مساهمو «السحاب» في السعودية يرفعون من حدة النزاع و«أملاك المطورة» تعد بصرف الحقوق

مع تفاعل القضية وتزايد المطالبات بتدخل الحكومة لحل القضية

TT

النجاحات الكبيرة التي سجلتها السوق العقارية في السعودية في السنوات الماضية، تعكس القوة التي يتمتع فيها أداء السوق، وتعكس الحجم الهائل من الأموال المتدفقة فيها، في حين لم تستحوذ المشاريع الكبيرة والكثيرة الطاقة الاستيعابية للمشاريع أو المستثمرين، حيث من الممكن الوصول إلى معدلات أكبر لو وجدت بيئة تشريعية تواكب طفرته وتلبي احتياجاته من التنظيمات والآليات لترسيخ ثقة العقاريين والمستثمرين واستقطاب المزيد منهم، التي من شأنها تنمية العجلة الاقتصادية لتخدم جميع الجهات من اقتصاد وطني وناتج محلي، بالإضافة إلى القطاعات المرتبطة بالسوق العقارية السعودية.

ويرى عدد من العقاريين أن العقار لا يزال المنتج الاستثماري الأمن بين المنتجات والقنوات الاستثمارية التي تستقطب رؤوس الأموال على الدوام، الأمر الذي جعل السوق العقارية المنافس الأول لسوق الأسهم المالية في السعودية، التي أثبتت مقدرتها على جذب رؤوس الأموال بشكل كبير خلال السنة الجارية، وأثرت بشكل كبير على جميع القنوات الاستثمارية الأخرى.

وبما ان السوق العقارية حققت نجاحات كبيرة خلال السنوات الماضية، خاصة في نظام المساهمات العقارية وتحقيقها لمكاسب عالية ونجاحات حقيقة في وقت يعتبر بالقياسي، كانت السوق مغرية لجميع العاملين في القطاعات الأخرى لخوض التجربة لتحقيق مكاسب وارباح، مستفيدين من طفرة العقار وثقة المستثمرين فيه بعد ما أصبح ملائماً لجميع فئات المجتمع، لما قاده بعض العقاريين من تغيير فكر في طريقة التعامل مع السوق العقارية التي كانت حكراً على العقاريين.

وكما هو الحال في سوق الأسهم الحالي بدخول مستثمرين بدون علم أو دراية في طريقة التعامل، التي تؤدي بهم إلى خسارة رأسمالهم في اغلب الأحيان والتوقعات، فإن السوق العقارية ليست ببعيدة عن ذلك، كما هو حال جميع الاستثمارات بمختلف أنواعها.

وقد شهدت السوق العقارية دخول عدد كبير من المستثمرين في مجالات أخرى على شكل شركات عقارية وفتح مساهمات عقارية وطلب اكتتاب عبر مختلف فئات المستثمرين، ومن ثم الاكتتاب فيها، واقفالها والتورط بأموال المساهمين لعدم معرفة القائمين أو العاملين فيها بكيفية التصرف مع المساهمة وربطها بأموال المساهمين، أو اختلاف وضع السوق العقارية المعرض لأي تطورات تحدث لها كالارتفاع مثلاً في سوق الأسهم السعودية، الذي سحب سيولة كثيرة من جميع الأسواق، في حين قد يدخل للسوق من له خبرة طويلة فيها، لكن لا تسعفه الظروف لخدمة حلمه الذي يراوده لتطوير ارض أو إنشاء منشآت سكنية وعقارية، وقد تسبب له نكسة في خططه ومشاريعه.

وفي الآونة الأخيرة كثر الحديث عن مساهمة مخطط سحاب التابعة لشركة أملاك المطورة ومقرها الرياض، وخرجت نزعات بين القائمين على الشركة وبين المساهمين، بالإضافة إلى دخول عدد كبير من المحامين والمتطوعين لحل القضية محل النزاع.

مخطط السحاب الواقع في شمال العاصمة السعودية الرياض على مساحة تتجاوز 839 ألف متر مربع، طرحته شركة أملاك المطورة في شهر للاكتتاب العام في شهر سبتمبر (ايلول) من العام الماضي، بمبلغ 10 آلاف ريال (2666 دولارا) للسهم الواحد، الذي تبلغ مساحته 48.78 متر مربع من اجمالي المساحة، وطرحت ما يقارب 13765 سهما بمبلغ إجمالي يصل إلى 137.65 مليون ريال (36.7 مليون دولار)، وذلك بعد موافقة وزارة التجارة السعودية باستيفاء جميع شروط المساهمات العقارية.

وشهدت المساهمة اقبالا جيدا من قبل المساهمين، حيث شرعوا للاكتتاب من مختلف مناطق السعودية ومن بعض دول الخليج العربي، واستمرت ما يقارب الثلاثة اشهر حتى تم اقفال المساهمة بدون ان تغطي كامل المبالغ الكفيلة بتغطيتها، اذ ذكرت مصادر أن الشركة عملت على تغطيتها بنفسها، أو اقفالها من دون التغطية.

وعملت الشركة على تطوير الأرض، لكن ببطء شديد لحين الانتهاء من اشكالية الأرض، حيث تم توقيع عقد المبايعة بين شركة أملاك المطورة وبين شركة خطط المستقبل مالكة الأرض، التي قد اشترتها أملاك المطورة بقيمة اجمالية تتجاوز 151 مليون ريال (40 مليون دولار)، إلا ان الإجراءات لم تكتمل، مما دفع شركة أملاك المطورة إلى رفع قضية بعد ضغوط المساهمين على شركة خطط المستقبل للتطوير والاستثمار العقاري بخصوص الأرض ومطالبتها بإعادة مبلغ 17589840 ريالا (4.6 مليون دولار)، وقد رفعتها في ديوان المظالم الذي لم يصدر أي حكم على القضية كونها من دعاوى العقارات وإيجاراتها، وهي بذلك لا تعد من الأعمال التجارية بناء على نص المادة الثالثة من نظام المحكمة التجارية، وأن هذه القضية تخرج عن ولاية الديوان بصفته المختص بنظر المنازعات التجارية.

وبعد ذلك اعلنت شركة أملاك المطورة في بيان لها انها تعتزم تعويض المساهمين عن الخسائر التي لحقت بالمساهمة، موضحة ان الشركة تنوي تسهيل الإجراءات للراغبين من المساهمين في المشاركة بالأراضي التي تمتلكها في باقي مناطق السعودية، إلا ان ذلك غير ممكن، حيث ان وزارة التجارة أوقفت العمل بالمساهمات العقارية لحين موعد غير محدد.

في حين ذكرت شركة خطط المستقبل للتطوير والاستثمار العقاري، أنها لا تمت للمساهمين لا من قريب ولا من بعيد في ما يتعلق بمخطط السحاب، وأشارت إلى وجود حكم صادر لصالحها بما يتعلق بارض المشروع.

وذكر بنيدر الحربي، رئيس مجلس ادارة شركة أملاك المطورة، في تصريح خاص بـ «الشرق الأوسط»، أن الشركة بدأت بصرف اموال المساهمين خلال نهاية الاسبوع الماضي، مشيراً الى ان لدى الشركة اصولا تغطي اضعاف حقوق المساهمين، لكن ركود السوق العقارية اجل طرح تلك الاصول لحين عودة انتعاش السوق في بداية الموسم العقاري القادم.

وأشار إلى ان الشركة تعمل على تصفية حقوق جميع المساهمين بشكل متواصل خلال فترة قادمة، حيث لا تزال الشركة تطالب بحقوقها من قِبل بعض الجهات التي عملت معها خلال فترة بداية طرح المساهمة وتطويرها.

ووعد بنيدر الحربي جميع مساهمي مخطط السحاب بصرف حقوقهم وأموالهم، وانه بحاجة لوقت للانتهاء من بعض الترتيبات لحين صرف جميع الاموال للمساهمين.

في حين يطالب المساهمون بإرجاع حقوقهم، وذلك بعد تشكل ائتلاف من المساهمين لحل القضية بكافة الطرق والوسائل من اجل إرجاع اموالهم من قِبل الشركة، حيث رفض عدد كبير منهم الحل الذي أوجدته املاك المطورة بالمشاركة في مساهمات أخرى، وسعوا إلى إيجاد جميع السبل التي تساعد المساهمين على حل قضيتهم.

وقد وكلوا في هذا الاطار المحامي الحديثي، عضو هيئة التحكيم السعودي، حيث وافق عدد كبير من المساهمين على توكيل الحديثي كمحام لقضيتهم ضد شركة أملاك المطورة، الذي قام بدوره بخصخصة موظف لتلقي استفسارات المساهمين، كما خصصوا رقم هاتف للشكاوى لذلك لمتابعة القضية وآخر المستجدات، وذلك للاستفادة من عامل الوقت، وطالبت اللجنة التطوعية من المساهمين، جميع المتضررين بالتحلي بالصبر والحكمة في عرض متابعة قضيتهم.

وأشارت اللجنة إلى أن كل المساهمين لم يقدموا على المساهمة في مخطط السحاب، إلا بعد تصريح وزارة التجارة، ليكتشفوا بعد ذلك تخلي وزارة التجارة عن نظامها. وذكر المساهمون أن الشركة لم تصرف أيا من الاموال خلال الفترة الماضية، وأن اللجنة المكونة من المساهمين خاطبت الجهات الرسمية وقدمت شكاوى قدموها لوزير التجارة وإمارة الرياض وشكوى أحيلت للمحكمة من الامارة.

وتحدث خالد سندي، أحد اطراف قضية الخلاف بين المساهمين وشركة أملاك المطورة، الذي دخل للقضية كطرف لحل الخلاف بين المساهمين والشركة عن وضع المساهمة، فقال ان الشركة سعت إلى ارجاع بعض المبالغ لعدد من المساهمين تصل إلى 59 مليون ريال (15 مليون دولار)، بالإضافة إلى سعي الشركة إلى بيع بعض أملاكها من الأراضي والعقارات، لكن السوق لا تسمح ببيع تلك الأراضي والعقارات كونها تمر بفترة ركود.

وافاد، حتى ان الشركة عرضت بعض الأراضي والعقارات بأقل من راسمالها بنسبة 30 في المائة، إلا انه لم يتم بيعها لعدم وجود الطلب، مشيرا إلى انه طلب 30 في المائة لدفعها للمساهمين، وانه خلال ستة اشهر سيتم توفير 20 في المائة من المبالغ المطلوبة، إلا انه من الممكن توفير جميع المبالغ في حال عادت السوق العقارية للنمو من جديد، مشيراً الى وجود عدد من الجهات استغلوا وضع الاختلاف لرفع قضايا لا تخدم المخطط، مؤكداً أن الأرض ترجع لأملاك بموجب عقد مبايعة حتى لو لم يتم دفع كامل المبلغ.

وأكد ان هناك مصاريف ادارية قد تم صرفها، حيث تم رصد خسارة بنحو 25 في المائة، وان الشر كة تعمل على تعويضها، مشيراً الى ان التوقيت الذي دخلت فيه الشركة للسوق العقارية لم يكن مناسبا كون السوق دخلت في فترة ركود بعد طرحها للمساهمة.

وذكر سندي أنه سحب أمواله من المساهمة في بدايتها، التي تبلغ 22 مليون ريال (5.8 مليون دولار)، وذلك لتأخر إفراغ الأرض، الذي تم في بداية السنة الهجرية، التي لا تخدم مصالحه الشخصية على حد تعبيره، مؤكداً أنه يحاول إصلاح القضية بين الشركة والمساهمين.

الى ذلك ذكرت اعتدال يوسف، مساهمة من دولة الكويت، انها ساهمت في المشروع بمبلغ 11 الف دينار كويتي (37 الف دولار) في المساهمة، وهي تسعى فقط لاسترجاع راس المال الذي جمد لفترة طويلة كون المخطط دخل في خلاف، وهي سعت لتوكيل محام لرفع قضية على وزارة التجارة مطالبة بتعويضها براس المال من غير ارباح، من أجل رجوع راس المال بدلاً من ضياعه.