم تقنيات الملاحة الإلكترونية والاتصال في عالم السيارات، ولذلك رأت الشركة أن العام الحالي هو الوقت المناسب لتقديم الجيل الثاني من السيارة بعد تقديم الجيل الأول في عام 2004.

ولم تتعلق المسألة فقط بتغيير شكل المصابيح، وهي الآن مصابيح ذكية من نوع «إل إي دي» تغير من قوتها وزاويتها وفقا لظروف القيادة، وإنما شمل التعديل الكثير من اللمسات غير الظاهرة. من هذه اللمسات تحسين حواف الصدام الأمامي والخلفي وزوايا السيارة بحيث تبدو أعلى قليلا عن سطح الأرض.

وفي الداخل تغير تماما نظام الملاحة واستفاد من شاشة كبيرة الحجم ونظم إلكترونية جديدة. كذلك أدخلت الشركة ناقلا جديدا للحركة يزيد من نعومة انطلاق السيارة ويساهم في توفير نسبة 10 في المائة من الوقود بالمقارنة مع الجيل السابق. وأضافت الشركة أيضا إلى الكاميرات الخلفية والأمامية كاميرات علوية توضع موقع السيارة بحيث يتعرف السائق على محيطها من كل الجوانب.

نظام الملاحة مزود بتقنيات ثلاثية الأبعاد وإمكانات التعرف على الخواص الجغرافية للمنطقة التي تمر بها السيارة وتوضيح نقاط ذات أهمية على الطريق. وتعرض الخرائط والمعلومات على شاشة عريضة حجمها 8.8 بوصة ويمكن التحكم بها من جهة الكونسول الوسطي أو من على المقود.

وفي الداخل تتعزز فخامة فانتوم التقليدية بالجلود الناعمة والسجاد الوثير، وهو تجهيز متقن بحرفية عالية اشتهرت بها شركة رولزرويس. وتتاح لركاب جميع المقاعد الخلفية والأمامية إمكانية ضبط المقاعد كهربائيا بذاكرة وإمكانية تسخين وتبريد المقاعد. ويمكن لرجال الأعمال العمل من المقاعد الخلفية على طاولات صغيرة مطوية في ظهر المقاعد الأمامية، كما تتيح السيارة نظم إضاءة جديدة تشمل مئات المصابيح الدقيقة التي تنتشر في الداخل على سقفها.

محرك السيارة الجديدة يعمل بتقنية الحقن المباشر للوقود وهو يرتبط بناقل تروس جديد بثماني سرعات. وتوفر هذه المنظومة في ما بينها 10 في المائة من استهلاك الوقود عن الجيل السابق. كما ينخفض الانبعاث الكربوني للسيارة إلى 347 غراما لكل كيلومتر تقطعه. وهو إنجاز مرموق لسيارة يدفعها محرك من 12 اسطوانة تبلغ سعته 6.75 لتر. ويوفر المحرك للسيارة قدرة 453 حصانا وينطلق بها إلى سرعة مائة كيلومتر في الساعة في غضون ست ثوان.

لمسات الجيل الجديد لا تقتصر على فانتوم «الصالون» بل تشمل أيضا سيارات الكوبيه والكوبيه المكشوفة التي تسميها الشركة «دروبهيد كوبيه». وأشار موللر - اوتفوش إلى أن بعض سيارات فانتوم الجديدة سوف تكون متاحة فورا لدى وكلاء الشركة في الشرق الأوسط بمواصفات يختارها الوكلاء أنفسهم. ولكن إذا أراد المشتري سيارة ذات تعديلات خاصة مع إمكانية اختيار المواد والألوان والمشاركة في التصميم، فالأمر قد يستغرق ما بين أربعة وستة أشهر لتسليم السيارة. وتنزل فانتوم الجديدة إلى الأسواق مع مطلع شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.

واعترف اوتفوش بأن كل سيارات فانتوم المخصصة لأسواق الشرق الأوسط، ومنطقة الخليج تحديدا، تخضع لتعديلات وتجهيزات خاصة يتولاها قسم «بيسبوك». وذكر أن منطقة الشرق الأوسط والخليج تضم نسبة كبيرة من العملاء الملتزمين بعلامة رولزرويس منذ عقود طويلة. وتستقبل منطقة الشرق الأوسط نحو 20 في المائة من إنتاج الشركة سنويا.

استغرق تطوير الفئة الثانية من رولزرويس نحو 18 شهرا، ودخلت على السيارة تقنيات الاتصال بالإنترنت أثناء السير. كما أجرت الشركة تعديلات ميكانيكية على موصل ناقل التروس بالعجلات الخلفية من أجل تنعيم الانطلاق. وأدخلت الشركة تعديلات على المحرك من أجل رفع كفاءة استهلاك الوقود وخفض معدلات بث الغاز من العادم الكربوني. وفي حالات التسارع يمكن للمحرك أن ينطلق بهذه السيارة الضخمة الحجم إلى سرعة قصوى تبلغ 149 ميلا في الساعة.

ولا تكتمل أي رولزرويس إلا باستعمال أفخم المواد من جلود وثيرة وأخشاب مصقولة تنحت بحرفة مكتسبة عبر أجيال من العاملين في الشركة. ويمكن بالطبع طلب أي تعديلات سواء في ألوان الجلود والأخشاب أو النقوش والتصميمات التي يطلبها المشتري تطريزا على الجلود أو طباعة ضمن الخشب المصقول. ولا تستخدم الشركة أجهزة «الروبوت» في مصانعها إلا في معامل الطلاء، إذ إن معظم التصميمات والتركيبات تتم يدويا على خطوط إنتاجها. هذا ويستغرق صنع سيارة رولزرويس واحدة نحو 400 ساعة من العمل اليدوي المتواصل.

التجربة: استغرقت تجربة سيارات فانتوم الجديدة يوما كاملا انطلاقا من منتجع «كاب ايستيل»، على شاطئ الريفييرا الفرنسية، والذي يطل على البحر المتوسط عبر شبه جزيرة من جهة وبوابات عريضة تعزله تماما عن محيطه العقاري في المنطقة الارستقراطية. وشملت التجربة صعود جبل على طرق ضيقة حادة الزوايا تكاد لا تتسع لعرض السيارة. ولكن الشعور بضخامة حجم السيارة يزول بعد قيادة الفانتوم، ويبدأ الاستمتاع بجلسة وثيرة يلفها صمت التشغيل والاستقرار والسكون في غياب أدنى صوت من المحرك.

فانتوم - 2 لا تنقصها القوة رغم حجمها الكبير. ويرى السائق ضمن المؤشرات أمامه مؤشرا للقوة الباقية تحت الطلب وهي بنسبة مائة في المائة عند التوقف. وأثناء الانطلاق يبقى مؤشر هذه القوة الفائضة المتاحة عند رقم 80 أو 90 من إجمالي مائة درجة، بما يشعر السائق معه أن فائض القوة في هذه السيارة لا ينضب.

الكاميرات مفيدة في حالات التقهقر بالسيارة أو الخروج من منعطفات ضيقة بزوايا حادة، - وهي كثيرة في الجنوب الفرنسي. ولكن السيارة تتألق على الطرق السريعة التي يسهل معها تخطي السيارات الأخرى بسلاسة ومن دون أي جهد من المحرك أو هبوط في فائض القوة. ومع الانطلاق الهادئ تفسح السيارات الأخرى الطريق في احترام ربما لا تحظى به السيارات الأخرى. ويمكن القول إن الاستمتاع بالسيارة مضمون في كافة السرعات، فحتى السير البطيء يعطي الانطباع بأن ركاب رولزرويس لا يتعجلون الوصول إلى مقصد رحلتهم وأن على الآخرين انتظارهم.

وقد أثبتت التجربة أن فانتوم الجديدة تمثل إضافة إيجابية لفانتوم الأولى وأن معادلة فانتوم الأولى كانت صحيحة بحيث لم تتطلب الكثير من التغيير في الشكل أو الجوهر.