ترقب إصلاح الضرائب العقارية في المغرب وسط تخوف من إلغاء امتيازات السكن الاجتماعي

العمليات العقارية تخضع لـ19ضريبة تمثل 20% من كلفة الإنتاج

TT

تسود القطاع العقاري المغربي حالة من الترقب وسط إشاعات عن قرب الإعلان عن ترتيبات جبائية جديدة تهم القطاع. ويتخوف المنعشون العقاريون بشكل خاص من إقدام الحكومة على التراجع عن الامتيازات الضريبية التي تمنحها لبرامج السكن الاقتصادي في إطار ما يسمى «البند 19 من قانون المالية». وينص هذا البند الذي تم اعتماده منذ سنة 2000 على الإعفاء الضريبي لفائدة المشاريع السكنية التي تتعهد ببناء أزيد من 2500 سكن اجتماعي في ظرف 5 سنوات، ويحدد القانون مفهوم السكن الاجتماعي في شقق لا تتجاوز مساحتها 100 متر مربع ولا يفوق ثمنها 200 ألف درهم (22 ألف دولار). ويقول محمد حاتم الإدريسي، المندوب العام لجمعية المجزئين والمنعشين العقاريين في الدار البيضاء، إن موضوع إلغاء الامتيازات التي يتمتع بها قطاع السكن الاجتماعي تشكل قلقا حقيقيا بالنسبة للمهنيين.

وأضاف في حديث لـ «الشرق الأوسط» ان الاتحاد المهني للمنعشين العقاريين قدم للحكومة مذكرة بهذا الشأن عبر الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وطالب فيها بعدم إلغاء تلك الامتيازات. وقال الإدريسي «إننا ننتظر خروج مشروع قانون المالية (الموازنة) لسنة 2006 خلال الأسابيع المقبلة لتتضح لنا الرؤيا والتأكد من ما إذا كانت إدارة الضرائب ستحافظ على تلك المكتسبات أم أنها ستلغيها».

وأشار الإدريسي إلى أهمية وضرورة تمتع قطاع السكن الاجتماعي بهذه الامتيازات لأنه، على حد قوله، لا يمكن إنتاج سكن يقل ثمنه عن 200 ألف درهم (22 ألف دولار) بدونها.

ووصف الاستثمار في مشاريع ضخمة للسكن منخفض الثمن بأنها مغامرة كبيرة، وقال إن على الدولة أن تضع محفزات وامتيازات لتشجيع المستثمرين على خوض غمارها. ومن جهته، قال مصدر في الوزارة المنتدبة لدى الوزير الاول (رئيس الوزراء) المكلفة الإسكان والتعمير، إن الحديث عن إلغاء امتيازات البند 19من قانون المالية من طرف إدارة الضرائب التابعة لوزارة المالية كان رائجا منذ السنة الماضية، لكنه استبعد أن تقدم الإدارة على ذلك في قانون المالية المقبل نظرا للضغوط التي تتعرض لها من أوساط مختلفة، وخاصة بسبب الطابع الاجتماعي لهذا الامتيازات وأهميتها في سياق السياسة الاجتماعية للحكومة والهادفة إلى سد العجز الكبير في مجال السكن في وقت وجيز وذلك عبر إفساح المجال أمام القطاع الخاص للمساهمة في بلوغ أهداف هذه السياسة والمتمثلة في إنتاج 100ألف سكن جديد كل عام.

وأضاف المصدر أن إدارة الضرائب بصدد إعداد إصلاح شامل للنظام الجبائي المغربي، بما في ذلك النظام الضريبي الخاص بالقطاع العقاري، بدعم من البنك العالمي والاتحاد الأوروبي.

وكانت كتابة الدولة لدى الوزير الأول المكلفة الاسكان والتعمير قد أنجزت دراسة حول النظام الضريبي الذي يخضع له القطاع العقاري بالمغرب وتقدمت بمجموعة من الاقتراحات من أجل اصلاحه وتبسيطه. وكشفت الدراسة أن المعاملات العقارية بالمغرب تخضع لـ 19 ضريبة مختلفة، وأن مجموع الاقتطاعات الضريبية تمثل نحو 20% من كلفة المباني اضافة الى ذلك يقول المصدر ان نظام الضرائب الذي يخضع له القطاع العقاري يتميز بالتعقد وعدم الاستقرار ذلك انه بسبب التغييرات الكثيرة التي يعرفها من سنة لأخرى سواء في نسب هذه الضرائب أو في شكلها وسعة تطبيقها، جعل التعامل معه حكرا على ذوي الاختصاص فلفه بالغموض واصبح معقدا بالنسبة للمهنيين. وأوصت الدراسة بضرورة تخفيض عدد الضرائب وتبسيطها ووضع نظام ضريبي واضح ومحفز للاستثمار.

وبخصوص الاعفاء الضريبي الذي تتمتع به برامج السكن الاجتماعي أوصت وزارة الاسكان والتعمير بمراجعة حجم البرامج السكنية المرشحة للاستفادة، وتقليصه من 2500 سكن الى 1000 سكن لفتح المجال أمام مقاولات من الحجم الصغير والمتوسط للاستثمار في هذا المجال وتوسيع المشاريع السكنية الى المدن الصغرى التي لا تسمح قدراتها باطلاق مشاريع من هذا الحجم.

غير أن سوء استعمال الامتيازات الضريبية الخاصة بالسكن الاجتماعي من طرف بعض المنعشين العقاريين يضع المدافعين عنها في موقف حرج، فقد أبرزت دراسة ميدانية لوزارة الاسكان والتعمير أن 50% من المعاملات العقارية الخاصة بالسكن الاجتماعي لم يتم فيها احترام التزامات المنعشين العقاريين حيث قاموا بتسويق الشقق بثمن يفوق200 ألف درهم بنسب تصل أحيانا الى 30%، رغم أن الثمن المصرح به في العقود لا يتجاوز 200 ألف درهم (22 ألف دولار) الشيء الذي مكنهم من الاستفادة من الاعفاء الضريبي. وتقدر حصة القطاع الخاص في انتاج السكن الاجتماعي بالمغرب بنحو 65 %، فيما يتم انجاز الباقي من طرف مؤسسات تابعة للدولة.

وأضاف المصدر ذاته أن الوزارة بصدد اطلاق حملة توعية اتجاه المواطنين قصد تمكينهم من معرفة حقوقهم والدفاع عنها والمطالبة بالامتيازات التي يمنحها لهم القانون في اطار برامج السكن الاجتماعي، وذلك من خلال فتح حملات للتوعية والتواصل بمقرات مندوبيات الوزارة، واعداد وتوزيع مطبوع دليل المشتري من أجل احاطة المواطنين بكافة المعلومات التقنية والتسويقية المتعلقة بالسكن الاجتماعي.