السعودية: المساهمات العقارية تعود للظهور من جديد .. ومطالبة بالإسراع في تنفيذ قرار الحكومة

يصل عمرها إلى 65 سنة ويبلغ حجمها 2.9 مليار دولار

TT

المساهمات العقارية أقدم وأشهر وعاء استثماري في قطاع العقارات السعودية ويبلغ عمره نحو 65 سنة، تطورت خلالها آلية عمل هذا الوعاء الذي اصبح محط انظار وعمل جميع التجاريين والعاملين في قطاع الاعمال خلال السبع سنوات الاخيرة.

وكان مجلس الوزراء السعودي قد أصدر قرارا يعطي دفعة جديدة للسوق العقارية بعدما شهدت ركوداً طويلاً نظراً لتعرض السوق لعدد من المصاعب والمعوقات وارتفاع الحركة في سوق الاوراق المالية مما دفع أغلب المستثمرين وخاصة الصغار منهم الى الخروج منه والتوجه الى قنوات استثمار اخرى او التوجه الى العقارات الخارجية في الدول المجاورة والتي تطرح استثمارات مجدية في هذه الفترة من ابراج ومنتجعات سكنية ومشاريع سياحية، بالاضافة إلى أكتتاب لشركة حديثة طرحت أخيرا، واستطاعت ان تجذب رؤوس اموال سعودية كثيرة.

وكانت المساهمات العقارية تتم عبر مجموعة من العقاريين يرغبون في تطوير ارض عن طريق المساهمة حيث يجمعون مبلغا من المال عن طريق دفع حصص مقسمة بالتساوي، وبالتالي يتم تطوير الارض الخام وتجهيز البنية التحتية فيها وتقسيمها إلى قطع اراض وبيعها بالمزاد العلني ومن ثم جمع المال وتوزيع الارباح من جراء بيع الاراضي تقسم على عدد الاسهم ومن ثم صرفها للمساهمين.

وكانت المساهمات العقارية تتصف بالتنظيم الجيد والذي يعمل على المساهمات العقارية المنظمة، وكانت تختلف باختلاف المدن حيث كانت المنطقة الشرقية تتداول الاسهم بالبيع والشراء في وقت تطوير الارض وترتفع بازدياد الاعمال في الارض الخام، وكانت هناك منطقة تداول يجتمع فيها المستثمرون للبيع او شراء اسهم المساهمات العقارية، وكان المستثمرون الذين يرغبون في شراء الأسهم يحملون مبالغها على شكل شيكات او نقود ورقية، وكانت تتم عمليات البيع والشراء في تلك الاسهم قبل تطورها في الوقت الحالي والتي أصبحت تتم عبر المكاتب العقارية، في حين ان الرياض حسب مصادر عقارية لم يكن هناك تداول واضح وانما كانت تصرف الارباح بعد بيع المخطط موضع المساهمة في المزاد العلني وبالتالي صرف الارباح للمساهمين.

في عام 1997 استطاع عدد من العقاريين ان يطرحوا فكراً جديداً للمساهمات العقارية من خلال تحويل ذلك الفكر البسيط بالشهادات المكتوبة بخط اليد إلى شهادات تقنية تستخدم فيها التقنية وادخال أفكار لتحفظ حقوق المساهم عن طريق البار كود او التصديق من الغرف التجارية مما احدث نقلة نوعية في عالم المساهمات العقارية الامر الذي جعلها مجدية خلال الاعوام 97، 98، 1999 وشهد فترة ركود بسيط في عام 2000 ومن ثم عام مجدداً في عام 2001 بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر بعد توقف هجرة الاموال إلى الخارج والبحث عن قنوات استثمارية مجدية، وكان العقار هو الابرز في تلك اللحظة إلى ان شهد انتعاشاً خلال الاعوام 2001 و 2002 و 2003 إلى حين خرجت بعض المعوقات التي طالت سوق المساهمات العقارية والتي كانت عبر بعض الشركات التي فتحت مساهمات ولم تستطع ان تعمل على تطويرها او لم تعمل على سير المساهمة بالشكل الصحيح مما فجر غضب الكثير من المساهمين بضياع عدد كبير من اموالهم ومدخراتهم عن طريق تعثر تلك المساهمات او تجمدها او إيقافها من قبل الجهات المختصة.

وفي عامي 2004 و2005 دخلت المساهمات العقارية إلى كهف مظلم في ظل فوضى تنظيمها وضياع اموال مساهمين كثيرة بعد تغرير بعض الشركات الدخيلة على السوق العقارية مما سبب عزوفا كاملا من المساهمين والمستثمرين الذين يسعون للدخول في المساهمات العقارية الا ما ندر من كبرى الشركات التي حققت نجاحات كبيرة في توفير مساهمات صحية حققت مبيعات كبيرة وحققت عوائد مجدية لهم مما دفع الكثير من المساهمين إلى الطلب من تلك الشركات بفتح مساهمات كثيرة للمساهمة فيها.

في حين دخلت مساهمات كثيرة في نفق الظلام لا يعرف مصيرها المستقبلي، وتضرر بها الكثير من المستثمرين وصغار المساهمين الذين ضاعت احلامهم كما ضاعت استثماراتهم وطالبوا الدولة بإرجاع اموالهم من قبل اولئك المستثمرين الذين فر بعضهم واعلن بعضهم افلاسه، في حين بقي بعضهم لا يحرك ساكناً لحين الانتهاء من التحقيقات التي طالت مساهماته المشبوهة لحين التأكد من صحتها.

وبعد كل ذلك تحركت اللجان العقارية في الغرف التجارية بالسعودية إلى مخاطبة المسؤولين لتنظيم الفوضى في المساهمات العقارية بعد ازدياد هجرة الاموال السعودية إلى خارج البلاد وضخها في استثمارات في دول الجوار كالإمارات والبحرين في مشاريع تطوير عقاري ساعدت كثيراً على ايجاد مشاريع مختلفة في تلك الدول.

وبالفعل استطاعت تلك اللجان الوصول إلى الحكومة التي اصدرت قرارها الاخير لتنظيم المساهمات العقارية والتي يرى البعض انه صعب من المهمة في طرح المساهمات، في حين يرى بعض العقاريين انها ستساعد كثيراً في تنظيم المساهمات بشكل أكبر خاصة مع اشراك هيئة سوق المال. وشدد العقاريون على ان قرار مجلس الوزراء سيحل الكثير من الصعاب والمشاكل والمعوقات في سوق المساهمات العقارية والذي يصل حجمه الى 11 مليار ريال (2.9 مليار دولار) في مختلف مناطق السعودية، حيث لم يستطع القائمون على تلك المساهمات بحلها او صرف اموال المساهمين والتي جمدت او توارت خلف السحاب بسبب خسارة شركة التطوير العقاري.

وبين ابراهيم بن سعيدان رئيس مجلس ادارة شركة آل سعيدان للعقارات ان الضوابط صعبت من شروط طرح المساهمات العقارية خاصة أن المساهمات العقارية المتعثرة كثيرة وفقدت أي فائدة منها، او جدوى للخروج بفوائد منها.

في حين أكد سعد الرصيص نائب رئيس اللجنة الوطنية للاعمال العقارية على تأثير القرار على سوق العقارات السعودية وهو الذي كان منتظرا منذ فترة طويلة لتقليل الخسائر في السوق العقارية نتيجة الصدود والابتعاد عنه من قبل المستثمرين، وبالتالي فان جدوى السوق الحالية باتت افضل كثيرا مع اشراك هيئة سوق المال مما يعني وضع الاموال تحت رقابة جهة مختصة تساعد كثيراً على سير العمليات المالية للمساهمة بشكل منتظم، وفق آلية عمل حديثة.

وأكد الرصيص ان السوق العقارية ستشهد طفرة جديدة مع وضع هذه القرارات ودعمها ببنود جديدة وانظمة جديدة ستعمل على ازدياد ضخ رؤوس الاموال في السوق العقارية السعودية.

من جهته تحدث محمد العليان الخبير العقاري بأن اشراك هيئة سوق المال سيكون محل جدوى جديدة ولكن اذا روعي فيها سهولة الاجراءات وسرعتها، لان دخل طرف جديد في شروط المساهمات العقارية مما يعني زيادة الاجراءات، مشيراً الى ان وزارة التجارة وهيئة سوق المال عليها بالاجتماع مع كبرى الشركات العقارية العاملة في السوق العقارية واخذ مرئياتها وكيفية عملها في السابق ومقارنته بما يحدث عالمياً، ووضع الية مجدية حول الصندوق الاستثماري ليكون محل ثقة للعاملين في السوق العقارية.

وأضاف ان هناك جهات اخرى بحاجة الى تطوير في عملياتها من حيث المساهمات كالامور المتعلقة بالبلديات ووزارة العدل وطرح الية عمل جديدة لها، لضمان سرعة انتهاء المعاملة وبالتالي سرعة عمل المساهمات العقارية مما يحقق الفائدة المرجوة من تنظيم المساهمات العقارية حتى يرتفع اداء السوق العقاري الذي يشهد ركوداً في السعودية بعكس ما يحدث في دول الجوار من انتعاش مرتفع في اداء عقاراتها.

واضاف العليان ان في حالة ايجاد تنظيم او الية عمل جديدة في السوق العقارية من الافضل اشراك البنوك فيها لتدعم السوق عن طريق تقديم التمويلات المختلفة، في ظل ابتعادها بشكل تام على السوق في الوقت الحالي، حيث ان كثيرا من الاسواق العقارية العالمية تعتمد اعتمادا كبيرا على تمويلات البنوك فيها وكثيراً من الشركات العاملة في التطوير العقاري تعمل على الاقتراض من البنوك من اجل اتمام مشاريعها، والتوسع في خططها والتي تضمن وجود دائم في التنمية العقارية وايجاد قنوات استثمار جديدة في قطاع المال والاعمال عن طريق السوق العقارية.

في حين يرى وليد العلي مستثمر ومساهم في عدد من المشاريع العقارية في السعودية ان قرار مجلس الوزارء السعودي على تنظيم المساهمات العقارية يشير الى وجود انفتاح حول تنظيم اهم القنوات الاستثمارية في السعودية وهي السوق العقارية التي يتعرض لفوضى بسبب الدخلاء من خارج السوق حيث شهدت الكثير من المساهمات العقارية التعثر بسبب عدم تنظيم القائمين عليها مما يضيع حقوق المساهمين، مشيراً الى انه ساهم في عدد من المساهما ت العقارية والتي باتت معطلة، كإحدى المساهمات في المنطقة الشرقية والتي تطل على احد الشواطئ ونظراً لعدم انهاء شركة التطوير العقاري المشروع باتت حقوقه معلقة في تلك المساهمة.

وذكر العلي ان قرار مجلس الوزارء بانهاء جميع المساهمات العقارية المتوقفة الحالية سيساعد الى رجوع رؤوس اموال كثيرة في عدد من المساهمات العقارية المتوقفة وبالتالي وجود راس مال يبحث عن قناة استثمار مما يفتح المجال مرة اخرى في السوق العقارية خاصة مع الشركات العقارية التي اثبتت جدواها في مساهماتها العقارية من خلال تصفية حقوق المساهمين خلال مدة محددة بعيداً عن الوعود التي تطلقها بعض الشركات العقارية.

وكان مجلس الوزارء يوم أمس الاول قد اصدر قرارا جديدا في تنظيم المساهمات العقارية كان ابرز ملامحه إشراك هيئة سوق المال في تنظيم المساهمات العقارية عبر فتح صندوق استثماري باسم المساهمة وفقا لنظام السوق المالية ولوائحه، مما يدعم المساهمات العقارية لحفظ حقوق المساهمين والقائمين عليها، والتهميش على صك الارض موقع المساهمة وسجله في كتابة العدل بما يفيد أن الأرض تحت المساهمة وذلك وفق آلية تتفق عليها وزارة العدل وهيئة السوق المالية تضمن عدم التصرف في الأرض خلال مدة المساهمة، بالاضافة إلى متابعة وزارة التجارة والصناعة للمساهمات العقارية القائمة حاليا وذلك بمراقبتها ومتابعتها حتى تتم تصفيتها بما يحفظ حقوق المساهمين وذلك بالتعاون مع الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين لاختيار مراجعي حسابات لتدقيق كل مساهمة.