السعودية: مطالبة بإيجاد حلول لتملك المساكن وإيقاف ارتفاع أسعار الأراضي

باحث عقاري: 4.8 مليار دولار قيمة بدل السكن .. ودور كبير للقطاع العام لحل المسألة

TT

على الرغم من التوجهات الحكومية بالمساهمة في حل مشكلة تأمين مساكن للتملك في السعودية إلا ان ذلك يتطلب جهودا كبيرة من قبل القطاع الخاص لتأمين مساكن ميسرة للمواطنين ذوي الدخل المتوسط أو المحدود، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الأراضي، وارتفاع في النمو السكاني حيث بلغ هذا النمو في بعض مدن البلاد أكثر من 8 في المائة سنويا كأعلى نسبة نمو في العالم، حيث تحتاج العاصمة الرياض وحدها خلال 17 عاما القادمة 1.5 مليون وحدة سكنية لإسكان ما يزيد على عشرة ملايين نسمة هم مجموع سكان الرياض وحدها خلال ذلك العام. وتوجد شريحة كبيرة من المواطنين لا تستطيع شراء أراض وذلك لارتفاع أسعارها في المناطق وسط المدن السعودية أو حتى الأراضي الواقعة على اطراف المدينة والتي ارتفع سعرها في الفترة الأخيرة، حيث يبلغ سعر متوسط الأرض الصالحة للسكن قرابة 500 ألف ريال (133 ألف دولار) وهي قيمة تعتبر مرتفعة وبعيدة كل البعد عن أيدي المواطن ذي الدخل المتوسط أو المحدود، خاصة في ظل غياب البدائل كالتمويل العقاري أو المساكن الميسرة، ويزداد الأمر سوءً لهذه الشريحة من المواطنين نتيجة استمرار ارتفاع أسعار الأراضي وانخفاض مساحة الأراضي السكنية المتاحة ضمن النطاق العمراني للمدن. إضافة إلى انخفاض حجم المعروض من المساكن الواقعة في متناول القدرات المالية للأفراد، وعدم مواكبة التمويل المتاح للطلب على قروض صندوق التنمية العقارية. وبناء على ما سبق فانه أصبح من الضرورة توفير أراض سكنية مزودة بالخدمات والمرافق وبأسعار مناسبة، خاصة في مناطق التجمعات العمرانية وأهمية إعطاء أولوية الحصول على القروض المقدمة من صندوق التنمية العقارية للمواطنين من ذوي الإمكانيات المحدودة. وخلال هذه الفترة أصبح تملك السكن يشغل شريحة كبيرة من المواطنين للتخلص من عقدة الإيجار التي أصبحت مرهقة مع ارتفاع الأسعار وعدم وفاء الواحدات السكنية المؤجرة بالمتطلبات التي يحتاجها المستأجر من توزيع في الغرف أو جودة في البناء، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار تملك الوحدات السكنية من نظام فلل الدوبلكس والتي تتراوح أسعار المناسبة منها ما بين 600 ألف ريال (160 ألف دولار) و1.2 مليون ريال (320 ألف دولار) في غياب تسهيلات التقسيط الميسر من قبل الشركات التي تطرح ذلك النوع من الوحدات السكنية. وجميع ما سبق ذكره بحاجة إلى آليات عمل جديدة وكثيرة ومعقدة تحتاج إلى تعاون جهات عديدة من القطاعين العام والخاص للتخفيف من اثر تلك الظاهرة التي قد لا تعد مشكلة في الوقت الحالي، إلا انه في المستقبل قد تكون معضلة يصعب حلها، كمثال ما يحدث حالياً في ازدحام الطرق والذي لم يعط اهتماما كبيرا إبان فترة تشيد الطرق في المدن السعودية لاستيعاب المستقبل، حيث إن الطرق في الوقت الحالي أقل من اللازم لان تستوعب الكم الهائل من السيارات كطريق الملك فهد والذي تعبره يومياً مليون مركبة وهو رقم هائل من المركبات تعبر طريقا بثلاثة مسارات. وقد تكون ابرز المعوقات والمشاكل هي توفر أو شراء أراض منخفضة التكاليف للتناسب مع القطاع العريض من المواطنين. ويرى مصطفى الطويل الباحث في الشؤون العقارية ان المواطن رب الأسرة لديه اهتمامات في حياته اقتصادية واجتماعية وأهمها الأرض والمسكن ويعتبران من التحديات الرئيسية التي يواجهها حاضراً ومستقبلاً في ظل النمو السكاني والطلب المتزايد على المسكن وفي ظل انخفاض اعداد منح الأراضي السكنية من جهة، وارتفاع أسعار الأراضي في المخططات الخاصة، وان الأسرة السعودية تحتاج في الوقت الحالي إلى فيلات من نظام الدوبلكسات التي تتراوح مساحاتها ما بين 300 و500 متر مربع، وبالتالي فيجب توفير أراض بمساحات صغيرة وبسداد دفعة مقدمة يسيرة وبأقساط طويلة المدى، ولكن من هي الجهة التي يناط بها إعداد أراض وبيعها على المواطنين بسعر التكلفة؟ وأضاف الطويل إن خطة التنمية الثامنة أوضحت أنه لا توجد جهة محددة مناط بها مسؤولية التنسيق والإشراف العام على قطاع الإسكان بشكل متكامل، بل توجد عدة جهات عامة، تنشط في مجالات محددة في هذا القطاع. فمنذ عدة سنوات تولت وزارة الأشغال العامة والإسكان مسؤولية تنفيذ الإسكان العام والعاجل وصيانته خلال الخطط الماضية حتى صدر أمر من الحكومة السعودية في 2003 بإلغاء الوزارة في إطار عملية التنظيم الإداري ثم صدر قرار مجلس الوزراء بنقل مهمة وضع استراتيجية الإسكان وخططه إلى وزارة الاقتصاد والتخطيط والإسكان الشعبي إلى وزارة الشؤون الاجتماعية مع استمرار صندوق التنمية العقارية في تقديم قروض الإسكان، علاوة على ما توفره الدولة من خدمات مباشرة وغير مباشرة للقطاع من أهمها التخطيط الحضري، وتمديد شبكات التجهيزات الأساسية وتوزيع الأراضي وبعض الخدمات الأخرى للمناطق السكنية. وأرجع بوزارة الاقتصاد والتخطيط في 2004 مهام متابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للإسكان وإيجاد قاعدة معلومات إسكانية لجميع شرائح المجتمع بالنظر إلى حاجاتهم الإسكانية وكذلك المشاريع والقروض الإسكانية الحكومية والخاصة وإعداد الدراسات والأبحاث والمسوحات الإسكانية، ولكن رغم كل هذه المهام للجهات المختلفة المعنية، إلا انها صّعبت على المواطن العادي من محدودي الدخل من الحصول على ارض صغيرة بسعر التكلفة، وأشار إلى ان المسكن مطلب اساسي لكل أسرة وفرد في البلاد، كما ان تأمين المسكن الصحي الملائم للأسرة السعودية يمثل أساسا استراتيجيا، وحيث إن تكلفة امتلاك السكن تستحوذ على النسبة الكبيرة من الدخل بعد الغذاء وهو ما يمثل عبئا كبيرا على هذه الأسر المتوسطة الدخل، وحيث إن الأمانات هي التي تـُعد الجهاز الخدمي الذي يقوم بتنفيذ المهام ومنها تخطيط المدينة وهو الأساس الذي تنطلق منه التنمية العقارية من خلال المخططات العامة والاستثمارية، وبالتالي فانها تضطلع بمهمة إعداد المخططات وتوصيل الخدمات إليها. ويؤكد الطويل على ان تقوم الأمانات بإعداد المخططات وبيعها بسعر التكلفة على المواطنين حيث أنها جهة غير ربحية وللعلم فان ميزانيات الأمانات تشتمل في نهاية العام المالي على بند في الإيرادات اسمه مبيعات الاراضي وبند آخر اسمه مبيعات المخططات، وللعلم أيضا إن هناك أهدافا في بعض الأمانات إلى إن يتم التعاون مع القطاع الخاص لإيجاد برامج للإسكان منخفض التكاليف، وبالتالي فان اضطلاع الأمانات بإعداد المخططات وبيعها على المواطنين بسعر التكلفة سيكون له تأثير كبير في حل أزمة السكن لدى المواطن العادي. وأشار الطويل بقوله من المهم تعاون جميع الجهات لمنح المواطن السكن الملائم وبسعر يتناسب مع دخله واقترح الطويل عدة قطاعات كانت نتيجة بحث قام به بامكانها ان تساهم في حل هذه الازمة، مبيناً أن القطاعات هي القطاع الحكومي متمثلا في الأمانات أو إنشاء هيئة عمرانية أو وزارة للإسكان تكون مهمتها تحديد واقتراح ورسم وتنفيذ ومتابعة خطط وسياسات وبرامج إنشاء المخططات الجديدة ووفق خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفى نطاق السياسة العامة للدولة وتكون مواردها من الأموال التي تخصصها لها الدولة ومن الاقساط الميسرة التي يدفعها المواطن لقيمة الأرض، ويكون اهتمامها على النواحي الفنية الخاصة باختيار مواقع الأرض ودراسات التربة والبناء والنواحي الاقتصادية ودراسة التكلفة والنواحي الترويجية والتسويق الخاص بتسعير القطع وترويجها، ومن المهم ان تكون المخططات الجديدة خارج نطاق المدن المزدحمة لتخفيف العبء عليها وان يتم التخطيط بشكل مدروس، ثانيا القطاع المصرفي ويناط به توسع البنوك في الإقراض والإقراض طويل الأجل، وليس ما يتبع حالياً في بعض البنوك من تحديد الإقراض في 5 أو 7 سنوات، ويلزم أن يكون إقراض السكن طويلاً من 20 إلى 25 سنة على الأقل وأن يكون التمويل إسلاميا وكلفته معقولة ً، ثالثا القطاع التعاوني من خلال إنشاء جمعيات تعاونية للأراضي والإسكان مهمتها شراء مخططات لأعضائها بأقل التكاليف وتكون مصادرها المالية من تمويل ذاتي اشتراكات، ورسوم عضوية، ودائع، قروض، هبات. رابعا القطاع الخيري قيام الجمعيات كالجمعيات الخيرية وجمعيات البر بدعم مشروعات الإسكان الخيري وتوفير الاراضى منخفضة التكاليف لذوي الدخل المحدود رابعا القطاع الوظيفي بأن تطرح الجهات الحكومية والاستثمارية على موظفيها قطع أراض تقوم بشرائها بمعرفتها وبيعها باقساط ميسرة حيث تشير دراسة اقتصادية بأن بدل السكن السنوي في السعودية يبلغ 18 مليار ريال(4.8 مليار دولار) وذكر الطويل ان استغلال صحراء السعودية يعتبر حلا آخر لمشكلة الإسكان القادمة خاصة وهي التي لم تسُتغل على مدى قرون، بالإضافة إلى إنشاء احياء حضرية جديدة تهدف إلى توفير الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وتوفير المقومات الأساسية للحياة للطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل من خلال إعداد أراض وبيعها بسعر التكلفة لهو مطلب أساسي للقطاع العريض من المواطنين يجب ان تتضافر جهود الجميع من اجل المساهمة في تلبية هذا المطلب.

في حين يرى فهد العبد اللطيف الموظف الحكومي ان الأوضاع فيما يتعلق بأسعار الأراضي تزداد سواءً في ظل الأوضاع الحالية مع ارتفاع الأسعار وارتفاع أسعار البناء التي بدورها رفعت أسعار الوحدات السكنية الجاهزة، ومن الضروري تحرك القطاعين العام والخاص لإيجاد حلول جذرية لموضوع ارتفاع أسعار الأراضي وإيجاد تسهيلات تمكن من تملك سكن للمواطنين في البلاد. وطالب العبد اللطيف عن وجود بعض الدراسات التي تساعد على إيجاد الحلول كالتالي تطالب كل الجهات الحكومية أو الشركات إلى توفير مساكن لمنتسبيها سواء عن طريق تقديم قروض سكنية ميسرة كتلك التي يقدمها صندوق التنمية العقاري الذي لايزال يتحرك بصورة بطيئة حتى بعد زيادة رأس ماله، أو على تلك الجهات شراء مجمعات تجارية وإسكان موظفيها في تلك المجمعات، وهذه برأي العبد اللطيف احد الحلول التي من الممكن ان تساهم في حل المشكلة المتوقعة في الإسكان السعودي. وأشار العبد اللطيف الى وجود بعض الخطط التي طبقت في بعض الدول والتي أثبتت جدواها من خلال القطاع العام الذي ساعد كثيراً في حل أزمة السكن بشكل ميسر ومنظم بحيث يضمن لكل فرد الحصول على مسكن ميسر بما يتناسب مع متطلباته، موضحاً ان تلك التجارب بنيت على حسب احتياجات الأسرة في توزيع وتصميم المنزل من حيث الغرف والمداخل، وبالتالي فانه لا يمنع أن تستفيد الجهات التي ستعمل على تنظيم السكن من تلك التجارب. وشدد بدر محمد صاحب مكتب المزروعية العقاري أن الطلب سيزداد قريباً على الأراضي السكنية خاصة مع ارتفاع المداخيل بمختلف جهاتها للفرد في السعودية مع ارتفاع وتيرة الاقتصاد الذي فتح جهات جديدة للعمل والوظائف، مما يفيد بتحرك السوق العقاري، مشيراً إلى ارتفاع الأسعار سيكون عائقاً على الراغبين في الشراء بتملك أراضي.

وأضاف العقاري انه يقع على البنوك حملاً كبيراً بتوفير قروض ميسرة خاصة مع تطبيق الرهن العقاري في السعودية الذي سيساعد على ضمان البنوك لحقوقها. وأكد انه على العقاريين إيجاد مخططات بأسعار تكون معقولة وفي متناول اليد حتى يتمكن الأفراد من شراء الأراضي، خاصة مع ازدياد الراغبين في الشراء في الوقت الحالي، على أن تكون تلك المخططات داخل النطاق العمراني للمدينة. وذكر أن الأراضي في الأحياء التي على إطراف المدينة ارتفعت أسعارها مع ارتفاع السوق العقاري في السنوات الماضية بسبب المساهمات العقارية والتي كانت سبب مباشر في ارتفاع أسعار الأراضي حيث كانت بعض الشركات تبحث عن ارتفاع أسعار الأراضي لتحقيق الأرباح.