قطاع البناء والعقارات في لبنان بدأ مساره التراجعي في الربع الأخير من 2004

الخليجيون ما زالوا يعتبرونه الأفضل في مجال الاستثمار والسكن

TT

يتفق العاملون في قطاع البناء والعقارات في لبنان على ان هذا القطاع، شأنه شأن القطاع السياحي، شديد التأثر بالازمات السياسية والمخاطر الامنية، وهذا ما يفسر ركود النشاط في هذا القطاع الى حد كبير خلال الفصل الاول من العام الجاري.

وفيما غاب اي مرسوم صادر عن مجلس الوزراء يسمح بتملك عقارات، كما شهدنا العام الماضي، وبالاخص من قبل مستثمرين خليجيون ـ ويعود الامر حتماً الى عدم وجود استقرار حكومي، والى الظروف الامنية التي اعقبت اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ـ نلاحظ تراجعاً واضحاً في مساحات البناء المرخص بها لدى نقابتي المهندسين في بيروت والشمال خلال شهر يناير (كانون الثاني) من العام الحالي الى 412267 متراً مربعاً، في مقابل 1125684 متراً مربعاً في الشهر الذي سبقه، و510439 متراً مربعاً في الشهر نفسه من العام الماضي. وحتى الآن لم تظهر احصاءات الشهرين الاخيرين عن النقابتين بسبب انشغالهما بالانتخابات النقابية، الا ان ارقامهما ستعبر بالتأكيد عن مزيد من التراجع لكون حادثة الاغتيال المشؤومة وقعت في منتصف الشهر الثاني من السنة* والحقيقة ان قطاع بناء العقارات بدأ مساره التراجعي منذ اواخر العام الماضي، وتحديداً في الفصل الرابع من ذلك العام لأسباب متعددة اهمها: تداعيات التمديد لرئيس الجمهورية العماد اميل لحود لمدة ثلاث سنوات، وصدور قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1559 وما استتبعه من تطورات على الساحتين المحلية والاقليمية.

واذا راجعنا الاحصاءات الرسمية نجد، كما ذكرت دراسة فصلية صادرة عن «بنك عودة اللبناني»، «ان تنامي حركة البناء برز بقوة في الاشهر التسعة الاولى من عام 2004، لكن الحركة تباطأت نسبياً في الفصل الرابع منها». وتشير الدراسة الى ان المساحات المرخص ببنائها في الفصل الرابع من العام الماضي بلغت 2.42 مليون متر مربع، اي اقل بنسبة 1.5% عنها في الفصل الثالث، يضاف الى ذلك ان كميات الاسمنت المسلمة انخفضت بنسبة 18.8% مقارنة مع الفصل الثالث، وبنسبة 1.3% مقارنة مع الفصل الرابع من عام 2003.

ومع ذلك، تلفت الدراسة الى ان حركة البناء في العام 2004 ارتفعت الى 9.16 مليون متر مربع من 8.78 مليون متر مربع عام 2003، كما تراجعت رخص البناء بنسبة 10% تقريبا عما كانت عليه في السنوات الثلاث السابقة. وقد استأثرت منطقة جبل لبنان (وسط البلاد) بالحصة الكبرى من الرخص (48.6%) ويعزو المهندس المعماري واستاذ مادة الهندسة المعمارية في جامعة الكسليك جو مكرزل هذا الامر الى التمركز السكاني المتكثف في هذه المنطقة، فضلاً عن تمركز الاستثمارات السكنية والعقارية الخليجية فيها.

ويقول مكرزل لـ«الشرق الأوسط»: «ان كلفة البناء ارتفعت عام 2004 بفعل ازدياد الطلب المحلي وارتفاع الاسعار العالمية لأهم مواد البناء، وخصوصاً الصلب. ويدل مؤشر الكلفة الى انه ارتفع على نحو ملحوظ وبنسبة 5.99% بين ديسمبر (كانون الاول) 2003، وديسمبر 2004. والواقع ان هذا التطور يعود بوجه خاص الى اهم تكاليف المواد التي تشكل مكونات المؤشر الخمسة».

ولفت الى ان تسليمات الاسمنت شهدت زيادة في العام الماضي بنسبة 3% فرضتها التوقعات الايجابية بشأن الحركة السياحية والتي انكب القطاع الخاص على التحضير لها، كما فرضها الطلب الاقليمي المتزايد المرتبط بالحاجات الاعمارية في العراق.

وامل مكرزل في ان يعوض تنفيذ الخطة العربية المتكاملة التي يعد لها اتحاد المهندسين العرب (نوقشت اخيراً مع نقيب مهندسي بيروت المنتخب حديثاً سمير ضومط) بعض البطالة التي تفشت في اوساط المهندسين المعماريين اللبنانيين نتيجة الركود الحالي في قطاع البناء والعقارات، كما امل في ان تستقطب احتفالات ذكرى الحرب الجارية حالياً في لبنان الرعايا والمستثمرين العرب مجدداً للسكن والاستثمار في ربوع لبنان، و«هو المقصد الانسب والافضل» على حد قول مكرزل.