إعصار «كاترينا» يضع أسعار البيوت في أميركا بين كماشة القلق بشأن الانتعاش الاقتصادي المقبل ومشاريع إعادة الإعمار

TT

على الرغم من كل الحديث الذي يجري حول ارتفاع اسعار العقارات في أميركا الا أن هناك خطرا فعليا من أن هذه السعار ستواجه هبوطا، في اعقاب آثار اقتصادية غير سارة. وبوسع المرء ان يختلف مع ستيف فوربس الذي يقول انه ليس هناك الكثير مما يمكن أن يقلق المرء بسببه في أسعار البيوت.

وذكرت مجلة «فوربس» في عددها الاخير ان العلاقة بين عقارات السكن وحالة الاقتصاد لا بد أن تكون مرتبطة مع معدل الادخار الواطئ للأميركيين. فارتفاع اسعار البيوت يجعل المستهلكين يشعرون بالغنى، ولذلك يدخرون أقل ويستدينون أكثر. واذ يحصلون على اموال من بيوتهم عندما يقومون بعملية اعادة تمويل، أو انتقال وحصول على رهن عقاري أكبر فان الكثير من مالكي البيوت يستخدمون الأموال المستدانة من أجل التعويض عن مداخيلهم المتدنية وفواتير الطاقة الهائلة. وتمتلك معظم الأسر الكبيرة موجودات مالية يبلغ متوسطها 700. 50 دولار وهو ما لا يكفي لحياة تقاعد مريحة. غير انهم يعتقدون ان أسعار البيوت المرتفعة دائما ستوفر لهم ضمانات.

لقد كان ارتفاع الاسعار غامرا، حيث جاء ذلك بالتوافق مع مؤشر سعر المستهلك، وبيانات ايجار والمداخيل، ولكن في السنوات الأخيرة تراجعت كل هذه العوامل، حيث تجاوزت أسعار الشقق المملوكة في الوقت الحالي اسعار البيوت المملوكة من جانب عائلة واحدة للمرة الأولى، ذلك ان المستثمرين قدموا عروضهم على هذه العقارات حتى قبل ان يبدأ تشييد المباني.

ويشير التاريخ أيضا الى أن انتعاش عقارات السكن لا يتعين أن ينتهي بصورة حادة. وقد شخصت شركة تأمين الايداعات الفيدرالية 63 ارتفاعا في أسعار البيوت في مدن مختلفة خلال السنوات الثلاثين الماضية، ولكن تسعة من هذه فقط انتهت بهبوط. كما ارتفعت العقارات في مناطق انتاج النفط مع ارتفاع اسعار الطاقة في سنوات سبعينات القرن الماضي وأعقب ذلك هبوط في أواسط الثمانينات. وقفزت اسعار البيوت في كاليفورنيا الجنوبية مع عصر الفضاء في التوسع العسكري خلال ولاية ريغان وانهارت في أوائل التسعينات مع انتهاء الحرب الباردة.

هناك علاقة محدودة بين نشاط العقارات السكنية وعدد الشباب الذين يحتمل أن يبدأوا تشييد بيوت، ولهذا فانه من غير المحتمل أن يتوجه الشباب والمهاجرون، بالضرورة، الى شراء بيوت العوائل الكبيرة.

وقد يكون الهبوط المقبل في عقارات السكن محليا، فمثال انهيار العقارات في اليابان في سنوات التسعينات مثال مروع. وكان قد حدث شيء مماثل في الولايات المتحدة في سنوات الثلاثينات.

ان انتعاش الاسعار في الوقت الحالي هو بصورة رئيسية في مناطق السياحل ولكن ذلك حيث السكان والمداخيل تتركز. فعندما يهبط الانتعاش الأميركي فانه سيؤثر على عدد من العوائل أكبر من انخفاض الأسهم الحالية، ذلك ان 69 في المائة من العوائل تمتلك بيوتها بينما 50 في المائة تمتلك اسهمها. ان ذوي الدخل المتدني هم أكثر عرضة لتقلبات الاسعار بسبب استثمارهم في البيوت أكثر من استثمارهم في سوق الأسهم.

ويرتاب المحللون في ان نتائج ما بعد اعصار «كاترينا» من انه سيقضي على الانتعاش الا انهم يرون ان الحاجة الى اعادة اعمار منطقة الخليج هائلة والحوافز الاقتصادية ستقيد البطالة التي يمكن أن تبعد الكثير من مشتري العقارات للمرة الأولى.

ان الخطر الحقيقي القائم في سوق العقارات يتمثل في ان الأسعار سترتفع بحيث أن المشترين المحتملين سيقفون على الهامش، والمضاربين المتوترين سيرمون بعقاراتهم في السوق. وفي الوقت الحالي يتميز عرض العقارات السكنية الحالي للبيع بالانتعاش. وعلى الرغم من نشاط المستثمرين في فترة ما بعد اعصار كاترينا، فان الأسهم المرتبطة بعقارات السكن هي في فترة قلق. ان بناة البيوت ومجهزي البناء ودائني الرهن العقاري وشركات تأمين الرهن العقاري وشركات تصنيع الأجهزة المنزلية وشركات بيع المواد والأجهزة البيتية التي يستخدمها المرء بنفسه، سيواجهون جميعا المعاناة في خاتمة المطاف.

واذ تأتي في قمة خسائر سوق السهم، فان هبوط أموال العقارات السكنية سينهي الانتعاش المنفلت في الاقراض والانفاق خلال ربع القرن الماضي ويحفز على نزعة الادخار لدى المستهلكين. وسيلحق ذلك اضرارا بشركات اصدار بطاقات التأمين وشركات تجهيز السلع والخدمات مثل السيارات والسفن والخطوط الجوية والفنادق. وفي الوقت الحالي تلحق أسعار الطاقة المرتفعة السوق الاستهلاكية وستنشر اسعار البيوت المنخفضة آلامها على امتداد طيف البيع بالتجزئة.

هذا تكهن ينذر بشؤم. غير ان هبوطا على مستوى البلاد في أسعار البيوت يمكن أن يسبب اضرارا على مستوى صافي المداخيل ويخلق أزمة مالية تؤدي بانخفاض التضخم الايجابي الناجم عن زيادة العرض الى انخفاض تضخم سلبي ناجم عن الطلب غير الكافي.