غلاء الأراضي وانتظار التوجهات الجديدة للسلطات المغربية في مجال التعمير

يتسببان في تراجع النشاط العقاري خلال السنة الحالية في الدار البيضاء

TT

يجتاز القطاع العقاري بالدار البيضاء مرحلة انحسار، حيث يرتقب أن يعرف عدد المشاريع السكنية في المدينة تراجعا بنحو 30% خلال السنة الجارية مقارنة مع السنة الماضية. ويرد يوسف بنمنصور، رئيس جمعية المنعشين العقاريين بالدار البيضاء، هذا التراجع إلى ندرة وغلاء الأراضي، وإلى تراجع عدد المشاريع السكنية التي يتم إنجازها في إطار التعاقد مع الدولة ضمن البرنامج الوطني للسكن الاجتماعي، الذي يمنح إعفاء ضريبيا شاملا للبرامج الاستثمارية، التي تلتزم بإنشاء 2500 سكن اجتماعي في ظرف 5 سنوات. بالإضافة لذلك، يقول بنمنصور، إن القطاع ينتظر إصدار المخطط الجديد للتعمير، بعد أن انتهت مدة صلاحية المخطط السابق، وذلك حتى تتضح الرؤية في ما يتعلق بالتوجهات الجديدة في مجال التعمير والتوسع الحضري بالدار البيضاء.

وحول أوضاع القطاع العقاري بالدار البيضاء وأبرز مشاكله، جاء هذا الحوار مع يوسف بنمنصور:

> ما هي وضعية السوق العقارية في الدار البيضاء؟ ـ الدار البيضاء مدينة كبيرة، فهي أكبر حاضرة في المغرب وعاصمته الاقتصادية، وبالتالي فإن حاجياتها كبيرة جدا، خصوصا أنها تجتذب عددا هائلا من الوافدين الجدد من القرى وباقي مناطق المغرب، وهو ما يشكل طلبا إضافيا على السكن زيادة على الطلب الناتج عن النمو الذاتي للمدينة. وفي المقابل، فإن العرض لا يستطيع مواكبة هذا الطلب بسبب ندرة الأراضي وغلائها.

> بكم تقدر حاجيات الدار البيضاء؟

ـ من الصعب إعطاء رقم، لكن العجز كبير جدا. فهناك نحو 300 ألف شخص يعيشون في أحياء الصفيح، بالإضافة إلى عدد كبير من السكان الذين يعيشون في أحياء عشوائية لا تتوفر فيها التجهيزات الضرورية، وعدد آخر يعيش في بيوت آيلة للسقوط في المدينة العتيقة. أعتقد أن التغلب على العجز يتطلب بناء 100 ألف سكن في السنة، بينما لا يتم حاليا بناء سوى ما بين 40 و50 ألف سكن، وهذا يتطلب مجهودا من طرف الدولة لتوفير الأراضي بأثمان معقولة من جهة، ووضع آليات مالية فعالة لدعم القدرة الشرائية للمواطنين.

> هل هناك إمكانيات لتعبئة أراض جديدة في الدار البيضاء؟

ـ نعم، توجد العديد من الأراضي غير المستغلة داخل النطاق الحضري، بعضها في ملك الخواص، وبعضها الآخر في ملك الدولة، ويجب إيجاد حل لتعبئتها. كما أن هناك رصيدا مهما بين حدود النطاق الحضري والطريق البرية الدائرية الجديدة. ففي هذه المنطقة تم تحديد أراض مساحتها 3 آلاف هكتار صالحة للتعمير قبل سنة ونصف السنة، وكنا ننتظر من السلطات المكلفة بالتعمير أن تفتح هذه المنطقة أمام التوسع الحضري، لكن المسؤولين عن التعمير صرفوا النظر عن هذا المشروع، واعتمدوا توجها جديدا يتجه إلى ترك المجال الحضري للدار البيضاء في حدوده الحالية، وتوجيه الضغط العمراني للمدن الصغيرة المجاورة والقرى المتوسطة المحيطة بالدار البيضاء، مثل النواصر وعين حرودة ومديونة. ونحن الآن ننتظر خروج المخطط المديري الجديد للتعمير وتصاميم التهيئة للوجود حتى تتضح لنا الرؤية أكثر، فالمخطط المديري الحالي للتعمير في الدار البيضاء، يعود إلى منتصف الثمانينات، وقد تجاوز مدة صلاحيته القانونية المحددة في 20 سنة، وحتى الآن لم يطرح أي بديل بعد.

> كيف تقيم تنفيذ هذا المخطط؟

ـ تبين أن الاسقاطات التي وضع على أساسها هذا المخطط قبل 20 سنة كانت خاطئة، فالتوسع الحضري للمدينة لم يتم في الاتجاه الذي كان متوقعا، أي باتجاه الشمال نحو مدينة المحمدية وزناتة، لكن النمو الحضري تم في الاتجاه المعاكس نحو دار بوعزة والنواصر وسيدي معروف، وغالبا ما تم هذا التوسع بشكل عشوائي وغير منظم، وفي مجال التجهيزات لم يتم تنفيذ سوى 15% من المرافق التي كانت مبرمجة في المخطط. الآن هناك دراسات لإعداد مخطط جديد، غير أنها للأسف انطلقت متأخرة وبدون إشراك المهنيين.