سوق العقارات الباريسي مستمر في الصعود والفوائد المنخفضة تحفز المستثمرين على الشراء

TT

رغم الجدل الناشئ بين أهل المهنة والمحللين الاقتصاديين حول نهاية «الطفرة» في سوق العقارات في العاصمة الفرنسية، فإن الأرقام تكذب هذه التوقعات وكل المؤشرات والعوامل توحي بأن كلفة شراء الشقق السكنية والبيوت في باريس مستمرة في الارتفاع.

وفي التقرير الأخير الصادر عن المجلس الأوروبي للمهن العقارية لشهر أبريل (نيسان) الجاري، يتبين أن باريس أصبحت الأغلى من بين كل العواصم الأوروبية الداخلة في فضاء اليورو. وفيما يزيد متوسط سعر المتر المربع في باريس على 5000 يورو، فإن هذا السعر يصل الى 4500 يورو في مدريد و3700 يورو في استوكهولم و3500 يورو في لوكسمبورغ ويتراوح ما بين 2000 و1500 يورو في العواصم الباقية بما فيها بروكسيل وليشبونة وغيرها. إلا أن دراسة المجلس الأوروبي للمهن العقارية لا يشمل برلين وفيينا. لكنه يسجل أن الأسعار في هاتين العاصمتين قد تراجعت العام الماضي بنسبة تتراوح ما بين 2.4 و2.2 بالمائة* وبموازاة أسعار الشراء، فإن الإيجارات في باريس هي ايضا الأعلى في فضاء اليورو. وفيما تبين الدراسة أن كلفة المتر المربع في العاصمة الفرنسية تصل الى 18 يورو، فإنها تهبط الى 17 يورو في مدريد والى 16 يورو في روما.. وتبين دراسة أخرى أعدتها مؤسسة SELOGER/LACOTEIMM الفرنسية ونشرت على موقعها على الإنترنت قبل أربعة أيام، أن معدل بدل الإيجار في باريس يصل الى 23 يورو للمتر المربع. لكن الدراسة تسجل أن أسعار الإيجار التي بلغت مستويات بالغة الارتفاع في الأعوام الأربعة الأخيرة مستمرة في الارتفاع ولكن بوتيرة أقل مما في الماضي. ومع ذلك، فإن ضآلة العرض في سوق الإيجارات وعدم وجود برامج كبيرة لبناء الشقق بغرض الإيجار يجعل العثور على شقة ملائمة ووفق شروط «معقولة» داخل باريس بمثابة «تحد» صعب.

وفي أي حال، فإن الحديث عن سعر «وسطي» إن للشراء أو للإيجار يبقى مسألة «نظرية» لأن التفاوت داخل العاصمة الفرنسية كما في العواصم الأخرى كبير للغاية. ومع ذلك، فإن المكاتب العقارية تسجل ميلا لدى الباحثين عن فرص شرائية في باريس «لاستكشاف» أحياء ومناطق كانت مقصورة في السابق على الفئات «الشعبية» مثل مناطق شمال باريس والدوائر الـ 18 و19 و20. وبفعل ذلك، فإن الأسعار في هذه الأحياء سجلت العام الماضي وفي الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام قفزة كبرى ما يقربها من معدلات الأحياء «المتوسطة» في باريس مثل شرق العاصمة وجنوبها. وثمة «إجماع» لدى مديري المكاتب والوكالات العقارية أنه طالما بقيت معدلات الفوائد المصرفية على القروض العقارية منخفضة «ما بين 4 و5 بالمائة» فإن سوق العقارات مستمر في صعوده. يضاف الى ذلك، أن الفرص الاستثمارية إن في البورصة أو على شكل ودائع مصرفية متوسطة وبعيدة الأجل لا تغري المستثمرين الذين اعتادوا في السنوات الأخيرة أن يحصدوا ما بين 10 و15 بالمائة من استثماراتهم العقارية ما يشجعهم على الاستمرار في ذلك خصوصا أن كل التوقعات المتشائمة حول «انهيار» السوق العقارية لم تتحقق وما زالت هذه السوق، رغم المستويات التي بلغتها، توفر فرصا حقيقية وتعد بتحقيق أرباح وافرة. وتبين الدراسة أن البائعين العقاريين في باريس، إن كانوا أفرادا أو شركات، يطلبون اليوم أسعارا تزيد بنسبة 13.2 بالمائة قياسا للفترة نفسها من العام الماضي لا بل إنهم رفعوا سقف اسعارهم بنسبة 1 بالمائة ما بين شهر مارس (آذار) وفبراير (شباط) الماضيين. ولجهة العمليات الشرائية المسجلة في العام الماضي، فإن الدراسة تبين أن معدل نسب الارتفاع في عمليات البيع والشراء في باريس وصل ما بين (آذار) مارس 2004 والشهر نفسه من العام الجاري بلغ 13.4 بالمائة.

وتظهر الأرقام التفصيلية لدوائر العاصمة أن الدائرة السادسة التي تضم الحي اللاتيني وجامعة السوربون والمدارس المتميزة مثل ثانوية لويس لوغراند وحديقة لوكسمبورغ ومحيطها ومسرح أوديون وحي سان جيرمان وسان ميشال نزولا الى ضفة السين اليسرى هي الأغلى في باريس، حيث بلغ متوسط سعر المتر المربع فيها 9001 يورو بزيادة نسبتها 19 بالمائة قياسا للشهر نفسه من العام الماضي. وتأتي في المرتبة الثانية الدائرة السابعة، حيث تقع غالبية الوزارات ورئاسة الوزارة ومقر اليونسكو والأنفاليد وبرج إيفل. وبلغ معدل الأسعار فيها 8446 يورو بزيادة نسبتها 11 بالمائة تليها الدائرة الخامسة حيث البانتيون وشارع موفتار التجاري والسياحي وثانوية هنري الرابع المعروفة. وبلغ السعر الوسطي للمتر المربع 7435 يورو وبزيادة 7.6 بالمائة* وحققت الدائرة السادسة عشرة في باريس الواقعة جنوب وغرب جادة الشانزليزيه وقوس النصر نسبة ارتفاع بلغت 10 بالمائة مع معدل سعر وسطي من 7000 يورو. أما اعلى نسبة ارتفاع فقدد حققتها الدائرة 19 «الشعبية» حيث بلغت 20 بالمائة ومع معدل سعر وسطي بلغ 4546 يورو.