الهند توقف إنتاج أول سيارة صنعتها محليا بعد تراجع الطلب عليها وتراكم الديون المالية

بعد أن عجزت عن صد غزو السيارات الأرخص سعرا والأحدث تقنيا

«أمباسادور» تودع شوارع الهند
TT

أوقفت شركة «هندوستان موتورز» لصناعة السيارات الهندية إنتاج سيارة «أمباسادور» (Ambassador) التي تعد أشهر وأقدم سيارة هندية، بعد هيمنتها على السوق الهندية لما يقرب من ستة عقود من الزمن.

وقد أوقفت الشركة إنتاج السيارة، وهي أول سيارة هندية التصنيع، بسبب تراجع الطلب عليها ونقص التمويل؛ إذ قدر حجم خسائرها بنحو 70 مليون روبية هندية (1.28 مليون دولار) شهريا. وكان تصميم السيارة يشبه شكل سيارة «موريس أوكسفورد3» البريطانية.

وكان أول ظهور لـ«أمباسادور» في الهند عام 1957، وكان يجري استيراد مكونات الإنتاج والماكينات الخاصة بها من بريطانيا بشكل كامل، بما في ذلك درع معدنية للحماية من أشعة الشمس لتركيبها على الزجاج الأمامي للسيارة، والمرايا الجانبية المطلية بالكروم مستديرة الزوايا، ومقعد خلفي قابل للطي، بحيث يوفر مساحة لاستيعاب المزيد من الأمتعة، ومفتاح التشغيل.

بدأ إنتاج السيارة محليا في الهند عام 1958 بمدينة كلكتا. وأنتجت شركة «هندوستان موتورز» النسخة الأحدث (النسخة الثانية) منها عام 1963، إذ جرى تطوير وتحديث السيارة، وأهديت أول سيارة «أمباسادور» من النسخة الثانية (Mark II)، والتي كانت سوداء اللون إلى جواهر لال نهرو، رئيس وزراء الهند آنذاك. ورغم أن تصميم السيارة كان بريطانيا، فإن المواطن الهندي اعتاد على استخدام تلك السيارة منذ بداية تصنيعها. وكانت النسخة الرابعة هي آخر نسخة لسيارة «أمباسادور».

وكان سيارة «أمباسادور» التي تعمل بالديزل أول سيارة ديزل في الهند وقد حققت نجاحا باهرا، وعدت سيارة «أمباسادور» بمثابة «ملك الطرق الهندية»، فقد كانت من أفضل السيارات التي تتماشى مع الطبيعة الوعرة للطرق الهندية، وهي واسعة من الداخل، بحيث يمكن أن تستوعب عائلة هندية، وكذلك الأصدقاء، وتوفر مساحة كافية لتخزين الأمتعة.

ولكن في منتصف الثمانيات، بدأت السيارة تفقد موقعها، عن خصوصا بعد أن أنتجت شركة «سوزوكي ماروتي 800» في سوق الهند سيارة هاتشباك بسعر متهاود. وفقدت سيارة «أمباسادور» المزيد من بريقها وحصتها في السوق عندما بدأت شركات صناعة السيارات العالمية بتطوير حصصها من سوق الهند في منتصف التسعينات وبتقديم موديلات ذات تصميمات وتكنولوجيات عصرية.

وفي وقت من الأوقات، كانت سيارة «أمباسادور»، التي استخدمها الوزراء وكبار الدبلوماسيين، تتضمن مراوح داخلية، وستائر، ووميضا من اللون الأزرق، بما يتلاءم مع مكانة هؤلاء الأشخاص.

ولكت حتى هذه الفئة من المشترين بدأت تتطلع إلى سيارات أخرى، عقب صدور شكاوى من قبل بعض الخبراء عن مدى سلامتها وعن إمكانية تعرضها لهجمات من المسلحين.

ورغم أن الشركة قدمت طرازين بعد ذلك في عام 1999، وآخر في عام 2013 من أجل تجديد وتطوير السيارة، كانت «أمباسادور» في ذلك الوقت قد بدأت بخوض مواجهة شرسة أمام الخيارات الكثيرة للسيارات المعروضة في السوق الهندية.

ويقول ناقدو سيارة «أمباسادور»، إنه لم يجر إدخال الكثير من التغييرات على السيارة على مدى الـ45 عاما الماضية، ولم تختلف السيارة كثيرا عما كانت عليه عام 1958، وبالتالي توجه المشترون لخيارات السيارات الأخرى المتاحة في سوق الهند، وتراجع الإقبال على سيارة «أمباسادور» غير العصرية الملامح.

ولكن رغم تراجع حجم المبيعات، احتفظت هذه السيارة المميزة بالكثير من المعجبين بتصميمها ومساحتها من الداخل. وخلال العام الماضي عدها برنامج «توب غير»، الذي تذيعه قناة التلفزيون البريطانية «بي بي سي»، بمثابة أفضل سيارة تاكسي في العالم.

ولا تزال السيارة تستخدم على نطاق واسع لنقل أعضاء البرلمان والشخصيات الرسمية.. كما تستخدم كسيارة أجرة في الكثير من المدن الهندية، ولا تزال تحظى بإعجاب الجيش الهندي نظرا لقوتها وقدرتها على التكيف مع التضاريس الصعبة للطرق الهندية.

وعلى مدى سنوات عدة، كانت «أمباسادور» السيارة الوحيدة، تقريبا، المتاحة للمستهلك الهندي. ولم يكن ذلك سهلا، ففي مرحلة ما كان من الممكن أن يستغرق طلب الحصول على السيارة أكثر من عام في وقت سيطرت فيه الشركة المصنعة لها على 70 في المائة من حصة السوق.

وحسب ما أفادت به وكالة أنباء «رويترز»، فقد باعت شركة «هندوستان موتورز» نحو 2200 سيارة «أمباسادور» فقط في العام المالي الأخير المنتهى في مارس (آذار) 2014. وخلال هذا العام جرى بيع كمية صغيرة من سيارات الركاب التي يصل عددها إلى 1.8 مليون سيارة في الهند.

ويقول مالكو وسائقو سيارات «أمباسادور»، نظرا لأن تصميم السيارة يعد بسيطا نسبيا، فمن السهل إصلاحها، كما أن قطع غيارها متاحة.

وقد اشترى مصمم الأزياء الهندي أرغون خانا هذه السيارة العام الماضي، ويقول: «إنها مسألة إعجاب بموديل السيارة، فمن الممكن أن تكون سيارتك بيمر (Beamers) أو (مرسيدس Mercs)، ولكن عندما أركب سيارة (أمباسادور)، يقوم الناس بالتقاط صور لها، ويعبرون لي عن إعجابهم بها».

ويشعر خانا بالحنين تجاه سيارة «أمباسادور»، ويقول: «عندما تركب السيارة تشعر بأنك تتعامل مع شخص يحظى بقدر كبير من الخبرة». ويضيف: «أشعر بأن والدي معي، وأشعر بالحزن الشديد لوقف إنتاج هذه السيارة».

ولكن أحد كبار المسؤولين في مجتمع مصنعي السيارات الهندية عد أنه لا حاجة لإنقاذها من الوأد، بل علينا أن نشجع نهاية العصر الكلاسيكي لسيارة «أمباسادور» مع ابتسامة على وجوهنا.

وعلى الرغم من وقف إنتاج السيارة وانتفاء فرصة إحيائها وإعادة إنتاجها مرة أخرى، فإن الكثير من الهنود يشعرون بالحنين تجاهها لأنهم تعودوا عليها منذ الصغر.