مع كل عقار .. سيارة

أحدث أساليب التسويق العقاري

TT

اعتاد مطورو العقارات الجديدة تقديم بعض الحسومات لتشجيع عمليات البيع في المشروعات الجديدة. وضمن جهود التسويق العادية تتكفل الشركات في العادة بتكاليف المسح العقاري الالزامي ومصاريف المحامين وبعض الرسوم الاخرى التي بات المستهلك يتوقع ان يغطيها بائع العقار في المشروعات الجديدة. ولكن في الآونة الاخيرة تخطت بعض شركات العقار هذه الحوافز الى آفاق غير مسبوقة تقدم معها «الهدايا» العينية والنقدية الى المشتري علاوة على تغطية التكاليف السابق ذكرها.

وفي بريطانيا، التي يتجمد فيها نشاط البيع والشراء تقريبا مع انخفاض درجة حرارة الشتاء، تعرض حاليا واحدة من كبرى شركات العقار سيارة «ميني» هدية مع كل عقار جديد لديها بشرط التعاقد قبل نهاية العام. وعلى رغم ان مثل هذا العرض لفت الانظار واثار الكثير من الاستفسار عن اسعار هذه الشركة، ألا انه ليس العرض الوحيد، حيث تقدم العديد من الشركات حوافز تسويق متنوعة. احدى الشركات تقدم كوبونات للشراء من عدة منافذ تجارية يختار منها المشتري بقيمة تصل الى خمسة الاف جنيه استرليني. شركة ثالثة تفوقت على الاثنتين وعرضت إعادة مبلغ عشرة الاف جنيه استرليني من اصل الثمن الى المشتري نقدا في صيغة حافز تطلق عليه اسم «كاش باك» Cashback.

بعض الشركات تعفي المشتري من مقدم الثمن، واخرى تعرض شراء العقار القديم الذي يملكه المشتري مقابل بيعه عقارا جديدا وتكفل المشتري بفارق الثمن. وهي تدفع في العادة ثمنا يقل عن سعر السوق بحوالي 15 في المائة لانهاء الصفقة. ويوافق المشتري في العادة لان اسلوب التبادل يوفر عليه الكثير من الاعباء والوقت الثمين وتكاليف سماسرة العقار. واذا كان السوق خاملا، كما هو الحال الان، فان المستهلك الذي يود الانتقال من منطقة لاخرى يواجه صعوبة في البيع ويضطر لقبول صفقات التبادل لأنها تلغي الكثير من متاعب البيع والشراء، واذا كانت المشروعات الجديدة تقدم هذا الحافز فهو يفضلها عن غيرها. من جملة الحوافز الاخرى المتاحة في الاسواق حاليا: دفع رسوم الدمغة التي تترواح بين واحد وثلاثة في المائة من ثمن العقار (يصل حجمها الى تسعة الاف جنيه على عقار ثمنه 300 الف جنيه)، ورحلات سياحية الى جهات عديدة تتراوح بين القطب الشمالي والجزر الاستوائية.

هذه الحوافز المتعددة تستخدمها الشركات لتحريك التسويق في فترات خمول السوق التقليدية، ومنها الفترة الشتوية التي تسبق موسم الاعياد التي لا يفكر خلالها الاغلبية في شراء العقارات وتنحصر اهتماماتهم في تسوق الهدايا وتنظيم العطلات الشتوية وزيارة العائلات في الدول او في المقاطعات الاخرى.

وتلجأ الشركات لتقديم الحوافز في العديد من الحالات وفي فترات نهاية العام المالي بالتحديد. وهي تهدف بهذه الحوافز تسويق اكبر عدد ممكن من الوحدات العقارية في اقصر وقت ممكن. ومن الحالات التي يصبح فيها تقديم الحوافز مفيدا لشركات العقار:

* أن تكون الشركة العقارية قد استكملت بيع معظم الوحدات العقارية المتاحة في مجمع او مشروع عقاري، ولم يبق لديها سوى عدد قليل من الوحدات التي تريد التخلص منها لكي تغلق حسابات المشروع وتنتقل منه لمشروع اخر.

* ان تكون الشركة العقارية مضطرة لتصفية مواقفها المالية في نهاية العام وان تدفع اقساط القروض المستحقة او الضرائب المطلوبة منها، وهو وضع يشجع على تصفية الوحدات العقارية المتاحة من اجل المزيد من السيولة.

* أن تكون الشركة في بداية مشروع عقاري جديد لم تستكمل فيه غير البنية التحتية، وربما وحدة عقارية واحدة تستخدمها كنموذج يتعرف من خلاله المشتري على ما سوف يكون عليه تصميم الوحدات العقارية. وفي هذه الحال تهدف الشركة الى تحقيق اكبر عدد ممكن من التعاقدات لبيع الوحدات العقارية من اجل ضمان استمرار الضمان المصرفي للمشروع وتدبير التمويل اللازم لاستكماله.

* ان تكون احوال السوق خاملة او متراجعة، مثلما هو الحال الان بشكل عام، خصوصا في مواسم الضعف العقاري الشتوية، بحيث يكون البيع بحسومات، قد تبدو كبيرة، افضل من الانتظار والبيع بسعر اقل في المستقبل مع استمرار تراجع السوق.

من العقارات المتاحة في الاسواق البريطانية في الوقت الحاضر النماذج الثلاثة التالية التي توضح القيمة الاجمالية للعقارات التي تصلح لهذا النوع من التسويق.

* مشروع من البيوت المتلاصقة المكونة من ثلاث الى خمس غرف نوم في قرية بالقرب من مدينة ريدنغ غربي لندن. الاسعار تبدأ من ربع مليون جنيه استرليني والجوائز المقدمة عينية ونقدية بشرط اتمام الصفقات قبل نهاية العام. مزايا هذا المشروع ان مساحات العقارات الداخلية فسيحة بالمقارنة بما هو متاح في الاسواق، ولكن اكبر عيب في المشروع ان موقعه قريب من الطريق السريع «إم4» الذي يجعل من ضوضاء السيارات امرا مزعجا.

* في مقاطعة واريكشير الشمالية، وبالقرب من مدينة برمنغهام، تعرض شركة عقارية شققا مكونة من غرفتين مع نظام امن داخلي بالفيديو وحراسة، بسعر مائتي ألف جنيه استرليني. الحافز في هذا المشروع ان الشركة تمنح المشتري عشرة آلاف جنيه في صيغة «كاش باك». ولكن من مساوئ المشروع ضيق المساحة وقلة عدد الوحدات المطروحة للبيع بالحافز حتى نهاية العام، اي بعد اقل من اسبوعين.

* مشروع مجمع سكني في حي ميدلسكس في ضواحي لندن يعرض شققا من غرفتين بسعر 260 الف جنيه للشقة الواحدة مع مساحات للسيارات ونظام امن للمدخل الرئيسي. وتقدم الشركة سيارة ميني لكل مشتر في هذا المجمع الذي يقع على مسافات قريبة من محطات القطار والمترو التي تصله بلندن في غضون نصف ساعة. الموقع جيد وقريب من الكثير من الحدائق العامة، ولكنه ايضا مزعج بسبب زحام الطرق بالسيارات، وقربه من ملعب تويكنهام للرجبي الذي يتحول الى «مولد» كبير عندما تقام مباريات منتخب انجلترا فيه بين الحين والاخر.

ولا تصرح الشركات بالاحصاءات الرسمية لحجم المبيعات ولا مدى نجاح هذه الحوافز في بيع العقار. ولكن الواضح انها تبيع بأسعار متوافقة مع السوق ولكنها مع ذلك عالية، حيث لا يمثل اعلى حافز بينها (وهو مبلغ عشرة الاف جنيه) الا نسبة خمسة في المائة من الثمن فقط. تبدو هذه العروض جذابة الى درجة ان المشتري قد لا يقاومها خصوصا ان العقارات نفسها جديدة وتبيع بأسعار السوق. ولكن الواقع يشير الى ان المستهلك له رأي اخر. من يريد الشراء او استبدال عقاره بآخر جديد، فإنه في الغالب يفعل ذلك من دون الكثير من الاغراءات التسويقية. فيكفي ان يكون العقار مناسبا في موقع جيد وبسعر معقول حتى تتم الصفقة بلا متاعب. ويقول احد خبراء السوق ان اساس الصفقة في النهاية هو العقار نفسه وليس السيارة او الـ «كاش باك». بل ان ابحاثه اشارت الى ان عرض تقديم سيارة ميني من شركة معينة لم يجتذب في النهاية الا مشترين اثنين بينما فضل الاخرون حافزا نقديا فور اتمام الصفقة. والسبب ان مشتري العقار يحتاج في الغالب الى تمويل اضافي لشراء لوازم العقار وادخال بعض الديكورات والتعديلات ثم فرش العقار الجديد بما يناسبه.

الاعباء المالية هي العقبة الرئيسية وفقا للكثير من المشترين. وهم يؤكدون ان اكثر برامج التسويق العقاري نجاحا في السوق كانت تلك التي قدمت للمشتري ضمانا بعوائد ثابتة من تأجير العقار لصالحه لمدة تسعة اشهر بعد الشراء. من ناحيتها تعرض الشركة الوحدات العقارية للتأجير، واذا تم التأجير فإنها لا تخسر شيئا، اما اذا بقت شاغرة فأنها تدفع قيمة الايجار الشهري لحساب مشتري العقار، وفي هذه الحالة تعتبر ان التكلفة هي احد حوافز التسويق.

هذه الافكار التسويقية قد تصلح لبعض الاسواق العربية التي تنتشر فيها مشروعات العقار الفاخر وتقل فيها الوحدات السكنية لفئات الطبقات محدودة الدخل. وقد تكون حوافز تقديم سيارات او ضمانات للايجار لمدة عام، او حتى حوافز نقدية مجدية في الاسراع ببيع وحدات العقار الفاخر للفئات القادرة على شرائها التي قد تغريها مثل هذه المزايا. ولكن من الواجب الحرص في تقديم حوافز مبالغ فيها لانها تعطي شبهة ان العقار لا يلقى اقبالا او ان الشركة البائعة وصلت الى درجة اليأس بحيث تحاول البيع بأي ثمن واي حوافز. والقاعدة الاساسية في الصفقات الناجحة تبقى في جاذبية العقار نفسه من حيث الموقع وسعر الشراء، فالصفقة الجيدة تساعد الحوافز على سرعة انجاز التعاقد، والصفقة الرديئة لا تتم بسرعة ولا تصلح معها كل هذه الحوافز مجتمعة.