شركتا فيات وكرايسلر تتبادلان دور المنقذ من الإفلاس

هل تعطي صفقة التملك الثانية من شركة أجنبية ثمارها المرجوة

سيرجيو مارتشيوني... والخطة التاريخية
TT

قرار شركة «فيات» الإيطالية للسيارات، في مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي شراء الحصة المتبقية من أسهم شركة «كرايسلر غروب» الأميركية، البالغة نسبتها 41.5 في المائة، بحوزة صندوق الرعاية الصحية للمتقاعدين في اتحاد عمال صناعة السيارات الأميركي، قرار لا يخلو من مفارقة استثمارية على اعتبار أن القرار جاء نتيجة تحول المنقذ الإيطالي إلى متعثر.. والمتعثر الأميركي إلى منقذ.

صفقة شراء «فيات» لشركة «كرايسلر» بمبلغ 4.35 مليار دولار استوجبتها عثرات «فيات» المالية التي شهدت عام 2013 تراكم خسائرها في الأسواق الأوروبية فصلا بعد فصل، فسعت الشركة الإيطالية الأم إلى الاستعانة بنتائج الشركة الأميركية، التي كانت تملكها جزئيا، لتوفير السيولة النقدية التي تحتاجها وتخفيف الضغوط عليها فيما هي تسعى لوضع حد لخسائر في أوروبا.

يذكر في هذا السياق، أن شركة «كرايسلر» الأميركية حققت عام 2013 الماضي أفضل مبيعاتها منذ ست سنوات؛ إذ ارتفعت هذه المبيعات بنسبة 9 في المائة عن مبيعات عام 2012.

حصة صندوق الرعاية الصحية للمتقاعدين في اتحاد عمال السيارات الأميركي كان العقبة الكأداء في وجه مسعى شركة «فيات» لتملك كامل أسهم شركة «كرايسلر». وبشرائها هذه الحصة بـ4.35 مليار دولار أميركي تكون قد أنجزت آخر خطوة مطلوبة لاندماج الشركتين، علما بأن اندماجهما يحول «مجموعة فيات - كرايسلر» إلى سابع أكبر شركة للسيارات في العالم، ويمنح «فيات»، التي تتخذ من تورينو مقرا لها، سيطرة كاملة على «كرايسلر» بعد أقل من خمس سنوات على إشهار «كرايسلر» إفلاسها وتدخل الإدارة الأميركية لإنقاذ شركة «جنرال موتورز» من الإفلاس.

يذكر أنها المرة الثانية التي تباع فيها مجموعة «كرايسلر» الأميركية إلى شركة سيارات أجنبية، ففي عام 1998 ابتاعت شركة «دايملر – بنز» الألمانية، التي تنتج سيارات «مرسيدس» الشهيرة، مجموعة «كرايسلر» في مسعى منها لتعزيز وجودها في الأسواق الأميركية الشمالية، ولكن هذه الشراكة لم تعط ثمارها التجارية المتوقعة، فعمدت «دايملر - بنز» إلى بيع 81 في المائة من أسهمها في «كرايسلر» إلى مجموعة «سيربيروس» المالية قبل أن يدفع الكساد الاقتصادي شركة «كرايسلر»، عام 2007، إلى حافة الإفلاس.

وكانت «فيات» قد تعاونت مع «كرايسلر» عام 2009 في وقت كان يعاني العالم فيه من أسوأ أزمة مالية منذ عام 1929، عام الكساد الكبير، ففي عام 2009 واجهت الشركتان الأميركيتان الكبيرتان، «جنرال موتورز» و«كرايسلر»، الإفلاس. ولكن فيما تلقت «جنرال موتورز» مساعدة من الحكومة الاتحادية، قررت إدارة أوباما أن الوضع المالي لشركة «كرايسلر» سيئ بحيث لا تجدي المساعدة المالية في إنقاذه، وعليه قررت السماح لـ«فيات» الإيطالية المساهمة في تعويمها ونقل خبراتها الفنية إلى الشركة المتعثرة.

وفيما تتركز الأسواق الرئيسة لـ«فيات» في الدول الأوروبية ودول أميركا اللاتينية، تحتفظ «كرايسلر»، بصفتها ثالث أكبر شركة لتصنيع السيارات في الولايات المتحدة، بموطئ قدم ثابت في أسواق أميركا الشمالية، مما يعد بمنح «فيات» وضعا أقوى لمنافسة شركات عملاقة مثل «فولكس فاغن» و«جنرال موتورز» و«فورد».

رد فعل سوق المال على اندماج «فيات» و«كرايسلر» كان إيجابيا وفوريا في آن واحد؛ إذ قفز سعر سهم «فيات» في بورصة ميلانو الإيطالية، بمجرد الإعلان عن الاندماج، بنسبة 16 في المائة، وهي النسبة الكبرى التي يحققها سعره منذ نحو خمس سنوات.

بالنسبة لرئيس شركة «فيات»، سيرجيو مارتشيوني، كان الاتفاق الذي جرى التوصل إليه مع اتحاد عمال صناعة السيارات الأميركي لحظة «من لحظات محددة تكتب في كتب التاريخ».

وعدّ الاستحواذ على «كرايسلر» سيسمح «للشراكة الموحدة بتنفيذ رؤيتها بالكامل فيما يتعلق بإنشاء شركة سيارات عالمية فريدة من نوعها بالفعل من حيث المزج بين الخبرة والرؤية المستقبلية والمعرفة».

تبقى معرفة ما إذا كان تصميم سيارات المجموعة الجديدة سيحمل سمات ونكهة إيطالية أم أميركية.