أسعار المساكن في بريطانيا تسجل أدنى انخفاض في 10 سنوات

بعد أن تراجعت بنحو 0.6% في شهر مارس

TT

قال تقرير عقاري بريطاني ان اسعار العقارات سجلت اعلى نسبة تراجع شهري منذ حوالي 10 سنوات. وقال تقرير لـ«نيشن وايد» احد اكبر مؤسسات الاقراض العقاري في بريطانيا الذي صدر أمس ان اسعار المساكن تراجعت بـ 0.6% في شهر مارس (اذار) وهو ما يمثل ادنى انخفاض منذ شهر يونيو (حزيران) في عام 1995. واشارت المؤسسة الى انه بالمحصلة فان معدل نمو اسعار العقارات السنوي تباطأ الى 7.9%، وهو ما يعني تراجع معدل النمو (التضخم) الى اقل من 10% لاول مرة منذ عام 2001. وبينت ان متوسط سعر العقار في بريطانيا وصل الى 153،876 الف جنيه استرليني (حوالي 288 الف دولار).

وقالت «نيشن وايد» انه على الرغم من هذا التراجع فان هذه البيانات برهنت على ان القطاع العقاري في بريطانيا «في طور النزول المريح»، كما توقعت المؤسسة ان تتعافي القروض العقارية الى نحو 84 الفا شهريا بعد ان نزلت الى نحو 79 الفا في شهر يناير (كانون الثاني) من 82 الفا في شهر في ديسمبر (كانون الاول).

واضاف التقرير ان هذا التراجع جاء بعد شهرين من الارتفاع، وهو ما يتوافق مع التوقعات من ان هذا العام سشيهد تقلبات بين الارتفاع والانخفاض. وأكدت المؤسسة ان الارقام الاخيرة لم تجعلها تعدل توقعاتها لهذا العام حيث تعتقد ان نسبة النمو (التضخم) السنوي ستصل الى نحو 5%.

وجاء تقرير «نيشن وايد» متوافقا مع تقرير عقاري اخر صدر الاسبوع الماضي واظهر تراجع اسعار المنازل في بريطانيا، حيث قالت مؤسسة «هوم تراك» ان الاسعار هبطت بنسبة 0.1% وهو ما يمثل تراجعا للشهر التاسع على التوالي، مما يدلل على ان السوق العقاري في بريطانيا الذي تصل قيمته الى نحو 5.6 تريليون دولار بدأ ينحو باتجاه الاستقرار.

وشهد سوق العقار البريطاني تباطؤا خلال الأشهر القليلة الماضية لا سيما في شهر فبراير (شباط) الماضي حيث انخفض السوق لأدنى المستويات منذ 1998. وتشير إحصائيات مجلس الإقراض الاسكاني البريطاني (سي إم إل) الى أنه بلغ عدد القروض التي منحت في شهر يناير (كانون الثاني) هذا العام 63 ألف قرض وانخفض هذا الرقم إلى 59 ألفا خلال شهر فبراير (شباط) الماضي. والصورة لا زالت قاتمة بالنسبة لشهر مارس (آذار). وبلغت قيمة القروض التي منحت في شهر فبراير (شباط) 6.7 مليار جنيه استرليني (12 مليار دولار تقريبا) وهذا يمثل انخفاضا يعادل 28% من معدلات نفس الشهر العام الماضي. وفي هذا السياق قال بيتر وليامز نائب مدير مجلس الاقراض الاسكان البريطاني أخيرا للصحافيين «أنه رغم الانخفاض الذي شهدناه في فبراير الماضي إلا أن التوقعات تشير إلى تحسن متواضع في الربيع أي الثلاثة شهور من ابريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران) المقبل». ويعتمد مجلس الاقراض الاسكاني البريطاني على تفاصيل ومعلومات من البنوك والشركات المالية وجمعيات الاقراض التي تنتمي للمجلس وتمثل 98% من الاقراض الاسكاني في بريطانيا.

ولا يزال الداخلون لسوق العقار الاسكاني لأول مرة يواجهون عقبات ومشاكل رغم اعفاء الحكومة العقارات التي قيمتها أقل من 120 ألف استرليني (225 ألف دولار تقريبا) من رسوم الشراء البالغة 4%. وخلال العشرة أعوام الماضية ارتفعت قيمة العقار لداخلين سوق العقار الإسكاني للمرة الأولى 175% مقارنة بـ 128% للفئات الأخرى من الذين يبيعون ليشتروا مرة ثانية أو ثالثة. ومن الظواهر التي تؤثر على حركة السوق العقارية السكنية للداخلين او المشترين للمرة الأولى هو فرق الرواتب والمداخيل المالية، فالفئة التي يمكن تصنيفها ذات دخل عادي متوسط لا تستطيع التنافس مع فئة الدخل العالي التي تستطيع الشراء ويبقى ذوي الدخل المتدني خارج السوق. وبلغ دخل شاري العقار الاسكاني للمرة الأولى 29 ألف جنيه استرليني سنويا (55 ألف دولار تقريبا) مقارنة بـ 34500 جنيه استرليني (65 ألف دولار) للفئة التي تبيع المنزل الأول للانتقال وشراء منزل جديد. وللهروب من مأزق السعر المرتفع للشاري لأول مرة تشير معلومات من مجلس الاقراض الاسكاني الى أن أصدقاء يتعاونون معا لشراء عقار بأخذ قرض جماعي وتقسيط الدفعات الشهرية بالتساوي ولا توجد أرقام دقيقة تشير إلى عدد هذا النوع من القروض إلا أن الظاهرة ازدادت بنسبة 100% منذ عام 1994. ويبلغ متوسط العمر الافتراضي للشاري لأول مرة 34 عاما لعام 2004 وكان 31 عاما في التسعينات. وتبلغ قيمة المنزل الافتراضية المتوسطة لشاري أول مرة 207 آلاف جنيه استرليني (394 ألف دولار) في لندن وحوالي 173 ألف جنيه استرليني (329 ألف دولار) في جنوب شرقي بريطانيا. والأسعار أقل في المناطق البعيدة عن لندن لا سيما في شمال بريطانيا. ورغم هذه الإحصاءات يبقى الاهتمام في العقار السكني وأسعاره وقيمته شديدة في أذهان البريطانيين. ويتوقع بعض خبراء العقار أنه بعد شتاء طويل وسوق فاتر ستنتعش الحركة العقارية في الربيع ابتداء من الشهر المقبل. وفي الوقت ذاته يحذر خبراء آخرون من قلق متزايد في صفوف ملايين من الذين يتملكون عقارهم الإسكاني الممول من قروض إسكانية بسبب ارتفاع معدلات الفائدة على القروض. ومن المتوقع أن يؤدي ارتفاع الفائدة لعدد كبير من المقترضين أن يختاروا قروضا من نوع «تسديد الفائدة فقط» ليقللوا من حجم الأقساط الشهرية ورغم جاذبية هذا الأسلوب في تخفيف القسط الشهري إلا ان المشكلة تظهر في المستقبل حيث يبقى القرض الأصلي غير مسدد. ولمعالجة هذه المشكلة يأخذ المقترض عادة «شهادة تأمين استثمارية» ويدفع أقساطها بانتظام لعشرين سنة أو أكثر متوقعا أن قيمتها النقدية بعد انتهاء الفترة المتفق عليها ستزيد عن قيمة القرض الأصلي وتستعمل القيمة لدفع مبلغ القرض الأصلي. ولكن هذا قد ينجح كأسلوب للتسديد النهائي في حالة نمو الاقتصاد وارتفاع قيمة الأسهم وتحقيق توقعات النتائج الاستثمارية المتفائلة.

وفي هذا الخصوص تقول كاث هيرنون من شركة الاقراض الاسكانية المعروفة باسم «مورتغيج داريكت» العقارية: «الكثير من الناس يأخذوا قروضا كبيرة ولكنهم لا يقبلون بتغيير مستواهم المعيشي لأخذ بعين الاعتبار الالتزامات الكبيرة التي يفرضها اقتراض مبلغ قد يصل الى مئات الالوف من الجنيهات الاسترلينية أو خفض في الانفاق مما يؤدي إلى اختيارهم للقروض التي تستوجب دفع الفائدة فقط ويؤجلون دفع القرض الأصلي للمستقبل البعيد. ولكن المشكلة تبقى وستظهر لاحقا». ودفع الفائدة فقط بالاقساط الشهرية يساعد في تخفيض الدفعات ولكن ذلك يعني أن القرض الأساسي يبقى غير مدفوع حتى نهاية فترة القرض. أي يتم تأجيل التسديد النهائي لتاريخ مستقبلي وهو تاريخ تسديد آخر قسط حسب اتفاقية الاقتراض.

ولهذه الاسباب تحذر سلطة رقابة الخدمات المالية البريطانية (ف س أيه) أن الاعتماد على استمرار ارتفاع قيمة العقار لجني أرباح هائلة وتسديد القروض الأصلية هي استراتيجية خطيرة وتحتوي على عنصر المجازفة. ويتعين على المقترض أن يخطط جيدا للمستقبل لتسديد الدين الرئيسي الاصلي خاصة في مناخ تباطؤ في ارتفاع الأسعار.

وفي الإطار ذاته أشارت موقع صحيفة «تايمز أون» على موقعها الإلكتروني لشهر مارس (آذار) الحالي إلى تغير في سياسة بنك هاليفاكس وهو أكبر مؤسسة إقراض إسكاني في بريطانيا حيث كانت المؤسسة تمنح قروضا على أساس تسديد الفائدة فقط قبل خمس سنوات بعد فحص الوثائق المتعلقة باستثمارات وتأمينات لتسديد القرض الأصلي. وفي تلك الفترة اعتمد المقترضون على استمرار ارتفاع قيمة العقار، ولم تعد المؤسسة تعتمد في سياستها الآن الاهتمام بوثائق الاستثمارات وشهادات التأمين ولكنها تقوم بتذكير زبائنها بانتظام «أن المسؤولية لتسديد الدين الأصلي تقع على عاتق الزبون المقترض ويتعين عليه أخذ الخطوات اللازمة لتوفير المبالغ اللازمة لتسديد القرض الأصلي».قل من 120أ