الفيلات الجبلية في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا .. الوجهة الجديدة لامتلاك العقارات

TT

إن إعجاب وإقبال البريطانيين على المناطق الساحلية الفرنسية مثل منطقة «كوت دا زوغ» وشواطئها ومدنها الساحرة التي تسطع فيها الشمس لمدة 300 يوم في العام، أدى الى ارتفاع أسعار العقارات في هذه المناطق حتى وصل سعر الفيلا المتوسطة الحجم الى 200 ألف إسترليني (نحو 350 ألف دولار). وأصبحت الأجزاء الوحيدة المتبقية بأسعار معقولة في هذه المنطقة هي الأحياء الجبلية حيث يمكن شراء فيلا بنحو 70 ألف جنيه استرليني. كما أن القرى الصغيرة القديمة على السواحل الفرنسية مثل منطقتي بريتاني ونورماني (التي كانت قد شهدت عمليات إنزال الحلفاء إبان الحرب العالمية الثانية في اليوم الشهير الذي غير مجرى الحرب) ايضا بدأت تشهد اقبالا من المشترين البريطانيين والألمان الهاربين من بلادهم بسبب الطقس المتقلب وقلة الدفء والشمس. ورغم أن الأسعار في القريتين المذكورتين قد بدأت ترتفع، فهي لا تزال حتى الآن رخيصة نسبيا، إذ يبلغ سعر المنزل المتوسط الحجم نحو 60 ألف دولار. أيضا هناك مناطق مثل بلدة تولوس حيث تتنوع اشكال المباني السكنية من شقق حديثة الى فيلات على طراز البحر الأبيض المتوسط ومنازل قروية فوق الجبال تتراوح اسعارها في حدود 80 ألف دولار.

وفي أسبانيا أيضا ـ وهي أكبر قبلة للأوربيين الشماليين الراغبين في الحياة قرب البحر الأبيض المتوسط، وهي بالتالي أكثر الأسواق العقارية في اوروبا ارتفاعا خلال السنوات الماضية، فإن الأسعار تتباين بشدة من أرخص الرخيص الى عشرات الملايين. وعلى سبيل المثال فإن جزر الكناري الواقعة قبالة ساحل المغرب لكنها تتبع للسيادة الاسبانية تعتبر من اغلى المناطق الأسبانية نظرا الى طقسها المعتدل طوال العام. فالشقة المكونة من غرفتين في موقع جذاب في إحدى هذه الجزر الصغيرة تبلغ أكثر من 400 الف دولار. أما في الأراضي الأسبانية نفسها فإن مقاطعة أندلوسيا تتمتع أيضا باقبال كبير وبالتالي بأسعار عالية. ولكن اذا اتجهنا شرق بلدة مالاغا في منطقة «كوستا دي الميرا» أو غرب جبل طارق في منطقة «كوستا دي لا لوز» فإن أسعار الشقق من غرفتين في بناية بها حوض للسباحة تنخفض الى نحو 65 ألف دولار. كما أن منطقة «كوستا كاليدا» على الساحل الشرقي لأسبانيا، وهي منطقة نائية بعض الشيء لكنها تتمتع بجو ساحلي حار - فالأسعار تنخفض أكثر بحيث يبلغ سعر الشقة المتوسطة الحجم نحو 55 ألف دولار. وقد أدى الاقبال على عقارات اسبانيا الى موجة ضخمة من عمليات الإنشاء الى الدرجة التي اتهم فيها البعض هذه الموجة بالتسبب في تغيير المناخ. وبالفعل فإن اسبانيا تعتبر أكبر مستهلك للاسمنت في أوروبا نظرا الى أنها تستهلك 50 مليون طن سنويا. وفي عام 2004 شهدت اسبانيا تشييد 180 الف وحدة سكنية على سواحلها الجنوبية. وتعد الحكومة الى استقبال مليون وحدة سكنية جديدة في منطقة «كوستا بلانكا» وحدها خلال السنوات العشر القادمة. وتوضح الصور الفضائية أن المساحات المأهولة في أسبانيا قد زادت بنسبة 25% خلال السنوات العشر الماضية، كما أن ثُلث الساحل الأسباني على البحر الأبيض المتوسط أصبح مرصوفا بالمباني. وقد أطلق البعض اسم «فلوريدا أوروبا» على أسبانيا تشبيهاً لها بولاية فلوريدا في الولايات المتحدة والمعروفة أيضا بالاقبال عليها بسبب طقسها المعتدل في خليج المكسيك. ونتيجة لهذه الموجة المعمارية فقد اصبح قطاع الإنشاء يشكل 16% من الاقتصاد الاسباني. غير أن بعض الصحف الأسبانية وشركات العقارات حذرت من أن هذه الطفرة قد تنتهي فجأة، ثم تعقبها فترة من الركود والانخفاض السريع في الأسعار. لكن المعارضين لهذا التحذير يعتقدون أن انفتاح البريطانيين والألمان على السياحة في أسبانيا دفعهم الى شراء منازل دائمة هناك لكي يستخدموها في عطلاتهم المتكررة الى اسبانيا، ثم ينتقلون اليها بشكل نهائي بعد ان يبلغوا سن التقاعد في بلدانهم الأصلية، وذلك لأن تكلفة المعيشة في أسبانيا أرخص كثيرا من بريطانيا وألمانيا، فضلا بالطبع عن الطقس الدافئ الذي يفضله كبار السن الهاربون من برد الشمال.

وفي ايطاليا، مثلما هو الحال في فرنسا واسبانيا، فقد راح البريطانيون والألمان ومواطنو الدول الاسندنافية، الباحثون جميعا عن شواطىء وطقس البحر الابيض المتوسط يتدفقون على المناطق التاريخية الغنية بالآثار والفن والمباني القديمة مثل توسكاني وفلورنس وتشيانتي. وكما حدث في فرنسا وأسبانيا فقد أدى الاقبال الشديد الى ارتفاع اسعار العقارات في تلك المناطق، لذا فالحصول على المنازل المعتدلة السعر والتي يمكن أن تصبح استثمارا جيدا للمستقبل (باعتبارها رخيصة حاليا لكنها مرشحة للارتفاع في المستقبل القريب) فعليك التوجه للفيلات الجبلية في مناطق مثل شمال لوكا وأريزو في شرق ايطاليا وجروسيتو في الجنوب حيث تبلغ أسعار الفيلات نحو 150 ألف دولار. واذا أردت أرخص من ذلك فعليك التوجه الى القرى والبلدات الصغيرة مثل جوبيو وأورفياتو حيث تتراوح أسعار المنازل متوسطة الحجم في حدود 80 الف دولار. من جهة أخرى فإن الاجراءات القانونية التي يجب الانتباه اليها عند شراء العقارات في فرنسا وأسبانيا (وايطاليا الى حد كبير) تختلف عن بريطانيا والولايات المتحدة، وهي كالآتي: الخطوة الأولى تتمثل في تقديم عرض للشراء بسعر معين، واذا قبل البائع السعر فيوقع الطرفان مذكرة مبدئية تلزمهما باكمال الصفقة خلال فترة أقصاها 60 يوما، مع اعطاء المشتري فترة سماح مدتها 10 ايام. وعلى عكس ذلك ففي بريطانيا يسمح القانون لأي من الطرفين بالانسحاب في أي وقت دون الوقوع في خسائر حتى لحظة توقيع العقد النهائي، وهو ما يمكن أن يستغرق شهرين. وعلى المشتري في فرنسا أيضا دفع «عربون» عند توقيع المذكرة المبدئية تتراوح نسبته بين 5% و10% من قيمة العقار. وفي حال غيّر المشتري رأيه فبالطبع يخسر العربون، أما اذا غير البائع رأيه فيلزمه القانون بسداد قيمة العربون مضاعفة. لكن الشيء المهم في العقود الفرنسية والاسبانية والتي لا بد من الانتباه لها هي بنود مذكرة البيع الأولية حيث كثيرا ما يحاول البائعون تعطيل بعضها خصوصا البند الذي يمنح المشتري 10 ايام في بداية الـ 60 يوما يُسمح له خلالها بتغيير رأيه. وتسمى هذه الفترة «فترة هدوء» الهدف منها التأكد من أن المشتري لم يكن في حالة نفسية أو عقلية مضطربة عندما قدم عرضه للشراء. كما أنها أيضا تمنح المشتري مهلة للتأكد من صحة قراره بالشراء. وكما اسلفنا الذكر فإن هذه الفترة في بريطانيا تمتد لأشهر قد تصل الى ثلاثة، رغم أن المشتري يكون خلالها قد أنفق قدرا لا يستهان به من المصاريف المتعلقة بالمساحين والمهندسين الذين يعاينون العقار قبل شرائه للتأكد من سلامته الهندسية والإنشائية، وكذلك مصاريف المحامين الذين يتحققون من تاريخ الوثائق القانونية المتعلقة بالعقار للتثبت من أنه خالٍ من أية موانع. لكن البائع (صاحب العقار) لا ينفق شيئا خلال هذه الفترة، ورغم ذلك فهو يستطيع أن يتراجع عن الصفقة حتى اليوم الأخير قبل توقيع العقد النهائي (الذي يُسمى تبادل العقود) دون أن يلزمه القانون بدفع اي تعويض للمشتري.