مجمعات «لايف ستايل» تضمن الخدمات العصرية لسكانها

أنجح العقارات الاستثمارية في 2006

TT

اذا كانت معظم النصائح العقارية توجه للمستثمر الفرد فيما يخص قراراته الاستثمارية الخاصة بالعقار، فإن النصيحة هذه المرة موجهة للشركات المطورة للعقار، ومنها العشرات من كل الاحجام تعمل في المدن العربية الناجحة مثل دبي وابوظبي والمناطق الشرقية في المملكة العربية السعودية، ومواقع اخرى. فهذه الشركات مطالبة بالتوقف برهة لمراجعة مشاريعها الاستثمارية وإدخال بعض التعديلات عليها لكي تزيد من قيمتها وترفع الطلب عليها وتسرع من عملية البيع، بأقل معدل من التكاليف.

والفكرة ليست معقدة وانما هي مستعارة من شركات العقار العالمية التي لاحظت الاقبال الكبير على الشراء في المواقع السياحية، على رغم ان المشترين في هذه المواقع لا يعيشون فيها طوال العام. والسبب كما اكتشفت هذه الشركات هو وجود الخدمات العصرية في المنشآت السياحية: مثل المطاعم والكافيتريات ومنافذ التسلية للاطفال ومقاهي الإنترنت، وربما ايضا صالونات الحلاقة والتجميل ومنافذ بيع الهدايا.

وهنا ادركت الشركات ان بناء مجمعات سكنية في المدن لا بد وان يحتوي ايضا على المستوى نفسه من الخدمات، الذي من شأنه ان يزيد الاقبال عليها.

هذا النوع من المجمعات أخذ ينتشر في المدن الغربية، كما ان المزيد منها مرصود للبناء في الاعوام المقبلة. ويقول خبراء الاعمار ان الطلب على الوحدات السكنية متكاملة الخدمات يرتفع عن مثيله في المجمعات السكنية العادية بحوالي 25 في المائة، ويقدرون ان هذه النسبة هي ايضا الفارق في الثمن بين قيمة السكن في النوعين من المجمعات.

معيشة المدن

* من العوامل التي ادت الى الاقبال على المجمعات السكنية ذات الخدمات المتكاملة، نوعية المعيشة في المدن العصرية. فسكان المدن يعانون من الازدحام وصعوبة العثور على أماكن لصف السيارات. كما ان العمل لساعات طويلة خلال اليوم يجعل الخروج ليلا للبحث عن مطعم من المهام المحبطة للخروج. ولكن وجود الخدمات في موقع السكن يشجع على الخروج والاستمتاع بوقت خارج المنزل بدون الاضطرار الى الذهاب بعيدا.

وفي التخطيطات الجديدة يدخل جانب الخدمات في المعادلة وكأنه الركن الاهم في المجمعات الجديدة، حيث ترصد مساحات كافية للوحدات التجارية، ويتم تحديد نشاط العمل فيها من مرحلة التخطيط وتعرض للتشغيل وفق هذه الانشطة مع اشتراط عدم تغيير النشاط. وترفض بعض المجمعات منح مطاعم الوجبات السريعة فرصة العمل من مواقعها حتى لا تتأثر قيمة العقارات سلبا. وفي لندن مثلا هناك مجمعات سكنية تدير الخدمات في الموقع بنفسها ولا تسمح الا بالمنافذ المرموقة للعمل في المواقع نفسها. من هذه المجمعات ما يعرف باسم إمبريال وارف في جنوب غربي العاصمة. وهو في طور البناء للسكن في عام 2006. من الخدمات التي تعتزم ادارة الموقع الاشراف عليها لصالح سكان الموقع فقط في المرحلة الاولى مواقع لمطاعم فاخرة واندية صحية ومحلات هدايا وكافيتريات. ولعل ذلك هو سبب ان الشقق في هذا المجمع تعرض بأسعار تبدأ من نصف مليون استرليني.

من العوامل الجاذبة ايضا الموقع النهري لهذا المجمع السكني الجديد الذي يجعل الاقبال على المطاعم والمقاهي فيه تجربة سوف تتوسع بالتأكيد في المستقبل لتجذب زبائن من خارجه. وتأمل هذه المجمعات ان تتحول الى مواقع جذب سكني وتجاري في المناطق التي تقام فيها، بحيث تساهم في رفع مستوى الخدمات في المنطقة بهدف الارتقاء بقيمة العقار للمستثمرين فيه.

المدن العربية

* العديد من المشاريع الجديدة المعروضة للاستثمار في المدن العربية تعتمد على المواقع الجيدة او على السعة الداخلية. فهي، كما يظهر من اعلاناتها، تركز على الاطلالة على البحر او الواجهات المفتوحة بلا مشاريع قريبة بالارتفاع نفسه (الامر الذي يمكن ان يتغير في المستقبل) او المساحات الكبيرة في الداخل وامكانية وصل وحدتين سكنيتين معا. ولكن القليل منها يخصص خدمات مناسبة للعائلات المقيمة فيها. فالطابق الارضي قد يكون مخصصا للمنافذ التجارية، ولكن بلا اشتراط لنشاط مفيد لسكان العقار. وهناك العديد من الامثلة لعقارات جديدة تحتل فيها محلات لبيع قطع غيار السيارات او الادوات المنزلية مواقع الواجهة بدلا من انشطة اجتماعية مثل المقاهي او المطاعم. وقد تقدم هذه العقارات الجديدة اماكن لصف السيارات داخل مرآب خاص، وهي خدمات جيدة وضرورية ولكنها لا تكفي.

والمفيد لمطوري هذه العقارات معرفة ان مثل هذه النشاطات ليست مضيعة لمساحات تجارية وانما هي اضافة لقيمة العقار وضمانا للاقبال عليه. وهناك العديد من الانشطة التي يمكن اضافتها للعقارات العربية لزيادة الاقبال عليها ومن ثم رفع قيمتها من هذه الخدمات حمامات السباحة والاندية الصحية والمقاهي والمطاعم المرموقه من النوع الذي يوجد داخل الفنادق. ولا بد من التفكير في المجمعات السكنية وكأنها مجمعات سياحية او فنادق فاخرة وتوفير الخدمات لها بالمقاييس نفسها. فسكان هذه المجمعات لن يمانعوا في دفع مبالغ اكبر فيها لمن يضمن لهم اسلوب حياة مميزة. وتشمل مطالب المشترين الخدمات المعيشية المتنوعة، وربما ايضا توفير بعض المساحات الخضراء الخاصة بالعقار وضمان الهدوء المعيشي عبر معايير بناء تأخذ في الاعتبار عوازل الصوت ضمن الجدران المشتركة وعبر منع النشاطات المزعجة من العقارات. فالهدوء في المدن العربية ما زال هو العامل المفقود الذي يكلف هذه المدن الكثير من قيمتها كمواقع جذب عقاري.

المدن الغربية

* المدن الغربية لم تحل كل مشاكلها بعد، ولكنها تبتكر الحلول دوما. من ضمن المشاريع التي لفتت نظر الطبقة الراقية في السنوات الاخيرة موقع في منطقة تشيلسي كان في الماضي جامعة اكاديمية. ولكنه الان مشروع عقاري متكامل باسم كنجز تشيلسي. وهو مدينة داخل مدينة، حيث يقع على مساحة سبعة افدنة ويوفر لسكانه وحدات عقارية منبسطة على موقع هو في الواقع حديقة واسعة، خلف بوابات خارجية توفر ما يعتبره سكان المنطقة أحد اهم احتياجاتهم، وهو الأمن. وتتوافر الخدمات المتعددة لسكان هذا المجمع الافقي الراقي منها حمامات السباحة والاندية الصحية وملاعب التنس المغطاة ومواقف السيارات تحت الارض. وقد بيعت كل الوحدات المعروضة للبيع خلال الشهور الستة الاخيرة ولم يبق الا عقار اخير معروض للبيع الان بسعر 3.5 مليون جنيه استرليني. فالموقع والخدمات ضمنت لمطور هذا المشروع فرض الاسعار التي يراها مناسبة.

في المانيا مشروعات اخرى طورت مواقع قديمة بحلول جديدة كان منها ربط الموقع كله بشبكة كومبيوتر لاسلكي سريع من نوع «برودباند» بعد ان اكتشفت من ابحاث السوق ان هذه الخدمة هى اهم ما يبحث عنه المشتري الالماني المتعلق بالتقنيات الحديثة اكثر من الخروج الاجتماعي.

وفي اسبانيا قرى سياحية جديدة لها كل مميزات المنتجعات العالمية فيما عدا انها تعرض كلها للاسبان انفسهم للسكن والمعيشة طوال شهور العام. وتعمل كل قرية على اساس انها وحدة متكاملة من حيث الصيانة والتأمين والحدائق وحمامات السباحة، لقاء عوائد سنوية تفرض على السكان. وتصل بعض القرى الى حد المشاركة ايضا في الكهرباء والمياه وفق اشتراك موحد يفرض على الجميع بنسبة مساحة العقار.

وهذه الحلول المبتكرة تصب جميعها في خانة واحدة هي توفير الخدمات التي يبحث عنها المشتري والمستثمر في مشروعات العقار الجديدة، فلم يعد يكفي الاعلان عن شقق جديدة في موقع متميز ولكن بلا خدمات مصاحبة. المستقبل هو لمشروعات الخدمات المتكاملة وفقا لرغبات المشتري، واحيانا بما يفوق توقعاته. فالمشروعات الجديدة تهدف الى أبهار العميل وليس فقط سد حاجاته.