سكان الضمان الاجتماعي هم الحل للملاك في بريطانيا

يسكنون مجانا والمجالس المحلية تدفع الإيجار

TT

تتجه معظم اسواق العقار الاستثماري الاوروبية نحو مرحلة من الخمول تؤكدها احصاءات عن توجهات الاستثمار في عام 2005 المنصرم. فخلال العام الاخير عادت الاسهم الى المقدمة وتخطت العقار كاستثمار افضل بعوائد بلغت في المتوسط 17 في المائة مقابل عوائد عقارية لم تتعد الثلاثة في المائة خلال العام.

في الاسواق البريطانية انتهى زخم التوجه الى شراء العقارات بغرض تأجيرها، وبات السوق مشبعا بالعقارات الشاغرة التي تزيد عن عدد المستأجرين ممن يستطيعون دفع معدلات الايجار السائدة. وتتوقع اسواق العقار اتجاه اصحاب بعض هذه العقارات الى البيع لتقليص الخسائر، خصوصا من بين الذين يدفعون اقساط قروض وتكاليف عقارية من دون اي عوائد.

من ناحية اخرى، تراجعت عمليات الشراء لغرض الاستثمار العقاري لسببين رئيسيين، هما صعوبة التأجير من ناحية، وعدم ضمان استمرار ارتفاع قيمة العقار، التي يعتقد البعض انها تعاني من بعض التخمة بالفعل، وقد تتراجع تصحيحيا قريبا لكي تتعادل مع معدلات الدخول، كما كان الوضع تاريخيا.

في هذه الاسواق الخاملة، ومن اجل تجنب بيع العقار، او انتظار التأجير التجاري، هناك حل ثالث يلجأ اليه اصحاب العقار: تأجير العقار الى جهات الاسكان الاجتماعي مثل المجالس المحلية او جمعيات الاسكان. وتعرض هذه الجهات بعض التعاقدات المغرية التي تضمن من خلالها عوائد ايجارية لفترات تتراوح بين عامين وخمسة اعوام، لكن هذا الحل قد يجلب سلسلة من المشاكل الاخرى التي لم تكن في الحسبان.

والفوائد تبدو مغرية للغاية، فمالك العقار لا يضطر لدفع عمولة لمكاتب تأجير العقار، كما انه يضمن العوائد لفترة طويلة، وفي نهاية فترة التعاقد تقوم الجهة التي استأجرت العقار باعادة تجديد ديكورات العقار الداخلية قبل تسليمه لصاحبه، كما تضمن هذه الجهات اصلاح اي اضرار يتسبب فيها المستأجر.

وعندما تنفذ هذه التعاقدات بلا مشاكل، يمكن لمالك العقار ان يتخلص من اعباء ادارة العقار ويضمن عوائده، لكن عندما يسكن العقار مستأجر مزعج وغير ملتزم بتعاقداته، يمكن ان تتحول الصفقة الى مشكلة تؤرق الجميع لفترات تصل الى ستة اشهر على الاقل، وهي الحد الادنى الذي يمكن بعده طرد الساكن المشاغب. والمشكلة الرئيسية في هذه النوعية من الاسكان هي نوعية السكان، فالأولوية هنا لا تعطى للساكن الذي يفي بتعهداته، انما للساكن الاكثر حاجة من غيره للاسكان. وهذا المعيار يختلف تماما عن معيار اختيار السكان عبر مكاتب الايجار التجارية.

فالمكاتب التجارية تستعلم عن الساكن من جهة عمله وسكنه السابق وتتأكد من وجود دخل ثابت له وايضا من وفائه بكافة التزاماته قبل توقيع الاتفاق معه. اما جمعيات الاسكان الاجتماعي، فهي تراعي الحاجة من دون الالتفات كثيرا للوفاء بالالتزامات. وعدم الالتزام المالي لن يؤثر كثيرا على المالك، لانه يحصل على العوائد من المجلس المحلي او جمعية الاسكان، سواء دفع الساكن او لم يدفع، لكن المشاكل تنشأ للمالك عندما ترتفع الشكاوى من الساكن المشاغب وتبدأ اجراءات الاخلاء التي تستغرق وقتا طويلا، وتصل احيانا الى المحاكم.

ويقول خبير قانوني عن مشاكل هذا النوع من الاسكان الاجتماعي، ان الساكن عبر هذا الاسلوب لا يختلف في نظر القانون عن الساكن العادي الذي يوقع تعاقد سكن ويلتزم بشروط هذا التعاقد، لكن الفارق الرئيسي هو عند اتخاذ اجراءات الاخلاء ضد الساكن المشاغب. فالساكن عبر الضمان الاجتماعي يرفض الاخلاء بكل قوة لان ذلك معناه التشرد، وفي حالة وجود اطفال ترفض المحاكم الاخلاء لاي اسباب حتى يوفر المجلس المحلي سكنا بديلا، وهنا قد تجد الاطراف نفسها في مأزق قانوني خصوصا عند انتهاء فترة تعاقد المالك مع المجلس المحلي. ويتعقد الموقف اكثر عندما يتعلق الامر بشقة مملوكة بتعاقد ايجاري طويل الاجل يسمى Lease، حيث يتعين على المالك بهذا التعاقد ان يحصل على موافقة المالك الحر للارض، قبل تأجير الشقة بهذا الاسلوب. وفي معظم الاحوال يرفض المالك الموافقة حتى لا تتأثر سمعة المبنى بسكان مشاغبين من العينة التي يجلبها المجلس المحلي. وفي حالات محدودة يمكن للمالك ان يستولي على حق الايجار طويل الاجل ويحرم منه صاحبه الذي اجر العقار من غير اذن منه.

هذه الحلول قد تبدو مغرية للبعض وعالية المخاطر للبعض الآخر، لكنها في النهاية تعبر عن مشكلة هيكلية في سوق العقار لا بد من ظهور حلول لها لكي يبقى العقار مجالا استثماريا مجزيا. ويشكو البعض من فقاعة سعرية رفعت سعر العقار في السنوات الخمس الماضية بسبب الهروب الجماعي من البورصات الى العقارات. وكما تثبت احصاءات عام 2005 الاخير، فإن الاسهم بدأت تستعيد عافيتها وجاذبيتها الاستثمارية، وقد يؤذن ذلك بعودة الى التوزيع الطبيعي للاستثمارات بين الاسهم والعقار. واذا حدث ذلك بشكل مؤثر في عام 2006، فإن الاتجاه الطبيعي لاسعار العقار سوف يتراوح بين الثبات في السيناريو الافضل والهبوط الشديد في السيناريو الأسوأ، وعندئذ سوف تنخفض الضغوط على الايجارات ايضا لكي تهبط الى معدلات متناسبة مع الدخل ويصبح تأجير العقار سهلا وفي متناول الطبقات الوسطى.

في الاسواق الخاملة حاليا تزداد الضغوط على مالكي العقارات الشاغرة، خصوصا تلك التي تتراكم عليها قروض عقارية كبيرة. وتدفع بهم هذه الضغوط للبحث عن حلول غير عادية لتأجير العقارات، مثل اللجوء الى المجالس المحلية، لكن استمرار الاسواق على حالها قد يدفع الكثيرين الى البيع والتحول الى الاسهم، وهنا تبدأ دورة استثمارية جديدة من انتعاش الاسهم واستقرار العقار، وهو الوضع الذي كان سائدا قبل سقوط الاسهم في عام 2000.