لبنان: مخازن وفنادق وأبراج وفروع مصرفية.. مشاريع جديدة حول مستديرة الحازمية

«دار الصياد» تنفض عنها آخر آثار الحرب اللبنانية

TT

تشهد مستديرة الحازمية، المعروفة بمستديرة الصياد ـ نسبة الى «دار الصياد» الصحافية ـ فورة عقارية لافتة تحاول ازالة ما تبقى من آثار الحرب، التي جعلت من هذه المستديرة واحدة من النقاط الساخنة نظراً لموقعها الجغرافي المميز كبوابة شرقية للعاصمة بيروت، ومدخل الى القصر الجمهوري، ومفصل يربط بين الجبل والبقاع والشام من جهة وبيروت من جهة اخرى.

ومع قرب انتهاء التقاطعات والجسور الجديدة، ستعود المستديرة الموسعة لتضخ الدم والحياة في قلب العاصمة، بعدما كانت زحمة السير تسد هذا «الشريان الأبهر» وتكاد تخنقه.

وبالتوازي مع مشاريع التجديد والتطوير المحيطة بالمستديرة. انجزت مجموعة «دار الصياد» إعادة تأهيل مبناها الأساسي وتطويره، وهو كان آخر المواقع الشاهدة على الحرب في المنطقة.

وتروي الهام فريحه، المديرة العامة لـ«دار الصياد»، وكريمة الصحافي الكبير الراحل سعيد فريحة، لـ«الشرق الاوسط» قصة هذا المبنى الذي انشئ عام 1954 في عهد الرئيس كميل شمعون، وتقول: «لم يكن في كل المنطقة يومذاك سوى ثلاثة منازل. وقد صمم المبنى المهندس الانجليزي شاير الذي طلب منه والدي الإكثار من الحديد حتى يتحمل البناء ما يحمله القلم. والحقيقة ان هذا الطلب هو ما جعل المبنى يصمد طوال سنوات الحرب، خصوصاً انه تعرض في فترة من الفترات للقصف المباشر على مدى ثلاثة ايام فتهشمت جدرانه وبقي منتصباً كالقلعة».

وتضيف السيدة فريحه: «حافظنا على طابع المبنى المؤلف من ست طبقات، وبدأنا بتأجيره، وسينتقل فرع «بنك عودة» في المنطقة الى اشغال طبقتين منه تبلغ مساحتهما 700 متر مربع، وبدل ايجارهما 100 الف دولار سنوياً. تبقى هناك اربع طبقات تراوح مساحة الواحدة منها بين 280 و300 متر مربع».

وتكشف فريحه ان الدار اشترت الأرض الملاصقة لها لجعلها مواقف للسيارات، وتفاوض الدولة من اجل شراء قطعة الارض المحاذية، والتي تعرف بقبور الباشوات (أي مدافن المتصرفين الذين حكموا لبنان لفترة)، على ان تنقل هذه القبور الى قطعة ارض اخرى تقدمها بلدية الحازمية. «وطموحنا ان نحول قطعة الارض هذه الى مستوصف نضمه الى مؤسسة سعيد فريحه الاجتماعية».

تجدر الاشارة الى ان الجهاز البشري في «دار الصياد» شغل المبنى الجديد للدار الذي يبعد عشرات الامتار عن المبنى القديم ـ بالتقسيط، خصوصاً ان هذا المبنى لم يكن مُكتملاً عندما تعرض المبنى القديم للقصف ولم يعد بالإمكان إشغاله. وهنا تقول السيدة فريحه: «عملنا مدة سنة كاملة تحت الارض في المبنى الجديد، وعلى هدير المطابع ورائحة الحبر. ومع الوقت صرنا نجهز طبقة وراء طبقة ونحصنها بالرمل والحديد حتى الثالث عشر من اكتوبر (تشرين الاول) عام 1990، حيث أزلنا كل آثار الحرب عن المبنى وطورناه».

وتعتبر فريحه ان انجاز مشاريع التطوير في المستديرة سيجعلها اكثر المستديرات حركة وبركة، حيث يتوقع ان يمر على التقاطعات المدعومة اكثر من 60 الف نسمة يومياً، وستستكمل هذه «البركة» بحديقة عامة يجري اعدادها حالياً.

وسيكون انجاز المستديرة الجديدة تتويجاً للازدهار العقاري الذي شهدته المنطقة خلال السنوات الاخيرة، مع فتح البطريركية المارونية ـ مالكة معظم العقارات في المنطقة ـ باب التأجير لتسع سنوات قابلة للتجديد مع فترة سماح محدودة. وقد ادت هذه الخطوة الى قيام العديد من المؤسسات حول المستديرة؛ ابرزها المخازن الكبرى مثل «المونوبري» و«هيبر ماركت ابو خليل»، و«ماكدونالد« و«وودن بيكري»، فضلا عن فندق روتانا (اربعة نجوم) وعدد من الفروع المصرفية. يضاف الى كل ذلك اقدام السفارة الاميركية على شراء قطعة ارض كبيرة على مسافة عشرات الامتار من المستديرة، حيث ستبنى عليها السفارة والقنصلية ومنزل السفير بكلفة تفوق 100 مليون دولار. وكان سبق لشركة «جفينور» ان اشترت الأرض التي تقوم عليها ابنية مستشفى الأمراض العقلية والنفسية (المعروفة باسم العصفورية) لإقامة برج سكني عليها، لكن الأحداث المتلاحقة أخرت الإقدام على هذه الخطوة، التي ستخفف الضغط على الشقق الفخمة في حي مار تقلا السكني الذي يشكل احد شرايين «مستديرة الصياد».