شركات التسويق العقاري تتزايد في مصر وتتوسع في خدماتها

وسط اشتداد المنافسة بين الشركات المحلية والأجنبية

TT

في غضون ثلاث سنوات تزايدت أعداد شركات التسويق العقاري ولمعت أسماء لشركات أجنبية عالمية ذات مكاتب متعددة في جميع أنحاء العالم جذبها سوق العقارات في مصر لتأتي وتقدم خدماتها في مجال التسويق وادارة العقارات وخدمات التقييم، خاصة في ظل منحة قدرها 35 مليون دولار قدمتها هيئة المعونة الأميركية لتفعيل حركة العقارات في مصر خاصة في مجال التمويل العقاري. المنحة الأميركية فتحت شهية عدد من الشركات المصرية والعالمية للتوسع في تقديم خدمات عقارية تسويقية ذات مستوى عال وبأدوات تقنية متقدمة، على خلفية من عدد من الاجراءات والسياسات الحكومية المشجعة التي اتخذت لدفع الاستثمارات الأجنبية للمجيء لمصر مع تحرير سعر الصرف الذي خفض من قيمة العقارات الفاخرة في المنتجعات السياحية إلى نحو 40%.

ومع وجود السمسار الأجنبي صاحب الياقة البيضاء والكومبيوتر الجوال، اختفى أو أوشك على الاختفاء السمسار التقليدي بجلبابه المشهور وجلسته المعروفة أسفل شمسية بجوار لافتة عليها اسمه وطبيعة عمله كسمسار عقارات! والتي كان من السهل على أي مقيم عربي في مناطق مثل المهندسين ومصر الجديدة والعجوزة بالقاهرة الاستفادة به لتوفير مسكن لائق خلال فترة إقامته. وتتصارع ست شركات على الأقل على «كعكة» التسويق العقاري في مصر، أقدمهم هي شركة كولدويل بانكر التي بدأت عملها في مصر في يناير 2002، وأحدثهم هي شركة بترهومز Better Homes التي لم يتعد عمرها ستة أشهر، بالإضافة إلى شركات سنشري 21 وTrenta Era وe-dar وغيرها.

هذا التسابق في التواجد في السوق المصري حمل عدة علامات استفهام.. فهل يستوعب السوق العقاري المصري هذه الشركات المتعددة والمختلفة الجنسيات وما هي الخدمات التي تقدمها هذه الشركات، ومن يتحمل تكلفة الخدمات العالية التي تقدمها، وهل يكون التنافس بين شركات التسويق العقارية المصرية والأخرى الأجنبية في صالح السوق العقاري والزبون أو طالب الخدمة أم لا.

يوضح محمد عطا الله مدير شركة كولدويل بانكر في الشرق الأوسط أن السوق العقاري المصري نشيط، لكن ينقصه وجود شركات متخصصة في عرض وتسويق العقارات ومتخصصون في مجال ادارة الأملاك، وقد دخلت شركة كولدويل بانكر الأميركية العالمية السوق المصري في بداية عام 2002 ضمن خطة أكبر للانفتاح ودخول أسواق منطقة الشرق الأوسط فهناك مكاتب للشركة في كل من لبنان والسعودية والبحرين وقطر والامارات أما في مصر، فقد وجدت الشركة أن عمليات التسويق العقاري عمليات بدائية قائمة على مقاولين أو سماسرة يمتلكون مكاتب صغيرة ويروجون لمنطقة واحدة أو حي واحد فقط، لذلك قدمت الشركة نوعين من الخدمات الأول خدمة التسويق العقاري السكني والثاني التسويق العقاري التجاري وهو ما يوفر خدمات ادارة الأملاك وبحث المشاريع العقارية.. وفي هذا الصدد يذكر محمد عبد الله مدير الشركة أن كولدويل بانكر تقوم بدراسة لمساعدة الحكومة المصرية على تنفيذ امكانية تفريغ العاصمة من المصالح الحكومية ونقلها إلى أطراف العاصمة وامكانية تسويق واستغلال المباني التي تم تفريغها.

ويشير محمد عبد الله أن «بيزنس» تسويق وبيع الأصول العقارية في مصر أصبح مختلفاً لأن نوعية الخدمة التي تؤديها شركات التسويق مختلفة والقائمون على هذه الشركات خبراء متخصصون وتعتمد خدمة العميل على توفير شبكة من المعلومات الكاملة لكل أنواع العقارات في كل أنحاء مصر، وفي الدول العربية والأجنبية مقابل نسبة عمولة لا تتعدى 1.5% للبائع و2.5% للمشتري ورغم عدم وجود تنظيم اجرائي لعمل شركات التسويق العقاري حيث لا يشترط الحصول على ترخيص لاقامة شركة تسويق يؤكد محمد عبد الله أن السوق المصري مستعد وجاهز لهذا النوع الحديث من شركات التسويق والخدمات العالية الجودة التي تقدمها خاصة في مناطق سيتم فيها توسعات عمرانية مثل ساحل البحر الأحمر وشرم الشيخ والغردقة التي تجتذب استثمارات عربية وأجنبية.

ولأن لكولدويل بانكر سبق الدخول في السوق المصري، يؤكد محمد عبد الله أن المنافسة مع الشركات الأجنبية الأخرى والمصرية بسيطة، وفي مناطق محددة.

وتقول نهاد شوشة المدير العام لشركة ايدار(e-dar) وهي احدى شركات لينك دوت نت المملوكة لمجموعة رجل الأعمال نجيب ساويرس ان شركة ايدار بدأت كموقع على الإنترنت لتسهيل الترويج والتسويق عن الشقق السكنية في مصر ثم دخلت في مجال الامتياز التجاري (الفرانشايز) ومنح توكيلات للمكاتب الصغيرة باسم ايدار لاستغلال الاسم والموقع وأسلوب التسويق الإلكتروني.. وتشير أن منافسة الشركات الأجنبية العاملة في مجال التسويق العقاري في مصر تعد منافسة قوية ضد الشركات الوطنية الصغيرة، لعدة أسباب أولها الاسم العالمي الذي تحمله والسمعة العالمية بالاضافة إلى توفر الامكانات والخبرة وشبكة المعلومات، لكن السوق المصري يستوعب جميع الشركات وبامكانه استيعاب المزيد منها خاصة أن التسويق عبر الإنترنت مجال لا يزال في بداياته.

ويؤكد كريم توفيق أحد الشركاء الثلاثة في شركة «بتزهومز» للاستثمار والتسويق العقاري (وهي شركة مصرية ذات مسؤولية محدودة لا يزيد عمرها في السوق المصري عن ستة أشهر) ان فترة الركود قد انتهت في سوق العقارات في مصر مشيراً إلى أن الطلب على العقارات لن يتوقف، وهناك مشروعات عقارية ضخمة في القطامية وفي المنتجعات الجديدة على أطراف العاصمة وفيها ما لايقل عن ثلاثين مشروعاً جديداً أحدثهم هو مشروع شركة اعمار في منطقة المقطم الذي يحمل استثمارات بـ 2 مليار دولار، بالاضافة إلى استثمارات مجموعة الفطيم الضخمة من مدينة القاهرة الجديدة.

ويشير كريم توفيق أن التسهيلات التي تقدمها شركات التسويق العقارية في أسلوب الدفع جعلت الوحدات السكنية متاحة لكل مستويات الدخل المختلفة، بالاضافة إلى انتعاش سوق اعادة البيع للعقارات كأسلوب للاستثمار فالعقار يرتفع سعره خلال خمسة أشهر بنسبة 10%، كذلك فإن نظام الايجار في المناطق السكنية كالمعادي أدى إلى تضاعف قيمة العقارات فارتفع سعر المتر في المعادي من ثلاثة آلاف جنيه منذ ثلاث سنوات إلى ستة آلاف جنيه اليوم بسبب ارتفاع قيمة الايجار ويؤكد كريم توفيق أن مجيء كل من مجموعة اعمار والفطيم سيفتح الباب أمام استثمارات عربية أخرى في السوق العقاري المصري مما ينشط عمل شركات التسويق ويتطلب وجود المزيد منها بما تقدمه من خدمات مشيراً إلى أن مجال ادارة العقارات من الخدمات الجديدة في السوق المصري، حيث تقوم شركة التسويق وادارة العقارات بتقديم خدمات الصيانة والادارة لمنتجع بأكمله، مشيراً إلى وجود تعاقدات مع شركات بترول لخدمة وادارة المناطق السكنية التي توفرها شركات البترول للخبراء الأجانب العاملين فيها، وهذا مجال آخر للعمل لم يكن قائماً من قبل. ويعلق عمرو عسل صاحب احدى شركات التنمية العمرانية قائلاً: ان حركة السوق العقاري في مصر نشطة في الوقت الحالي بعد أن غيرت الحكومة المصرية سياستها عام 1993 بحيث سمحت للقطاع الخاص بالقيام بدور التنمية العقارية وشراء وبيع الأراضي. فاختلف الفكر السائد الممثل في السمسار التقليدي الذي كان دوره محدوداً في بيع شقة سكنية هنا أو هناك، وتطور الأمر إلى وجود منتجات كبيرة المساحة وكثيرة الوحدات السكنية، فظهرت الحاجة إلى التسويق على نطاق واسع، فأنشأت تلك المنتجعات ادارات للتسويق والمبيعات، لكنها لم تكن كافية للقيام بدور فعال في التسويق، لذلك ظهرت الحاجة إلى التعاون مع شركات متخصصة وكيانات تسد هذه الفجوة وذلك النقص، وسارعت الشركات العالمية بدراسة السوق المصري وبدأت في انشاء فروع لهم، وقدمت خدمات متميزة ونظم تسويقية عالية، حيث تميزت الشركات العالمية بقدرتها على تسويق عدة مشاريع داخل وخارج مصر وادارة محفظة واسعة من جميع أنواع العقارات، وبذلك توفر للعميل كل البدائل خاصة أن نوعية العملاء أيضاً اختلفت وأصبحت هناك شريحة من كبار المستثمرين تبحث عن خدمات عقارية لدى المسوقين كما قدمت الشركات الأجنبية النظم الحديثة المطبقة عالمياً في التسويق الإلكتروني وتوفير جانب المصداقية والثقة في قانونية عملية البيع والشراء من دون مخاطر على المشتري للتحقق من جدية البائع. ورغم قوة منافسة الأسماء العالمية للشركات المصرية العاملة في مجال التسويق العقاري، إلا أن هذه المنافسة في صالح كل من العميل وفي صالح الشركات المصرية التي تستفيد من المنافسة في تقديم خدمات أكثر ابتكاراً وأكثر فاعلية للزبون، كما تقوم أحياناً بتخفيض نسبة العمولة كنوع من المنافسة مع الشركات الأخرى، وهذا كله في صالح المستهلك وراغب الشراء وفي صالح انعاش سوق العقارات، غير أنه يمكن الحديث في بعض حالات عن نخبوية العمل وعن مبالغات في العمولات أو بعض جوانب من عدم الالتزام بشروط التعاقد، غير أن ذلك كله هامشي.