خطوة بخطوة.. كيف تصمم وتبني بيتا أو فيلا أو عمارة بتكاليف مناسبة في مصر

الأرض المسجلة و مدير المشروع و العقود المفصلة.. عناصر أساسية من أجل ضبط المصاريف

TT

عندما تخطط لبناء مبنى في مصر، سواء عمارة صغيرة أو فيلا كبيرة، فان هناك عدة أشياء لابد أن توضع في الاعتبار، وتخضع للحساب بالورقة والقلم حتى تصبح ميزانية الإنشاء وتكلفتها واضحة ولا تتعدى المخطط لها بشكل كبير، والنصيحة التي يقدمها خبراء العقارات في مصر هنا هي الاستعانة بشكل أساسي بالخبراء والمهندسين الاستشاريين حتى لو كانت تكلفة الاستعانة بهم عالية لأنها في النهاية ارخص من الحصول على مواصفات غير مطابقة أو الوقوع تحت طائلة تلاعب المقاولين أو المماطلة في التنفيذ.

وهناك أمور تتعلق بالنواحي القانونية والإنشائية واستخراج التراخيص الخاصة بالبناء من الجهات الحكومية، ثم مراحل التنفيذ والاشراف على التنفيذ، والشروط المالية والتمويل وتكلفته وفي النهاية استلام المبنى وضمانات تسلمه ضد العيوب، وكل تلك الجوانب يمكن أن توفر الاستعانة باختصاصي لإنجازها الكثير لصاحب العقار.

ويقول د.م شريف حافظ مستشار اتحاد المقاولين المصريين، هناك عدة خطوات للبناء، تبدأ بمعاينة الأرض التي يتم عليها البناء، فلا بد أن يبحث الراغب في الشراء هل الأرض مسجلة أم لا، فالأرض المسجلة اضمن ومعها يصبح الأمر مجرد نقل ملكيته من الناحية القانونية أو يمكن ان تكون الأرض مخصصة تابعة لشركة قطاع اعمال أو تابعة لوزارة الإسكان، وفي حالة تبعيتها للحكومة فهي مضمونة الشراء، لكن لو كانت تبعيتها للقطاع الخاص فالأضمن أن تكون مسجلة.

اما الحالات التي تكون فيه الأرض بوضع اليد، فلا بد من التأكد أنها في حالة مستقرة لمدة خمسة عشر عاما، وهذه الأشياء تؤثر في تسعير قطعة الأرض صعودا وهبوطا، لأنها حين تكون غير مسجلة، فهناك تكلفة رفع قضية لاثبات صحة ونفاذ ونقل الملكية لكي يتم تسجيلها، وقد تظهر فجأة عقبات غير محسوبة تعوق التسجيل.

وهناك عوامل أخرى تتعلق بموقع الأرض وهل بها مرافق مثل المياه والمجاري والكهرباء أم لا، وهل تصلها المواصلات العامة بسهولة أم لا، وهي أشياء تؤثر ايضا في قيمة الأرض كذلك موقع الأرض بالنسبة للخدمات من مدارس ومستشفيات ونقاط الإسعاف والشرطة والحريق، ومدى بعد قطعة الأرض عن مركز العاصمة أو اقترابها أو وقوعها على النيل أو على شارع رئيسي هكذا، ويواصل شريف حافظ، يلي ذلك النظر في مساحة الأرض نفسها والاشتراطات البنائية في المنطقة فهل مسموح بالبناء بنسبة 100% في تلك المنطقة كما يحدث وسط القاهرة أم مسموح بالبناء على مساحة 60% وفقا لقانون البناء العام، وأحيانا في المدن الجديدة وبعض الأحياء السكنية يشترط البناء على مساحة 40% من الارض فقط اما المناطق السياحية فتشترط البناء على 20% من الأرض وهناك شروط تتعلق بالأراضي القريبة من شاطئ البحر أو شاطئ النيل فلا بد أن تبعد عن الشاطئ مساحة معينة ينص عليها القانون (خمسين الى ستين مترا)، ويحدد القانون أيضاً اشتراطات تتعلق بالارتفاعات فبصفة عامة ينص القانون على ارتفاع أقصاه يقدر بثلاثين مترا لكن في اغلب المدن الجديدة ينخفض هذا الحد الأقصى الى عشرين مترا أو خمسة عشر مترا. وداخل المدينة أيضا هناك تقسيمات مختلفة وفقا لمساحات العمارات ومساحات الفيلات ما بين عشرين وثلاثين مترا.

ويضيف الدكتور شريف حافظ، ثم إن شكل الأرض عامل مهم في تقرير هندسة المبني فالشكل المستطيل هو الأفضل والأسهل والبناء عليه اقتصاديا اكثر وهناك تأثير لطبيعة تربة الأرض، سواء رملية أو طينية أو طفلية، فهي تحدد هنا الارتفاع بغض النظر عن القانون فالأرض الرملية هي الأفضل واغلب الأراضي في مصر رملية وتعد مناسبة للبناء للغاية، اما الأرض الطينية فهي تتحمل اقل من النصف من البناء مقارنة بالأرض الرملية ولها مشاكل ومعالجات مختلفة.

اما إذا كانت الأرض عبارة عن مخلفات للقمامة فهي ستتكلف مبالغ كثيرة في عملية الحفر العميق وعملية الإحلال من حيث رفع كل الطبقة الرسوبية من مخلفات القمامة واحلال طبقة رملية تتحمل البناء.

ويلي ذلك التأكد من المساحة الدقيقة للأرض من خلال مصلحة المساحة التي تقوم بتثبيت الأوتاد داخل الأرض.

وينصح الخبير العقاري شريف حافظ بتحديد احتياجاتك ورغباتك في المبني الذي سيتم إنشاؤه قبل الذهاب الى المهندس الاستشاري وبلورة كافة الأفكار والرغبات دون تغيير لان تغييرها سيرفع تكلفة التصميم.

فعلى سبيل المثال إذا كانت احتياجاتك مساحات ضوء قوية، يقوم الاستشاري بتصميم واجهات المبنى. باتجاه الشمس وهكذا ويتوقف هذا على كفاءة الاستشاري في استخلاص رغبات العميل وتنفيذها بشكل يضمن رضاءه فيما يتعلق بمساحات الغرف والاستقبال والمطابخ والحمامات والتراسات وغيرها.

وعلى أساس تلك الرغبات يقوم الاستشاري بتقديم التصميم المبدئي الذي يحدد موقع المبنى على الأرض ومساحات الفضاء، سواء في أمام المبنى أو خلفه أو على جانبيه. وحساب التكلفة المبدئية التي عادة ما تكون بزيادة أو نقصان بنسبة 20% وينصح المهندس شريف حافظ بالاتفاق مع المهندس الاستشاري من خلال مستندات عطاء ووضع جدول للمواصفات والكميات ووحدات السعر، ولا يتم الاتفاق «بالمقطوعية» لأنها سوف تؤدي الى مشاكل وارتفاع في التكلفة عن الميزانية الموضوعية فعمل مواصفات وجداول الكميات ووحدات السعر، يجعل من الصعب على المقاول أن يغالي فيها وتساعده المواصفات والجداول على التسعير الصحيح.

وفيما يتعلق بالتكلفة الكلية يقول المهندس شريف حافظ: في الإسكان منخفض التكاليف يتراوح سعر المتر المسطح إذا كان نصف تشطيب ما بين 450 الى 500 جنيه مصري اما التشطيب الكامل فيتراوح ما بين 600 الى 650 جنيها مصريا.

اما الإسكان المتوسط فيتراوح فيه سعر المتر المسطح في النصف تشطيب ما بين 600 الى 650 جنيها اما التشطيب الكامل فيتراوح ما بين 800 الى 850 جنيها، وسعر المتر المسطح في الإسكان الفاخر يتراوح ما بين 800 الى 850 جنيها في النصف تشطيب، اما التشطيب الكامل فيتراوح ما بين 1250 جنيه الى 1500جنيها، ويؤكد شريف حافظ أن تكلفة الهيكل الخرساني ومشدات المباني تشكل نسبة 40% من تكلفة المتر المسطح لكن هناك تكلفة أخرى لا بد من وضعها في الاعتبار مثل تكلفة استخراج رخص البناء ويتم الاتفاق مع الاستشاري على مسؤوليته باستخراجها ودفع التامين الإلزامي أو ما يعرف بالمجمعة العشرية وهي تتكلف ما بين 2% الى 5% من قيمة المبني.

ويتم الاتفاق أيضا على أسلوب سداد ثمن المبني، وتمويله وهل سيدفع العميل مقدما أم يعمل بنظام المستخلصات وهنا تثار نقطة تكلفة تمويل الأموال اللازمة للإنشاء لان بناء فيلا تتكلف مليون جنيه يثير سؤالا: هل يتم دفع المبلغ بالكامل أم على دفعات وفقا لمراحل تنفيذ المبنى؟ فالأسلوب الأخير هو الأفضل لكي لا يواجه العميل تأخيرا أو مماطلة من المقاول. ولا بد من الوعي بالشروط المالية للدفع التي يتم الاتفاق عليها، لان من الممكن أن تحدث زيادة في تكلفة أحد البنود ما بين 3 الى 4% وسيجعل العميل نفسه وقد دفع الكثير مما كان يمكن ألا يدفعه.

ويقول شريف حافظ: بعد التنفيذ يتم الاستلام المبدئي من الاستشاري وعلى العميل أن يحدد العيوب داخل المبنى حيث يحصل على ضمان لمدة عام لعلاج ما يطرأ من عيوب بعد التشغيل وهي التي تظهر مع الاستخدام وتكلفة إصلاحها على المقاول وبعد مرور العام يتم التسليم النهائي لكن هناك العيوب الأساسية التي قد تطرأ بعد فترة طويلة وتلك يظل المقاول مسؤولا عنها لمدة عشرين عاما.

من جانب مكمل يشير المهندس الاستشاري عمرو عسل مدير شركة ميجابيلد للتنمية العمرانية أن هناك مشاكل تطرأ خلال عملية البناء بسبب عدم الاتفاق على مبادئها منذ البداية مع المهندس الاستشاري ولا بد من الاستعانة بطرف ثالث ليكون مشرفا على عمل الاستشاري وعمل المقاول المنفذ المسؤول وهذا الطرف هو ما يعرف بمدير المشروع حيث يتابع منذ البداية تصميم الاستشاري، فمن المحتمل مثلا أن يصمم نموذجا يتعدى الاجتياح أي over design، وهنا يقوم مدير المشروع بواجبه أي يراجع الاستشاري ويطلب منه نوتة حسابية تحدد بنود الاعمال وكميات المواد المطلوبة وحسابها، ولا بد من المطالبة بكراسة حصر مع المقايسة التقديرية والنوتة الحسابية وبذلك سيحدد الاستشاري بدقة تكاليف الإنشاء والكميات وتضمن أن تكلفة العمليات لن تزيد عن المخطط.

ويضيف الاستشاري عمرو عسل أن العميل يمكن أن يتفق من الاستشاري أن يكون مشرفا على التنفيذ الذي يقوم به المقاول لكن الأفضل الاستعانة بمهندس إشراف تنفيذي أو مدير المشروع الذي يكون ملتزما بالإشراف الفني على المشروع أي ما يتعلق بمواد البناء كالأسمنت والحديد والرمل وكمياته الصحيحة، كذلك الإشراف الاداري أي ما يتعلق بمدة تنفيذ المشروع وتكلفته وجودة تنفيذه. ورغم ما يمكن أن يتكلفه هذا الطرف الثالث الذي تقدر أتعابه بنسبة 2% من العملية إلا انه سينقذ العميل من ارتفاعات مفاجئة أثناء سير عملية البناء ويراقب الالتزام بالميزانية المحددة للمشروع.

وينصح المهندس عمرو عسل بأن يتم الاتفاق مع المهندس الاستشاري على القيام بالرسومات التنفيذية سواء على مستوى المشروعات الصغيرة او الكبيرة فيقدم مع التصميم الرسومات المعمارية والمدنية وتصميمات شبكة الكهرباء والمياه والصرف الصحي وان يكون مسؤولا عن استخراج رخصة البناء، وطرح المشروع في شكل مناقصة على ثلاثة مقاولين ليتنافسوا لان ذلك لفائدة للعميل وتمكينه من الحصول على افضل أسعار فنية ومالية خاصة مع الاستعانة بمقاول له سابقة اعمال جيدة.

ويتم الاتفاق مع المقاول على أسلوب دفع الأموال بطرق مختلفة فالعقود التي تبرم مع الاستشاري والمقاول هي عقود ليست ثابتة، وتتسم بالمرونة التي يتطلبها الطرفان ومن الأفضل الاتفاق على الدفع بأسلوب الدفعات مع الانتهاء من تنفيذ السقف الأول والثاني وهكذا بأسلوبmile stone ووفقا لبرنامج زمني محدد حيث يستغرق بناء عمارة خمسة أدوار أو فيلا صغيرة فترة عام في المتوسط.

ويؤكد عمرو عسل انه من الممكن أن يستعين العميل طالب البناء بنظام التمويل العقاري إذا كانت قطعة الأرض المقام عليها البناء مسجلة حيث يحصل على نسبة 85% من ثمن البناء بضمان الأرض وبذلك يمول البناء بأسلوب مريح.