المركبات الكبيرة تتحمل عبء التحولات الاقتصادية.. ومبيعات السيارات الصغيرة تستفيد من الضائقة

ارتفاع أسعار الوقود والفوائد يضغطان على سوق السيارات

TT

على مدى العامين الماضيين كان شيتال وسودهير يدخران لشراء سيارتهما الأولى، وكانا قد أعدا نفسيهما لشراء السيارة في موسم الاحتفالات المقبل، لكنهما اضطرا إلى تأجيل ذلك نتيجة ارتفاع فوائد القروض والارتفاع الأخير في أسعار المحروقات. ويعتبر موسم الأعياد فرصة للهنود لشراء المستلزمات الجديدة.

وبالمثل، كان شابير شاه على وشك شراء سيارة جديدة في العيد، لكنه أجل ذلك نتيجة رفع الدولة نسبة الفائدة على قروض السيارات. وقد تعرضت صناعة السيارات في الهند لهزة كبيرة بسبب الانخفاض في حجم المبيعات، منذ بداية عام 2012، حيث تراجعت مبيعات السيارات بنسبة 19 في المائة في شهر أغسطس (آب)، وهو الانخفاض الأول خلال عشرة أشهر نظرا للارتفاع الكبير في أسعار الوقود وزيادة فوائد القروض، ناهيك عن المخاوف من فقد الوظائف في اقتصاد بطيء، وهو ما أسهم في إبعاد الكثير من المشترين المحتملين عن السوق.

وتعتبر السيارات مدخل الهند إلى قطاع الصناعات التحويلية، ويشير التباطؤ إلى وجود تراجع في الطلب نتيجة لتراجع معدل النمو. وبالمثل كشفت شركات صناعة الدراجات البخارية عن أسوأ تراجع تشهده خلال الأعوام الثلاثة ونصف العام الماضية، حيث بلغ معدل التراجع 8.46 في المائة. ويأتي ضعف بيانات سوق السيارات نتيجة لتراجع نمو معدلات السوق 5.5 في المائة فقط بين شهري أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران)، والذي يعتبر الأسوأ بالنسبة لها خلال ثلاث سنوات.

وعلى عكس البنوك المركزية الأخرى التي خفضت معدل الفائدة لدعم النمو، رفع البنك المركزي الهندي من أسعار الفائدة، معللا ذلك بالرغبة في خفض المستويات العالية للتضخم التي تقترب من سبعة في المائة. وتبدي صناعة السيارات قلقا تجاه الهدوء الكبير الذي يسيطر على السوق على الرغم من اقتراب موسم العيد الذي يبدأ قريبا.

ويقول سوغاتو سين، رئيس جمعية مصنعي السيارات الهنود «يفترض أن يكون الوقت الحالي وقت صدور إحصاءات مبيعات الجملة نظرا لقيام تجار التجزئة بتخزين السيارات لتلبية طلبات العملاء في العيد، لكن هذا لم يحدث، فالأوقات الآن عصيبة للغاية، ومبيعات السيارات تتعرض لضغوط، كما انخفضت مبيعات الدراجات النارية وسيارات الخدمة الشاقة والمتوسطة التجارية. نحن نعيش موقفا بالغ الصعوبة، ولذا فنحن بحاجة إلى مساعدة الحكومة». وأضاف سين «إن الصناعة بحاجة إلى خطة تحفيز مشابهة لتلك التي تم تطبيقها بين عامي 2008 و2009 عندما دخلت الاقتصادات العالمية بما في ذلك الهند في دوامة الفوضى بعد انهيار مصرف (ليمان برذارز) في الولايات المتحدة. ويمكن للخطوة الآنية التي تتخذها الحكومة أن تكون الخفض الفوري لرسوم الاستهلاك على السيارات التي ارتفعت في ميزانية مارس (آذار)، على السيارات الصغيرة والدراجات النارية، بمقدار 2 في المائة، في الوقت الذي ارتفعت فيه على السيارات الكبيرة والمتعددة الأغراض بواقع 5 في المائة».

وقد أعلن آخر معقل لصناعة السيارات والدراجات النارية في أغسطس عن تراجع في النمو للمرة الأولى منذ ما يزيد على ثلاث سنوات ونصف السنة، حيث تراجعت نسبة المبيعات بواقع 4.5 في المائة إلى 1.5 مليون وحدة، فسجلت شركة «هيرو موتور كورب» التي تقود سوق المبيعات في الهند انخفاضا في المبيعات قدره 12 في المائة. ونظرا لكثرة المخزون لديها خفضت شركة صناعة الدراجات النارية إنتاجها من 10 إلى 20 في المائة الشهر الماضي، ويتوقع أن ينهي موسم العيد القريب المخزون لدى الشركة.

في الوقت ذاته، انخفضت نسبة مبيعات السيارات إلى 4 في المائة في أغسطس الماضي، حيث تلقت سيارات «سوبر ميني» الضربة الأسوأ منذ ارتفاع الفائدة على قروض مبيعات السيارات، الذي أثر على مشتري هذا النوع من السيارات. فقد انخفضت مبيعات سيارات «شيفي سبارك» و«هيونداي سانترو» و«إيون» و«موراتي 800» و«واغون آر» و«إيه ستار» إلى 31.111 وحدة، لكن سيارة «تاتا نانو» شهدت نموا قويا في حجم المبيعات في السوق المحلية، إذ باعت 6.507 وحدات، مقابل 1.202 وحدة في السابق. فيما نمت مبيعات السيارات متعددة الأغراض (السيارات الضخمة دائما ما تسير بالديزل) بواقع 71 في المائة، تتقدمها سيارات «ماهيندرا آند ماهيندرا» و«تاتا موتورز». وكان السبب في ارتفاع المبيعات أيضا انخفاض أعداد الوحدات المنتجة من سيارات «سوزوكي»، حيث أجبرت الشركة نتيجة اضطرابات وقعت في معملها على وقف الإنتاج لشهر تقريبا. ومن المعروف أنه يتم إحصاء مبيعات السيارات في الهند وفق إنتاج المصنع لا مبيعات التجزئة.

هناك عدد كبير من الأسباب التي تؤثر على طلب السيارات في الهند، مما دفع شركات السيارات إلى تقديم تخفيضات وتقديم عروض ترويجية أخرى، مثل أجهزة تلفزيون مجانية في محاولة لجذب المستثمرين. وتقدم الشركات أيضا نماذج جديدة مطورة من السيارات المطروحة لتعزيز المبيعات. وبالتالي لجذب المشترين المحتملين، لم يترك صانعو السيارات بابا لإعادة الثقة لدى جمهور محبي السيارات إلا وطرقوه، حيث يسعى عمالقة صناعة السيارات في الهند مثل «موراتي سوزوكي» و«تاتا موتورز» و«هيونداي فولكس فاغن»، و«هوندا» و«فورد» - بين آخرين – لجذب المستهلكين الهنود لزيارة متاجرهم عبر تقديم امتيازات في أسعار السيارات، وتأمين قطع غيار مجانية.

ويقول سودهير راو، المدير الإداري لشركة «سكودا إنديا»: «سيشهد موسم الأعياد الحالي مستوى أدنى من المبيعات مقارنة بالسنوات السابقة، حيث تواصل القرارات السلبية للحكومة تأثيرها على الطلب».

وقال مايناك باريك، المسؤول التنفيذي للمبيعات والتسويق بشركة «موراتي سوزوكي»، متحدثا عن مأزق الشركة «لم تكن هناك مساحة لنا خلال الشهور العشرة الماضية، حيث عانينا من أوقات صعبة. وقد وصلنا بالفعل إلى ذروة التخفيضات، والمضي إلى أبعد من ذلك سيكون صعبا». وتروج الشركة أيضا عبر استخدام مكافآت نقدية ما بين 30.000 إلى 35.000 روبية على مبيعات سياراتها «آلتو» و«استيلو واغون آر» التي تعتبر سيارات الفئة الأولى، إلى جانب تخفيضات تصل إلى 25.000 روبية على تغيير السيارة.

وقد وعدت شركة «هيونداي» الكورية عملاءها لسيارة «i10» (الهاتش) بتخفيضات حقيقية تقرب من 44.000 روبية عبر شيك هدية ومكافأة ولاء.

المثير للدهشة أنه في محاولة لجذب مشتري السيارات الصغيرة تعرض الشركة تأمينا مجانيا ومكافأة ولاء بقيمة 24.250 روبية على سيارتها (الهاتش باك) «إيون». وبالمثل، سيمنح مالكو سيارات «سانترو» إلى جانب مشتري سيارات «إيون» و«i10» تخفيضات بقيمة 40.000 روبية في صورة تأمين مجاني أيضا.

في أعقاب هذا التوجه، تحاول شركة صناعة السيارات اليابانية «هوندا» تشجيع المشترين الهنود للإقبال على سياراتها عبر تقديم جوائز تصل ما بين 15.000 إلى 40.000 روبية التي تغطي التأمين، إضافة إلى جوائز نقدية، عند شراء «بريو هاتش باك». وتقدم «هوندا إنديا» فوائد مالية بقيمة 35.000 روبية عند شراء السيارة «سيتي» صالون.

ومنذ انطلاقها حققت سيارة «ماهيندرا XUV500» مبيعات كبيرة للغاية تفوقت على سيارة «فورد إنديفور». وتحاول «فورد إنديا» وضع استراتيجية للتغلب على خسارة المبيعات. وقد توصلت الشركة إلى «حزمة المهرجان»، وسوف تقدم حوافز مالية بقيمة 50.000 روبية تمثل تأمينا مجانيا أيضا.

لكن شركة صناعة السيارات الكورية الجنوبية «هيونداي» واللاعب المحلي «تاتا موتورز» تمكنتا من تحقيق مبيعات أعلى في أغسطس، على الرغم من ظروف السوق غير الجيدة. كما حققت شركات صناعة السيارات مثل «تويوتا كيرلوسكر موتور»، و«ماهيندرا آند ماهيندرا» و«فورد موتورز» مبيعات شهرية جيدة خلال أغسطس، حيث أعلنت شركة «ماهيندرا آند ماهيندرا» عن بيع 42.826 وحدة في أغسطس مقارنة بـ35.756 سيارة عن الفترة ذاتها في العام السابق.