ارتفاع أسعار الإيجارات في الرياض لأكثر من 30%

المستأجرون يفاجأون برفع أسعار الإيجار عند تجديد العقود

TT

مع ارتفاع درجة الحرارة في السعودية وسخونة لهيب الصيف، ومع فترة عودة المعلمين وقرب بدء الدراسة، ارتفعت درجة حرارة أسعار الوحدات السكنية بمختلف أنواعها في العاصمة السعودية الرياض إلى ما يزيد عن 30%، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

ويأتي هذا الارتفاع مع تزايد أعداد السكان المتزايدة والهجرة إلى المدينة، وتقلص الموارد الحكومية المتوفرة إلى تحول جذري إلى الطلب على الإيجارات، حيث لا تخصص الأرض إلا بعد سنوات طويلة، ثم يواجه الفرد قوائم انتظار طويلة جداً للحصول على القرض، ثم ينتظر سنوات لإيصال الخدمات الأساسية إلى موقعه، ثم بعد ذلك يكتشف بأنه قد بنى سكناً كبيراً لا يستطيع مواجهة مصاريفه التشغيلية، إضافة لتكاليف أخرى مثل سداد قيمة القرض وتكاليف البناء، الأمر الذي يدفعه إلى البحث عن الإيجار في ظل غياب شبه تام في قطاع التمويل العقاري.

ويعيش الكثير من المستأجرين، خاصة ذوي الدخل المحدود الذين تشكل نسبتهم حوالي 35 إلى 40% من سكان البلاد في عالم الإيجار، هاجس ارتفاع أسعار إيجارات العقارات، الذي اعتبره البعض تحولا خطيرا في السوق العقاري في المدينة خاصة والبلاد بشكل عام، وبالتالي أصبح خطرا يهدد استقرارهم. ويأتي ذلك في ظل ارتفاع الإيجارات إلى أسعار وصفت بالمرتفعة والمبالغ فيها، حيث وصل متوسط سعر إيجار الشقة السكنية سنوياً في ضواحي المدينة إلى 25 ألف ريال (6.6 ألف دولار)، مقارنة بنحو 17 ألف ريال (4.5 الف دولار) في نفس الفترة من العام الماضي، ونسبة تجاوزت 32%، وذلك بحسب جولة ميدانية قامت بها «الشرق الأوسط».

وتغلب العشوائية على السوق العقارية في السعودية الأمر الذي ساعد على اضطراب في الأسعار والتحكم أصبح في أيدي الملاك الذين يرفعون الأسعار بشكل لا يعكس ما تقدمه وحداتهم السكنية من خدمات ولا مواقع تلك الوحدات. ويشتكي الكثير من المستأجرين من تصرفات ملاك العقار، حيث يلجا بعض ملاك العقارات إلى رفع الأسعار عند تجديد العقد الأمر الذي أدى إلى استياء كبير قد يرغم البعض منهم إلى البحث عن سكن آخر.

وتكثر هذه الحالة لدى الكثير من السعوديين، في ظل الارتفاع المطرد للإيجارات، وصعوبة الحصول على منزل أو شقة سكنية، يعزوه الطلب المتزايد على العقار، مما يضطر البعض إلى تغيير سكنه الخاص أكثر من مرة خلال العام الواحد، حيث يقول خالد السبيعي الذي يسكن في حي اشبيلية في ضاحية المدينة الشرقية، إنه كثيرا ما اضطر إلى تغيير شقته بعد أن قرر مالك العقار عدم تجديد عقد الإيجار بحجة أن الأسعار ارتفعت، موضحا أنه عانى كثيرا للحصول على السكن المناسب.

وأضاف السبيعي أن الحصول على شقة سكنية مناسبة بسعر مناسب أمر في غاية الصعوبة، لافتا إلى أن الأسعار مبالغ فيها جدا، وقد تصل إيجار الشقة إلى 23 ألف ريال في العام.

ويطالب السبيعي الجهات المختصة بمراقبة أسعار الإيجارات، والحد من الارتفاع الذي وصفه بالمخيف، مشيرا إلى أن ملاك العقار هم من يتحكمون بتلك الأسعار ويرفعونها دون أدنى اهتمام بالمستأجرين.

واتفق نادر عبد الله على الارتفاع المطرد لأسعار الإيجارات، مشيرا إلى أن ذلك الارتفاع يؤدي إلى مزيد من الضغوط على المواطنين.

إلى ذلك، قال أبو هشام صاحب مكتب عقار إن الطلب على الوحدات السكنية ارتفع بشكل كبيرا، مقارنة بالعام الماضي، إلا أن العرض لا يتناسب مع الطلب الكبير، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار.

وأضاف أبو هشام لـ «الشرق الأوسط» أن مدينة الرياض تشهد زيادة كبيرة في عدد السكان في ظل التوافد الكبير من المدن والمحافظات الأخرى، ولم يرافق ذلك زيادة في عدد المباني السكنية لتستوعب ذلك المد السكاني الكبير.

وعزا أبو هشام ذلك الارتفاع في الأسعار إلى ارتفاع المواد الخام للبناء وخاصة سعر الحديد الذي شهد ارتفاعات متكررة خلال أقل من عامين.

من جانبه، قال عوض المطيري من مكتب السبهان للعقارات، إن ملاك العقار هم المتحكمون الرئيسيون في الأسعار، إلى حد الاشتراط على المستاجر بعدم وجود أبناء في بعض الحالات.

وأضاف المطيري لـ «الشرق الأوسط» أن هناك نزوحاً سكانياً كبيراً على الأحياء السكنية الجديدة، وبالتالي زيادة كبيرة في الطلب، على عكس العروض المتوفرة، مشيرا إلى أن ذلك سمح لملاك العقار برفع الأسعار بشكل جماعي.

ووصف المطيري الأسعار بالخيالية وغير الواقعية، لافتا إلى أنه لا يمكن السكوت عليها ووضع حد للتلاعب والعشوائية.

وبين المطيري أن الوحدات السكنية المعروضة لديه 7 وحدات فقط، بينما يزيد الطلب على 10 يوميا، على الرغم من اتساع رقعة البنيان والطلب على البناء.

وعلى الرغم من التوجهات الحكومية بالمساهمة في حل مشكلة تأمين مساكن للتملك في السعودية إلا أن ذلك يتطلب جهودا كبيرة من قبل القطاع الخاص لتأمين مساكن ميسرة للمواطنين ذوي الدخل المتوسط أو المحدود، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الأراضي، وارتفاع في النمو السكاني، حيث بلغ هذا النمو في بعض مدن البلاد أكثر من 8 في المائة سنويا كأعلى نسبة نمو في العالم، حيث تحتاج العاصمة الرياض وحدها خلال 17 عاما المقبلة 1.5 مليون وحدة سكنية لإسكان ما يزيد على عشرة ملايين نسمة هم مجموع سكان الرياض وحدها خلال ذلك العام.