قلة الأراضي تخنق القطاع العقاري في الدار البيضاء

انعكست على أسعار الشقق ومساحاتها

TT

قبل 10 سنوات كان مفهوم الشقق الراقية في الدار البيضاء يرتبط بالمساحة الشاسعة التي غالبا ما كانت تتراوح بين 200 إلى 300 متر مربع. أما الآن، فقد أصبحت الموضة للشقق الأصغر مساحة ذات هندسة منفتحة وعصرية، التي أصبحت تتراوح مساحتها ما بين 70 و120 مترا مربعا.

ويبرر منعشون عقاريون هذا التوجه، الذي أصبح سائدا خلال السنتين الأخيرتين بالغلاء الفاحش لأسعار الأراضي، في العاصمة الاقتصادية للمغرب، الذي ينعكس على ثمن الشقق من جهة، كذلك على هامش ربح المنعشين العقاريين من جهة ثانية، الذي تقلص في ظرف 5 سنوات الأخيرة بنسب تتراوح ما بين 10% و20%.

وفي انتظار فتح مناطق جديدة للتمدن في ضاحية الدار البيضاء من طرف السلطات يقول عبد الرزاق ولي الله، المدير المساعد في مجموعة الضحى «أصبح إيجاد بقع أرضية صالحة للبناء في الدار البيضاء عملية صعبة ومعقدة تتطلب من المنعش العقاري أن تكون لديه أذن وعيون في مختلف الأحياء، من خلال شبكة من المخبرين، إن صح التعبير، من أجل تحين الفرص».

وفي غياب أراض شاغرة تصبح المباني القديمة والفلل والمخازن المصدر الرئيسي لتغذية توسع المدينة.

ومن جهته، يقول سمير بن مخلوف، مدير عام «سانتوري 21 المغرب»، أن 17% من المباني الموجودة في الدار البيضاء يفوق عمرها 20 سنة، وكلها مرشحة لاستقبال مشاريع جديدة إذا ما أتيحت لساكنيها فرصة الحصول على سكن جديد. غير أن الغلاء من جهة وتدني القدرة الشرائية من جهة ثانية يجعلان هذا التحول يتم بوتيرة بطيئة.

ويتطلع المهنيون إلى إصدار سلطات التعمير بالمدينة وثائق جديدة، ستحول مجموعة من المناطق التي كانت ممنوعة من إقامة العمارات السكنية حتى الآن إلى مناطق سكنية، خاصة في المناطق الصناعية القديمة في حي عين بورجة، وحي الصخور السوداء، وعين السبع، بالإضافة إلى بعض البقع الأرضية في شارع عبد المؤمن وفال فلوري وريفيرا. ويرتقب أن تصدر تلك الوثائق التعميرية الجديدة خلال 2007 و2008.

ولا تخفي سلطات المدينة عزمها على الحد من التوسع الجغرافي للمدينة العملاقة. وحسب مصادر الوكالة الحضرية للدار البيضاء، وهي الهيئة المكلفة بإعداد مخططات التعمير، فإن المخطط المقبل يعتزم حصر المحيط الحضري للمدينة في حدود الطريق البرية الدائرية، التي سيتم تحويل شريط الأراضي المحاذية لها إلى حزام أخضر يحيط بالمدينة ويحدها.

وضمن هذا المخطط فإن الرصيد العقاري المتاح داخل هذا الحزام يقدر بنحو 3000 هكتار سيتم إصدار قرارات إدارية بتحويلها من مناطق قروية إلى مناطق حضرية على دفعتين، بالإضافة إلى 250 هكتارا الموجودة في الجزء الغربي من المدينة، التي تم تحريرها نتيجة ترحيل مطار آنفا. وفيما عدا ذلك، فإن التوسع المستقبلي للمدينة سوف يتم من خلال إنشاء مدن محيطة خارج الحزام الأخضر.

وقال المصدر ان 30% من مساحة 3000 هكتار المتاحة بين حدود المدار الحضري الحالي والطريق البرية المحيطية، سوف توجه لتعزيز الحزام الأخضر، والباقي سيوزع بالتساوي على أنماط السكن الاقتصادي، والفيلل والسكن الراقي والمتوسط، والأنشطة التجارية والصناعية، والتجهيزات العمومية والمساحات الخضراء. وتتجه السلطات إلى اعتماد مبدأ الكثافة السكانية المنخفضة وإيلاء الأولوية لإنشاء التجهيزات الخدماتية العمومية في التخطيط لتطوير هذه المنطقة.

أما المساحة المحررة من جراء ترحيل مطار آنفا، التي تقع داخل النطاق الحضري الحالي بعد أن أحاطت بها الأحياء السكنية من كل جانب، فهي الآن قيد الدراسة. ويدفع العديد من المسؤولين والمؤثرين في القرار بالمدينة إلى استعمال منطقة آنفا كمنطقة نشاط اقتصادي وليس كمنطقة سكنية. وأكد المصدر ذاته أن مكاتب دراسات واستشارة قدمت عدة سيناريوهات لتطوير هذه المنطقة، التي تعتزم السلطات الإعلان عنها قريبا وطرحها للنقاش والتشاور قصد المصادقة على أفضلها.