قطاع العقارات في الهند ينمو بمعدل 30% سنويا وسط انتعاش الاستثمار السكني

تسهيلات الاستثمار الأجنبي عززت الإقبال على التملك في قطاع الفنادق والمراكز التجارية

TT

تعد صناعة البناء من القوى الكبرى المحركة للنمو الاقتصادي في أية دولة. وأمثلة الاقتصاد الذي قام على نحو صرف على الازدهار المعماري كثيرة. وعلى الفور يتبادر إلى الذهن كل من سنغافورة وهونغ كونغ. كما تزدهر صناعة المعمار في الهند أيضا. يعزز من ذلك الطلب من صناعات أخرى متعددة وتحرير السياسات في الحكومة. وتقدر التنمية في العقارات في الهند باثني عشر مليار دولار أميركي، وتتزايد بمعدل 30 بالمائة في كل عام. وتبلغ ما نسبته 80 بالمائة تقريبا من العقارات المستثمرة في المجال السكني وتتشكل البقية في الأماكن الادارية ومراكز التبضع والفنادق والمستشفيات. وقد غير الطلب المستدام من قطاع تقنية المعلومات الشكل العام في حضر الهند. ومن المنتظر أن يصل الطلب على العقارات من قطاع تقنية المعلومات في الهند إلى 66 مليون قدم مربع خلال الخمس سنين المقبلة. في مارس 2005، كشفت الحكومة الهندية النقاب عن مجموعة من المبادئ التوجيهية المحررة للاستثمار الأجنبي المباشر في سوق العقارات، وبالاساس فتح جميع قطاعات الملكية. وبادئ ذي بدء، فمن المتوقع أن تحفز هذه السياسة الهندية الجديدة من التنمية المشتركة بين الهند والتنمويين (المستثمرين) الأجانب، ومع ذلك، فمن المتوقع أن تبدأ المشاريع الأجنبية الفردية في الظهور كمشاريع تنموية خارجية تكتسب المعرفة من الأسواق الهندية. ويسمح هذا التشريع باستثمار ما مقداره 100% من الاستثمار المباشر الأجنبي في مجال التعمير ومشاريع التنمية كخطوة كبيرة تجاه الازدهار في صناعة البناء كما هو مقدر لضخ اكثر من مليار دولار أميركي سنويا إلى صناعة البناء في الهند. ومن المنتظر أن تشهد الهند نموا سريعا في الاستثمارات الاجنبية في مناطق أعمال الضواحي والمشاريع السكنية الكبيرة ومراكز التسوق والفنادق والأماكن الخدمية أو كليهما معاً. وبالفعل ظهرت بسرعة أراض لمكاتب إدارية تتمتع بالجودة العالمية ومبان جامعية ومراكز تبضع يغلب عليها الطابع الغربي. كما ظهرت معايير فنادق القمة في الهند، مع قصور في الغرف في بعض الأسواق. ونحن نرى بعض شركات التنمية والتعمير الهندية الناجحة جدا، بعضها تتمتع بحافظ أوراق مالية ضخمة جداً. ومع القول بحقيقة ان قضية البنية التحتية هي قضية مستمرة. وتستمر العديد من الشركات الدولية في نقل أعمالها إلى الهند للاستفادة من التكلفة المنخفضة نسبياً. ومع وجود الموارد البشرية كعنصر رئيس في هذه الصناعة، أصبح أمر تعيين الناس واسكانهم يحتلان أهمية كبيرة. فالحاجة إلى إيجاد مكان للناس للعمل والعيش تسببت في تنمية وتطوير أنواع بنية أخرى ذات صلة. وقد تفوقت الهند على المكسيك كدولة أكثر تفضيلا للاستثمار الاجنبي تحتل المرتبة الثالثة، كما جاء على لسان راؤول راي، وهو مدير مساعد لخدمات الاستشارة والمعاملات في ايرنست آند يانج انديا. ويضيف راؤول فيقول «في غضون العشر سنوات المقبلة سوف تزدهر الهند فيما يخص التنمية في الاستثمار العقاري. وسوف يستمر الطلب على مواقع المباني الادارية، بينما ستشهد قطاعات أخرى، مثل الاسكان والبيع بالتجزئة، نمواً. وفي الوقت الحاضر، فهناك عجز كبير في مخزون الاسكان. حيث كان هناك تردد في العشر سنوات الماضية حول الحصول على الرهانات العقارية على المساكن. وقد تلاشى هذا الاحساس بصورة كاملة، حيث يتبع الجميع عمليا مسار الرهانات العقارية في سبيل الحصول على منزل. وهذا شيء سوف يستمر. فسوف يزداد عدد الناس الراغبة في شراء منازل وعند فئة عمرية صغيرة، وستتنامى الصناعة فعلياً. فالامر يشبه البيع بالتجزئة. فالنمو في البيع بالتجزئة المنظم، مقرونا بوجود بائعي التجزئة الدوليين، وهو أمر ممكن حدوثه قريبا جدا، سوف يدعم أيضا الطلب على اماكن تجارية مخصصة للبيع بالتجزئة».

ولا تزال الهند غير منفتحة على بائعي التجزئة. ومن المنتظر أن تقوم الحكومة بتحرير الشروط ذات الصلة والسماح للمستثمرين الأجانب الحصول على 26% على الأقل من عمليات البيع بالتجزئة. وقد أسهم كل من النمو الاقتصادي السريع والزيادة في الكثافة السكانية من الطبقة المتوسطة وزيادة فرص العمل في القطارات وبزوغ عدد كبير من مدن الطبقة الثانية كمراكز مفضلة للأعمال من قبل قطاعات تقنيات المعلومات والخدمات الممكنة لها والزيادة المطردة في الدخل التصرفي ووفرة القروض باسعار فائدة في متناول الجميع وشروط ميسرة ومزايا ضريبية جذابة لقروض الاسكان، كل هذا قد ساهم في زيادة أسعار الملكية في معظم مراكز الحضر والعاصمة في الهند. ربما كان أفضل تلخيص للوضع جاء على لسان بول هنري كوكس، المدير العام لجونز لانج لاسال، والمستشار الدولي للملكية المعروف، في مقابلة حديثة مع قناة الأخبار الهندية عندما قال: «إذا لم تكن في الهند اليوم، فأنت لا تقوم حاليا بممارسة أي نشاط تجاري!» لقد كان هناك تطور بارز في تجارة العقارات في الاشهور السابقة. عندما دخلت شركة تشمان سبيار، إحدى أكبر شركات التعمير في العالم، في المشاريع التي يتولى تمويلها مصرف ICICI من أجل تأسيس شركة تنمية مشتركة. كما قامت إعمار العقارية بدبي بتوقيع مشروع مشترك مع مجموعة إم. جي. إف. MGF بنيودلهي، كما قامت شركة التمويل العقاري بالهند HDFC ومصرف ICICI بالإعلان عن تمويل المشاريع التي تنصب على الاستثمار في العقارات تقدر بحوالي من 15 إلى 20 مليار دولار أميركي. كما تتولي لي. كيم. تاهLee Kim Tah القابضة بسنغافورة، وهي شركة معروفة في مجال التنمية الملكية، تنفيذ مشروع قرية على الشواطئ الهندية بالاشتراك مع شركة هندية. وإجمالا، تزداد العائدات في المجالات التجارية عنها في المشاريع السكنية، والمستثمرون الأجانب يفضلون تنفيذ مشاريع تجارية أكبر حيث أنه من السهل البيع إلى العملاء المؤسسين عن البيع لمجموعة كبيرة من مشترين من الأفراد المجزئين. وربما يؤدي دخول المستثمرين الأجانب إلى تنمية سوق مالية منظمة لتجارة العقارات. ففي الدول المتقدمة، تعرف الصناديق المشتركة لاستثمار العقارات أو شركات إدارة العقارات، كما يطلقون عليها كذلك، مثل الصناديق المشتركة لأسواق الأسهم المالية. وشركات ادارة العقارات غير معروفة في الهند لأن صناعة الاستثمار العقاري غير منظمة وهناك عدد محدود من المؤسسات الكبرى في مجال الاستثمار العقاري. فضلا عن ذلك، فالصناعة أيضا تتصف بسمعة غير براقة، مع إدعاءات تمويل مشاريع بأموال مختلسة. أما الآن، فإن نافذة الاستثمار العقاري مفتوحة فقط أمام الأفراد ذوي القيمة الصافية العالية ومستثمرين مؤسسين ومستثمرين عالميين. ومشروع مصرف ICICI، الذي يحشد ما مقداره 1000 من الروبيات (10مليار روبية) وصندوق شركة التمويل العقاري بالهند يقدر بـ 750 روبية (7.5 مليار روبية) من أوائل المشروعات التي تخرج عن المجموعة عن طريق منتجاتهم من تجارة العقارات. وتعتبر مجموعة بانتالون (صندوق رأس مال مشروع خشيتجي) ومجموعة كوتاك ضمن أسماء أخرى تعتزم انشاء صناديق استثمار عقاري قريبا. وقد أعلن المقاول الأميركي راج فاخاريا تدشين صندوق خاص للمتاجرة بالاسهم، سوف يستثمر ما مقداره 250 مليون دولار من رأس المال المؤسسي للولايات المتحدة الأميركية في أسواق الاستثمار العقاري المزدهر بالهند. كما يقول مساعد وزير الدولة للخزانة السابق بنيو جيرسي... والذي عمل في مناصب عليا في الوول ستريت ويشغل الآن منصب رئيس مجلس الادارة المشارك ليوني مارت، وهي شركة سابقة في أسواق الأوراق المالية الأميركية وأحد أكبر الشركات من سلسلة المحلات التجارية الثلاثين في الدولة التي تزيد مبيعاتها عن 550 مليون دولار أميركي في السنة... يقول سيقوم الصندوق بتحويل رأس المال بقوة إلى النمو السريع وفرص سوق الاستثمار العقاري بالهند. كما لم تنتظم التنمية في قطاع الاستثمار العقاري عبر البلاد. بينما هناك مدن مثل مومباي ودلهي وبانجالور كانت بمثابة مناخاً واعداً للسماسرة في مجال الاستثمار العقاري، في حين كانت مدناً أخرى مثل شيناني وحيدراباد وكولكاتا وبونا، قد تخلفت. ومع ذلك، فهذه المدن تخطو خطاً سريعة نحو التقدم، خاصة شيناني وبونا، حيث تندر الأراضي في مومباي وتستعر أسعار الأراضي في مدن مثل بنجالور.

ومنتجو الأسمنت والصلب إلى المصارف والمؤسسات المالية، تطول قائمة الصناعات المستفادة من ذلك. فبمجرد نقلة واحدة ـ وهي زيادة نسبة التخفيض على الضريبة على قروض الاسكان ـ كانت سببا في الطفرة التي شهدتها قطاع الاستثمار في عقارات الاسكان في خلال السنتين الماضيتين.

* مراسلة «الشرق الأوسط» في نيودلهي