أبنية المكاتب في بيروت تعاني الركود والطلب يتركز على العقارات «الأقل كلفة»

TT

على الرغم من انتعاش الطلب على العقارات غير المبنية، والعقارات السكنية في لبنان، خلال السنوات القليلة الماضية، فان الطلب على المكاتب التجارية في وسط بيروت وغيره ما زال في حالة تباطؤ وركود، وكذلك العرض مع ان التوظيف في المكاتب، كما يقول مدير عام مؤسسة «رامكو» العقارية رجا مكارم لـ«الشرق الأوسط»، هو ذو مردود اعلى من مردود التوظيف في الابنية السكنية، لان هذه الابنية تعد للبيع في حين ان ابنية المكاتب تعد للتأجير، مما يعني انها تؤمن المردود المستمر، فضلاً عن ان بدل ايجار المتر المربع في المكاتب يراوح بين 275 دولاراً و300 دولار، وهو لا يقارن البتة مع ايجار المتر المربع في البناء السكني».

ويعتبر مكارم ان زمن الاسعار الخيالية للمكاتب في منتصف التسعينات لن يتكر في المدى المنظور على الاقل. حيث بلغ بدل ايجار المتر المربع الواحد في ذلك الحين مستوى 400 دولار و450 دولاراً». ويشير الى «ان العرض والطلب على المكاتب بات موزعاً، لا بل مشتتاً، ولكن منطقة وسط بيروت التجاري (سوليدير) والمناطق المحيطة بها من العاصمة تبقى هي الاساس في هذه الاسواق العقارية».

ويلفت مكارم الى «ان العرض في سوليدير ما زال محدوداً باستثناء بنايتين او ثلاثة ابنية كبناية «اتريوم» وبناية «النهار»، والباقي قد استؤجر بما يوازي 70% من المكاتب المعروضة في المنطقة. لكن الابنية القديمة المرممة لا يزال معظمها شاغراً لانها لا توفر المستلزمات الحديثة للمستأجرين ويفضل هؤلاء الاستئجار خارج نطاق سوليدير كـ «الجفينور» و«ستاركو» خصوصاً ان بدل ايجار المتر المربع في ابنية سوليدير القديمة يبلغ نحو 150 دولاراً.

ويرى مكارم: »ان معظم مستأجري المكاتب المعروضة هم من اللبنانيين، شركات او اصحاب مهن حرة، فيما الشركات الاجنبية لم تقبل بعد على فتح مكاتب لها على النطاق الذي عرفته بيروت قبل الحرب، علماً ان هذه الشركات تسعى وراء المساحات الكبيرة التي تراوح بين 500 متر مربع والف متر مربع، ومن شأن غياب الطلب على هذا النوع من المكاتب ان يؤدي الى قلة العرض».

ويعزو مكارم البطء في سوق المكاتب التجارية الى عدة عوامل «ابرزها الطلب المحدود في هذه المرحلة يقابله عرض اكبر يتيح للراغبين الحصول على شروط افضل للسعر ونوعية الموقع. ومن العوامل المسببة للركود الوضع الأمني والاقتصادي والتجاذبات السياسية الحادة التي لا تشجع الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات على العودة الى بيروت، يضاف الى ذلك ان العديد من الشركات لم يعد يهمها العنوان المميز في بلد معروف، بقدر ما يهمها سهولة العمل من مساحة كبيرة وحداثة وبدل ايجار مقبول ومرآب وسهولة الوصول».

واذا كان بعض اصحاب الابنية الحديثة والمجهزة بافضل التكنولوجيات يجدون صعوبة في الحصول على الاسعار العالية (كمبنى «النهار» او «اتريوم») فان الابنية التي تشاد حالياً كـ «سميراميس» و«بيريتوس» و«فوشفيل» تجد بسرعة من يشغلها.

وخارج نطاق «سوليدير» ومحيطها برزت محاور عديدة للابنية المكتبية، ولا سيما في منطقة الاشرفية (شرق العاصمة)، حيث شيدت في السنوات الماضية عدة ابنية من هذا النوع كـ «برج الغزال»، و«جوبيتر»، و«زن»، و«730 تباريس» و«سوديكو سكوير»، و«سنتر صوفيل» الخ. واستأثر شارعان في المنطقة نفسها بالمكاتب المصرفية، وغير بعيد عن الاشرفية، بدأت منطقة الجميزة القريبة من الوسط التجاري يطل بابنية مكتبية جديدة كـ «بيروتيك» و«96 باستور» و«داغر» و«باستور 40» و«زغبي 45».

يبقى ان شارع الحمراء الذي كان شريان العاصمة الرئيسي قبل الحرب، لم ينفض عنه بعد غبار الحرب، ولم يستطع استعادة صورته القديمة كنقطة الجذب الاساسية للشركات الاجنبية والمحلية واصحاب المهن الحرة. وللخروج من هذا الركود كما يقول مكارم، ليس امام اصحاب الابنية المكتبية سوى عرض بدلات ايجار تنافسية تراوح بين 75 و100 دولار للمتر المربع تبعاً لنوعية المكاتب بسهولة الوصول اليها.