مصر: إلغاء الرسوم على التنازلات عن الوحدات السكنية سيؤدي إلى تراجع الأسعار وزيادة الاستثمارات العربية

TT

بعد سنوات طويلة من العمل بـ «عقود الإذعان» عند تملك الوحدات السكنية التابعة لوزارة الإسكان المصرية (كانت تحظر على مالك الوحدة التنازل عنها أو تأجيرها إلا بموافقة كتابية من الجهة المختصة وبعد دفع رسوم قدرها 10% من ثمن الوحدة)، وافق مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة اخيرا، على إلغاء جميع الرسوم على التنازلات عن الوحدات السكنية بالمدن الجديدة.

كما وافق على السماح لملاك هذه الوحدات بتأجيرها للغير، وهو الأمر الذي سيؤدي حتما إلى زيادة المعروض العقاري، ومن ثم تراجع ملموس في أسعار وإيجارات الوحدات السكنية في المدن الجديدة. ولم يستبعد مسؤولون وخبراء أن ينعكس هذا التأثير بدرجات متفاوتة على السوق العقاري المصري ككل، كما انه سيفتح الباب أمام المستثمرين والسياح العرب والأجانب لتملك واستئجار هذه الوحدات.

والمعروف أن قرارات هيئة المجتمعات العمرانية تنطبق على جمعيات الإسكان المنتشرة في جميع أنحاء البلاد، وهو ما يعني إتاحة الفرصة أمام ملاك هذه الوحدات لبيعها أو تأجيرها بعد أن كان محظورا عليهم ذلك إلا بعد مرور 10 سنوات. وتأتي هذه الخطوة في محاولة من وزارة الإسكان لتشجيع السكن وزيادة نسبة الإشغال في المدن الجديدة وتسهيل حركة تداول العقارات وتحسين مناخ الاستثمار العقاري بشكل عام. وكانت «عقود الإذعان» المبرمة بين وزارة الإسكان أو إحدى الهيئات التابعة لها، والمنتفعين بوحداتها السكنية، تتضمن العديد من البنود المجحفة في حق المنتفعين، فضلا عن أنها كانت تحول دون تداول العقارات في المدن الجديدة، وهو الأمر الذي كان له آثاره السلبية على نسبة الاشغال بهذه المدن، لدرجة أن هناك تقارير رسمية وبرلمانية تؤكد أن هذه النسبة لا تتجاوز 10% رغم مرور اكثر من 25 عاما على إنشاء الجيل الأول من المدن الجديدة.

وينص احد العقود الصادرة عن الهيئة، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، على عدم نقل ملكية الوحدة الى الطرف الثاني إلا بعد سداد كامل الثمن من اقساط وفوائد وغيرها ولا يكون له حتى تمام السداد سوى حق الانتفاع دون الاستئجار او الملكية، كما لا يجوز للطرف الثاني ان يستغل الشقة في غير السكن، ويحظر عليه استغلالها او بعضها لغير هذا الغرض، ولا يجوز له تأجيرها للغير كلها أو بعضها خالية أو مفروشة، وفي حالة مخالفة ذلك يعتبر العقد لاغيا من تلقاء نفسه من دون حاجة إلى إنذار أو اتخاذ إجراءات قضائية.

وينص العقد كذلك على انه لا يجوز للطرف الثاني التنازل عن الشقة للغير أيا كانت صورة هذا التنازل، ويجوز له التنازل لاقاربه من الدرجة الأولى فقط، بشرط الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة، وفي حالة مخالفة ذلك يعتبر العقد ومحضر التسليم لاغيين تلقائيا. وامعانا في الاذعان ينص العقد على انه لا يجوز تأجير او بيع هذه الوحدة للغير ويعتبر العقد لاغيا من تلقاء نفسه من دون الحاجة الى انذار، ويكون الطرف الثاني ملزما بإخلاء الشقة وتسليمها فورا وإلا اعتبرت يده يد غاصب بلا سند من القانون.

المؤكد ان هناك تحولا كبيرا في سياسة وزارة الإسكان بعد تولي احمد المغربي المسؤولية، حيث تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات التي من شأنها تشجيع الاستثمار العقاري والسماح بحرية تداول العقارات التي كانت مملوكة للوزارة أو احدى الهيئات التابعة لها.

وقال اللواء عزت عبد الرؤوف الحاج، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة للشؤون التجارية والعقارية، ان إلغاء رسوم التنازل عن الشقق بالمدن الجديدة والسماح بتأجيرها هدفهما تحقيق حرية حركة في تداول العقارات بالمدن الجديدة، سواء عن طريق البيع أو الإيجار، مشيرا إلى أن هناك الآلاف من الشقق المغلقة لا يستطيع أصحابها التصرف فيها، سواء بالبيع أو الإيجار.

وتوقع الحاج أن تؤدي هذه القرارات إلى زيادة المعروض من الوحدات السكنية، سواء كان للإيجار أو التمليك، وهو الأمر الذي سينعكس حتما على تراجع الأسعار بشكل نسبي. أما المستشار رفعت خلف، نائب رئيس مجلس الدولة وعضو في جمعية إسكان، فأكد أن قرارات إلغاء رسوم التنازل تنطبق على الشقق التابعة لجمعيات الإسكان، وهو ما يعني إمكانية تداول هذه العقارات بحرية ومن دون الحاجة إلى دفع رسوم قدرها 10% من قيمة الوحدة أو الانتظار لمدة 10 سنوات من تاريخ الحصول على الشقة للتصرف فيها.

وأضاف أن «عقود الإذعان» التي كانت تفرضها وزارة الإسكان أو الهيئات التابعة لها كانت تمثل مخالفة صارخة للدستور، لانه ليس من حق أي جهة أن تضع قيودا تمنع الشخص من التصرف في ما يملك، وقال ان القرارات الأخيرة صححت الأوضاع واصبح من حق أي مالك لعقار كان تابعا لوزارة الإسكان أن يتصرف فيه بالبيع أو الإيجار وبالشكل الذي يحقق له افضل استثمار لامواله.