توقعات بطرح المشروع في البرلمان خلال أكتوبر المقبل

TT

يتجه المغرب إلى وضع قانون صارم في مجال البناء والتعمير، يتضمن تدابير وعقوبات زجرية متشددة ضد ظاهرة البناء العشوائي التي اتخذت أبعادا مقلقة في ضواحي المدن الكبرى تحت ضغط النمو الديموغرافي والهجرة القروية.

ويصادف مشروع القانون الجديد، الذي طرحته الحكومة للمناقشة في إطار اللجان البرلمانية تحت اسم «مشروع قانون 04 ـ 04»، مقاومة ومعارضة قويين من طرف عدة جهات سياسية واقتصادية، مما سيجعل مناقشته المرتقبة في دورة أكتوبر (تشرين الاول) المقبل بالبرلمان ساخنة بشكل خاص.

ففيما تنتقد جهات مهنية الجانب الزجري لمشروع القانون الجديد وتعتبره مبالغا فيه، وتصفه بـ «القانون الجنائي للبناء»، فإن المنتخبين المحليين (البلديات والجماعات المحلية) يشكلون الفئة الأكثر معارضة للمشروع بسبب انتقادهم للجوانب التي تقلص من صلاحيات الهيئات المنتخبة المحلية (البلديات والجماعات المحلية) في منح رخص البناء والترميم وفي مراقبة الأشغال والمباني. وتشكل هذه الفئة النافذة في الغرفة الثانية للبرلمان، إضافة إلى عدد من النواب البرلمانيين في الغرفة الأولى الذين يجمعون بين ولايات بلدية وولايات برلمانية، العقبة الرئيسية أمام مشروع القانون الذي يعتبرونه تراجعا عن مكتسبات الديموقراطية المحلية وعن مقتضيات «الميثاق الجماعي» الذي منح اختصاصات واسعة لرؤساء البلديات والجماعات المحلية.

ويرد المدافعون عن المشروع أن ربط قرار منح التراخيص من طرف رؤساء البلديات بنتائج الدراسات التقنية وبموافقة الوكالات الحكومية المشرفة على التعمير، لا يشكل تطاولا على اختصاصات وصلاحيات الرؤساء بقدر ما يحصنهم ويحميهم ويعزز مصداقية قراراتهم.

ومن أبرز الجوانب الجديدة في المشروع المنظور الجديد الذي اعتمده في التقسيم بين المجال الحضري والمجال القروي والمرتكز على معيار تعداد السكان، إذ يعتبر المشروع الجماعات التي يقل عدد سكانها عن 25 ألف نسمة جماعات قروية، ويخضع فيها التعمير لـ«تصاميم التنمية» التي تستفيد من عدة امتيازات وتسهيلات، في حين يخضع التعمير في المناطق الحضرية التي تفوق ساكنتها 25 ألف نسمة لـ «تصاميم التهيئة الحضرية». ويشكل المشروع بذلك قطيعة مع المنظور الذي حكم النصوص السابقة والذي يتطابق فيه التقسيم المجالي مع التقسيم الإداري. ولا يخفى البعد والخلفية السياسية لهذا الجانب إذ كان التقسيم الإداري في الماضي يتغير عشية كل عملية انتخابية، وكان مجال الجماعات الحضرية يتوسع ويتقلص وفق الحسابات الانتخابية. كما أن العديد من الأحياء والمدن العشوائية التي تم إنشاؤها بين عشية وضحاها تحت جنح الظلام ظهرت ونمت خلال الانتخابات، وكان الهدف الأساسي منها تشكيل قاعدة انتخابية مقابل وعود بالسكن القار، وبإدخال التجهيزات التحتية والمنشآت الصحية والاجتماعية والتمليك بعد العملية الانتخابية.

وللمساهمة في مواجهة ظاهرة السكن غير اللائق والسكن العشوائي ينص المشروع على تخصيص نسبة 20 في المائة من المجالات القابلة للتعمير لإقامة مشاريع السكن الاجتماعي التي تعتبر بديلا عن السكن العشوائي وغير القانوني. ويحدد المشروع السكن الاجتماعي في «كل سكن تقل مساحته عن 60 مترا مربعا ولا تتجاوز قيمته العقارية الإجمالية 120 ألف درهم (13.3 ألف دولار) ويكون مخصصا لفئات ذات دخل يقل عن 3000 درهم (333 دولار) في الشهر».

وعزز المشروع دور المهندس المعماري وحضوره في كل مراحل مشاريع البناء والأشغال، ووضع عدة آليات لضمان المطابقة لمواصفات السلامة والأمان. وعزز مقتضياته بعقوبات زجرية تصل إلى الحبس 5 سنوات وأداء مليون درهم (111 ألف دولار) غرامة. كما حدد المشروع أنواع المخالفات بدقة ونص بتفصيل على نحو 10 عقوبات زجرية خصص لها البنود من المادة 68 إلى المادة 80.