المغرب: إطلاق أول صندوق يستهدف استثمار111 مليون دولار في قطاع العقارات

TT

في أول تجربة من نوعها في المغرب، أطلق البنك المغربي للتجارة الخارجية، بتحالف مع مكتب «الأزرق» للاستشارة العقارية، أول صندوق للاستثمار العقاري بالمغرب. ويهدف الصندوق إلى استثمار نحو مليار درهم (111مليون دولار) في 10مشاريع عقارية لمدة تتراوح بين 5 و7 سنوات. ويعتزم الصندوق تمويل استثماراته بحصة 33 في المائة من الرأسمال والباقي بقروض مصرفية.

وحول الخطوات الأولى للصندوق وطريقة عمله وأهدافه وتقديره لقدرات السوق العقارية المغربية تحدث رشيد الأزرق، مدير عام المكتب العقاري عبد الله الأزرق، ومستشار العمليات العقارية للصندوق لـ «الشرق الاوسط» حول اهداف الصندوق وخططه المستقبلية. > ما هي طبيعة عمل الصندوق وما يميزه عن باقي المتدخلين في السوق العقارية؟

ـ نوع النشاط الذي نزاوله من خلال الصندوق، جديد بالنسبة للسوق المغربية، فالصندوق ليس منعشا عقاريا كما أنه لا يسعى إلى تكوين رصيد عقاري. فهدف الصندوق يمكن اختزاله في عملية تحويل للأصول العقارية إلى أصول مالية، أو بتعبير أدق إلى أصول شبه مالية. فنحن نقوم بشراء أصل عقاري موجود أو في طور الإنجاز ونقوم بإعادة هيكلته إما من حيث الشكل والهيئة والتزيين والتأثيث أو من حيث الوضع القانوني لملاءمته مع طلب معين، ثم نعرض المنتوج في شكله الجديد للإيجار من طرف أفراد أو مؤسسات تتوفر فيها جميع الشروط والضمانات فيما يتعلق بالقدرة على الوفاء بالالتزامات وأداء مستحقات الإيجار في وقتها. وبعد مدة تتراوح بين 5 و7 سنوات نعرض المنتوج للبيع للمستثمرين الراغبين في توظيف أموالهم في منتوج ذي دخل قار ومضمون ومرتفع. عند ذلك يكون الاستثمار في الأصل العقاري الذي تم تحويله وإعداده بهذا الشكل شبيها بالاستثمار في سندات أو أسهم بالبورصة، أي أنه تحول إلى شبه أصل مالي.

> لماذا لا يقوم الصندوق بالإنشاء بدل الاعتماد على شراء بنايات قائمة أو في طور الإنتاج؟

ـ الفرق هو نسبة المخاطر التي نتعرض لها، فالدخول في مشروع إنشاء تكتنفه سلسلة من المخاطر المتنوعة منها مخاطر الموازنة إذ لا يمكن معرفة إن كان المشروع سيبقى في حدود الميزانية الأصلية المحددة في البداية أم أنه سيتجاوزها عند نهايته، كما أن هناك المخاطر المرتبطة بآجال الإنجاز التي تمتد على عدة سنوات ولا يمكن معرفتها بالضبط عند إطلاق المشروع. النوع الثالث من المخاطر يرتبط بتقلبات السوق فعند إطلاق المشروع تتم المراهنة على وضعية السوق في حي أو منطقة معينة ولا شيء يمكن أن يؤكد ما يمكن أن تكون عليه السوق بعد عدة سنوات. أما بخصوص نوعية المشاريع التي نقوم بها فالمخاطر محصورة والاستثمارات تتم داخل أجل قصير ومحدود.

> ما هي المردودية المرتقبة للمشاريع التي تعتزمون الاستثمار فيها؟

ـ نتوقع نسبة مردودية عالية بالنسبة للصندوق، فهو يتشكل من كفاءتين متكاملتين، الخبرة الميدانية لمكتب الأزرق العقاري والمرتكزة على تجربة 50 سنة من العمل في السوق العقارية المغربية من جهة، والخبرة المالية والمصرفية الفذة للبنك المغربي للتجارة الخارجية. فالبرامج الاستثمارية مدروسة بعناية فائقة من كل جوانبها وخطواتنا في كافة مراحل المشروع محسوبة بدقة. لذلك نتوقع تحقيق عائد على الرأسمال بنسبة 20%. فالمشاريع التي نقودها تستفيد من جهة من اقتصادات السلم، لأن كلفة شراء عمارة كاملة أو عدة عمارات دفعة واحدة تقل كثيرا عن كلفة شراء شقة أو طابق في عمارة. ومن جهة ثانية نعتمد على دور الرافعة الذي تلعبه القروض المصرفية والتي تدخل في تمويل مشاريعنا بنحو 60%. فالكلفة المالية للقروض هي دون المردودية المرتقبة للمشاريع وبالتالي فإن الفارق سيغذي عائد الرأسمال الذاتي للصندوق.

> حاليا ماهي الخطوات التي قطعها الصندوق؟

ـ حاليا أغلقنا مرحلة الاكتتاب في الشطر الأول من الصندوق والبالغ 200 مليون درهم (22 مليون دولار). ولدينا الآن تعهدات بالاكتتاب في هذا الشطر من طرف مؤسسات إستثمارية مغربية من الدرجة الأولى كالمجموعة «الوطنية المغربية للتأمين» والمجموعة التعاضدية للتأمين الزراعي «مامدا» و«صندوق الإيداع والتدبير»، بالإضافة طبعا للشريكين المؤسسين. وحتى الآن تم تحرير 10% من هذا الشطر من رأس المال وتعهد المكتتبون بتحرير الأموال الباقية تدريجيا حسب حاجيات الصندوق ووتيرة تطور نشاطه. ونحن الآن بصدد إغلاق الاكتتاب في الشطر الثاني من رأسمال الصندوق ويتكون من 150مليون درهم (17مليون دولار) ونترقب أن يتم ذلك قبل نهاية العام. فالصندوق سيتكون في النهاية من مبلغ 350 مليون درهم (39 مليون دولار) كأموال ذاتية، وسيعتمد في تحقيق أهدافه على نحو 700 مليون درهم (78 مليون دولار) من القروض المصرفية.

> لكن إلى أي حد تعتبرون أن السوق المغربية مستعدة لاستيعاب مثل هذا المنتوج الجديد، وهل هناك مكان لمثل هذا المشروع وسط تعدد وتنوع المتدخلين في السوق العقارية المغربية؟

ـ نحن جد متفائلون خصوصا وأننا حققنا أول عملية لنا ولم تمض سوى 3 أشهر على انطلاق الصندوق. ونأمل في إنجاز مشروعين آخرين قبل نهاية العام.

> ما هي طبيعة هذه العملية الأولى؟

ـ اشترينا عمارة من 5 طوابق بمنطقة سيدي معروف بالدار البيضاء وقمنا بكرائها لشركة كبرى في مجال الاتصالات بعد إعادة هيكلتها؟

> من تكون هذه الشركة؟

ـ ميديتيليكوم.

> لنعد للسؤال حول تقديركم لقدرات السوق؟

ـ السوق العقارية المغربية تعرف حاليا مرحلة نمو قوي وتوسع كبير. والأساسي بالنسبة لنا هو وجود طلب. فهناك طلب قوي على المنشآت السكنية تحت ضغط الحاجيات ولكن أيضا بفضل السياسة التحفيزية للحكومة التي تدعم تمليك المساكن. هناك أيضا طلب كبير كميا ونوعيا على عقارات المكاتب والإدارات في سياق نمو الاستثمار ودخول العديد من الشركات العالمية الكبرى إلى المغرب. وهذه الشركات تطلب منشآت ومرافق لإيواء مقراتها في نفس مواصفات ومعايير المنشآت المماثلة في أوروبا وأميركا، في الوقت الذي لا يزال فيه هذا الجزء من السوق تقليديا ومتخلفا عندنا، وهنا نعتقد أن لنا دورا نقوم به في تهيئة وإعداد مقرات ومكاتب تتوفر على المواصفات المطلوبة للاستجابة لهذا الطلب المتنامي. هناك أيضا الفضاءات التجارية التي أصبح الاستثمار في إعدادها وتهييئها من الفرص المهمة في القطاع العقاري مع دخول علامات دولية كبرى في مجال التوزيع للسوق المغربية والنمو الكبير الذي يعرفه هذا القطاع منذ سنوات. بالنسبة لنا قررنا البداية من قطاع الخدمات والمكاتب ثم نمر في مرحلة لاحقة للاستثمار في المخازن اللوجستيكية والعقار الصناعي ثم السكن، وذلك بهدف تنويع المنتجات وتقسيم المخاطر على مختلف أشطر السوق.

> لكن ألا يشكل غلاء الأراضي وارتفاع أسعار العقارات عائقا أمام تحقيق أهدافكم.

ـ صحيح أن ارتفاع أسعار العقار هو أمر واقع، لكن كما قلت لك مشاريعنا ترتكز على حسابات ودراسات دقيقة. أما من حيث الصعوبات فأعتقد أن أهم الصعوبات التي قد تصادفنا تكمن في الجانب القانوني والجبائي. فالقوانين العقارية في المغرب قديمة ومتجاوزة وهي تعود في معظمها إلى العشرينات من القرن الماضي، وهذه القوانين تحمي المستأجر أكثر مما تحمي حقوق المالك، وهذا يطرح لنا مشكلة حقيقية، لذلك نولي عناية خاصة لانتقاء المستأجرين. أما الضرائب فهي ثقيلة ومتعددة ومعقدة. والضريبة على الشركات تبلغ 35%، والضريبة على القيمة المضافة غير قابلة للاسترجاع في حالة الكراء، دون الحديث عن رسوم التسجيل وترسانة الجبايات البلدية.