تذبذب أسواق المال يعيد الزخم للاستثمار العقاري في الإمارات

TT

اعطى التذبذب الذي تشهده الاسواق المالية الاماراتية، زخما لتفاؤل المستثمرين في القطاع العقاري باستمرار حالة الانتعاش التي يعيشها هذا القطاع منذ عدة سنوات، ويظهر المستثمرون ميلا الى تسييل جزء من محافظهم المالية لصالح الاستثمار في فرص عقارية.

ومع ان هناك تباينا في تقدير عائد الاستثمار العقاري من منطقة الى اخرى في الامارات، فإن ثمة اجماعا على ان العائد سيظل اكثر من 10% في المتوسط مع احتمال وصول العائد في بعض المناطق الى حوالي 20%.. وبرغم النمو الملحوظ في المعروض من العقارات في مختلف المناطق، فإن وتيرة البناء والانشاء لم تتوقف، فضلا عن ان القيمة الايجارية في مختلف المدن الاماراتية لا تزال تتصاعد من دون ان يكون هناك افق واضح للمدى الذي تصل اليه. على ان خبراء الاستثمار العقاري يجدون تحولا في اتجاهات الاستثمار العقاري، فلم يعد هدف الاستثمار هو المضاربة ومحاولة الحصول على عائد سريع، بل الاستثمار لآجال طويلة بغرض الاستفادة من سوق الايجارات الواعد.

ويقدر خبراء النمو المنتظر في حجم الاستثمار العقاري بحوالي 15% على الاقل. وحسب محمد بن علي العبار، مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية بدبي ورئيس مجلس ادارة اعمار العقارية، أن يحافظ العائد الاستثماري في القطاع العقاري على المعدلات التي وصلها مع فرص حقيقية لزيادة نمو العائدات بتأثير ما يشهده الاقتصاد المحلي من انتعاش كبير وفي ضوء المشاريع العقارية العملاقة التي اعلن عنها أخيرا، وزيادة الطلب على العقار بأنواعه كلها، والحجوزات المستمرة من قبل المستثمرين من مختلف بلدان العالم في المشاريع لحظة إطلاقها. ويشير العبار الى أن الاقتصاد الاماراتي شهد مجموعة من التطورات المهمة والرئيسية، وأبرز تلك التطورات دخول المشاريع العملاقة للساحة العقارية المحلية كاستثمارات طويلة الاجل، بالاضافة ان القطاع العقاري سجل نموا كبيرا وخطا خطوة عملاقة عندما فتح المجال أمام الوافدين للاستثمار في القطاع العقاري وتملك عقارات خاصة بهم في مشاريع نوعية، مما مكن دبي من تقديم منتجات جديدة في هذا القطاع لا يقتصر الاستثمار بها على مواطني الدولة أو مواطني دول مجلس التعاون الخليجى فحسب، بل على مواطني الدول الاخرى، وقد أحدثت هذه الخطوة تغيرا فعليا في هذا القطاع وعززت نموه وقدرته على جذب الاستثمارات الاجنبية بقوة.

ويتوقع فردان الفردان، ارتفاع إيرادات الاستثمار في القطاع العقاري، مشيرا في هذا الصدد الى أن السوق العقارية تراهن على المستثمرين الدوليين، حيث يجدون في الامارات مكانا مناسبا وآمنا لاستثماراتهم وأموالهم. مما يساعد على اتساع حجم السوق وزيادة نموه. وتتنوع فئات المستثمرين الاجانب في السوق الاماراتية، فإلى جانب المستثمرين الباحثين عن توظيف اموالهم، هناك عشرات ممن يجدون في الامارات مقصدا للسياحة والاعمال، فيحرصون ان يكون لهم فيها سكن يجنبهم صعوبات الحصول على الحجوزات الفندقية فضلا عن اسعارها العالية.

ولا تقتصر موجة الانتعاش على امارة دبي التي كانت سباقة لطرح مشروعات عقارية للتمليك الحر، بل ان هذه الموجة امتدت الى ابوظبي التي اطلقت في العام الماضي ملكية العقار من خلال نظام يسمح بالاستثمار في بعض المناطق المحددة. وفي هذا الاطار يتوقع مستثمرون ان تؤدي الخطوات التنظيمية الاخيرة الى طفرة في عوائد الاستثمار العقاري في ابوظبي، حيث يرى عبد الرحمن الشيباني، مدير عام مؤسسة الغانم العقارية في أبوظبي، أن عوائد الاستثمار في السوق العقارية ربما ترتفع إلى 20% في العام الحالي، لعدة عوامل، أبرزها الزيادة الحالية في الإيجارات، التي وصلت في أبوظبي الى 20%، إضافة إلى زيادة الإقبال والطلب المتنامي على الوحدات السكنية والتجارية.

ويضيف الشيباني إلى العامل السابق عوامل أخرى يلخصها في سعي رؤوس الأموال الخليجية والإقليمية والعالمية لإيجاد موطئ قدم لها في سوق الامارات من أجل الاستثمار والاستفادة من المناخ الاقتصادي المواتي والمتمثل في الطفرة التي حققتها أسواق المال في حجم التداول وما يشهده القطاع العقاري من إطلاق لحزمة من المشاريع العملاقة بين الحين والآخر.

ويقدر وحيد عطا الله، المدير التنفيذي للعمليات التجارية والتشغيلية في شركة «نخيل» العقارية، أن تشهد السوق العقارية العديد من التطورات المتلاحقة في كل أنحاء الامارات، خاصة في امارة دبي، التي تعد رائدة في مجال التطوير العقاري في ظل توفر العوامل المشجعة لتطور ونمو هذا القطاع أهمها سياسة الانفتاح الاقتصادى التي تعتمدها وحرصها على تشجيع الاستثمارات المحلية والاجنبية، بالاضافة الى توفيرها المقومات والبنى التحتية اللازمة لتعزيز مختلف القطاعات الاقتصادية وعلى رأسها قطاع العقارات.

ويتوقع عطا الله أن يحافظ العائد العقاري على نسبة 10 الى 12% خلال العام الجاري، لكنه لا يستبعد تأثير العرض والطلب على زيادة او انخفاض نسبة العائد.

ويؤكد فريدون ساناتي، نائب رئيس شركة سبأ العقارية، بأن السوق العقارية لن تعرف الهدوء قبل عشر سنوات من الآن، ويقول: «الحديث عن انخفاض في أسعار العوائد في الاستثمار العقاري ربما يأتي في غير محله، خاصة عندما يتعلق الامر بحجة ارتفاع أسعار مواد البناء، صحيح أن أسعار مواد البناء تؤثر، لكن تأثيرها يظل قاصراً على المباني الجديدة، وحسب علمنا فإن الوحدات التي ستدخل السوق هذا العام لن تكون بذلك الحجم الذي يجبر المستثمرين على قبول عوائد تقل عن 10%».

لكن ساناتي يشير إلى جملة عوامل أخرى مثيرة للقلق منها سرعة معدل الاعلان عن المشروعات، مما يثير المخاوف بشأن جودة المنتج النهائي ومواعيد التسليم، إضافة إلى ارتفاع سعر الفائدة.

أما حسين سجواني، رئيس مجموعة داماك، فيتوقع أن يستمر القطاع العقاري في تحقيق معدلات نمو أعلى من السابق، وقال إن العدد الكبير من المشروعات العقارية التي تشهدها مدينة دبي ومدن اخرى في الامارات، أدى إلى تكثيف الضغوط على شركات المقاولات، والقطاعات ذات الصلة بالعقارات، ما رفع من تكاليف الانتاج والتشغيل بنسبة تصل الى نحو 30 في المائة.

وهذا ما يجعله يتوقع انخفاض نسبة العائد في الاستثمار في الايجارات إلى نحو 8%، الى جانب عوامل أخرى أبرزها ارتفاع كلف البناء والتشييد، وتزايد المنافسة التي تجعل المالك لا يتغافل عن قراءة معطيات السوق التي توجه اليها قطاع كبير للاستثمار فيها طمعا في تحقيق أرباح سريعة.

وأكد سجواني أن السوق العقارية لم تتشبع بعد بالإنشاءات العديدة التي تقوم بها جهات عدة في دبي او أن يكون في طريقها قريباً إلى التشبع، مدللاً على ذلك باستمرار ارتفاع إيجارات المساكن.