صناعة السيارات تحطم الرقم القياسي في الإنفاق على برامج البحث

في سعيها لإنتاج مركبات نظيفة وذكية.. وذاتية القيادة

TT

تشهد قيادة السيارات تحولات كبيرة بفضل الخدمات الجديدة مثل الإنترنت والراديو والهواتف الذكية وخدمات المعلومات والترفيه وتطبيقات السائق المساعد والمعلومات السياحية في السيارة.

وفي الوقت الحاضر تخصص صناعة السيارات العالمية، أكثر من أي وقت مضى، مبالغ وافرة من موازناتها على برامج البحث والتطوير على أمل أن تظل شركات السيارات في صدارة السوق المتغيرة بوتيرة سريعة في أجواء تحد حاد من صناعة التكنولوجيا المتطورة باطراد.

يتزايد باطراد استثمار شركات السيارات في وسائل التكنولوجيا الجديدة بغية جعل السيارات أكثر كفاءة وأكثر قدرة على التأقلم مع التطورات التكنولوجية الجديدة ومع استخدام أنواع جديدة من الوقود، فضلا عن التحول إلى نظام القيادة الذاتية الذي تتسابق الشركات الكبرى على ريادته.

على مدى السنوات الـ4 الماضية، ارتفع معدل إنفاق قطاع صناعة السيارات على برامج البحث والتطوير بمعدل سنوي يبلغ الـ8 في المائة، أي ما يعادل 3 أضعاف معدل الزيادة المسجلة بين عامي 2001 - 2012، حسب ما ذكرته مجموعة بوسطن الاستشارية.

ومن المتوقع أن تتوصل برامج البحوث والتطوير إلى إطلاق سيارات جديدة مثل الجيل التالي من شاحنة فورد F - 15 من فئة سيارات الشحن الخفيفة (بيك آب)، التي استغرق تطويرها 5 سنوات وجرى تقليص وزنها بنحو 320 كيلوغراما عن سابقتها. وهذه السيارة مزودة لديها أجهزة رادار، وكاميرات، وتكنولوجيا القيادة الذاتية بشكل جزئي.

وتتميز السيارات الحالية بوجود خدمات ترفيهية داخل السيارة مرتبطة بشفرة برمجة مكونة من 100 مليون سطر، وهو عدد يفوق الأجهزة المماثلة في الطائرة المقاتلة، كما أنها مدعومة بمحركات أصغر وأكثر كفاءة عن السابق، ومزودة ببطاريات كهربائية أو بالهيدروجين.

تجد صناعة السيارات نفسها، اليوم، مضطرة للتجاوب مع فرض الكثير من الدول لشروط أكثر صرامة لخفض معدل الانبعاثات الغازية من عوادمها وفي الوقت نفسه التجاوب مع مطالب العملاء لسيارات أكثر تكاملا في ظل أجواء منافسة غير مسبوقة من قبل مزودي التكنولوجيا الحديثة كشركات «غوغل» و«آي بي إم». لذلك تحاول لشركات السيارات الكبرى إعادة تصنيف وضعها كشركات مخترعة لا مصنعة فحسب.

واستنادا إلى ما ذكره أحد كبار المشاركين في مجموعة «بوسطن الاستشارية» بدأ «الابتكار» يحتل موقع الصدارة في صناعة السيارات، وخصوصا أن المستهلكين يفضلون شراء السيارات من الشركات التي تمد السوق بتكنولوجيا جديدة.

وقد توقعت دراسة ألمانية نشرت في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي زيادة كبيرة في عدد السيارات المتصلة بالإنترنت خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو ما سيؤدي إلى ازدهار صناعة السيارات ككل.

وذكرت الدراسة التي أعدتها مؤسسة ماكينزي للاستشارات الإدارية أن عدد السيارات المتصلة بالإنترنت سيرتفع بنسبة 30 في المائة سنويا، أي أن واحدة من كل 5 سيارات ستكون متصلة بالشبكة العنكبوتية بحلول عام 2020.

وذلك يعني زيادة قيمة معدات وخدمات الاتصالات في السيارات بمقدار 6 أمثال من 30 مليار يورو (38 مليار دولار) إلى 170 مليار يورو (215 مليار دولار) خلال الفترة نفسها وهو ما يتيح مجالات واعدة لزيادة الأرباح وتأكيد التميز بين الماركات العالمية.

ومن المزايا الجديدة المحتملة مع انتشار السيارات المتصلة بالإنترنت إمكانية الكشف عن أعطال السيارة عن بعد وتقديم مزايا تأمينية للسائقين الذين يقودون سيارات متصلة بالشبكة. في الوقت نفسه فإن الأمر ينطوي على تهديد بالنسبة لشركات صناعة السيارات التي سيتوجب عليها مواجهة منافسة حادة من قبل اللاعبين الكبار في سوق الإنترنت والإلكترونيات مثل شركة «غوغل»، بحسب ما حذرت منه الدراسة.

وأظهر استطلاع للرأي أن 13 في المائة من الألمان الراغبين في شراء سيارة جديدة لن يفكروا في شراء أي طراز لا يوجد فيه اتصال بالإنترنت. كما أظهر أن 35 في المائة من السائقين مستعدون للكشف عن بيانات شخصية أو بيانات السيارة عبر الإنترنت مقابل الحصول على تخفيض في رسوم التأمين.

وتعد شركات «فولكس فاغن» و«جنرال موتورز» و«تويوتا» و«فورد» من أكثر شركات السيارات إنفاقا على البحوث والتطوير إذ ارتفع مجموع إنفاقها إلى نحو الـ13 في المائة بين عامي 2007 و2012، أي إلى ما تصل قيمته إلى 27.4 مليار دولار. كما ارتفع معدل إيراداتها السنوية مجتمعة بنسبة 8 في المائة خلال الفترة ذاتها.

وتستثمر «فولكس فاغن» التي تمتلك العلامات التجارية «فولكس فاغن» و«أودي» و«سكودا» المزيد في مجال البحث والتطوير مقارنة بأي شركة أخرى، وهي تتخطى بذلك عمالقة التكنولوجيا التقليديين أمثال «سامسونغ» و«مايكروسوفت».

وقد تضاعفت الطلبات العالمية للبراءات في مجال تكنولوجيا المحركات منخفضة الانبعاثات التي تطورها شركات السيارات، على مدى السنوات الـ5 الماضية، مما يثير احتمال نشوء نزاعات قضائية بين العلامات التجارية على الريادة في مخططات الوقود والمحركات المستقبلية.

وكانت شركة «جنرال موتورز» قد أسست منذ عام 2009، صندوقا ماليا بقيمة 100 مليون دولار (جي إم فينشرز) للاستثمار في تطوير التكنولوجيا.