الخبراء يتوقعون انخفاض الطلب على الشراء لمدة شهرين ثم ارتفاعه مرة أخرى

تأثير محدود لانفجارات شرم الشيخ على السوق العقاري

TT

قبل أن تحدث انفجارات شرم الشيخ فجر السبت الماضي كانت منطقة جنوب سيناء تشهد إقبالا شديداً في الطلب العقاري وتملك الوحدات السكنية سواء من المصريين أو العرب أو من الأجانب والبريطانيين منهم على وجه الخصوص بعد نجاح مؤتمر «استثمر في الإصلاح» الذي نظمته الغرفة التجارية المصرية ـ البريطانية في مدينة لندن أوائل الشهر الماضي، حيث قدر المؤتمر الوحدات السكنية المصرية التي يمكن للبريطانيين شرائها كسكن ثان بـ 10 آلاف وحدة سنوياً، بالإضافة إلى 10 آلاف وحدة أخرى يتزايد الطلب عليها من قبل باقي الأوروبيين.

وبعد الانفجارات المروعة، ووقوع اضرار جسيمة في عدد من الفنادق والعقارات السكنية في مدينة شرم الشيخ، ثار التساؤل حول تأثير تلك الانفجارات على السوق العقاري في منتجع شرم الشيخ، وهل سيؤدي ذلك إلى انخفاض الطلب على التملك سواء من المصريين أو الأجانب، وأيضاً انخفاض الأسعار، وهل يمتد هذا الأثر إلى السوق العقاري في مناطق سياحية أخرى كمنتجع الغردقة ونويبع ودهب وغيرها من المنتجعات المنتشرة في شمال وجنوب سيناء، وهل يؤثر بدوره على السوق العقاري في مناطق أخرى كالساحل الشمالي ومنتجعات المدن الجديدة، وإلى متى يمتد هذا الأثر لينهض السوق العقاري مرة أخرى؟

ثارت هذه التساؤلات من قبل على خلفية أحداث الأقصر الإرهابية التي وقعت عام 1997 والتي أثرت بالسلب على السوق السياحي والعقاري لمدة تعدت الثلاث سنوات حتى بدأ السوق يتحرك من جديد واستغرقت فترة إعادة الحياة إلى السوق العقاري والسياحي في تلك المنطقة ثلاث سنوات أخرى لتصل إلى معدلاتها السابقة في الطلب والعرض في العقارات، بل وتتأهب للانطلاق قبل أن يجيء حادث الشرم.

لكن إجابات الخبراء العقاريين ومسؤولي التسويق في بعض الشركات العقارية المتخصصة في الترويج للوحدات السكنية في شرم الشيخ والغردقة جاءت مغايرة للصورة، فقد توقع الخبراء تأثيراً سلبياً محدوداً لا يتعدى فترة الشهرين، بل زاد البعض في تفاؤله إلى توقع أن يرتفع الإقبال العقاري على شراء الوحدات السكنية في منتجع شرم الشيخ وما حوله من منتجعات بعد فترة ترقب وهدوء لن تزيد عن هذين الشهرين، مع احتمال أن يتم شراء في المدى العاجل انتهازاً لفرصة تراجع الأسعار.

الصورة قبل الحادث

* حظي منتجع شرم الشيخ بنصيب الأسد في التقييم العقاري بين المنتجعات السياحية في مصر، وارتفع الإقبال على تملك وحدات سكنية مع توافر كافة الخدمات، ووجود شهرة سياحية وسياسية أيضاً للمنتجع، وتراوحت أسعار المتر ما بين أربعة آلاف جنيه إلى ثمانية آلاف وخمسمائة، وتزايد الإقبال مع تطبيق الحكومة المصرية لنظام حق الانتفاع في الأراضي والوحدات الواقعة في مدن سيناء لمدة 99 عاماً مما فتح الباب أمام الترويج داخل بريطانيا على وجه الخصوص والدول الأوروبية بصفة عامة لجذب الراغبين في تملك وحدات سكنية كبيت ثان في مصر، وتنافست الشركات العقارية في توفير الخدمات الملاءمة لأذواق الأوروبيين من توافر ملاعب للجولف، وتأثيث للوحدات السكنية وفقاً للذوق الأوروبي، وتوافر الخدمات الأساسية في المنتجع وتوافر خطوط طيران منتظمة ما بين منتجع شرم الشيخ ولندن أو مانشستر.

ومع زيادة الإقبال على تملك الوحدات السكنية في شرم الشيخ ارتفع أيضاً الإقبال على التأجير لفترات من الوقت، مما نشط من سوق الشركات العقارية والسماسرة المقيمين في المنطقة.

الصورة بعد الحادث

* ما بثته القنوات الفضائية من آثار التدمير في منتجع شرم الشيخ، ظهر جلياً أيضاً في حركة البيع والشراء والتأجير في الشركات العقارية في منتجع شرم الشيخ، فخلال الأسبوع الماضي انخفضت حركة السوق العقاري بشكل حاد يقول عنه أشرف غزالي مدير التسويق بشركة كولدويل بانكر العقارية التي تملك ثلاثة فروع لها في شرم الشيخ، إن حركة السوق شهدت انخفاضاً في الثلاثة أيام الأولى بلغت نسبته 50 % ثم ما لبثت أن عادت الحركة مرة أخرى ولكن ربما بانخفاض 30 % عن الأيام العادية.

ويقول غزالي: لقد توقعنا أن يكون تأثير التفجيرات عنيفاً، وأن يتسبب في إحجام الراغبين في الشراء في المنتجع عن اتمام عمليات البيع، لكن ما أوضحته إحصاءات حركة البيع والشراء في الفروع الثلاثة تدل على وجود انخفاض لكنه ليس إلى الدرجة التي تسبب تأثيراً طويلا في السوق العقاري في المنطقة، وأوضح غزالي أن تأثير الانفجارات سيكون وقتيا، وسيستمر لمدة شهرين على الأكثر حيث ستشهد حركة السوق العقاري ركوداً وقتياً، ولن يحدث تغيير في الأسعار صعوداً أو هبوطاً، لكن هناك توقعا أن تشهد حركة الإيجارات انخفاضاً حاداً.

وأوضح مسؤول التسويق بشركة كولدويل بانكر أن الأسباب وراء التأثير الوقتي لهذه الانفجارات على سوق العقار في شرم الشيخ يرجع إلى تكرار وقوع حوادث إرهابية مشابهة في لندن وإسبانيا والولايات المتحدة، مما أدى لتراجع تأثيرها السلبي سواء السياحي أو العقاري.

وذكر أشرف غزالي أن خطة الشركة التسويقية لن تتغير وأن حركة العقارات في المنتجع ستظل تحت الملاحظة الشديدة من قبل الخبراء العقاريين في الشركة لمدة أربعة أشهر، فإذا استمر الانخفاض في الطلب سيحدث تغيير في السياسة التسويقية للشركة. وأشار الدكتور ماجد عبد العظيم المدير العام لشركة ايدار العقارية إلى أن منتجع شرم الشيخ شهد رواجاً عقارياً شديداً قبل التفجيرات خاصة في مؤشرات حركة تملك الأجانب للوحدات السكنية من شاليهات وفيلات، مؤكداً أن الأحداث الإرهابية التي وقعت لن تؤثر على حركة البيع والشراء بشكل مخيف لأن الحوادث الإرهابية أصبحت عالمية، يمكن حدوثها في أي دولة وفي أي مكان، وهي حوادث عارضة يزول تأثيرها بزوال المؤثر.

ويقول د. ماجد لقد أثرت التفجيرات على السوق السياحي، وألغيت أعداد كبيرة من الحجوزات السياحية في الفنادق، وعلى المدى المتوسط سيحدث أيضاً انخفاض في نسبة اشغال الفنادق، لكن فيما يتعلق بالاستثمار العقاري وشراء وحدات سكنية، فالأمر مختلف، لأن المستثمر يدرس السوق على المدى الطويل وليس خلال فترة زمنية قصيرة لأن هذا الحدث العارض سيؤدي إلى تأثيرات عارضة لن تؤثر على الاستثمارات العقارية طويلة الأجل.

وأشار مدير عام شركة ايدار العقارية إلى أن السوق العقاري في منتجع شرم الشيخ سيمر بحالة من الترقب ـ وليس الهدوء ـ لفترة تستمر ما بين أسبوعين إلى شهرين، وبعدها سيستعيد السوق نشاطه ورواجه مرة أخرى، مؤكداً أن بقية السوق العقاري المصري، سواء في المنتجعات السياحية على سواحل البحر الأحمر أو البحر المتوسط أو داخل القاهرة لن تشهد أية تأثيرات سلبية لهذا الحدث الإرهابي.

وأضاف د. ماجد أن أسلوب المعالجة الحكومية للحدث قد ادى الى تخفيض تأثيره، فزيارة الرئيس حسني مبارك للمنتجع وزيارة الوزراء المسؤولين والتكاتف الدولي قد أدى إلى خلق نوع من الاستقرار، مشيراً إلى أنه يقوم حالياًُ بتنفيذ مشروع لشراء قطعة أرض في مدينة شرم الشيخ لمجموعة مستثمرين مصريين وعرب، ولم تؤثر الأحداث في قرارهم بالاستثمار في المنطقة ولا في خطة الشركة أن تقوم بافتتاح فرع لها في منطقة شرم الشيخ خلال الشهرين القادمين.

ويؤكد الخبير العقاري منير مدكور أن تأثير التفجيرات سيكون محدوداً على الحركة السياحية ومعدوماً على سوق العقارات، مؤكداً أنه لا توجد حركة بيع وشراء كبيرة في منتجع شرم الشيخ أو الغردقة لأن كل الوحدات السكنية المقامة تم بيعها منذ فترة، نتيجة الإقبال الكبير على الشراء، مشيراً إلى أن التأثير سيقتصر على التأجير الذي سيشهد ركوداً وانخفاضاً يمتد أثره حتى ثلاثة أشهر وسيعاود الارتفاع والنشاط مرة أخرى في شهر أكتوبر القادم حيث موسم الإقبال الشديد على المنطقة. بينما يؤكد أحمد الشاعر مسؤول التسويق بشركة era العقارية أن السوق العقاري في منتجع شرم الشيخ سيشهد رواجاً زائداً خلال الفترة القادمة، مؤكداً أن حركة السياحة إلى مصر في ازدياد بعد انخفاض السياحة في شرق آسيا في أعقاب إعصار تسونامي، وأن وقوع حادث إرهابي لم يعد له التأثير السلبي عما حدث في السابق في حوادث الأقصر عام 1997، والدراسات العقارية للمناطق السياحية في منطقة جنوب سيناء تشير إلى ازدياد الطلب على التملك في الفترة القادمة، وعلى أساس هذه الدراسات تخطط شركة era لافتتاح ثلاثة فروع لها في منطقة شرم الشيخ والغردقة، وهناك خطة للإسراع في افتتاح هذه الفروع بعد هذا الحادث كنوع من المواجهة للحوادث الإرهابية.

ويؤكد عمرو عسل المهندس الاستشاري ومدير شركة ميجابيلد للتنمية العقارية أنه رغم أن حادثة شرم الشيخ تعد الأكبر من حيث حجم الخسائر والتدمير وعدد القتلى والمصابين من حادثة الأقصر في عام 1997 إلا أن تأثيره سيكون أقل بكثير من حادثة الأقصر في التأثير السلبي للسوق العقاري، فقد استمرت الخسائر بعد حادثة الأقصر لمدة خمس سنوات إلى أن استرد السوق العقاري عافيته مرة أخرى في عام 2003 وبعد سنوات من انخفاض الأسعار عادت الأسعار لمعدلها في عام 1997 مرة أخرى.

توقع الخبير الاستشاري أن يقل الإقبال على الشراء في السوق العقاري في المنتجع لمدة سنة وينخفض هذا الإقبال بنسبة 20 % كما ستنخفض أسعار الشراء بنسبة 20 % من الأسعار السابقة للحادث الإرهابي.

وأكد عمرو عسل أن السوق العقاري المعتمد على المصريين لن يتأثر بينما سيتأثر السوق العقاري المعتمد على الأجانب سواء في منطقة شرم الشيخ أو الغردقة، وسيمتد هذا الأثر إلى مناطق أخرى لكن بصورة أقل، لأن انخفاض أعداد السياح الأجانب يؤثر على عدة قطاعات ليست فقط مقتصرة على القطاع السياحي والعقاري بل يمتد أثرها إلى الزراعة والقطاعات المغذية للصناعة السياحية في مصر. وأشار إلى أن الأسعار ستستمر دون ارتفاع لمدة ثلاث سنوات ثم ستعاود الارتفاع مرة أخرى ما لم تحدث حوادث إرهابية جديدة.

والمثير أن أحد خبراء المقاولات كشف أن معدلات إنتاج واستهلاك الأسمنت والحديد في مصر، لم تتغير في الأيام التي تلت الحادث، قياساً إلى الأيام المثيلة في العام الماضي، أو حتى إلى المتوقع من أيام الصيف هذه.