فهم الإجراءات والقوانين يحمي المستثمر من الخسارة وأحيانا من السجن

الاستثمار العقاري والقانون

TT

إذا كان الجهل بالقوانين لا يعفي من المسؤولية، فإن الجهل بالإجراءات والقواعد والاصول التي تحكم الاستثمار العقاري قد يؤدي بالمستثمر إلى خسائر جمة، وربما إلى السجن أيضا إذا ما أهمل في صيانة عقاره المؤجر للغير بحيث يعرض أمان المستأجر للخطر.

في حالات الشراء في الدول الغربية تبدأ مراحل التسجيل القانوني في العادة بعد معاينة العقار وعرض شرائه، ثم قبول هذا العرض من البائع او وكيله. بعد ذلك تبدأ سلسلة من الاجراءات التي تنتهي بتوثيق العقود واتمام انتقال الملكية الى المستثمر. وقبل انتهاء هذه الاجراءات فان الملكية لا يمكن اثباتها قانونا. وفيما بعد اذا رغب المستثمر في عرض عقاره للايجار فان عليه أيضا الالتزام ببعض القوانين وشروط السلامة والا تعرض للمساءلة القانونية وربما السجن بسبب الإهمال الجسيم الذي قد يؤدي الى الوفاة. وفي بريطانيا مثلا، فان الخطوة الاولى في عملية الشراء العقاري هي عرض الشراء Offer وهي خطوة تأتي بعد المعاينة والاقتناع بالعقار بعد سؤال البائع عددا من الاسئلة الضرورية مثل الفترة التي امتلك خلالها العقار، وفترة عرض العقار للبيع وهل تعرض للسرقة من قبل وهل هناك من مشاكل عالقة مع الجيران وما هي قيمة ضريبة البلدية؟ وهي أسئلة قد تبدو عابرة ولكن البائع ملتزم قانونا بالاجابات الصريحة عنها والا تعرض لدعاوى التعويض فيما بعد.

واذا كانت الاجابات مقنعة وفرصة الاستثمار ما زالت مجزية، يمكن عرض الشراء عن طريق الوكيل العقاري. وعندما يقبل البائع هذا العرض تبدأ مراحل تحويل الملكية. فحتى هذه المرحلة يكون العرض وقبوله بشرط تبادل الوثائق فيما بعد. واذا كانت الفرصة جيدة، فلا بد من ملاحقة كل الاطراف المعنية في التعاقد لتسريع الاجراءات حتى لا يدخل في الصفقة طرف ثالث يعرض سعرا أعلى بغرض خطف العقار في مرحلة متقدمة. ويحدث هذا في العادة في الفترات النشطة التي يرتفع فيها سعر العقار شهرا بعد شهر. وفي الوقت الحاضر مثلا تشهد العقارات البريطانية جنوحا الى الاستقرار وربما الانخفاض الطفيف، فان المخاوف من فقدان الصفقة لسعر أعلى تبدو ضئيلة.

الخطوات التالية تعتبر إجراءات روتينية لمن مر بالتجربة ولكنها تحتاج الى التعريف بها:

* لا بد من إبلاغ البنك أو جهة الاقراض العقاري باختيار العقار حتى يتم ترتيب اجراء معاينة وتقييم مالي له كشرط أساسي للموافقة على القرض.

* الاتصال بالمحامي وإبلاغه رسميا بنية الشراء والثمن المتفق عليه وعنوان العقار واسم البائع ومحاميه، وايضا باسم البنك المقرض للصفقة.

* من الافضل أجراء مسح عقاري شامل كخطوة أولى، غير المسح العقاري الخاص بالبنك، وذلك للتأكد من صلاحية البناء وعدم تأثره من مشروعات عمرانية قريبة منه جغرافيا فيما بعد.

* يمكن طلب تغيير لوحة «للبيع» المعلقة على العقار بلوحة أخرى تفيد ان البيع قد تم.

من المتعارف عليه ان تشمل الصفقة العقارية كل التجهيزات الثابتة في العقار، ولكن يمكن التفاوض بشأن ترك البائع لأغراض أخرى قد لا تلزمه، مثل الستائر والسجاجيد والاجهزة المنزلية المركبة في العقار بالفعل، ففي معظم الاحيان يوافق البائع على تضمينها في السعر، وهي توفر شراء الجديد منها في حالات تأجير العقار للغير.

المصروفات القانونية لنقل ملكية العقار تكون في حدود 0.5 بالمائة في أغلب الاحوال، وهناك بعض شركات المحاماة التي تعرض سعرا ثابتا لنقل الملكية وحتى إتمامها.

تبادل التعاقدات

* حتى تتم الصفقة، سوف يحتاج المحامي الى عرض التمويل من المصرف الخاص بالمشتري وكذلك الى نسخة من التعاقد من محامي البائع. وبعد القراءة والتمحيص للتعاقد يتم التوقيع المزدوج على نسختين من التعاقد وإرسال نسخة لمحامي البائع مع مقدم ثمن الصفقة. وبعد ايام قليلة يتسلم المحامي النسخة الموقعة من البائع. وهنا يكون تبادل توقيع التعاقد قد تم وتصبح الصفقة ملزمة قانونا. واذا تراجع المشتري بعد ذلك فسوف يفقد ما دفعه كمقدم للشراء.

ولا يجب التوقيع على هذه الوثيقة إلا إذا كان المشتري مقتنعا تماما بجدوى هذا الاستثمار. وفي الوثيقة يتم تحديد يوم تسلم العقار، وهو اليوم الذي يتم فيه التسليم ويتم فيه ايضا دفع كامل الثمن للبائع. ويتم تحويل وثائق الملكية الجديدة باسم المشتري الى المحامي الذي يحولها للمشتري إذا كان الشراء نقدا، أو إلى البنك كضمان للقرض العقاري. وتجري الامور في العادة بسلاسة وان كانت تستغرق الكثير من الوقت في بريطانيا لفترات تصل احيانا الى ثلاثة اشهر وربما اطول من ذلك. ولكن اذا اظهرت المسوحات العقارية أي خلل في العقار او تقييم مالي له بأقل من القيمة المطلوبة فيه فإن للمشتري الحق في اعادة التفاوض بشأن ثمن العقار او الانسحاب من الصفقة بعد استعادة مقدم الثمن.

مع إتمام الملكية يصبح المشتري هو المالك الجديد للعقار، ويتعين عليه بعد ذلك الالتزام بالفواتير الدورية لاستهلاك الكهرباء والغاز والمياه والهاتف المنزلي وضريبة المجلس المحلي ورخصة التلفزيون وأي مصروفات ادارية اخرى للعقار مثل ايجار الارض او صيانة الحدائق والمنافع المشتركة.

التأجير

* وإذا ما قرر المالك الجديد ان يؤجر العقار للاستفادة من العائد الايجاري الشهري، ربما لتغطية أقساط القرض العقاري وللتخلص من أعباء الفواتير المنزلية، فهو يدخل بذلك الى مجال قانوني آخر يضعه تحت المزيد من الالتزامات تجاه مستأجري العقار.

ووفقا لهيئة وكلاء تأجير العقار البريطانية، ومقرها لندن، فإن الالتزام القانوني الأول لمالك العقار هو عدم التفرقة ضد المستأجرين تحت أي ادعاء، حتى لو كان ذلك بحسن نية.

فالمالك الذي لا يتيح الفرصة لجميع المستأجرين سواسية يعرض نفسه للمساءلة القانونية. وقد حدثت بالفعل متاعب لمالك عقار بريطاني عرض شققا في الطابق الارضي لعجوزين وأغفل شققا في طوابق عليا على أساس ان صعود السلم لا يناسبهما، فما كان منهما الا ان شكواه قانونيا! وفي بريطانيا يمنع القانون التمييز العنصري بناء على الجنس او اللون او الدين او العمر او العجز البدني.

الالتزام الآخر هو أمن وأمان المستأجر. وعلى المالك ان يقدم للمستأجر شهادة بسلامة سخان المياه والاجهزة والادوات التي تستخدم الغاز او الكهرباء في المنزل. في حالات تسرب الغاز الذي يؤدي الى الوفاة بأول أكسيد الكربون (وهو غاز لا لون ولا رائحة له) بسبب اهمال الصيانة يعرض المالك الى السجن. ولا بد من اجراء فحص سلامة على سخان المياه والتدفئة مرة في العام على الاقل.

من متطلبات السلامة الاخرى فرش المنزل المؤجر بمفروشات مضادة للحريق لا يعود تاريخ صنعها الى ابعد من عام 1988 ، وعدم التقيد بهذا الشرط يعرض المالك لغرامة قيمتها خمسة آلاف جنيه استرليني او الحبس لمدة ستة أشهر.

ولا بد للمالك ايضا ان يقوم بتركيب اجهزة إنذار من الدخان، لانقاذ السكان في حالة اشتعال الحريق. ولا يجبر القانون مالك العقار توفير طفاية حريق للمستأجر، ولكنه اذا فعل ذلك طواعية عليه ان يتابع صيانتها سنويا.

وفي العادة يطلب مالك العقار ان يدفع المستأجر مقدم ايجار يعادل ايجار شهر واحد على الاقل. وفي نهاية فترة الايجار يعيد المالك هذا المقدم للساكن بشرط ان يترك الساكن العقار نظيفا وفي نفس الحالة التي وجده عليها قبل بداية فترة الايجار.

من الاحتياطات الواجب التقيد بها طلب اسماء أشخاص يمكن سؤالهم عن شخصية المستأجر ومدى التزامه بتعهداته. كما يجب استشارة محام متخصص في الشؤون العقارية لكتابة تعاقد ملزم للطرفين يتناول كافة الالتزامات المطلوبة من الطرفين، ويوضح بما لا يدع مجالا للشك ما هو المسموح به وما هو الممنوع في استخدام العقار. كما يجب إجراء جرد شامل لكل المنقولات التي يجب على الساكن معاينتها والتوقيع على بيانها.

ويمكن شراء تعاقدات جاهزة وتغييرها بما يلائم ظروف تأجير العقار، وهو بديل أرخص من التعامل مع محامين.

وفي بريطانيا هناك أيضا قضايا الضرائب التي يجب التعامل معها. ويتعرض مالك العقار لأكثر من ضريبة أولاها وأهمها هي ضريبة الدخل التي تفرض على العائد الإيجاري (بعد خصم التكاليف) حتى ولو كان المالك مقيما في الخارج. كما ان العقار نفسه يتعرض لضريبة رأس المال على فرق الثمن بين الشراء وإعادة البيع. وفي الاحوال العادية لا يدفع المواطن ضرائب على أول أربعة آلاف جنيه تقريبا من الدخل سنويا، كما انه يتمتع بإعفاء من الضرائب الرأسمالية الى حدود 8500 جنيه سنويا، ويمكن الاستفادة من هذا الحد مضاعفا بشراء العقار باسمين مشتركين فيه مثل زوج وزوجة.

في كل هذه الإجراءات يمكن الاستعانة بوكيل عقاري لكي ينفذها لصالح مالك العقار، مقابل نسبة شهرية من الايجار تتراوح بين 10 و 12 بالمئة. وهي نسبة مريحة من كل الاعباء السابق ذكرها وقد تفيد المالك غير المقيم للتأكد من ان هناك من يتابع شؤون استثماره العقاري في غيابه.

(أذا كانت لك تجارب عقارية سلبية أو إيجابية لك ان تكتب الى القسم الاقتصادي في «الشرق الاوسط» او التعليق على الموضوع الكترونيا على موقع الصحيفة).