لبنان: قطاع البناء يستعد لانطلاقة جديدة رغم توالي الأزمات الاقتصادية

TT

يخطىء من يعتقد ان قطاع البناء في لبنان لم يتأثر بالتطورات الأمنية والسياسية، وتداعيات لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري، ولكن يخطىء ايضاً من يعتقد ان هذا القطاع لم يصمد في وجه الازمات المتتالية بدليل استئناف اقامة معارض تكنولوجيا البناء ومعداته في النصف الثاني من العام الحالي، ولعل ابرز تلك المعارض ما نظمته شركة المعارض الدولية تحت عنوان «المعرض الحادي عشر لبروجكت ليبانون» والذي شاركت فيه عشرات الشركات من عشرات الدول العربية والاجنبية.

ومع تأكيد خبراء البناء انعكاس الازمة على شركات القطاع، فان هذا الانعكاس تمثل في انخفاض حجم الاستثمارات في فترات معينة من السنة، وتوقف ورش البناء في فترات اخرى، نتيجة عودة الكثيرين من العمال السوريين المتخصصين في اعمال البناء الى بلادهم، وانخفاض حركة البناء، كما تدل احصاءات نقابتي المهندسين في بيروت والشمال. ففي يوليو (تموز) 2005 مثلاً انخفضت المساحات المرخصة في بيروت الى 105222 متراً مربعاً من 109333 متراً مربعاً في يوليو (تموز) 2004. فيما انخفضت المساحات المرخصة في جبل لبنان الى 351838 متراً مربعاً من 398224 متراً مربعاً. وفي البقاع انخفضت ايضاً من 53698 متراً مربعاً الى 52788 متراً مربعاً. وفي الجنوب انخفضت من 74846 متراً مربعاً الى 30260 متراً مربعاً. ولكن وحده الشمال سجل زيادة في المساحات المرخصة من 147337 متراً مربعاً الى 171723 متراً مربعاً، وذلك بفعل بعد الشمال عن محاور الازمات والتفجيرات.

وما لبث قطاع البناء ان امتص الصدمة، تلو الصدمة ليراهن المعنيون على تسارع النشاط في الربع الاخير من العام، بدليل تزايد العارضين الاوروبيين في لبنان لاتخاذه واجهة ومنصة انطلاق لمنتجاتهم نحو بلدان الشرق الاوسط، باعتبار ان السوق اللبنانية وحدها لا تلبي طموح هؤلاء العارضين، كونها لا تمثل سوى 3% من اجمالي نشاط الاسواق العربية.

ويقول مسؤول في شركة «سبان تيك» البلجيكية «ان الطلب اللبناني على مواد البناء الاوروبية آخذ في التنامي، والتعاون بين الشركات الاوروبية والمقاولين اللبنانيين مشجع للغاية».

ويقول مسؤول في شركة «FTZa الفرنسية، التي شاركت في معرض «بروجكت ليبانون» ان قرب السوق اللبنانية من اوروبا، وموقعها عند بوابة الشرق الاوسط يشكلان عناصر مشجعة لشركتنا على الاستثمار في لبنان».

ومن جهة الشركات اللبنانية، فإن حصيلة نشاطها للعام الحالي سجلت تراجعاً، ولكنها مقتنعة بأن قطاع البناء سيعرف انطلاقة في السنوات المقبلة، حتى ان بعض مرافق القطاع لم تتأثر كثيراً، بالازمات المتتالية كمرفق الانارة والمولدات الكهربائية. ويقول مدير المبيعات في شركة «صقر لينانون» مروان حيدر: «الانارة حاجة اساسية، الامر الذي جعلها اقل تأثراً بتقلبات السوق اللبنانية والاحداث المأساوية التي شهدها العام الحالي».

وثمة شركات لبنانية تؤكد انها لم تتأثر قط بالاحداث، ومنها ما سجل نتائج افضل من العام الماضي، ويعزو احد العاملين في قطاع البناء تراجع الصادرات اللبنانية بصورة اساسية الى الاتفاق الثنائي مع مصر الذي اعفى مواد البناء المصرية من الرسوم الجمركية، وهذا الامر لم يتسبب بتراجع الصادرات فحسب، بل بتراجع المبيعات المحلية ولاسيما مبيعات البلاط التي يتوقع ان تتراجع بنسبة 5% هذا العام، على حد قول مسؤول التسويق في شركة «يونيسيراميك» (التي يساهم فيها البنك الدولي)، في حين سجلت مبيعات البلاط في العام 2004 زيادة بلغت نسبتها 10% والنسبة نفسها سجلت في العام 2004.