ترقب في السعودية لزيادة الاستثمار في القطاع العقاري بعد أزمة سوق الأسهم

ارتفاع الطلب وقلة العرض في العقارات

TT

على الرغم من الايجابيات التي واكبت سوق العقارات في الآونة الأخيرة، من نواحي التشديد من قبل السلطات السعودية في التعامل مع المتلاعبين من الشركات العقارية، والتشديد في التعامل مع المتهاونين في دفع الإيجارات، وتقديم تسهيلات للكثير من المستثمرين في القطاع العقاري التنموي من جهة تطوير أراضي أو إنشاء مبان أو تشييد مجمعات سكنية جديدة وتقديم خدمات اكبر، فإن السوق العقاري لم يشهد الطفرة المتوقعة ولم يؤد تذبذب سوق الأسهم المالية الى استقطاب المستثمرين ودفهم باتجاه قطاع البناء والعقار كما كان متوقعا.

ومع أن السوق العقاري يقدم ما لا يقدمه أي سوق من ناحية تقليل المخاطر، فإنه لم يؤد الى ضخ المستثمرين لمبان إسكانية عقارية في العاصمة السعودية الرياض بشكل خاص وفي أنحاء البلاد الأخرى. وقد أدى هذا الأمر الى زيادة النمو في الطلبات وقلة في العرض مع مؤشرات خطيرة في افتقاد المسكن المناسب إثر توجه الكثير من المستثمرين الى تبني تصاميم غربية وأشكال غير متناسقة، بالإضافة الى ترك مشاكل وأعطال خفية لا تظهر الا لاحقا. ويبدو أن المستثمر العقاري بشكل عام يستعجل ببناء مشاريعه ويطرحها للتأجير بغية الكسب السريع، تاركاً خلفه مآسي وعقبات كثيرة للمستأجر أو المشتري، لكن هذا لم يساهم أيضا في إغراء رجال الأعمال لزيادة الاستثمار في القطاع العقاري من خلال طرح منتجات عقارية جديدة.

وحسب بعض العقاريين فإن الطلب ارتفع على العرض في مدينة الرياض، مما أدى إلى ارتفاع الإيجارات بنسبة تتجاوز 40 في المائة، كما أن المؤجرين استغلوا الوضع الحالي برفع الأسعار، مستفيدين من هذا الوضع أو هذا التفاوت، وخصوصا أن المملكة مقبلة على موسم زيجات كبير في فصلي الربيع والصيف.

من جهتها أعلنت شركة دار الأركان العقارية عن مشروع لها في الرياض بتكلفة تصل إلى 6 مليارات ريال (1.6 مليار دولار) و8 آلاف وحدة سكنية، بغية جذب اهتمامات المشترين أو المستثمرين لهذا المشروع الضخم ودفع المهتمين لاستغلال فرص الاستثمار في القطاع العقاري من خلال هذا المشروع.

ويبين فهد الغامدي أحد ملاك العقارات في العاصمة السعودية الرياض أن العرض والطلب يتحكمان في أسعار الأسواق التجارية، وان السوق العقاري الذي يعتبر احد أهم الأسواق التجارية سيخضع لمعادلة العرض والطلب هذه، وبالتالي مسألة ارتفاع الأسعار نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء والأيدي العاملة.

وأضاف الغامدي أن متوسط إيجارات الشقق السكنية في مدينة الرياض، يتراوح ما بين 25 ألف ريال (6.6 ألف دولار) و32 ألف ريال (8.5 الف دولار) للشقة المتوسطة الحجم التي تتألف من أربع أو خمس غرف. كما أن الاستثمار في العقار عادة يدر على رجال الأعمال مدخولا سنوياً بمعدل 10 في المائة من رأس المال، وهو استثمار آمن غير مرتبط بالأحداث الخارجية. ويستمر هذا الاستثمار لسنوات عديدة ويمكن إعادة تأهيله والبدء فيه من جديدة بعد إعادة التأهيل، كما يبقى مدخولا سنويا ثابتا لا يتأثر إلا بتأثر العقار بالبيئة المناخية.

وأشار الغامدي إلى انه يطمح باستثمار أرباحه في قطاع العقار مرة أخرى من خلال إنشاء مبان ومجمعات تحتوي على شقق سكنية، أو إنشاء فلل صغيرة بنظام الدوبلكس وبيعها أو تأجيرها، خصوصا في ظل الأنظمة التي صدرت مؤخراً من إمارة مدينة الرياض والتي وضعت حداً للمستأجرين المتهربين من دفع الإيجارات، وطمأنة العديد من الملاك إلى زيادة الاستثمار في قطاع المباني التأجيرية.

وعلى هذا الصعيد يقول يوسف الراشد وهو موظف في قطاع التعليم انه بالرغم من بحثه لمدة شهرين عن شقة سكنية مناسبة له ولأسرته، فإنه لم يجد شيئا يرضي طموحاته السكنية، مشيراً إلى إن ارتفاع الأسعار يدفعه إلى العزوف عن استئجار الشقق السكنية.

وأضاف الراشد أن عددا من العقاريين أو ملاك المباني استغلوا الزيادة التي أضافتها الحكومة على رواتب موظفيها لرفع الإيجارات، متسائلاً كيف يمكن لموظف أن يسكن في شقة سكنية يبلغ قيمة إيجارها 30 ألف ريال (8 آلاف دولار) ومدخوله السنوي حوالي 60 الف ريال (16 ألف دولار)؟ أي أن نصف مدخوله يتم صرفه على السكن، وهي مشكلة كبيرة في ظل ازدياد الاهتمامات والمتطلبات العصرية.

وطالب الراشد الجهات الحكومية بوضع آلية عمل تضمن استقرار الأسعار، وذلك عبر وضع جدول لتقييم الشقق السكنية إلى فئات وتحديد أسعار كل فئة وتحديد المبالغ الإضافية في حال أضيفت أخرى كخدمات التكيف وتركيب المطابخ والتشطيب الديلوكس، وتوفير المرونة في عملية التفاوض على سعر التأجير بين المستأجر والبائع.

وأضاف الراشد انه من الواضح ومن خبرته في البحث عن الشقق، ازدياد في الطلب وانخفاض في العرض، مؤكداً أن الكثير من العقاريين وجدوا أن سوق الأسهم المالية أكثر إغراء من السوق العقارية كون العلاقة الاستثمارية تكون بين رجال الأعمال والشاشات، وان رجال الأعمال يتحكمون باستثماراتهم من مواقعهم ومنازلهم ومكاتبهم بعد إدخال التقنيات الحديثة مثل الانترنت التي تساعد المستثمر على البيع والشراء من أي مكان كان.

وبشكل عام فإن السوق العقاري يشهد عقد العديد من الصفقات العقارية من خلال شراء الأراضي في كل من العاصمة السعودية الرياض والمنطقة الشرقية، وهو دليل واضح على اهتمام بتنويع عدد من المستثمرين في قطاعات أخرى، خصوصا بعد أزمة سوق الأسهم التي أدت إلى هبوط السوق بشكل كبير أثار مخاوف الكثير منهم في الاستمرار بالتعاطي مع سوق الأسهم المالية.

لكن الوضع يختلف في مدينة جدة التي يسيطر الجمود على سوقها العقاري بسبب توجه الكثير من المستثمرين إلى سوق الأسهم، الأمر الذي أدى الى خسارة الكثير منهم وخصوصا الصغار لأرباحهم المختلفة في السوق، بعد أن عمدوا إلى بيع عقاراتهم بأسعار اقل مما هي عليه وذلك من أجل الحصول على سيولة مالية لمواصلة الاستثمار في سوق الأسهم. وأشارت بعض المصادر إلى أن اغلب صغار المستثمرين نادمون على بيع عقاراتهم في تلك الفترة في ظل الخسارة الكبيرة التي واجهوها في سوق الأسهم المالية.