سحب البساط من السماسرة يحد من التصاعد غير المنطقي لأسعار العقار في الخرطوم

المكيرش : دخول عقاريين ومطورين متخصصين أنعش القطاع في السودان

TT

أكد عقاريون سودانيون، ومستثمرون سعوديون في نشاط العقار بالسودان، أن أسعار العقار بالعاصمة الخرطوم أصبحت مستقرة نسبيا ومنطقية بكل المقاييس عكس ما كان عليه الوضع قبل نهاية عام 2003 الذي شهد تصاعدا كبيرا في الأسعار بلغ معدله السنوي حوالي 70 في المائة نتيجة لعدة عوامل من أهمها توفر كميات كبيرة من الأراضي المعروضة للبيع، واتجاه سوق العقار نحو التنظيم والتقنين بعد سحب البساط من السماسرة الذين كانوا يسيطرون على الوضع سابقا، متوقعين أن يشهد هذا النشاط قفزة نوعية وسعرية مع منتصف العام الحالي.

ويرى مشعل المكيرش، عضو مجلس إدارة مجموعة المكيرش للاستثمار، أن العقار في العاصمة السودانية الخرطوم شهد خلال الثلاث سنوات الماضية نقلة نوعية وفريدة وانتقل من مرحلة إلى مرحلة، بسبب دخول عقاريين ومطورين متخصصين في هذا النشاط، من خلال توفير مخططات مجهزة بكامل الخدمات الضرورية، خلافا لما كان سائدا في السابق، حيث كان العقار في أيدي سماسرة الأراضي الذين استغلوا شح الأراضي المعروضة للبيع في رفع الأسعار بصورة مبالغ فيها، مشيرا إلى أن الفترة من 1998 إلى 2002 شهدت تضاعفا في الأسعار بمعدل أكثر من 70 في المائة سنويا. وبينما نفى المكيرش، المالك لمخطط الراقي بالخرطوم، حدوث انخفاض في الأسعار قال إن ما حدث الان هو أن الزيادات غير الطبيعية في الاسعار توقفت وأصبح السعر يحدد وفق معيار العرض والطلب، مما يعتبر شيئا ايجابيا وصحيا، معترفا بأن الفترة ما بين منتصف 2004 ومنتصف 2005 شهدت ركودا في حركة البيع والشراء نتيجة للتطورات السياسية في السودان مقابل ثبات في الأسعار، ثم عادت الحركة تدب من جديد بفضل تطورات الوضع السياسي الايجابي بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، متوقعا في الوقت نفسه أن يشهد العام الحالي حركة عقارية جيدة أفضل من عام 2005 بمراحل، سواء من ناحية السعر أو الجودة للاراضي المعروضة للبيع (مكتملة الخدمات). وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد أيضا عرض منتجات جيدة بسبب التحول من الأراضي الفضاء إلى الأراضي المخدومة مما سيساهم في انتعاش الحركة العقارية، اضافة الى دخول بنوك من خارج السودان للاستثمار في مجال العقار من خلال تخصيص جزء من تمويلها في بناء وحدات سكنية. وأكد المكيرش أن العقار في السودان يعتبر من الاستثمارات المشجعة التي يتوقع لها مستقبل جيد خاصة أن العاصمة الخرطوم تشهد بصورة مستمرة زيادة في عدد السكان نظرا لتمركز الخدمات الأساسية بها مقارنة بولايات السودان الأخرى، واصفا أسعار العقار الحالية في الخرطوم بأنها تعتبر جيدة نسبيا نظرا لأن سعر الأرض أصبح يحدد وفقا للخدمات التي تشملها بغض النظر عن موقعها، فيما أكد أن المخططات الجديدة التي يقوم عليها بعض المستثمرين السعوديين أحدثت تحولا كبيرا في البلاد، مستشهدا بالمخطط الذي قامت مجموعته بتنفيذه باعتباره من أفضل المخططات على مستوى الخليج، حسب قوله، لما يوفره من بيئة صحية جيدة.

وبين أسامة عبد الله شابو، مدير مكتب الأراضي بالسفارة السودانية بالرياض، أن أسعار العقار بالعاصمة الخرطوم اتجهت مع نهاية عام 2003 نحو الاستقرار وتوقف التصاعد غير المنطقي للأسعار، نتيجة لتوفر مساحات كبيرة من الأراضي المعروضة للبيع، خاصة بعد طرح الخطة الإسكانية التي تضمنت حوالي 200 ألف قطعة سكنية تتراوح مساحاتها بين 300 و500 متر مربع، وكذلك دخول مستثمرين من خارج السودان في هذا المجال بإقامة مخططات متكاملة الخدمات، وتشجيع وزارة الإسكان للبناء الرأسي، منوها أنه بالرغم من هذه الوفرة إلا أن الأسعار في المواقع المتميزة ظلت مستقرة ولم تتعرض لأي هزة سعرية، بينما تأثرت المناطق التي لم تصلها الخدمات حيث انخفضت أسعارها عما كان عليه الوضع قبل طرح الخطة الإسكانية. وأضاف شابو أن وضع العقار يتجه الآن نحو التنظيم والتقنين بفضل سياسات وزارة الإسكان من خلال تركيزها على تشجيع المخططات المهيأة بالخدمات وسحب البساط من السماسرة والمضاربين في هذا السوق بطرح كميات كبيرة من الأراضي على السودانيين المقيمين خارج البلاد بإرسال وفود إليهم في مناطق إقامتهم مع منحهم تسهيلات في الدفع (التقسيط) باعتبارهم يمثلون القوة الشرائية الرئيسية. وأوضح شابو أن أسعار العقار تشهد تباينا كبيرا سواء داخل المربع السكني أو من مربع لآخر، حيث أن تحديد السعر تحكمه معايير تجارية واستثمارية بالدرجة الأولى بغض النظر عن موقعه، متوقعا أن يشهد العقار حركة نشطة خلال هذا العام.

ومما يذكر أنه قد اعلن الشهر الماضي عن تأسيس شركة عقار مساهمة سعودية سودانية برأسمال يقدر بنحو 10 مليارات دولار، حيث أكد المهندس ناصر الجمعة رئيس مجلس الاعمال السعودي ـ السوداني أن هناك مجموعة كبيرة من المستثمرين السودانيين العاملين في مجال العقار والذين يمتلكون عقارات في مواقع استراتيجية في الخرطوم ابدوا الرغبة في الانضمام كمساهمين في الشركة للعمل على تقنين نشاطهم العقاري، سيما ان هذه الخطوة ستمهد الطريق لان يكون هذا المجال يعمل بصورة اكثر تنظيما من قبل الجهات المختصة، بعد أن ظلت الحركة العقارية في السودان والخرطوم على وجهه الخصوص تقوم على اجتهادات وتوقعات شخصية لرجال الأعمال السودانيين، مشيرا إلى ان اغلب المستثمرين السودانيين يأملون كثيرا ان يحد قيام هذه الشركة من التلاعب الكبير الذي كان يمارس من قبل سماسرة الأراضي في الخرطوم في الفترة الأخيرة، كما ستعمل على دعم نشاط سوق الخرطوم للأوراق المالية.

ووفقا للجمعة، فإن الشركة ستعمل على تنظيم سوق العقار في السودان، وتلبية حاجة السوق من المشاريع العقارية، وتوفير المساحات اللازمة لإنشاء المدن السكنية والصناعية، وخلق فرص عمل جديدة للشباب، وتحقيق عوائد مناسبة للمساهمين. وأضاف أن فكرة تأسيس الشركة جاءت نتيجة للتوجه العقاري المشجع والمثمر في السودان خلال السنوات الماضية، فضلا عن القوانين التي تحكم قطاع الأراضي والعقارات التي ظلت أسعارها مستقرة وواضحة لسنوات طويلة مما يشجع على التعامل مع هذا القطاع، مشيرا إلى الطلب الكبير الذي يشهده السودان حاليا على قطاعات عقارية جديدة كالشقق السكنية والمنتجعات السياحية والفنادق.