مراكز التسوق التجارية الجديدة في لبنان تجذب استثمارات بمئات ملايين الدولارات

70% منها تتمركز في بيروت

TT

تميز القطاع العقاري في لبنان هذه السنة باستثمارات تخطت القطاع السياحي والفندقي والبناء السكني و«البلوكات» العقارية غير المبنية، لتشمل جيلاً جديداً من المراكز التجارية العملاقة ـ قياساً على لبنان ـ او ما يسميه الفرنسيون مراكز التسوق الكبرى.

ومع افتتاح «سيتي مول» في منطقة نهر الموت (شمال بيروت)، و«متروبوليتان بولفارد» في فندق «حبتور غراند اوتيل» (شرق العاصمة)، تصبح بيروت الكبرى حاضنة مع (الاشرفية) ABC، لاكثر ثلاثة مراكز تسوق تجارية من الجيل الجديد، بلغت الاستثمارات فيها مئات ملايين الدولارات.

ويتميز كل من هذه المراكز بخصائص معينة، كما ان كلاً منها يحاول ان يتخذ موقعاً خاصاً له في السوق، ويتوجه نحو فئات معينة من المستهلكين.

وتعود الريادة في هذا القطاع الى مجموعة ABC، التي افتتحت مركزها التجاري في الاشرفية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2003 على مساحة تفوق 37 ألف متر مربع. ويبدو ان هذا النمط الجديد من مراكز التسوق، اجتذب أنظار القطاع التجاري اللبناني، فتوزعت أسماء شركاته المعروفة في مستويات المراكز الأربعة (ازال غروب، ريتال غروب، حمرا شوبينغ اند تردنغ، اتاميان، غرين تاغ، كريباواي، كاسبر اند غامبينيز، الصواني، جوزيف عيد.. وسواهم)، وقد تحول هذا المركز الذي تعود ملكيته بصورة أساسية إلى النائب موريس فاضل، الى مركز تسلية ولهو مع صالاته السينمائية السبع ومطاعمه ومقاهيه الخمسة عشر. ويجتذب هذا المركز، خصوصاً السياح العرب وطبقة معينة من سكان الاشرفية والشطر الغربي من بيروت. ويقول مسؤول في المجموعة ان نسبة الإشغال في المركز تبلغ 90%.

مركز «سيتي مول» الواقع عند أكثر مداخل العاصمة ازدحاماً، يقوم على 75 الف متر مربع، وهو اكبر مراكز التسوق في العاصمة لبنان، لذلك نجد فيه ابرز الأسماء التجارية، مع انه تأثر في بدايته بالتطورات السياسية والأمنية التي شهدها لبنان. ويتوجه المركز نحو فئات اجتماعية تقيم في ضواحي العاصمة الشمالية وساحل المتن الشمالي المكتظ بالسكان.

اما «متروبوليتان بولفارد»، الذي افتتح رسمياً مطلع الشهر الجاري في منطقة سن الفيل (ضاحية بيروت الشرقية)، فهو كناية عن سوق صغيرة تبلغ مساحتها 14 ألف متر مربع، لكنها فخمة، وتتوجه بصورة أساسية إلى الرعايا الخليجيين الذين ينزلون في فندق «حبتور غراند اوتيل»، الذي يضم المركز التجاري اياه، وفندق «متروبوليتان بالاس» التابعين لـ «مدينة الحبتور السياحية»، العائدة لرجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور. ولعل الديكور الذي يضفي الطابع الباريسي على السوق، هدفه جذب الطبقات الميسورة في المناطق المحيطة (حرج تابت، مونتيفردي، عين سعادة، مار تقلا، واليرزة.. وسواها). وتتميز هذه السوق بضمها 12 علامة تجاربة تابعة لمجموعة «ازال» من بينها «مونغو»، «ماسيمو دوتي»، «برومود»، و«كولومبوس كافيه».

واذا كانت الأسعار تختلف من مركز تسوق إلى آخر، فإن بدلات الإيجار السنوي تتقارب نوعاً ما، وهي تتراوح بين 900 وألف دولار اميركي للمتر المربع لمساحة تناهز 100 متر مربع، وتعتبر هذه البدلات الأعلى في السوق اللبنانية.

وفي أطروحة تقدمت بها المحامية غريس حداد لنيل شهادة التخصص في الأعمال من المعهد العالي للأعمال (باريس)، أشارت الى «ان 70% من المساحات التجارية العملاقة تتمركز في بيروت اعتماداً على كثافة السكان البالغة 1.4 مليون نسمة»، ولفتت الى «ان مراكز التسوق الصغيرة (سوبرماركت) والمتوسطة (هيبرماركت)، اقتصرت استثماراتها قبل الحرب على اللبنانيين، ولم تدخل الاستثمارات الأجنبية، لا سيما العربية، إلى هذا القطاع إلا بعد الحرب. ومع دخول هذه الاستثمارات بدأت مراكز التسوق القائمة بالتوسع فيما نشأت مراكز تسوق جديدة. ومع استقرار الأوضاع مطلع الألفية الثالثة بدأ المستثمرون يفكرون في الجيل الجديد من مراكز التسوق العملاقة».

وقالت حداد: «إن نسبة اللبنانيين الذين بدأوا بالتسوق من المراكز الكبرى ناهزت 35%، وتطورت هذه النسبة لتبلغ 55%، خصوصاً أيام الأعياد والمناسبات، علماً ان 47% من العائلات اللبنانية غيرت طريقة تسوقها خلال السنتين الأخيرتين». وعزت هذا التطور الى تحول مراكز التسوق الجديدة لأماكن للتسلية واللهو بفعل وجود المطاعم ودور السينما والمقاهي، كما عزته الى اختصار الوقت، خصوصاً بالنسبة الى الزوجين اللذين يعملان، والى العروض التي تقدمها تلك المراكز. في مقابل كل هذه النواحي الايجابية التي تقدمها مراكز التسوق للمستهلك، لمحت حداد الى «آثار سلبية» لهذه الظاهرة، تمثلت في تلاشي حركة الأسواق التجارية، وبالأخص في اقفال المحال التجارية، وتدني أسعارها وهزال حوانيت الاحياء التي باتت تقتصر على بعض زبائن الحي من غير ان توفر كل ما يحتاجونه، بل تلبي بعض الحاجات الملحة التي لا تنتظر رحلة التسوق الأسبوعية.