عقارات مكة أغلى الأمتار .. وأقل العوائد في الاستثمار

تصل إلى 8% سنوياً إلا أنها تستمر أطول مدة

TT

مكة المكرمة أطهر المواقع على وجه الكرة الأرضية وموقع المسجد الحرام المبارك، والكعبة المشرفة، ومقصد ملايين الحجاج والمعتمرين والزائرين. تقع مكة المكرمة عند تقاطع درجتي العرض 25/21 شمالاً، والطول 49/39 شمالاً، ويعتبر الجيولوجيون هذا الموقع من أصعب التكوينات الجيولوجية، فأغلب الصخور جرانيتية شديدة الصلابة، ويصل ارتفاعها عن سطح البحر إلى أكثر من ثلاثمائة متر. وتحتضن مكة وادي إبراهيم الخليل الذي ينحصر بين سلسلتي جبال متقاربة، من جهات الشرق والغرب والجنوب، فالسلسلة الشمالية تتألف من جبل الفلق وجبل قعيقعان، والسلسلة الجنوبية تتألف من جبل أبي حديدة غرباً، ثم جبل كدى باتجاه الجنوب، ثم جبل أبي قبيس في الجنوب الشرقي، ثم جبل خندمة. ولمكة المكرمة ثلاثة مداخل رئيسية هي المعلاة وتعرف باسم الحجون والمسفلة، والشبيكة، وقد تعارف الناس على أن المعلاة هي كل ما ارتفع عن مستوى أرض المسجد الحرام والمسفلة هي كل ما كان دونه. تعتبر العاصمة المقدسة مكة المكرمة أغلى وأثمن موقع في الاستثمار العقاري في العالم، وذلك بعدما صنفت المنطقة المركزية كأعلى سعر متر مربع يصل إلى 300 ألف ريال (80 ألف دولار) من خلال الأراضي التي تطل على المسجد الحرام مباشرة. وتشهد مكة المكرمة في الوقت الحالي نمواً عقارياً كبيراً عبر مشاريع مختلفة تشيد حول المسجد الحرام وفي المنطقة المركزية وتوجد هناك مشاريع ضخمة وشركات تعمل ليل نهار للانتهاء بأسرع وقت من المشاريع العقارية والإنشائية، مما يجعلها مدينة عامرة بالاعمال والزوار المتوافدين اليها من كل فج عميق، اذ وصلت التقديرات على أن مكة المكرمة زارها خلال العام الجاري نحو 3 ملايين معتمر من داخل السعودية ومن دول الخليج، وان نسبة الحجاج تتزايد بنسبة تقترب من 3 في المائة.

وحسب التقديرات الأخيرة فإن حجم الاستثمار في مكة المكرمة أزداد الى 750 مليار ريال (200 مليار دولار)، وهو رقم مرشح للارتفاع بازدياد حجم الأعمال والاستثمارات والتي يعلن عنها بين الحين والاخر والتي تطرح بشكل دوري ولا تتأثر بمواسم العقار، لدرجة ان مكة المكرمة من أفضل المدن السعودية في التداول العقاري طوال السنة، وخلال الفترة الماضية تم طرح عدد من المشاريع العقارية في مكة المكرمة منها جبل خندمة الواقع على الناحية الشرقية من الحرم المكي الشريف، ومشروع جبل عمر الذي وقع الأسبوع الماضي عقدا مع شركتين ماليزيتين قيمته 14.9مليون دولار لإدارة أعمال التصاميم والتنفيذ لمشروع تطوير جبل عمر، بالاضافة إلى مشروع الشامية الذي يعتبر اكبر المشاريع العقارية والانشائية والذي يقع شمال الحرم المكي الشريف. وتهدف خطط الحكومة السعودية إلى تطوير مكة المكرمة من خلال تدشين هيئة تطوير مكة المكرمة والتي عملت على وضع خطط تطويرية على مدى السنين المقبلة من اجل الوصول إلى افضل السبل لسهولة الحركة ووصول القادمين إلى المنطقة المركزية في مكة المكرمة. ومع كل هذه المؤشرات الايجابية والتطلعات المستقبلية في مكة المكرمة الا انها تسجل عوائد عقارية أقل مما يسجلها السوق العقاري في أي منطقة اخرى، اذ يصل العائد الاستثماري السنوي على العقارات في العاصمة المقدسة إلى 8 في المائة بعكس المدن الاخرى التي يصل معدلها إلى 10في المائة من رأس مال العقار، وذلك لعدد من الاسباب التي يرى عدد من العقاريين انها السبب الرئيسي في انخفاض المعدل الاستثماري في مكة المكرمة، والتي تتركز في ارتفاع اسعار الأراضي في المدينة اذ يتجاوز فيها المعدل الطبيعي للأسعار في المدن الاخرى، الامر الذي يتطلب فترة اطول لاستعادة رأس المال في المشروع او العقار المراد استثماره، وصعوبة الحفر التي تتطلب مبلغا اضافيا يضمن في المشروع مما يضاف إلى سعر التكلفة العامة في المشروع، على أساس ان أراضي مكة المكرمة تغلب عليها الأراضي الجبلية، مما يستدعي اجهزة ومعدات خاصة لتجهيز البنى التحتية في الارض، ارتفاع سعر الأيدي العاملة وشركات البناء عكساً على الوضع الاقتصادي العام الذي يرفع من اسعار كل ما يتعلق بالعقار بمختلف الجهات. الا ان عبد الله الشهراني ـ عقاري يعمل في مكة المكرمة ـ يشير إلى انه من الصحيح ان العائد الاستثماري في مكة المكرمة قد يكون منخفضا عن غيره من المناطق الاخرى الا أنه يعطي على المدى البعيد وهو يدر دخلا سنويا ثابتا بنحو 8 في المائة بعكس ما قد يكون عليه الحال في المناطق والمدن الأخرى، مشيراً إلى ان تملك مبنى سكني او تجاري في مكة يضمن دخلا سنويا ثابتا على مدى السنين لما تتمتع فيه المدنية من تطورات اقتصادية سنة بعد سنة من جراء ازدياد الوفود القادمين لها من جميع انحاء العالم.

ويذكر الشهراني ان هناك عددا من العروض العقارية التي طرحت أخيرا تقدم عوائد تتراوح مابين 7 إلى 9 في المائة سواء من مبان سكينة او ابراج تجارية وقوبلت بطلب كبير من قبل المستثمرين الذين يرغبون بالاستثمار والتملك في مكة المكرمة. في حين يرى محمد القطان مستثمر عقاري في قطاع الابراج في مكة أن الاستثمار في الشقق السكنية خاصة المفروشة بحاجة إلى وقت طويل لاعادة رأس المال، وذلك يعود إلى أن مواسم العمرة والحج في مكة المكرمة وهي السبيل الأساسي الذي يعتمد عليه المستثمرون في هذا القطاع لتحقيق عوائد والتي تمثل نحو 5 أشهر من أصل 12 في السنة، الامر الذي يبطئ عودة رأس المال وتحقيق عائد يتأرجح بين 6 إلى 9 في المائة، الا انه شدد ان النسبة تبقى لفترة طويلة حيث بركة المكان على حد تعبيره، بالاضافة إلى الطلب المتواصل والمتزايد على ايجار الشقق المفروشة في المواسم المختلفة وبأسعار في الغالب تكون مناسبة للمستثمر، بعكس ما يحدث في المناطق الاخرى التي لا تمر سنتان إلى ثلاث سنوات الا وانخفض المعدل إلى 6 في المائة.

وبين القطان ان المباني من الممكن ان تعمر مع المستثمر حتى 30 إلى 40 سنة من فترة بنائها مع الترميمات الدورية البسيطة التي تساعد على جودة المبنى ليحقق أكبر عوائد خلال فترة تشييده. يذكر ان في مكة المكرمة مباني تعود إلى فترة قديمة ما زالت موجودة حتى اليوم، وتسعى هيئة تطوير مكة إلى تطوير المناطق التي توجد فيها مثل هذه المباني من خلال مشاريع طرحت امام القطاع الخاص.